أبو محمد حمودة بن عبد العزيز التونسي: العلامة الأريب الألمعي الأديب الفقيه المؤرخ المطلع البارع الماهر الكاتب البليغ اللغوي الشاعر. كان له القدم الراسخ في العلوم العقلية والنقلية. أخذ عن أعلام منهم والده وقاسم المحجوب والماكودي والغرياني والشحمي وجماعة، وعنه عمر ومحمد ابنا الشيخ قاسم المحجوب المذكور وغيرهما. ألّف التاريخ الباشي شاهد له بالفضل والنبل وحاشية على الوسطى ورسالة في القبلة، وله ديوان شعر وشعره أحسن من نثره ولا زالت سعوده طالعة مع مخدومه الباشا علي باي ثم مع ابنه الباشا حمودة ثم حصل له سقوط في منزلته عند هذا الباشا ولا زال في تراجع إلى أن توفي سنة 1202 هـ[1787 م].
شجرة النور الزكية في طبقات المالكية_ لمحمد مخلوف
حمودة بن محمد بن عبد العزيز، أَبُو محمد الباشي: مؤرخ أديب تونسي. له نظم. قرأ بالزيتونة وولي التدريس بجامعها. وولاه الباشا (علي باي) قلم الإنشاء في دوانه. وقام بمهمات إلى القسنطينة والجزائر في عهده وعهد ابنه حمودة باشا ثم أهمله هذا. وألف (التاريخ الباشي - ط) الأول منه، في الدولة الحسينية. ومخطوطته في خزانة الرباط (2265 ك) ورسالة في (بعض المشايخ - خ) وشرح نتفا من (شعر ابن سهل - خ) وله (ديوان شعر - خ) .
-الاعلام للزركلي-
ابن عبد العزيز (حوالى 1146 - 1202 هـ) (1734 - 1787 - 8 م)
حمودة بن محمد بن عبد العزيز، أبو محمد، الأديب الشاعر المؤرخ الوزير.
ولد بتونس، واعتنى بتربيته والده المدرس الذي لم يكن في عصره من يحسن المختصر الخليلي وشروحه مثله، وأخذ عنه ولده المترجم، قال ابن أبي الضياف: «حتى أنه كان يسامره ليلا بعلم السير والتاريخ» وقد مات والده وتركه صغيرا ثم أخذ المترجم عن أعلام عصره كالمفاتي أحمد المكودي، وقاسم المحجوب ومحمد بن حسين بيرم الأول، ومحمد بن حسن الهدة السوسي، ومحمد الغرباني، وعلي الشريف، ومحمد الشحمي، وغيرهم، وبعد استكمال تحصيله تصدر للتدريس بجامع الزيتونة في سن مبكّرة؛ وكان ممن أخذ عنه المفتي محمد بيرم الثاني، والمفتي محمد المحجوب، وأخوه القاضي عمر.
قام برحلتين في شبابه إلى المغرب وإلى المشرق، قال محمد بيرم الرابع: «وكان الزمان مدبرا عليه في أول أمره إلى أن حمله عسره على مفارقة وطنه والوفود على المغرب الأقصى، فمهّد لذلك بقصيدة قالها في سلطانه المولى محمد بن عبد الله، ثم رجع عن ذلك لسبب اقتضاه، وحج في أيام شبابه واجتمع في طريقه بخاتمة فقهاء المالكية الشيخ محمد التاودي فكان بينهما ما يدل على إعجاب الشيخ به. طلب منه أقراء ولده مختصر السنوسي في المنطق وكان ذلك بمصر فاقرأه له بالأزهر».
وقد بالغ في مدح سلطان المغرب بقصيدة طويلة تمنى فيها أن ينتظم له ملك المغرب والمشرق:
متى أرى خيله من بعد وقعتها … بالكفر تنهل في بغداد أو حلبا
وترتمي شهبا في أفق أندلس … تكسوه من بهجة الاسلام ما بليا
«وكانت الرحلة والقصيدة قبل اتصاله بالباي ولما خدمه عمل على أخفائها لئلا يتحرج منه، والمغرب ضد لدول الترك بأفريقيا الشمالية من قديم».
وحجته الثانية كانت في سنة 1181/ 1768 وكان فيها قاضيا للركب التونسي «ولم يذكر من تفاصيلها إلا رواية عن الشيخ السمان بالمدينة المنورة».
تولى رئاسة ديوان الانشاء في دولة علي باشا باي الحسيني، وفي أول الأمر أبدى تمنعا.، ثم أعاد الباي الطلب على يد المفتي محمد بن حسن البارودي فأجاب، قال ابن أبي الضياف: وقبله (أي الأمير) أحسن قبول وقرّبه نجيا، واستعان به في تدبير دولته، «وقال الشيخ محمد النيفر في «عنوان الأريب» بعد ذكر القبول» ولما سامره أول ليلة أعجبته محاضرته حتى أن الأمير لم يزل يدنو منه حتى كاد أن يماسّ مجلسه.
وبعثه علي باشا باي سفيرا عنه إلى قسنطينة والجزائر في بعض الأغراض السياسية.
وفي سنة 1186/ 1772 - 73 كلفه الباي بتربية أولاده ومنهم كبيرهم حمودة فعلمهم النحو والصرف والتاريخ، وعلمهم الفقه الحنفي الشيخ حمودة باكير إمام باردو.
قال ابن أبي الضياف: «وكان يدلّ على مخدومه الثاني، وهو ابن تربيته الباي حمودة باشا بماله من حق التعليم بما لا يحتمله من الشباب، وعلى رجال دولته ويحتملون له لقصور الانشاء والترسيل على قلمه يومئذ، ولما تفاقم الحال أردفه مخدومه بولاية العلامة الأكتب، الجامع بين شرفي النسب والاكتساب أبي محمد سيدي حسن بن عبد الكبير الشريف، فغص منه، وضاق ذرعه لتقدمه في العلم والصناعة، فتحيل - يغفر الله له - بما اقتضى انفصال سيدي حسن الشريف عن خطة الكتابة، وابدل الله درهمه دينارا».
وفي أوائل دولة حمودة باشا وقعت ولاية العمال بمشارطة مالية وهي من إشارة صاحب الترجمة أثناء مداولة بمجلس استشاري للوزراء عقده الباي حمودة باشا وكان العمال يتفننون في سلب أموال منظوريهم بعناوين مختلفة ويرشون حاشية الباي ووزراءه مما نهبوا، وأشار صاحب الترجمة أن تكون ولاية العمال على يد الوزير يوسف صاحب الطابع، وكان من المنكرين على صاحب الطابع الوزير مصطفى خوجة، ولم يتصل أصحابه بالوزير صاحب الطابع، فقيّض عليهم من زاد عليهم في المشارطة فاشتد حنق الوزير مصطفى خوجة وصار ينكر ذلك، ويوسف صاحب الطابع يتحمل ويتجاوز له لشيخوخته ومكانته في الدولة، وكان الحاج فرج الجوز عاملا بباجة وله صلة قوية بالوزير مصطفى خوجة، فامتدت له يد يوسف صاحب الطابع، فأتاه يستشيط غضبا فقال له: إن أردت الولاية فهذا سبيلها، وإن أردت التخلي فأنت في سعة، هكذا دبّر الحاج حمودة بن عبد العزيز».
قال ابن أبي الضياف: «فعظم على الحاج فرج ذلك، وكان له ابن أخ فاتك داعر ترصد للحاج حمودة وضربه بالرصاص منصرفا من باردو امام سيدي عبد الله الشريف فحمل إلى داره مغشيا عليه إلا أن الضربة لم تصب مقتلا، ولا هشمت عظما وعظم وقع ذلك عند الباي، وقد قبض على الضارب، وحضر بين يديه وأمر أن يوثق كتافا ويحمل إلى الوزير الكاتب الشيخ حمودة بن عبد العزيز ليحكم بما يراه من العقوبة، فصادف أن كان الشيخ في معاناة ألم الجرح فحكم بتكسير يديه ورجليه والقائه ببطحاء القصبة حتى يموت، ففعل به ذلك بمطارق الحدادين وألقي بالبطحاء فرق له تركي من الجند فاجهز عليه، وكانت لعنة على هذا العالم وقبح أحدوثة في دار الدنيا، ولما بلغ هذا الأمر الفظيع إلى الباي غضب وندم ولات حين مندم وهي لعنة محسوبة عليه أيضا، ولما برئ الشيخ وأتى باردو على عادته غضّ الباي من جانبه وتنكر له ولم يجد ما كان يعهده، وأدبر اقباله، ورمقته أعين الانتقاد، وسلقته الألسن الحداد، إلى أن أزعجته المنية إلى اللحاق بطالبه أثر ذلك سنة 1202/ 1787».
مؤلفاته:
حاشية على العقيدة الوسطى للسنوسي.
رسالة في تحرير سمت القبلة.
ثماني رسائل حرر فيها مسائل من علم الكلام سأل عنها علماء قسنطينة، توجد بالمكتبة الوطنية وأصلها من مكتبة الخلدونية، ومنها ثلاث رسائل أصلها من المكتبة العبدلية ضمن مجموع.
ديوان شعر.
شرح موشحة ابن سهل «هل درى ضبي الحمى» بشرح أدبي لطيف التزم فيه تجربة الاستعارات البيانية واستخراج نكت البلاغة.
الكتاب الباشي، وهو كما يدل عليه عنوانه في تاريخ الباشا علي بن حسين باي من 1172/ 1759 إلى 1196/ 1782 كتبه في حياة هذا الأمير في سنة 1190/ 1776، وتكلم فيه عرضا عن تاريخ تونس من عهد الحفصيين، والدايات الأتراك والمراديين والحسينيين الأول، وهو يبتدئ بالحوليات المفصلة للإحدى عشر سنة الأولى لعلي بن حسين، وبالحملات ضد المتمردين، وبأحداث القصر، وبقصائد المديح لإحدى المناسبات، وهذه الحوليات تنقطع فجأة بعد الكلام عن قمع ثورة بجبل خمير قام بها دعي، وهي مشابهة لمغامرة الدعي الحفصي مما دعاه إلى ذكر تاريخ الحفصيين، والمعارك بين الأسبان والترك، واحتلال سنان باشا للبلاد ثم تأتي بعض التأملات عن عظمة وانحطاط الأسر المالكة مستلهمة من ابن خلدون كما في القسم الخاص بالحفصيين يتبعها بسطة عن أفراح وأتراح تونس خلال العصور. والكتاب لا يخلو من أهمية تاريخية لولا إثقاله بالمقتطفات الشعرية والنثرية (مقامات)، وبعد قرن رأى ابن أبي الضياف أن هذه المأثورات لا فائدة فيها حيث قال: «وقد اعتنى وزيره العلامة الكاتب أبو محمد حمودة بن عبد العزيز بتخليد مآثره ومحاسنه وأنبائه في تاريخه حتى كاد أن يلحق بالمداحين من الشعراء، ومجته العقول لذلك على بلاغته وجميل نسقه وبديع نسجه».
وقال في أوائل الجزء الأول من تاريخه عند تعرضه لمن اعتنى بتاريخ تونس من المتقدمين: «وجرى في مضمارهم العلامة الوزير الكاتب أبو محمد حمودة بن عبد العزيز إلا أن كتابه في أخبار مخدومه أبي الحسن الباشا على باي الحسيني - كما أشار إلى ذلك في كتابه المذكور - وذكر غيره استطرادا، وانتهى بانتهاء دولته فهو أشبه بالمديح».
ومصادره ليست موضع أي نقد وعند ما تتناقض يفضل المصادر الأحدث عهدا فيأخذ مثلا برأي الوزير السراج عوضا عن ابن أبي دينار، ورأي المخبرين الشفهيين المعاصرين قبل رواية المؤلفين الأموات، ودلائل هذا الاختيار عنده هي أنه يحب الأخذ بتصحيحات المؤلفين المحدثين لنصوص المؤرخين الذين سبقوهم، وفيما عدا ذلك فإن هؤلاء لا يكادون يغلطون.
وفي الكتاب صورة عن الحياة الاقتصادية والفكرية من الفتح التركي إلى عصر المؤلف.
حقق الجزء الأول منه (قسم السيرة) الشيخ محمد ماضور ونشرته الدار التونسية للنشر (تونس 1970)
كتاب تراجم المؤلفين التونسيين - الجزء الثالث - من صفحة 330 الى صفحة 335 - للكاتب محمد محفوظ