محمد بن هاشم بن يحيى الشامي الصنعاني
تاريخ الولادة | 1140 هـ |
تاريخ الوفاة | 1207 هـ |
العمر | 67 سنة |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
السَّيِّد مُحَمَّد بن هَاشم بن يحيى الشامي ثمَّ الصنعاني
سيأتي تَمام نسبه فِي تَرْجَمَة وَالِده وَهُوَ الأديب البارع الْفَائِق ولد تَقْرِيبًا سنة 1140 أَرْبَعِينَ وَمِائَة وَألف أَو قبلهَا وَنَشَأ بِصَنْعَاء فَأخذ عَن جمَاعَة من أَهلهَا وَمِنْهُم وَالِده الْعَلامَة وَكَانَ زاهدا متعففا متقللا من الدُّنْيَا لَا يبالي بِمَا ظفر مِنْهَا وَلَا بِمَا فَاتَهُ مَعَ كَونه كَانَ نديما للوزير الْكَبِير الْفَقِيه أَحْمد ابْن علي النهمي بل كَانَ يتَّصل بِالْإِمَامِ المهدي الْعَبَّاس بن الْحُسَيْن كثيرا وَعرضت عَلَيْهِ الْأَعْمَال فأباها تزهدا وتدينا ونظمه كُله فِي الذرْوَة الْعليا بِحَيْثُ يفضل على كثير من الْمُتَقَدِّمين وَمِنْه من قصيدة
(يَا بارقا أوهمني تكراره ... إذ لَاحَ من أَرض بهَا فؤادي)
(فلست أدري هَل حكى خفوقه ... خفوقه حول حمى سعاد)
(أم اكتسى من لاعجي صقيلة ... فانعكست أشعة الترداد)
(ايه أحاديثك يابرق الْحمى ... إن كنت عَمَّن فيهم تنادي)
(هَات عَن الأينق أَيْن عرست ... وَلَا أَقُول هَات عَن مرادي)
(أَيْن اسْتَقَلت بالفريق إنما ... عهدي بهَا حِين حداها الحادي)
(وَحين شيعت فؤادي مَعَهم ... بأدمع تملأ كل وادي)
(إِذْ قوضوا تِلْكَ الْخيام والنقا ... يرعد من قعقعة الأغماد)
(بانوا فَلَا كاس المدام بعدهمْ ... كاسي وَلَا يطرب كل شادي)
(واغدودف اللَّيْل فكاد فجره ... لَو لَاحَ أَن ينظم فِي السوَاد)
(وَجَاء نجم بعدهمْ كَانَ بهم ... أمضى من الضمر فِي الطراد)
(يسبل للمقلة من شعاعه ... حمايلا مسبلة الْحداد)
(يَا روع الله النَّوَى ترويعه ... لمهجة مَمْلُوكَة القياد)
(وَأَنت يَا عهد اللقا حييت من ... دمع وَمن منهلة الغوادي)
(هَل عودة يرتقص الْأُفق بهَا ... ويرتوي مِنْهَا ظما الأكباد)
(وَيرجع الْقلب بهَا مقره ... ويطبق الجفن على السوَاد)
وَمن محَاسِن نظمه مَا وصف بِهِ غُبَار موكب الْخَلِيفَة وأجاد إِلَى الْغَايَة
(سلاهب الْمجد نَهرا سَالَ منحدرا ... من السوابغ تَحت الْبيض واليلب)
(فِي ظلمَة اللَّيْل يحْكى فِي تعطفه ... وللأسنة فِيهِ زَاهِر الشهب)
(ملاعب المَاء فِي جَوف الدجنة ... يجرى الشمع فِيهِ بألواح من الْخشب)
(مَاء هُوَ النَّار فِي الهيجاء يتْرك ... أَرْوَاح الأعادى فراشا عِنْد ملتهب)
وَمن غَرِيب صنعه وبديع اختراعه هَذَانِ البيتان فِيمَا لَا يَسْتَحِيل بالانعكاس وهما يَفُوقَانِ على مَا نظمه من قبله فِي ذَلِك
(أما لسلامكم قرب ورقم ... أمقرو برقمكم السلاما)
(أمالك لَا ترد صداه أنا ... فَإنَّا هاد صدرت الكلاما)
ودعاني رَحمَه الله إِلَى منزله فِي بعض الْأَيَّام فاحتفل فِي ذَلِك احتفالاً زَائِدا وَكَانَ معى صديق لى من أَعْيَان أهل الْعلم فَكتب صَاحب التَّرْجَمَة إِلَى وَإِلَى صاحبي بعد ذَلِك الْمجْلس بأيام هَذِه الأبيات
(يانيرى فلك العلياء دَامَ لنا ... من نور علمكما مَا يكْشف الظلما)
(وَلَا تكدر هَذَا النُّور إِن حجبت ... نور الزواهر سحب تمطر الديما)
(مَاذَا تقولان فِيمَا قد تقرر ... بالاجماع حقق هَذَا من بِهِ حكما)
(وَمَا علمنَا خلافًا فِيهِ قط لمن ... مضى وَخَبره فِي الشّعْر أَو نظما)
(قَالُوا بِأَن شَهَادَات الْقُلُوب إِذا ... قَامَت بِصدق وداد صَار مُلْتَزما)
(وَمن أحب امْرأ صَحَّ الْقيَاس لَهُ ... قطعا بانهما فِي السلك قد نظما)
(وَقد تضمن تَصْدِيقًا تصَوره ... بِنِسْبَة لتساوى الود بَينهَا)
(وَإِنَّمَا الشوق من قسم المشكك هَل ... فِي اعْتِرَاض قِيَاس فِي استوائهما)
فأجبت عَن هَذَا السُّؤَال بقولى
(وَقد تردد فِي أشكاله فَاء ... فيدوا مغرما صَار مشتاقا لَو صلكما)
(يَا ابْن البهاليل والأطواد من مُضر ... والمنعمين بسيب يخجل الديما)
(قد دل نظمك للدر الثمين بِلَا ... شك بأنك بَحر للعلوم طما)
(ورمت إبداء عتب فِي ملاطفة ... وَقد أَسَأْت ببعدي فَاحْتمل كرما)
(فالشوق بالشوق منقاس ومعتبر ... قضى بذلك خير الرُّسُل والحكما)
(وَلَا تشكك بالتشكيك فَهُوَ على ... تواطؤ باتحاد الْجِنْس قد نظما)
(وموجبات ودادى فِيك مِمَّا سلبت ... وَلَا غَدا عقد ود عَنْك منفصما)
(وَلَا انفصلت لمنع الْجمع مذ دلهت ... نفسي بِمَنْع خلو صَار مُلْتَزما)
(محصلات ودادي مَا رضيت لَهَا ... عَنْك الْعُدُول وَلَا وليتها العدما)
(وَقد تألف شكلانا على نمط ... لَهُ نتائج ود يمْنَع العقما)
وشعره فِي كل فن جيد وَمن رام الْوُقُوف على مَا حكيته فَلْينْظر فِي قصيدته الحائية الَّتِى قَابل فِيهَا بَين الأضداد وَضرب فِيهَا الْأَمْثَال وَجَاء بمالا يقدر عَلَيْهِ غَيره فَمِنْهَا
(وكل محسب الْأَشْيَاء مِمَّا ... يعانيه كئيبا أَو مراحا)
(إِذا صدح الْحمام يَقُول غنى الْمُنعم ... والشجى يَقُول ناحا)
(وَإِن برق أنار يَقُول هَذَا ... افترار ان يقل ذَاك اقتداحا)
(وقطر المزن شبههه دموعا ... حَلِيف شجى ومنتجع سماحا)
(وَقَالَ الشهب حايرة إناس ... وَقَالَ الْآخرُونَ مَضَت جماحا)
(وَجمع الفرقدين يَقُول وصل ... كَمَا قد قيل للشكوى استراحا)
(وَقَالَ الْفجْر قَاطع لَذَّة من ... لهى ومسهد فرج ألاحا)
(وَقيل الْغُصْن لما مَال قد ... ثنى أَن يُقَال حلى النياحا)
(وَقضى الصُّبْح وَالْآصَال نوحا ... فَتى وفتى غبوقاً واصطباحا)
(وميزان الزَّمَان بكفتيه ... ترى جد الْعَجَائِب والمزاحا)
(يقرب هازلا ويزيح جدا ... وَكم عكس المقرب والمزاحا)
(وَكم يأسوا بِوَزْن رَاجِح كي ... يُوفى من يزين لَهُ جراحا)
(وَكم دَار الزَّمَان فراح يسقي ... بكاسيه الورى صابا وراحا)
(وَكم أعطى فَتى من بعد سلب ... وَكم سلب الْعَطِيَّة إِذْ أتاحا)
(وَكم سهم يريش وَرب طير ... لَهُ قد بَات يسلبه الجناحا)
وَكم رقى إِلَى العلياء ندبا ... وَآخر من شواهقها أطاحا)
(وَكم قد أخرس المنطيق يَوْمًا ... وَأعْطى الخرس أَلْسِنَة فصاحا)
(وَكم من حِكْمَة خفيت علينا ... وَأُخْرَى وَجههَا الوضاح لاحا)
(وَكم أَمر نشاهده فَسَادًا ... وَذَاكَ فَسَاده كَانَ الصلاحا)
(وَكم ضَاقَ الْفَتى بالخطب ذرعا ... وطى مضيقعه لقى الفساحا)
فَلَو لم يكن لَهُ إِلَّا هَذِه القصيدة بل لَو لم يكن لَهُ إِلَّا بعض أبياتها لَكَانَ ذَلِك مُوجبا لعلو طبقته وَكَانَ مَوته رَابِع شهر محرم سنة 1207 سبع وَمِائَتَيْنِ وَألف
البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع - لمحمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني