أمير كاتب بن أمير عمر بن أمير غازي قوام الدين الفارابي الإتقاني أبي حنيفة
تاريخ الولادة | 685 هـ |
تاريخ الوفاة | 758 هـ |
العمر | 73 سنة |
مكان الولادة | فاراب - كازاخستان |
مكان الوفاة | القاهرة - مصر |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
أمير كاتب ابن أمير عُمَر العميد بن العميد أمير غازي، الشيخ الإمام العلاّمة قوام الدين أبو حنيفة الفارابي الأتْقاني - بهمزة مفتوحة وتاءٍ ثالثة الحروف ساكنة وقافٍ بعدها ألفٌ ونون - الحنفي.
كان قيّماً بمذهب أبي حنيفة شديد التعصّب على الشافعية، متظاهراً بالغَضّ منهم وبالطعن عليهم، يوَدُّ لو حكم فيهم أو حُكّم في تَلافِهم دون تلافيهم، لا تأخذه فيهم لومة لائم، ويتمنى لو ناحت على مدارسهم الحمائم، واجتهد في ذلك بالشام وما أفاد ودخل مِصْر وهو مصرٌّ على ما عنده من العناد، وعمل على قَذْفهم وقَلْعهم بالقَلْع والمِقذاف وطاف عليهم بكؤوس خمرٍ خَمَرها بالسُّم وداف، فكفاهم الله محذوره، وجهل الله واقعتهم معه على مرّ الأيام مأثوره، وبدّل بغيظه فيهم سُروره، وعكس ما دبّره فيهم، " والله متمٌّ نورَه ".
وكان شديد الإعجاب بنفسه، يجيء بالتعظيم من حَسّه وبَسّه، يظن أن إمامه رضي الله عنه لو رآه لجعله أمامه، وأنّ أبا يوسف كان يتأسف إذا سمع كلامه، وأنّ زفر له زفرات على لُقِيّه وأن محمد بن الحسن ما يُحسن الوصول إلى رُقيِّه، إلا أنه شرح الأخْسِيكَثي وعُمْرُه دون الثلاثين شرحاً جيداً يُثني عليه فقهاء مذهبه ويُعظّمونه، وكان عارفاً بالعربية واللغة، قال في آخر شرح الأخسِيكثي إنه فرغ منه بتُسْتَر سنة ست عشرة وسبع مئة، وقال قبل هذا: فلو كان الأسلاف في حياةٍ لقال أبو حنيفة: اجتهدتَ، ولقال أبو يوسف: نارَ البيان أوقدت، ولقال محمد: أحسنت، ولقال زفر: أتقنّت، ولقال الحسن: أمعَنْت، ولقال أبو حفص: أنعمت فيما نظرت، ولقال أبو منصور: حققت، ولقال الطحاوي: صدقت، ولقال الكرخيّ: بورك فيما نطقت، ولقال الجصّاص: أحكمت. ولقال القاضي أبو زيد: أصبت. ولقال شمس الأئمة: وجَدت ما طَلَبْت، ولقال فخر الإسلام: مهرت، ولقال نجم الدين النَّسفيّ: بهرت. ولقال صاحب الهداية: يا غوّاصُّ، البحر عَبَرتْ، ولقال صاحبُ المحيط: فقت فيما أعلنت وأسررت: إلى غير ذلك من كبرائنا الذين لا يحصى عددهم. ولقال المتنبي: أنتَ من فصحاء عبارتهم:
مسكيّة النفحات إلاّ أنها ... وحشيّة بسواهم لا تَعبَقُ
ثم ما قاله.
ولم يزل القوام إلى أنْ مال عليه الحَيْن بكَلكِله، وأصبح الأتقاني وقد تهدّم من الحفر منزله.
وتوفي بالقاهرة رحمه الله تعالى يوم السبت حادي عُشري شوّال سنة ثمان وخمسين وسبع مئة.
وكان لمّا قَدِم دمشق اجتمع بنائبها الأمير سيف الدين يَلبُغا - رحمه الله تعالى - وداخَله واختصَّ به وذكر له مَسْألة رفع اليدين في الصلاة، وادّعى بظلام الصلاة، فقام في دفاعه قاضي القضاة تقي الدين السبكي - رحمه الله تعالى - وهّى ما قاله وأفسده، واستدل على بطلان دعواه، فرجع الأمير سيف الدين يلبُغا بعد ما كان قد شُرِّبت أعضاؤه ذلك، ثم إنه طُلب إلى مصر وراح، فراج عند الأمير سيف الدين صرغتمش وعظّمه، وبنى له مدرسته بالقاهرة، وولاّه تدريسها، وكان قد قام في أيام الملك الصالح على الشافعية، وسعى في إبطال المذهب من رأس، وكاد ذلك يتم، إلا أن الله تعالى أعان بلطفه، ومَنّ بإخماد ناره.
وأخبرني من أثق أنه كان يأكل في كل يوم أوقيّة فُوم، وكان يأكل من الزنجبيل شيئاً كثيراً إلى الغاية.
ونقلتُ من خطّه ما صورتُه: تاريخ قدومنا دمشق في الكرّة الثانية في العاشر من شهر رجب سبع وأربعين وسبع مئة، ثم لبثنا ثمّة إلى أن خرجنا منها في ثامن صفر يوم السبت من سنة إحدى وخمسين وسبع مئة، وقدمنا مصر يوم الاثنين ثاني شهر ربيع الأول سنة إحدى وخمسين وسبع مئة، قال العبد الفقير إلى الله تعالى أمير كاتب بن أمير عمر المدعوّ بقوام الفارابي الأتقاني: كان تاريخ ولادتي بَأَتْقان ليلة السبت التاسع عشر من شوال سنة خمس وثمانين وستّ مئة، وفاراب مدينة عظيمة من مدائن الترك تسمى بلسان العوام: أوتراد، وأتقان اسمٌ لقصبة من قصَباتها، هذا ما أنشأ في أيام دولة السلطان مالك رقاب الأمم مولى مُلوك العرب والعجم قاهر الكفرة والمشركين، ناصر الإسلام والمسلمين، سلطان ابن السلطان ابن السلطان الملك الناصر بن الناصر ابن الملك المنصور حسن بن محمد بن قلاوون، خلّد الله ملكه ونوّر مرقد آبائه السلاطين في مدح المقَرّ العالي المجاهد المؤيّد المظفّر ذي اليُمن والبركات، والخير والمبرّات، فريد الدهر وحيد العصر سيف الدين سُيرغتمش أدامه الله في عافيةٍ وافية حين تمّ بناء مدرسته المخصوصة بالحنفية بالقاهرة المعزيّة في جمادى الأولى سنة سبع وخمسين وسبع مئة، وكان ابتداء العِمارة في خامس رمضان سنة ست وخمسين وسبع مئة، الضعيف أبو حنيفة قوام الدين أمير كاتب بن أمير عمر العميد بن العميد أمير غازي الفارابي الأَتقاني يوم أُجلِسَ فيها مدرِّساً بحضور القضاة الأربعة وجميع أمراء الدولة مثل المقرّ العالي شيخو، وحاجب الحجاب طشتمر القاسِمي. وتوقاي الدوادار وغيرهم في الساعة الثالثة من يوم الثلاثاء التاسع من جمادى الأولى من السنة المذكورة، والقمر في السُّنبلة، والزهرة في الأوج، وكان تثليث المشتري والقمر:
أرأيتم مَنْ دَرَأ النُّوَبَا ... وأتى قُرَباً ونفى رِيَبا
فبدا عَلَماً وسَما كَرَماً ... ونَما قدَماً ولقد غَلَبا
بتُقى وهُدى ونَدى وَجَدا ... فغدا وشَدا وجَبى وحَبا
أبدى سَنَناً أحيا سُنناً ... حلّى زمناً عند الأُرَبَا
هذاك سُيرغتْمشْ سَكَبت ... أيامُ أماراته السُّحُبا
وأزال الجَدْبَ إلى خَصْبٍ ... والضَّنْكَ إلى رَغَدٍ قَلَبا
بإعانةِ جبّارٍ بَرٍّ ... ذي العرش وقد بذل النَّشَبا
ملك فَطنٌ ركن لسنٌ ... حَسَن بَسَنٌ ربّى الأدبا
ملكُ الكبرا ملكُ الأمرا ... ملكُ العُلما ملكُ الأُدبا
بحرٌ طامٍ طَوْدٌ سامٍ ... غَيثٌ هامٍ حامي الغُرَبا
بسياسته وحَماستِهِ ... وسَماحته جَلّى الكُرَبَا
وصيانته وديانته ... وأمانته حاز الرُّتبا
أبهى أصلاً أسنى نَسْلاً ... أحظى خَصْلاً بذّ العربا
نِعمَ المأوى مصرٌ لمّا ... شَملت قَوْماً قيلاً نُجُبا
فنَمت نَوْراً وسَمت نُوراً ... وعَلَت دوراً وأرت طَرَبا
نسقَت دوراً زسقت درراً ... ووعَت غُرَراً وحَوت أرَبا
وخْطَاء به افتخرت ونَمَت ... وسَمَت وزَرَت وحوت أدبا
خّذْ دُرّ ثنا ثم اجْنِ جنى ... منها ومُنىً فتعي طلبا
من كان عَنَى نَسبي علناً ... فارابُ لنا نِعْمتَ نَسَبا
كنوُّنِ أباً لحنيفة ثُمْ ... مَ قوام الدين بَدا لَقَبا
عِش في رجبٍ تَرَ مِنْ عجبٍ ... من منتجب عجباً عَجَبا
وأعطاني المقرّ العالي سُيرغتمش أيّده الله جائزة هذه القصيدة يوم أنشدتها عشرة آلاف درهم، ومَلأ يوم الدرس بِرْكة المدرسة بالسُّكّر وماءٍ وماء الليمون فسقى بذلك الناسَ أجمعين، وخلَع عليّ بعد الدرس خلعتين إحداهما فروُ السنجاب، ظَهارته صًوف أبيض وكفْتُه قندز، والأخرى فرجيّ من صُوف زيتي، وخلع على ابني هُمَام الدين أيضاً، ثم لمّا خرجتُ من المدرسة حملني على بغلةٍ شهباء مشتراها ثلاثة آلاف درهم من السَّرج المُفَصَّص واللجام، كان اليوم يوماً يؤرخ، فيا لها قصّةً في شرجها طُول.
تمّ ما نقلتُه من خطه رحمه الله تعالى، وتوفي في التاريخ المذكور، وما أفاده الطالع الذي تخيَّره لجلوس الدرس شيئاً، بل كانت المدّة ستة عشر شهراً.
أعيان العصر وأعوان النصر- صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي (المتوفى: 764هـ).
أَمِير كَاتب بن أَمِير عمر بن العميد أَمِير غَازِي أَبُو حنيفَة الاتقاني الْحَنَفِيّ وَسَماهُ الْحُسَيْنِي فِي ذيله لطف الله ولد باتقان فِي شَوَّال سنة 685 واشتغل ببلاده وَمهر وَتقدم إِلَى أَن شرح الأخسيكثى وَذكر أَنه فرغ مِنْهُ بتستر سنة 716 وَقدم دمشق فِي سنة 720 ودرس وناظر وَظَهَرت فضائله - قَالَه ابْن كثير وَدخل مصر ثمَّ رَجَعَ فَدخل بَغْدَاد وَولي قضاءها ثمَّ قدم دمشق ثَانِيًا فِي شهر رَجَب سنة 747 وَولي بهَا تدريس دَار الحَدِيث الظَّاهِرِيَّة بعد وَفَاة الذَّهَبِيّ وتدريس الكنحية ثمَّ نزل عَنْهُمَا وَتكلم فِي رفع الْيَدَيْنِ عِنْد الرُّكُوع وَالرَّفْع وَادّعى بطلَان الصَّلَاة من فعل ذَلِك وصنف فِيهِ مصنفاً فَرد عَلَيْهِ السُّبْكِيّ وَغَيره حَتَّى أَن بعض الْحَنَفِيَّة ... وَفَارق دمشق وَدخل الديار المصرية فِي صفر سنة 751 فَأقبل عَلَيْهِ صرغتمش وعظمه وَجعله شيخ الْمدرسَة الَّتِي بناها ونظم فِي ذَلِك قصيدة مدحه بهَا وَكَانَ ذَلِك فِي جُمَادَى الأولى سنة 757 وَذكر أَن ابْتِدَاء عمارتها فِي رَمَضَان سنة 56 وَاخْتَارَ لحضوره الدَّرْس طالعاً قَالَ وَالْقَمَر فِي السنبلة والزهرة فِي الأوج وَكَانَ تثليث المُشْتَرِي وَالْقَمَر فدرس ذَلِك الْيَوْم وَأَقْبل عَلَيْهِ صرغتمش إقبالاً عَظِيما وَقدر أَنه لم يَعش بعد ذَلِك سوى سنة وَنصف بل أقل من ذَلِك وَكَانَ لما قدم دمشق صلى مَعَ النَّائِب وَهُوَ يلبغا فَرَأى إِمَامه يرفع يَدَيْهِ عِنْد الرُّكُوع وَالرَّفْع مِنْهُ فَأعْلم الاتقاني يلبغا أَن صلَاته بَاطِلَة على مَذْهَب أبي حنيفَة فَبلغ ذَلِك القَاضِي تَقِيّ الدّين السُّبْكِيّ فصنف رِسَالَة فِي الرَّد عَلَيْهِ فَوقف عَلَيْهَا فَجمع جُزْءا فِي تَبْيِين مَا قَالَ وَأسْندَ ذَلِك عَن مَكْحُول النَّسَفِيّ أَنه حَكَاهُ عَن أبي حنيفَة وَبَالغ فِي ذَلِك إِلَى أَن أصغى إِلَيْهِ النَّائِب فَلم يزل السُّبْكِيّ إِلَى أَن بَين بطلَان كَلَامه ووهاه فَرجع الْأَمِير عَنهُ ثمَّ دخل الْقَاهِرَة فاستمر فِي معاداة الشَّافِعِيَّة واختص بصرغتمش حَتَّى شَرط فِي مدرسته قصرهَا على الْحَنَفِيَّة دون غَيرهم وَكَانَ كثير الباو شَدِيد التعاظم متعصباً لنَفسِهِ جدا قَالَ فِي شَرحه للأخسيكثى لَو كَانَ الأسلاف فِي الْحَيَاة لقَالَ أَبُو حنيفَة اجتهدت ولقال أَبُو يُوسُف نَار الْبَيَان أوقدت ولقال مُحَمَّد أَحْسَنت ولقال زفر أتقنت ولقال الْحسن أمعنت وَاسْتمرّ هَكَذَا حَتَّى ذكر غَالب أَعْيَان الْحَنَفِيَّة وَقَالَ الصَّفَدِي فِي تَرْجَمته كَانَ متعصباً على الشَّافِعِيَّة متظاهرا بالغض مِنْهُم يتَمَنَّى تلافهم واجتهد فِي ذَلِك بِالشَّام فَمَا أَفَادَ وَدخل مصر وَهُوَ مصر على العناد وَكَانَ شَدِيد الْإِعْجَاب - انْتهى وَشرح الْهِدَايَة شرحاً حافلاً وَحدث بالموطأ رِوَايَة مُحَمَّد بن الْحسن بِإِسْنَاد نَازل جدا وذاكره عز الدّين ابْن جمَاعَة أَن بَينه وَبَين الزَّمَخْشَرِيّ اثْنَيْنِ فَأنْكر ذَلِك وَقَالَ أَنا أسن مِنْك وبيني وَبَينه أَرْبَعَة أَو خَمْسَة وَكَانَ يكثر أكل الثوم الني والزنجبيل الْأَخْضَر - أَخْبرنِي بذلك الشَّيْخ محب الدّين ابْن الوحدية وَكَانَ قد لَازمه وَأخذ عَنهُ وَقَالَ الْحُسَيْنِي كَانَ أحد الدهاة وَقَالَ ابْن حبيب كَانَ رَأْسا فِي مَذْهَب أبي حنيفَة بارعاً فِي اللُّغَة والعربية كثير الْإِعْجَاب بِنَفسِهِ شَدِيد التعصب على من خَالفه وقرأت بِخَط القطب فَقِيه فَاضل صَاحب فنون من الْعلم وَله معرفَة بالأدب والمعقول درس بمشهد أبي حنيفَة بِبَغْدَاد وَقدم دمشق فِي مضان سنة 721 ثمَّ دخل إِلَى الْعرَاق سنة 722 وقرأت بِخَط غَيره ثمَّ قدم دمشق من الْعرَاق سنة 747 وَكَانَ إِمَامًا متفنناً عَلامَة مناظراً وَقدم مصر سنة ثَمَان وَأَرْبَعين 748 ثمَّ رَجَعَ إِلَى دمشق فَأَقَامَ بهَا قلت ثمَّ قدم مصر واستوطنها إِلَى أَن مَاتَ فِي حادي عشرى شَوَّال سنة 758
-الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة لابن حجر العسقلاني-
الشيخ الإمام قوام الدين أبو حنيفة أمير كاتب بن أمير عمر بن أمير غازي الإتقاني الحنفي، المتوفى بالقاهرة في شوال سنة ثمان وخمسين وسبعمائة، وله ثلاث وسبعون سنة وذكر الحسيني في "ذيل العبر" أن اسمه لطف الله.
اشتغل في بلاده ومهر في أنواع العلوم وسنه ما بين عشرين وثلاثين، فصنف "التبيين" في شرح الأخسيكثي سنة 717، ثم رحل إلى دمشق سنة 720 وتناظر مع علمائها فظهرت فضائله ودخل مصر، ثم رحل إلى بغداد ودرس بمشهد أبي حنيفة وولي قضاءها، ثم عاد إلى دمشق سنة 47 ودرس بها، ثم عاد إلى مصر سنة 51 ودرس بالمارداني، فأقبل عليه الأمير صيرغتمش وجعله شيخ المدرسة التي بناها سنة 757، ثم لم يعش بعد ذلك سوى سنة ونصف.
قال ابن حجر: كان شديد التعاظم، متعصباً على الشافعية ولما قدم دمشق صلى مع النائب يلبغا، فرأى إمامه رفع يديه عند الركوع، فأعلم أن صلاته باطلة على مذهب أبي حنيفة، فبلغ ذلك القاضي تقي الدين السبكي وصنف رسالة في رده، فجمع جزءًا في إثباته، فأصغى النائب إليه وعمل بقوله.
وشرح "الهداية" شرحاً حافلاً سماه "غاية البيان" في مجلدات. وكان رأساً في المذهب، بارعاً في اللغة العربية، قال ابن الشحنة: وكانت ولايته بالتدريس على أكمل وجوه التعظيم، حضر الأمير صيرغتمش إلى منزله، فلما ركب أخذ الأمير بركابه إلى المدرسة ومعه جماعة من الأمراء ماشياً، فقال له: يا أمير لا تأخذ في نفسك من مشيك آخذاً بركابي، فقد أخذ بركابي سلطانان من بني سلجوق. وكان يوماً مشهوداً وملأ بركة المدرسة بالسكر والليمون فسقى بذلك وخلع عليه بعد الدرس وعلى ابنه همام الدين أمير غالب المتوفى سنة 784 منفصلاً عن قضاء دمشق. ذكره تقي الدين.
سلم الوصول إلى طبقات الفحول - حاجي خليفة.
أَمِير كَاتب بن أَمِير عمر ابْن العميد ابْن الأتقاني الحنفي
ولد في شَوَّال سنة 695 خمس وَتِسْعين وسِتمِائَة واشتغل ببلاده وَمهر وَتقدم وَقدم دمشق في سنة 720 ودرس وناظر وَظَهَرت فضائله وَدخل مصر ثمَّ رَجَعَ فَدخل بَغْدَاد وَولى قضاءها ثمَّ قدم دمشق نَائِبا فِي سنة 747 وَولى بهَا تدريس دَار الحَدِيث الظَّاهِرِيَّة بعد وَفَاة الذهبى وَتكلم فِي رفع الْيَدَيْنِ عِنْد الرُّكُوع وَالرَّفْع وَادّعى بطلَان صَلَاة من فعل ذَلِك وصنف فِيهِ مصنفاً رد عَلَيْهِ السبكي وَفَارق دمشق وَدخل الديار المصرية سنة 751 فَأقبل عَلَيْهِ بعض أمرائها وعظّمه وَجعله شَيخا لمدرسة بناها ونظّم فِي ذَلِك قصيدة مدحه بهَا وَكَانَ ذَلِك في جُمَادَى الأولى سنة 757 وَكَانَ معادياً للشَّافِعِيَّة كثير الْحَط على عُلَمَائهمْ وَفِيه تيه زَائِد وَكبر شَدِيد وبأو عَظِيم وتعصب لنَفسِهِ جداً قَالَ فِي بعض مصنفاته مَا لَفظه لَو كَانَ الأسلاف في الْحَيَاة لقَالَ أَبُو حنيفَة اجتهدت ولقال أَبُو يُوسُف نَار الْبَيَان أوقدت ولقال مُحَمَّد أَحْسَنت وَاسْتمرّ هَكَذَا حَتَّى سرد غَالب أَعْيَان الْحَنَفِيَّة وَشرح الْهِدَايَة شرحاً حافلاً وَادّعى أَن بَينه وَبَين الزمخشري رجلَيْنِ فَقَط وَأنكر عَلَيْهِ ذَلِك وَمَات في حادي عشر شَوَّال سنة 758 ثَمَان وَخمسين وَسَبْعمائة
البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع - لمحمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني
الأتقاني: هو الإمام العلامة قوأم الدين أمير كاتب ابن أمير عمر العميد الفارابي أبي حنيفة ولد في اتقان سنة (685ه) وورد مصر وبغداد وسكن دمشق ودرس بها له شرح الهداية سماه غاية البيان مات- رحمه الله- سنة (758ه). ينظر: الأعلام للزركلي (2/ 14). ينظر: الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة (1/ 493).
أمير كاتب بن أمير عمر العميد ابن العميد أمير غازي أبي حنيفة الفارابي الأتقاني.
ولي تدريس مشهد الإمام بظاهر بغداد.
وقدم دمشق مرتين: اجتمع في الأولى بالأمير يلبغا نائب السلطنة، واختص به، وتكلم عنده في مسألة رفع اليدين، وأراد إبطاله، فدفعه الشيخ تقي الدين السبكي.
ثم قدم ثانيا في العاشر من رجب سنة سبع وأربعين وسبعمائة.
ثم حضر إلى مصر في صفر سنة إحدى وخمسين، فعظمه الأمير صيرغتمش الناصري، ودرّس بالجامع المارداني. فلما عمّر الأمير صيرغتمش مدرسته المجاورة لجامع ابن طولون، أجلسه بها مدرِّسًا.
قال ابن حبيب: كان رأسا في مذهب الحنفية، بارعًا في الفقه واللغة العربية، كثير الإعجاب بنفسه، شديد التعصب على من خالف المسطور في طِرْسِه.
قلت: يدل على ذلك قوله في آخر شرح الاخسيكثي: فلو كان الأسلاف بالحياة لقال أبي حنيفة: اجتهدت.
ولقال أبي يوسف: نار البيان أوقدت.
ولقال محمد: أحسنت.
ولقال زفر: أتقنت.
ولقال الحسن: أمعنت
ولقال أبي حف أنعمت فيما نظرت.
ولقال أبي منصور: حققت.
ولقال الطحاوي: صدقت.
ولقال الكرخي: بورك فيما نطقت.
ولقال الجصا أحكمت.
ولقال القاضي أبي زيد: أصبت.
ولقال شمس الأئمة: وجدت ما طلبت
ولقال فخر الإسلام: مهَرْتَ.
ولقال نجم الدين النسفي: بهرت.
ولقال صاحب الهداية: يا غواص البحر عبرت.
ولقال صاحب المحيط: فقت فيما أسررت وأعلنت.
إلى غير ذلك من كبرائنا الذين لا يحصى عددهم رحمة الله عليهم.
ولقال المتنبي: أنت من فصحاء الأغاريب.
مسكية النفحات إلا أنها ... وحشية بسواهم لا تعبق
وقال في بعض مباحثه: وهذا مما لا تجده في كتب المتقدمين ولا المتأخرين.
صنف شرح الهداية وسماه "غاية البيان ونادرة الأقران في آخر الزمان" وشرح الأخسيكثي وسماه "التبيين". وله رسالة في مسألة رفع اليدين، وأخرى في عدم صحة الجمعة في موضعين من البلد.
ولد بأتقان ليلة السبت، التاسع عشر من شهر شوال سنة خمس وثمانين وستمائة كما وُجِد في خطه.
وتوفي يوم السبت، حادي عشر شوال سنة ثمان وخمسين وسبعمائة.
تاج التراجم - لأبي الفداء زين الدين أبي العدل قاسم بن قُطلُوبغا السودوني
أمير كاتب بن أمير عمر بن أمير غازي الفارابيّ الإتقاني العميدي، أبو حنفية، قوام الدين: فقيه حنفي. ولد في إتقان (بفاراب) وورد مصر وبغداد، وسكن دمشق ودرّس بها، ثم عاد إلى القاهرة فاستوطنها إلى أن مات. وكان كثير الإعجاب بنفسه، شديد التعصب لمذهبه من كتبه شرح على الهداية في فقه الحنفية سماه (غاية البيان - خ) ست مجلدات منه .
-الاعلام للزركلي-
أمير كاتب العميد بن أمير غازي قوام الدين المكني بأبي حنيفة الاتقاني الفارابي
نسبته إلى فاراب ناحية وراء نهر سيحون وإتقان قصبته بكسر الألف وسكون التاء المثناة الفوقية وقاف مفتوحة بعدها ألف بعدها نون ونقل بعد تلامذة جوى زاده عنه أنه قال وجدته بخط أمير كاتب مضبوطاً بفتح الألف ولد سنة خمس وثمانين وستمائة وأخذ عن أحمد بن أسعد الخريفعنى عن حميد الدين على الضرير البخارى عن شمس الأئمة محمد الكردرى عن صاحب الهداية وكان رأساً في الحنفية بارعاً في الفقه واللغة والعربية كثير الإعجاب بنفسه شديد التعصب على من خلفه يدل علية كلماته الواقعة في تصانيفه كشرح المنتخَب الحسامي وسماه التبيين وشرح الهداية وسماه غاية البيان ونادرة الأقران وكان قدولي تدريس مشهد الإمام ببغداد وقدم دمشق مرتين اجتمع في الأولى بالأمير نائب السلطنة وتكلم عنده في مسألة رفع اليدين وأراد إبطاله فدفعه الشيخ تقي الدين علي بن عبد الكافي الشافعي السبكي ثم أتى إلى مصر ودرس هناك.
(قال الجامع) قد طالعت من تصانيفه التبيين وغاية البيان فوجدته كما قال الكفوي شديد التعصب في مذهبه بسيط اللسان على مخالفه قال في بحث حروف المعانى ثم الغزالى شنع في المنخول على أبي حنيفة في أشياء من غير حجة على دعواه ولا دليل على ما خيل فلولا إطالة الكتاب من كلمات المشايخ بالنظر إلى الظاهر ثم لما رأينا من طعنه على الكبار بلا إقامة برهان حصل بنا ما حصل انتهى وقال في آخر التبيين لو كان الأسلاف في حياتي لأَنصفوني ولقال أبو حنيفة اجتهدت ولقال أبو يوسف نار البيان أوقدت ولقال محمد أحسنت ولقال زفر أتقنت ولقال الحسن أمعنت ولقال أبو حفص أنعمت في نظرت ولقال أبو منصور حققت وقال الطحاوى صدقت ولقال الكرخي بورك في نطقت ولقال الجصاص أحكمت وأقال أبو زيد أصبت وقال شمس الأئمة وجدت ما طلبت ولقال فخر الإسلام مهرت ولقال نجم الدين النسفي بهرت ولقال صاحب الهداية يا غواص البحر عبرت ولقال صاحب المحيط فقت فيما أعلنت وما أسررت إلى غير ذلك من كبرائنا الذين لا يحصى عددهم ولقال المتنبي أنت من الفصحاء انتهى وقال بعده وقع الفراغ من تصنيفه وهو على جناح سفر الحجاز في ليلة البراءة سنة ستة عشرة وسبعمائة وذكر في بحث حروف المعانى أنه قرأ أصول فخر الإسلام على صاحب الكافي بنيسابور وذكر في ديباجة غاية البيان أنه لما فرغ من حجة الإسلام بقافلة العراق من مدينة السلام سنة عشرين وسبعمائة ووصل إلى ديار مصر في المحرم من السنة الحادية والعشرين فسألوه أن يشرح كتاب الهداية فشرع فيه حين جاوز الثلاثين بعقد البنصر مع رفع الوسطى والخنصر وذكر فيه أنه يروى كتاب الهداية من خمس طرق: أحدها ما أخبرني به سيدي وملجئي فقيه الفقهاء سيد العلماء منبع الزهد والتقوى معدن الفقه والفتوى صاحب الكرامات العلمية والمقامات السنية مفخر المسلمين برهان الملة والدين أحمد ابن أسعد بن محمد الخريفعنى البخاري عن شيخيه العلامتين الغايتين في التبيان الآيتين على مذهب النعمان حميد الدين الضرير علي بن محمد بن محمد الرامشي البخاري وحافظ الدين الكبير محمد بن محمد ابن نصر البخارى عن شيخهما العلامة المتقن شمس الأئمة محمد بن عبد الستار بن محمد العمادي الكردرى عن صاحب الهداية انتهى. وقال أبو الوليد محمد بن الشحنة [هو محب الدين أبو الوليد محمد بن محمد بن محمد الشهير بابن الشحنة الحلبي الحنفي وُلد سنة 749 واشتغل بالفقه والأدب وولى قضاء حلب مراراً وقضاء الشام وكان محباً لسنة وأهلها مات سنة 827 وله تصنيف في السيرة النبوية وتاريخ لطيف ونظم متوسط كذا قال الحافظ ابن حجر في معجمه وقد طالعت تاريخه أوله الحمد لله الذى أحسن كل شئ خلقه الخ رتبه على مفتاح في ابتداء خلق السموات والأرض وما بينهما ومصراعين الأول في ما بين هبوط آدم إلى الهجرة النبوية والثاني في ما بين الهجرة وعصره وخاتمة في أمور الخاتمة وأورد فيه حوادث إلى آخر سنة 806 وذكر في حوادث سنة 803 ما وقع بينه وبين الأمير تيمور حين غلب على حلب من الأسئلة والأجوبة.] في حوادث سنة 753 من كتابه روضة المناظر في أخبار الأوائل والأواخر فيها توفي الشيخ قوام الدين أمير كاتب بن أمير عمر بن أمير غازى الفارابي الاتقاني الحنفي مصنف غاية البيان شرح الهداية والتبيين شرح الاخسيكثى ولى تدريس مشهد أبي حنيفة ببغداد وقدم مصر فأكرمه الأمير ضرغتمش وبني له المدرسة الصرغتمشية انتهى. وفى الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة للحافظ ابن حجر العسقلاني أمير كاتب بن عمر الاتقاني الحنفي ولد باتقان في شوال سنة خمس وثمانين وستمائة واشتغل في بلاده ومهر إلى أن شرح المنتخب الحسامي وقدم دمشق سنة عشرين وسبعمائة ودرس وناظر وظهرت فضائله قاله ابن كثير ودخل مصر ثم رجع فدخل بغداد وولى قضاءها ثم دخل دمشق وولي تدريس الظاهرية وكان لما قدم دمشق صلى مع النائب فرأى إمامه يرفع يديه عند الركوع وعند الرفع منه فأعلمه الاتقاني أن صلاته باطلة على مذهب أبي حنيفة فبلغ ذلك القاضى تقي الدين السبكى فصنف رسالة في الرد عليه فوقف عليها الاتقاني فجمع جزأ في نقض ما قال وأسند ذلك عن مكحول النسفي أنه حكاه عن أبي حنيفة وبلغ في ذلك إلى أن أصغى إليه النائب فبين بطلان كلامه ووهاه تقى الدين السبكى فرجع الأمير عنه ثم دخل الاتقاني بمصر فاستمر في معاداة الشافعية وكان كثير التعاظم والتعصب لنفسه جداً وشرح الهداية شرحاً حافلا وحدث بالموطأ برواية محمد بإسناد نازل جداً وكان يكثر أكل الثوم النيّ والزنجبيل الأخضر أخبرنى به الشيخ محب الدين وكان قد لازمه وأخذ عنه انتهى. وفي حسن المحاضرة في ترجمته درس ببغداد ودمشق ثم قدم إلى مصر فدرس بالجامع الماردني وكان رأساً في مذهب الحنفية والفقه واللغة والعربية صنف شرح الهداية وشرح الاخسيكنى ورسالة في عدم صحة الجمعة في موضعين من المصر ولد في شوال سنة خمسة وثمانين وستمائة ومات في شوال سنة ثمان وخمسين وسبعمائة. وفي بغية الوعاة أمير كاتب بن أمير عمر بن أمير غازي أبو حنيفة قوام الدين الاتقاني الحنفي وقيل اسمه لطف الله قال ابن حبيب كان رأساً في مذهب الحنفية بارعاً في اللغة والعربية قال ابن حجر ودخل مصر ثم رجع فدخل بغداد وولي قضاءها ثم قدم دمشق ثانياً سنة سبع وأربعين وولى بها تدريس دار الحديث بالظاهرية بعد وفاة الذهبي ثم دخل مصر سنة إحدى وخمسين فأقبل عليه صرغتمش وعظم عنده جداً فعله شيخ مدرسته التى بناها وذلك في جمادي الأولى سنة سبع وخمسين واختار لحضور الدرس طالعاً خضروا والقمر في السنبلة والزهرة في الأوج وأقبل عليه صرغتمش إقبالا عظيما وقدِّر أنه لم يعش بعد ذلك سوى سنة وكان شديد التعاظم متعصباً لنفسه جداً معادياً للشافعية واجتهد في ذلك بالشام فما أفاده ومات في حادي عشر شوال سنة ثمانية، وخمسين وسبعمائة انتهى ملخصاً.
الفوائد البهية في تراجم الحنفية - أبو الحسنات محمد عبد الحي اللكنوي الهندي.
الأتقساني هُوَ الإِمَام الْعَلامَة قوام الدّين أَمِير كَاتب ابْن أَمِير عمر العميد الغارابي أَبُو حنيفَة قدم دمشق سنة سبع وَأَرْبَعين وَسبع مائَة ثمَّ انْتقل إِلَى مصر ودرس بِجَامِع المارداني وانتفع بِهِ الطّلبَة وَوضع شرحا نفيسا مطولا على الْهِدَايَة وأتقن فِيهِ وَله غير ذَلِك رَحمَه الله تَعَالَى
-الجواهر المضية في طبقات الحنفية - عبد القادر بن محمد بن نصر الله القرشي محيي الدين الحنفي-