أحمد بن نصر الله بن باتكين القاهري محيي الدين
تاريخ الولادة | 614 هـ |
تاريخ الوفاة | 710 هـ |
العمر | 96 سنة |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
أحمد بن نصر الله بن باتكين محيي الدين القاهري. سمع حرز الأماني على سديد الدين عيسى بن أبي الرحم إمام جامع الحاكم.
كان شاعراً قادراً، ناظماً في فن الأدب ماهراً، كتب إلى أدباء عصره، وراجعه شعراء دهره، وكانت تدور بينهم كؤوس الأدب، لا كؤوس الجَنَب.
وأنشدني من لفظه العلاّمة أثير الدين، قال: أنشدني لنفسه:
أقسمتُ بالله وآياته ... يمينَ برٍّ صادق لا يمينْ
لو زِدْتَ قلبي فوق ذا من أذىً ... ما كنت عندي غير عيني اليمين
وأنشدني، قال: أنشدني لنفسه:
يا حفنَ مقلته سكرتَ فعربد ... كيف اشتهيتَ على فؤادي الكمد
ورميتَ عن قوس الفتور فأصبحت ... غَرَضاً لأسهمكَ القلوب فسدّدِ
لم تغضضِ الجفْن الكحيل تغاضياً ... إلاّ لتقتلنا بسهم مغمَدِ
من لم يَبتْ بعذاب حُبّك قلبه ... متنعّماً لا فاز منك بموعدِ
للصبّ أسوةُ خالٍ خدّك إنه ... متنعّمٌ في جَمره المتوقّد
قلت: هذا يشبه قول عفيف الدين التلمساني:
قلبي المنعّم في هواك بناره ... إنْ كان غيري في الهوى متألّم
للصبّ أسوةُ خالٍ خدّك إنه ... في جمره متوقّداً متنعِّم
وكتب أبو الحسين الجزار إليه مُلغزاً:
وما شيءٌ له نقشٌ ونفسٌ ... ويؤكل عَظْمه ويحكّ جلده
يؤدّبه الفتى إدراك سُؤْلٍ ... وقد يلقى به ما لا يؤدّه
ويأخذ منه أكثره بحقٍّ ... ولكن عند آخره يردّه
فكتب الجواب إليه محيي الدين المذكور:
أمولاي الأديب دعاء عبد ... ودود لا يحول الدهرَ ودّه
يرى محض الثناء عليك فَرضاً ... ولا يثني عِنان الشكر بُعده
لقد أهديتَ لي لغزاً بديعاً ... يضلّ عن اللبيب لديه رُشده
وقد أحكمتَه دُرّاً نَضيداً ... يُشنِّف مسمعي بالدُّرّ عقده
فشطرُ اللغز أخماسٌ ثلاث ... للغزكَ إنْ تُردْ يوماً أحدُّه
وباقيه مع التصحيف كسْبٌ ... إذا ما زدته حرفاً تعُدّه
هما ضدان يقتتلان وهْناً ... ويضطجعان في فرْش تمدُّه
هما جيشان من زنجٍ ورومٍ ... يُقابل كل قرنٍ منه ضدُّه
تقوم الحرب فيه كل حينٍ ... ولا تَدْمى من الوقعات جُندُه
ويشتدّ القتال به طويلاً ... ويحكم بالأصاغر فيه عقدُه
ويقتل ملكه في كل حينٍ ... ويبعثه النشاط فيستردُّه
وما يُنجي الهمامَ به حُسام ... وقد ينجي من الإتلاف بنده
ونصر الله في الهَيجا سجالٌ ... فمن شاء الإله به يمدُّه
وهذا كلُّه حَسْبَ اجتهادي ... وغاية فكرة الإنسان جُهْدُه
ونقلت من خطِّ الحافظ اليغموري قال: أنشدني محيي الدين أبو العبّاس الكاتب المصري لنفسه:
يا ناظراً في البيوت أعمى ... عن كل خيرٍ وكل برِّ
أسود كالفحم فهو مأوى ... كل شرار وكل شرِّ
ونفخ هذا الوزير فيه ... أحرقَ كل الورى بجمرِ
ولم يزل محيي الدين المذكور على حاله إلى أن فرّق الموت بينه وبين ذويه، وتصرّف الوارث فيما كان يحتويه.
وتوفي رحمه الله تعالى سنة عشر وسبع مئة.
وكان المذكور قد تناثرت أطرافه وحاق به تبذيره وإسرافه، فأصبح لأعدائه رحمة، وأنار الحزنُ عليه كل قلب قد قسا وصار كالفحمة. وهذا محيي الدين هو الذي نظم ذينك البيتين في ابن بنت الأعز، يكتب في الكتب اسمه وحده، وقد ذكرتهما في ترجمة قاضي القضاة تاج الدين بن بنت العز.
أعيان العصر وأعوان النصر- صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي (المتوفى: 764هـ).
أَحْمد بن نصر الله بن باتكين القاهري محيى الدّين كَانَ أديباً فَاضلا حدث بالشاطبية عَن عِيسَى بن أبي الجرم أَمَام جَامع الْحَاكِم بِسَمَاعِهِ من النَّاظِم وَهُوَ الَّذِي كتب إِلَيْهِ أَبُو الْحُسَيْن الجزار ملغزا فِي الشطرنج
(وَمَا شَيْء لَهُ نفس وَنَفس ... ويؤكل عظمه وَيحك جلده)
(يود بِهِ الْفَتى إِدْرَاك سَوَّلَ ... وَقد يلقى بِهِ مَا لَا يودّه)
(وَيَأْخُذ مِنْهُ أَكْثَره بحقٍ ... وَلَكِن عِنْد آخِره يردهُ)
وَهِي طَوِيلَة فَأجَاب بِأَبْيَات مِنْهَا
(لقد أهديت لي لغزاً بديعاً ... يضل عَن اللبيب لَدَيْهِ رشده)
(وَقد أحكمته درا نضيدا ... يشنف مسمعي بالدر عقده)
(فشطر اللغز أَخْمَاس ثَلَاث ... للغزك إِن ترد أَنى أحده)
وَاتفقَ أَنه نظم شَيْئا فِي الْبَحْر الْكَامِل فَأَخْطَأَ فِيهِ الْوَزْن فنقده عَلَيْهِ السراج الْوراق فَكتب إِلَيْهِ
(يَا جَابِرا كسر الضَّعِيف بِطُولِهِ ... ومصححاً مَعْلُول كل سقيم)
(لَا زلت تستر كل عيبٍ ظَاهر ... مني وتأسو داميات كلومي)
مَاتَ فِي سنة 710 كَذَا أرخه الصَّفَدِي وقرأت بِخَط الْكَمَال جَعْفَر أَنه توفّي فِي حُدُود سنة 710 قَالَ وَكَانَ مولده فِي جُمَادَى الأولى سنة 614 قَالَ وَكَانَ شَاعِرًا وجيهاً مبجلاً مدح الأكابر وَكتب عَنهُ الْفُضَلَاء من شعره كَأبي حَيَّان وَابْن القماح وَذكر النَّاسِخ الأخميمي أَنه رأى ابْن دَقِيق الْعِيد يجلّه ويجلسه فَوق نواب الحكم وَقَالَ أَبُو حَيَّان أَنْشدني لنَفسِهِ قصيدةً يمدح بهَا الصاحب فَخر الدّين ابْن الصاحب بهاء الدّين أَولهَا
(يَا جفن مقلته سكرت فعربد ... كَيفَ اشْتهيت على فُؤَادِي المكمد)
(ورميت عَن قَوس الفتور فَأَصْبَحت ... غَرضا لأسهمك الْقُلُوب فسدد)
(لم يغمض الجفن الكحيل تعاجباً ... إِلَّا لسوقنا لسيفٍ مغمد)
وَيَقُول فِيهَا
(لاموا على ظمأي عَلَيْك فَمَا دروا ... فِي مآء خدك مَا حلاوة موردي)
(أَنى يخَاف من استجار محبَّة ... بِمُحَمد بن عَليّ بن مُحَمَّد)
قَالَ وَكَانَ القَاضِي السنجاري يمِيل إِلَى شَاب يُسمى عمر الْألف فَبَلغهُ أَن ابْن باتكين أنْشدهُ فتهدده قَالَ ابْن باتكين فَأرْسل إِلَيّ فَجِئْته فَقَالَ يَا محيي الدّين الْعَدَالَة خرقَة رقيقَة وَبَلغنِي أَنه يلازمك شَاب يُقَال لَهُ يَا أرْحم فَقلت لَا وَالله يَا مَوْلَانَا بل يُقَال لَهُ الْألف وَوَاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ مَا يهواني بل أَنا أعشقه وَأجْرِي خَلفه من مَكَان إِلَى مَكَان فَضَحِك القَاضِي وصرت إِذا جَاءَنِي عمر أَقُول لَهُ رح إِلَى القَاضِي وَكَانَ القَاضِي تَاج الدّين ابْن بنت الْأَعَز يكْتب اسْمه بِغَيْر زِيَادَة فَيكْتب فِي آخر الورقة كتب عبد الْوَهَّاب وَكَانَ كثير التنقيب عَن الشُّهُود حَتَّى أسقط مِنْهُم طَائِفَة فَعمل فِيهِ ابْن باتكين (لَا تعجبوا كَثْرَة إِسْقَاطه ... فَإِنَّهُ أسقط حَتَّى أَبَاهُ)
فَبلغ ذَلِك التَّاج فَصَارَ يكْتب فلَان ابْن فلَان وَبَقِي فِي نَفسه من ابْن باتكين فتشفع إِلَيْهِ فَأَمنهُ وَطعن ابْن باتكين فِي السن وَحصل لَهُ فالج لى أَن مَاتَ فِي عشر الْمِائَة
-الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة لابن حجر العسقلاني-