أبي بكر محمد بن داود بن علي الظاهري

عصفور الشوك محمد

تاريخ الولادة255 هـ
تاريخ الوفاة297 هـ
العمر42 سنة
مكان الولادةبغداد - العراق
مكان الوفاةبغداد - العراق
أماكن الإقامة
  • بغداد - العراق

نبذة

محمد بن داود أبي بكر: وكان فقيهاً أديباً شاعراً ظريفاً وكان يناظر أبا العباس ابن سريج إمام أصحابنا وخلف أباه في حلقته. وحكى القاضي أبو الحسن الخرزي أن أبا بكر لما جلس بعد وفاة أبيه في حلقته يفتي استصغروه فدسوا إليه رجلاً فقالوا له: سله عن حد السكر ما هو؟ فأتاه الرجل فسأله عن حد السكر ما هو ومتى يكون الإنسان سكراناً فقال محمد: إذا عزبت عنه الهموم وباح بسره المكتوم، فاستحسن ذلك منه وعلم موضعه من أهل العلم.

الترجمة

محمد بن داود أبي بكر: وكان فقيهاً أديباً شاعراً ظريفاً وكان يناظر أبا العباس ابن سريج إمام أصحابنا وخلف أباه في حلقته.
وحكى القاضي أبو الحسن الخرزي أن أبا بكر لما جلس بعد وفاة أبيه في حلقته يفتي استصغروه فدسوا إليه رجلاً فقالوا له: سله عن حد السكر ما هو؟ فأتاه الرجل فسأله عن حد السكر ما هو ومتى يكون الإنسان سكراناً فقال محمد: إذا عزبت عنه الهموم وباح بسره المكتوم، فاستحسن ذلك منه وعلم موضعه من أهل العلم.
وسمعت شيخنا القاضي أبا الطيب الطبري قال: سمعت أبا العباس الخضري قال: كنت جالساً عند أبي بكر ابن داود فجاءته امرأة فقالت له: ما تقول في رجل له زوجة لا هو ممسكها ولا هو مطلقها؟ قال أبو بكر: اختلف في ذلك أهل العلم  فقال قائلون: تؤمر بالصبروالاحتساب ويبعث على التطلب والاكتساب، وقال قائلون: يؤمر بالإنفاق وإلا يحمل  على الطلاق، فلم تفهم المرأة قوله فأعادت مسألتها وقالت له: رجل له زوجة لا هو ممسكها ولا هو مطلقها  ، فقال لها: يا هذه قد أجبتك عن مسألتك وأرشدتك إلى طلبتك ولست بسلطان فأمضي ولا قاضٍ فأقضي ولا زوج فأرضي، انصرفي؛ قال: فانصرفت المرأة ولم تفهم جوابه.
ومات سنة سبع  وتسعين ومائتين وله اثنتان وأربعون سنة .

- طبقات الفقهاء / لأبي إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي -.

 

 

محمد بن داود بن علي بن خلف الظاهري، أبو بكر:
أديب، مناظر، شاعر، قال الصفدي: الإمام ابن الإمام، من أذكياء العالم. أصله من أصبهان. ولد وعاش ببغداد، وتوفي بها مقتولا.
كان يلقب بعصفور الشوك لنحافته وصفرة لونه.
له كتب، منها (الزهرة - ط) الأول منه، في الأدب، و (أوراق من ديوانه - ط) و (الوصول إلى معرفة الأصول) و (الانتصار على محمد بن جرير وعبد الله بن شرشير وعيسى بن إبراهيم الضرير) و (اختلاف مسائل الصحابة) .
وهو ابن الإمام داود الظاهري الّذي ينسب إليه المذهب الظاهري .

-الاعلام للزركلي-

 

 

محمد بن داود بن عَلِيٍّ الظَّاهِرِيُّ: العَلاَّمَةُ، البَارِعُ، ذُو الفنُوْنِ، أبي بَكْرٍ: فَكَانَ أَحَدَ مَنْ يُضْرَبُ المَثَلُ بِذَكَائِهِ، وَهُوَ مُصَنِّفُ كِتَابِ: الزّهرَةِ فِي الآدَابِ، وَالشِّعْرِ، وَلَهُ كِتَابٌ فِي الفَرَائِضِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ وَعَبَّاسٍ الدُّوْرِيِّ، وَأَبِي قِلاَبَةَ الرَّقَاشِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى المَدَائِنِيِّ، وَطَبَقَتِهِم.
وَلَهُ بَصَرٌ تَامٌّ بِالحَدِيْثِ، وَبِأَقوَالِ الصَّحَابَةِ، وَكَانَ يَجْتَهِدُ، وَلاَ يُقَلِّدُ أَحَداً.
حَدَّثَ عَنْهُ: نِفْطَوَيْه، وَالقَاضِي أبي عُمَرَ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ، وَجَمَاعَةٌ.
وَمَاتَ قَبْلَ الكُهُوْلَةِ، وَقَلَّ مَا رَوَى.
تَصَدَّرَ لِلْفُتْيَا بَعْدَ، وَالِدِهِ وَكَانَ يُنَاظِرُ أَبَا العَبَّاسِ بنَ سُرَيْجٍ، وَلاَ يَكَادُ يَنْقَطِعُ معه.
قال القاضي أبي الحسن الداودي: لَمَّا جَلَسَ أبي بَكْرٍ بنُ دَاوُدَ، لِلْفَتوَى بَعْدَ وَالِدِهِ اسْتَصْغَرُوهُ فَدَسُّوا عَلَيْهِ مَنْ سَأَلَهُ عَنْ حَدِّ السُّكْرِ، وَمتَى يُعَدُّ الإِنْسَانُ سَكرَانَ فَقَالَ: إِذَا عَزَبَتْ عَنْهُ الهُمُوْمُ، وَبَاحَ بِسِرِّهِ المكتوم. فَاسْتُحْسِنَ ذَلِكَ مِنْهُ.
قَالَ أبي مُحَمَّدٍ بنُ حَزْمٍ: كَانَ ابْنُ دَاوُدَ مِنْ أَجْملِ النَّاسِ، وَأَكْرَمِهِم خُلُقاً، وَأَبْلَغِهِم لِسَاناً وَأَنْظَفِهِم هَيْئَةً مَعَ الدِّيْنِ، وَالوَرَعِ وَكُلِّ خُلَّةٍ مَحْمُودَةٍ مُحَبَّباً إِلَى النَّاسِ حَفِظَ القُرْآنَ، وَلَهُ سَبعُ سِنِيْنَ وَذَاكَرَ الرِّجَالَ بِالآدَابِ، وَالشِّعْرِ وَلَهُ عَشْرُ سِنِيْنَ وَكَانَ يشاهد في مجلسه أربع مئه صَاحِبِ مِحْبَرَةٍ، وَلَهُ مِنَ التَّآلِيفِ: كِتَابُ الإِنذَارِ، وَالإِعذَارِ، وَكِتَابُ التَّقصِّي فِي الفِقْهِ، وَكِتَابُ الإِيْجَازِ، وَلَمْ يَتِمَّ وَكِتَابُ الانْتِصَارِ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ الطَّبَرِيِّ، وَكِتَابُ الوُصُولِ إِلَى مَعْرِفَةِ الأُصُولِ، وَكِتَابُ اختِلاَفِ مَصَاحِفِ الصَّحَابَةِ، وَكِتَابُ الفَرَائِضِ وَكِتَابُ "المَنَاسِكِ" عَاشَ ثَلاَثاً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً قَالَ: وَمَاتَ في عاشر رمضان سنة سبع وتسعين ومائتين.
قَالَ أبي عَلِيٍّ التَّنُوخِيُّ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ البَخْتَرِيِّ الدَّاوُودِيُّ حَدَّثَنِي أبي الحسن بن المغلس الداودي، قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ دَاوُدَ وَابْنُ سُرَيْجٍ إذا حضرا مجلس أبي عُمَرَ القَاضِي لَمْ يَجْرِ بَيْنَ اثْنَيْنِ فِيْمَا يَتَفَاوَضَانِهِ أَحْسَنُ، وَمَنْ مَا يَجْرِي بَيْنَهُمَا فَسَأَلَ أَبَا بَكْرٍ عَنِ العَوْدِ المُوجِبِ لِكَفَّارَةِ الظِّهَارِ فَقَالَ: إِعَادَةُ القَوْلِ ثَانِياً، وَهُوَ مَذْهَبُهُ وَمَذْهَبُ أَبِيْهِ فَطَالَبَهُ بِالدَّلِيْلِ فَشَرَعَ فِيْهِ فَقَالَ ابْنُ سريج: يا أبا بكر هذا قول مَنْ مِنَ المُسْلِمِيْنَ تَقَدَّمَكُم فِيْهِ فَغَضِبَ أبي بَكْرٍ، وَقَالَ: أَتَظُنُّ أَنَّ مَنِ اعْتَقَدْتَ قَوْلَهُم إِجْمَاعاً فِي هَذِهِ المَسْأَلَةِ عِنْدِي إِجمَاعٌ أَحْسَنُ أَحْوَالِهِم أَنْ أَعُدُّهُم خِلاَفاً، وَهَيْهَاتَ أَنْ يَكُونُوا كَذَلِكَ فَغَضِبَ ابْنُ سُرَيْجٍ وَقَالَ: أَنْتَ بِكِتَابِ "الزّهْرَةِ" أَمْهَرُ مِنْكَ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ قَالَ: وَبِكِتَابِ "الزّهرَةِ" تُعَيِّرُنِي، وَاللهِ مَا تُحْسِنُ تَسْتَتِمُّ قِرَاءتَهُ قِرَاءةَ مَنْ يَفْهَمُ، وَإِنَّهُ لِمَنْ أَحَدِ المنَاقِبِ لِي إِذْ أَقُولُ فِيْهِ:
أُكَرِّرُ فِي رَوْضِ المَحَاسِنِ مُقْلَتِي ... وَأَمْنَعُ نَفْسِي أَنْ تَنَالَ مُحَرَّمَا
وَيَنْطِقُ سِرِّي عَنْ مُتَرْجَمِ خَاطِرِي ... فلَوْلا اخْتِلاسِي رَدَّهُ لَتَكَلَّمَا
رَأَيْتُ الهَوَى دَعْوَى مِنَ النَّاسِ كُلِّهِم ... فَمَا إِنْ أَرَى حُبّاً صَحِيْحاً مُسَلَّما
فَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: فَأَنَا الَّذِي أَقُولُ:
وَمُشَاهَدٍ بِالغُنْجِ مِنْ لَحَظَاتِهِ ... قَدْ بِتُّ أَمْنَعُهُ لَذِيْذَ سُبَاتِهِ
ضِنّاً بِحُسْنِ حَدِيْثِهِ وَعِتَابِهِ ... وَأُكَرِّرُ اللَّحَظَاتِ فِي وَجَنَاتِهِ
حَتَّى إِذَا مَا الصُّبْحُ لاحَ عَمُوْدُهُ ... وَلَّى بِخَاتَمِ رَبِّهِ وَبَرَاتِهِ
فَقَالَ أبي بَكْرٍ: أَيَّدَ اللهُ القَاضِي قَدْ أَخْبَرَ بِحَالَةٍ ثُمَّ ادَّعَى البَرَاءةَ مِمَّا تُوْجِبُهُ فَعَلَيْهِ البَيِّنَةُ فَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: مِنْ مَذْهَبِي أَنَّ المُقِرَّ إِذَا أَقَرَّ إِقرَاراً نَاطَهُ بِصِفَةٍ كَانَ إِقرَارُهُ موكولًا إلى صفته تلك.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ القَاضِي: كُنْتُ أُسَايِرُ مُحَمَّدَ بنَ دَاوُدَ، فَإِذَا بِجَارِيَةٍ تُغَنِّي بِشَيْءٍ مِنْ شِعْرِهِ وَهُوَ:
أَشْكُو غَلِيْلَ فُؤَادٍ أَنْتَ مُتْلِفُهُ ... شَكْوَى عَلِيْلٍ إِلَى إِلْفٍ يُعَلِّلُهُ
سُقْمِي تَزِيْدُ مَعَ الأَيَّامِ كَثْرَتُهُ ... وَأَنْتَ فِي عُظْمِ مَا أَلْقَى تُقَلِّلُهُ
اللهُ حَرَّمَ قَتْلِي فِي الهَوَى سَفَهاً ... وَأَنْتَ يَا قَاتِلِي ظُلْماً تُحَلِّلُهُ
وَقِيْلَ: كَانَ ابْنُ دَاوُدَ خَصْماً لابْنِ سُرَيْجٍ فِي المُنَاظَرَةِ كَانَا يَتَرَادَّانِ فِي الكُتُبِ فَلَمَّا بَلَغَ ابْنَ سُرَيْجٍ مَوْتَ مُحَمَّدِ بنِ دَاوُدَ حَزِنَ لَهُ وَنَحَّى مَخَادَّهُ وَجَلَسَ لِلتَّعْزِيَةِ وَقَالَ: مَا آسَى إلَّا عَلَى تُرَابٍ يَأْكُلُ لِسَانَ مُحَمَّدِ بنِ دَاوُدَ.

قَالَ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سُكَّرَةَ القَاضِي: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ جَامعٍ الصَّيْدَلاَنِيُّ مَحْبُوبَ مُحَمَّدِ بنِ دَاوُدَ وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى ابْنِ دَاوُدَ، وَمَا عُرِفَ مَعْشُوقٌ يُنْفِقُ عَلَى عَاشِقِهِ سِوَاهُ وَمِنْ شِعْرِهِ:
حَمَلْتُ جِبَالَ الحُبِّ فِيْكَ وَإِنَّنِي ... لأعجز عن جمل القَمِيْصِ وَأَضْعُفُ
وَمَا الحُبُّ مِنْ حُسْنٍ وَلاَ مِنْ سَمَاحَةٍ ... وَلَكِنَّهُ شَيْءٌ بِهِ الرُّوْحُ تَكْلَفُ
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَرَفَةَ نِفْطَوَيْه: دَخَلْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ دَاوُدَ فِي مَرَضِهِ فَقُلْتُ: كَيْفَ تَجِدُكَ قَالَ: حُبُّ مَنْ تَعْلَمُ أَوْرَثَنِي مَا ترى. فَقُلْتُ: مَا مَنَعَكَ مِنَ الاسْتِمْتَاعِ بِهِ مَعَ القُدْرَةِ عَلَيْهِ قَالَ: الاسْتِمْتَاعُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا: النَّظَرُ وَهُوَ أَوْرَثَنِي مَا تَرَى وَالثَّانِي: اللَّذَّةُ المَحْظُورَةُ، وَمَنَعَنِي مِنْهَا مَا حَدَّثَنِي بِهِ أَبِي، حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بنُ سَعِيْدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ عَنْ أَبِي يَحْيَى عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفَعَهُ قَالَ: "مَنْ عَشِقَ وَعَفَّ وَكَتَمَ وَصَبَرَ غَفَرَ الله لَهُ وَأَدْخَلَهُ الجَنَّةَ". ثُمَّ أَنْشَدَ لِنَفْسِهِ:
انْظُرْ إِلَى السِّحْرِ يَجْرِي فِي لَوَاحِظِهِ ... وَانْظُرْ إِلَى دَعَجٍ فِي طَرْفِهِ السَّاجِي
وَانْظُرْ إِلَى شَعَرَاتٍ فَوْقَ عَارِضِهِ ... كَأَنَّهُنَّ نِمَالٌ دَبَّ فِي عَاجِ
قَالَ نِفْطَوَيْه: وَمَاتَ مِنْ لَيْلَتِهِ أَوْ فِي اليَوْمِ الثَّانِي.
رَوَاهَا جَمَاعَةٌ عَنْ نِفْطَوَيْه.
قَالَ أبي زَيْدٍ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ: كُنْتُ عِنْدَ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ فَذَكَرْتُ لَهُ حَدِيْثاً سَمِعْتُهُ مِنْ سُوَيْدِ بنِ سَعِيْدٍ فَذَكَرَ الحَدِيْثَ المَذْكُوْرَ فَقَالَ: وَاللهِ لَوْ كَانَ عِنْدِي فَرَسٌ وَرُمْحٌ لَغَزَوْتُ سُويداً فِي هذا الحديث.
قلت: هو مما نقموا على سويد.
قال "ابن حزم": تُوُفِّيَ أبي بَكْرٍ فِي عَاشِرِ رَمَضَانَ، سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ عَنِ الكِنْدِيِّ، وَقَرَأْتُ عَلَى أَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ المُوَفَّقِ الشَّافِعِيِّ: أَخْبَرَكُم مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ النَّشبِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنَا زَيْدُ بنُ الحَسَنِ الكِنْدِيُّ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ هِبَةِ اللهِ الكَاتِبُ، سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيَّ يَقُوْلُ: ثُمَّ انْتَهَى الفِقْهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ البِلاَدِ الَّتِي انْتَهَى إِلَيْهَا الإِسْلاَمُ إِلَى أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي حَنِيْفَةَ، وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَدَاوُدَ، وَانْتَشَرَ عَنْهُمُ الفِقْهُ فِي الآفَاقِ وَقَامَ بِنُصْرَةِ مَذَاهِبِهِم أَئِمَّةٌ يَنْتَسِبُوْنَ إِلَيْهِم، وَيَنْصُرُوْنَ أَقْوَالَهُم.
وَبِهِ: قَالَ أبي إِسْحَاقَ رَحِمَهُ اللهُ: وَأَمَّا دَاوُدُ: فَقَامَ بِنَقْلِ فِقْهِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، مِنْهُم: ابْنُهُ أبي بَكْرٍ مُحَمَّدُ، وَكَانَ فَقِيْهاً أَدِيْباً شَاعِراً ظَرِيْفاً، وَكَانَ يُنَاظِرُ إِمَامَ أَصْحَابِنَا أَبَا العَبَّاسِ بنَ سُرَيْجٍ، وَخَلَفَ أَبَاهُ فِي حَلْقَتِهِ، وَسَمِعْتُ شَيْخَنَا القَاضِي أَبَا الطَّيِّبِ الطَّبَرِيِّ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ الخُضَرِيَّ قَالَ: كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ دَاوُدَ فَجَاءتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: مَا تَقُوْلُ فِي رَجُلٍ لَهُ زَوْجَةٌ لاَ هُوَ يُمْسِكُهَا، وَلاَ هُوَ يُطَلِّقُهَا فَقَالَ أبي بَكْرٍ: اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ أَهْلُ العِلْمِ فَقَالَ قَائِلُوْنَ: تُؤْمَرُ بِالصَّبْرِ، وَالاحْتِسَابِ، وَتَبْعَثُ عَلَى الطَّلَبِ وَالاكْتِسَابِ، وَقَالَ قَائِلُوْنَ: يُؤْمَرُ بِالإِنْفَاقِ وَإِلاَّ حُمِلَ عَلَى الطَّلاَقِ فَلَمْ تَفْهَمِ المرْأَةُ قَوْلَهُ فَأَعَادَتْ سؤالها عليه فقال: يا قد هذه أَجَبْتُكِ وَلَسْتُ بِسُلْطَانٍ فَأَمْضِي، وَلاَ قَاضٍ فَأَقْضِي، وَلاَ زَوْجٍ فَأُرْضِي فَانْصَرِفِي.
قَالَ لَنَا أبي العَبَّاسِ بنُ الظَّاهِرِيُّ عَنِ ابْنِ النَّجَّارِ، قَالَ: وهب بن جامع ابن وَهْبٍ العَطَّارُ الصَّيْدَلاَنِيُّ صَاحِبُ مُحَمَّدِ بنِ دَاوُدَ كَانَ قَدْ أَحَبَّهُ، وَشُغِفَ بِهِ حَتَّى مَاتَ مِنْ حُبِّهِ وَمِنْ أَجْلِهِ صَنَّفَ كِتَابَ: "الزَّهرَةِ".
حَدَّثَ عَنْ ابْنِ دَاوُدَ: مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى البَرْبَرِيُّ، رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ قَاسِمٌ.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيِّ أنبأنا عبد الغفار بن محد النَّيْسَأبيرِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الشِّيرَازِيُّ الحَافِظُ، سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مئة بِالدَّامَغَانِ، حَدَّثَنَا الجَدُّ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ الظَّاهِرِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَالِحٍ المَنْصُوْرِيُّ القَاضِي، أَخْبَرَنَا القَاسِمُ بنُ وَهْبٍ الدَّاوُودِيُّ، حَدَّثَنِي وَهْبُ بنُ جَامِعٍ العَطَّارُ، حَدَّثَنَا أبي بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ دَاوُدَ بنِ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أبي سَعِيْدٍ البَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بنُ هِشَامٍ

حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي حَرْبٍ بنِ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ عَلِيٍّ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ فِي الرَّضِيْعِ: "يُنضح بول الغلام ويُغسل بول الجارية".
وَقَالَ عَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الحُسَيْنِ الفَارِسِيُّ، الوَاعِظُ إِملاَءً بِالرَّيِّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ العَلَوِيُّ، حَدَّثَنِي جَدِّي سَمِعْتُ وَهْبَ بنَ جَامِعٍ العَطَّارَ صَدِيْقَ ابْنِ دَاوُدَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى المُتَّقِي للهِ: فَسَأَلَنِي عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ دَاوُدَ: هَلْ رَأَيْتَ مِنْهُ مَا تَكْرَهُ قُلْتُ: لاَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ إلَّا أَنِّي بِتُّ عِنْدَهُ لَيْلَةً فَكَانَ يَكْشِفُ عَنْ وَجْهِي ثُمَّ يَقُوْلُ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ إِنِّي لأُحِبُّهُ، وَإِنِّي لأُرَاقِبُكَ فِيْهِ.
قَالَ: فَمَا بَلَغَ مِنْ رِعَايَتِكَ مِنْ حَقِّهِ قُلْتُ: دَخَلْتُ الحَمَّامَ فَلَمَّا خَرَجْتُ نَظَرْتُ فِي المِرَآةِ فَاسْتَحْسَنْتُ صُورَتِي فَوْقَ مَا أَعْهَدُ فغَطَّيْتُ وَجْهِي، وَآلَيْتُ أَنْ لاَ يَنْظُرَ إِلَى وَجْهِي أَحَدٌ قَبْلَهُ، وَبَادَرْتُ إِلَيْهِ فَكَشَفَ وَجْهِي فَفَرِحَ، وَسُرَّ وَقَالَ: سُبْحَانَ خَالِقِهِ، وَمُصَوِّرِهِ وَتَلا: {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاء} [آل عمران: 6] .
سير أعلام النبلاء: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن  قايمازالذهبي

 

 

ابن داود الظاهري هو: محمد بن داود بن علي الظاهري، العلامة البارع، ذو الفنون، أبي بكر، ولد ببغداد سنة: (255هـ)، وكان أحد من يضرب المثل بذكائه، كان يناظر أبا العبّاس بن سريج، وله شعر رائق، وهو ممّن قتله الهوى، كان يلقب بعصفور الشوك؛ لنحافته وصفرة لونه، من مؤلفاته: كتاب الزهرة، والوصول إلى معرفة الأصول، توفي رحمه الله ببغداد سنة: (297هـ). ينظر: شذرات الذهب في أخبار من ذهب لابن العماد العكري: 3/412، الأعلام للزِرِكلي: 6/120.