أحمد بن عبد الدائم بن يوسف الكتاني الشرمساحي أبي يوسف شهاب الدين

تاريخ الولادة663 هـ
تاريخ الوفاة720 هـ
العمر57 سنة
مكان الولادةغير معروف
مكان الوفاةغير معروف
أماكن الإقامة
  • دمشق - سوريا

نبذة

أحمد بن عبد الدائم بن يوسف بن قاسم بن عبد الله بن عبد الخالق بن ساهل أمره شهاب الدين الكناني الشارمساحي، أبو يوسف. كان هجاماً هجا، وجاماً للأعراض رجا، أبى إلى دمشق في أيام القاضي الخوئي فيما أظن، ودفع إليه ورقة فيها هجوه، فلما رآها دفعها إليه وأعادها عليه.

الترجمة

أحمد بن عبد الدائم بن يوسف بن قاسم بن عبد الله بن عبد الخالق بن ساهل أمره شهاب الدين الكناني الشارمساحي، أبو يوسف.
كان هجاماً هجا، وجاماً للأعراض رجا، أبى إلى دمشق في أيام القاضي الخوئي فيما أظن، ودفع إليه ورقة فيها هجوه، فلما رآها دفعها إليه وأعادها عليه، فردها إليه ثانياً، فقال: يا مولانا كأنك ذاهل؟ فقال: بل عالم غير جاهل، فقال: ما الذي حملك على هذا؟ قال: رأيت الناس قد أجمعوا على كرهك، ووفود الشعراء على حرمك، ولست مجيداً في النظم فأعرف، واسمي أحمد فما أصرف، ولو مدحتك أعطيتني قليلاً ولم يعلم بي أحد، ولم يكن لي في الشهرة مُلتَحَد، فإذا هجوتك عَزرتني، وطوّفت بي وشهرتني، فيقال: هذا الذي هجا قاضي القضاة، وقابله بما لا ارتضاه، فأحس القاضي رحمه الله تعالى صِلَتَه وأسناها، وعلم أن هذا له طِباعٌ لا ينتهي عن الشر ولا يتناهى.
ولمّا عُزل القاضي شمس الدين محمد بن عدلان عن القضاء عند ورد الملك الناصر من الكرك، صنع قصيدة، فتح فيها من الخجو القبيح وصيدَه، فاجتمع به وقال له: يا سيّدنا.
والله ما سرَّني عزلُ ابنِ عدلان.
فقال له الشيخ شمس الدين: حاشاكم يا مولانا جزاكم الله خيراً، فقال: من غير صَفعٍ ولا والله أرضاني.
فقال: قبَحك الله يا نَجِس. وله تلك القصيدة التي أولها:
متى يسمعُ السلطانُ شكوى المدارس ... وأوقافُها ما بين عافٍ ودارس
وكان الشيخ العلاّمة أثير الدين قد توجَّه إلى الإسكندرية، فوقع الشَّناعُ أنه غرق في النيل، ودفن بقربه " بولة " وهي قرية على شاطئ النيل، فقال أبياتاً منها:
وقَد دَفنوا ذلك الخراء ببولةٍ ... وحُقً لذاك المَيتِ تلك المقابرُ
أنشدني من لفظه لنفسه شيخنا العلاّمة أبو حّيان، قال: أنشدني المذكور لنفسه بدمياط سنة أربع وتسعين من قصيدة:
فُحَجّبةً بين التَّرائب والحَشا ... فدمعي لها طلقٌ وقلبي بها رَهنُ
وحالُ الهوى ما ليس يُدرَك كُنههُ ... وهل هو وهمٌ يعتري القلب أو وهن
ومسلكُه بالطَّرفِ سَهلٌ وإنما ... له مَنهَج أعيا القُلوبَ به حُزنُ
لديه الأماني بالمنايا مَشُوَبةٌ ... وفيه الرّجا والخوفُ واليأسُ والأمنُ
وكم مَهلَكٍ فيه يقينٌ لعاشقٍ ... ومَطلبُه من دونهِ في الورى ظنٌ
وبالسند المذكور أيضاً قوله:
تَخشى الظُّبى والظَّبا من فتكِ ناظره ... وإن تثنى فلا تسأل عن الأسلِ
ولا وَاخذَ الله عينيه فقه نشطت ... إلى تلاقي وفيها غايَةُ الكَسَلِ
ترمي القلوبَ فما تدري أقامَها ... هاروتُ أم ذاك رامٍ من بني ثُعَلِ
هذا الغزالُ الذي راقت محاسنُه ... فلا عجيبٌ عليه رقَّةُ الغَزَلِ
لما تواليتُ مِن وَجدٍ ومِن شغفٍ ... تَحقَّقَ النّاسُ أني مُغرَمٌ بعَلي
وبالسند المذكور أيضاً قوله:
لا تعجبوا للمجانيقِ التي رَشقت ... عكّا بنارٍ وهدَّتها بأحجَارِ
بل اعجبوا للسانِ النار قائلة ... هدي منازلُ أهلِ النَّارِ في النَّارِ
قلت: أحسنُ منه ما أنشدنيه لنفسه شخنا العلاّمة أبو الثناء محمود:
مررتُ بعكا عِند تَعليقِ سُورها ... وزندُ أوارِ النَّارِ مِن تحتها وارِ
فعاينتها بعد التنصُّرِ قد غَدَت ... مَجوسيّة الأحجارِ تَسجُدُ للنَّارِ
قلت: وعلى الجملة فكان الشارمساحي شاعراً جيداً.
ولم يزل يمدح ويهجو ويسنح ويرجو إلى أن سكنت شقاشقُه، وركنت إلى الخَرَسِ رواشقُه، توفي رحمه الله تعالى في حدود العشرين وسبع مئة.
ومولده سنة ثلاث وستين وست مئة.
أعيان العصر وأعوان النصر- صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي (المتوفى: 764هـ).

 


أَحْمد بن عبد الدَّائِم بن يُوسُف بن قَاسم بن عبد الله بن عبد الْخَالِق بن ساهل أمره الكتاني شهَاب الدّين الشرمساحي أَبُو يُوسُف الشَّاعِر ولد سنة 663 وتعانى النّظم فمهر وَكَانَ سخي النَّفس وَله مُرُوءَة وَلم تكن طَرِيقَته محمودة روى عَنهُ من شعره أَبُو الْفَتْح الْيَعْمرِي وَأَبُو حَيَّان وَغَيرهمَا مِنْهُم السُّبْكِيّ وَكَانَ شَاعِرًا مَشْهُورا مُولَعا بالهجاء حَتَّى أَنه لما دخل دمشق قدم لقاضيها شهَاب الدّين الخويي قصيدة هجو فَردهَا إِلَيْهِ وَقَالَ كَأَنَّك ذاهل قَالَ بل لست بذاهل بل صنعت ذَلِك عمدا لأشتهر لِأَنِّي رَأَيْت النَّاس اجْتَمعُوا على الثَّنَاء عَلَيْك فَرَأَيْت أَن أخالفهم فَإِنِّي لَو مدحتك فأعطيتني لم يشْعر بِي أحد فَإِذا هجوتك وعزرتني يُقَال مَا هَذَا فَيُقَال هَذَا غَرِيم القَاضِي فأشتهر فوصله وَعَفا عَنهُ وَحضر إِلَى ابْن عَدْلَانِ لما عزل عَن نِيَابَة الحكم فأنشده
(وَالله مَا سرني عزل ابْن عَدْلَانِ ... )
فَقَالَ لَهُ جزيت خيرا فَقَالَ
(من غير صفع وَلَا وَالله أرضاني)
فَقَالَ قبحك الله يَا نحس قَالَ الْكَمَال جَعْفَر أنْشد هَذَا بِحَضْرَة الْأَمِير مُوسَى بن الْملك الصَّالح وَكَانَ يشكي إِلَيْهِ فَضَربهُ فَكَانَ ذَلِك سَبَب إشاعته القصيدة الْمَذْكُورَة وَهُوَ صَاحب القصيدة الْمَشْهُورَة
(مَتى يسمع السُّلْطَان شكوى الْمدَارِس ... وأوقافها مَا بَين عاف ودارس)
وأفحش فِيهَا من هجو القَاضِي بدر الدّين بن جمَاعَة وَرمى وَلَده فِيهَا بعظائم غالبها كذب وبهتان يَقُول فِيهَا
(يَمُوت عديم الْقُوت بِالْجُوعِ حسرة ... ويشبع بالأوقاف أهل الطيالس)
(فَمَا أجد إِلَّا وحسو حسابه ... من الْغبن نَار دونهَا نَار فَارس)
(وَهَذَا ابْن قَاضِي الْمُسلمين مُوكل ... بلعق وَرَاح فِي ظلام الحنادس)
(وَمَا ذَاك إِلَّا أَن وَالِده امْرُؤ ... جنوح لما يرضى بِهِ غير عَابس)
(وَإِن رام مِنْهُ مَال وقف يضيعه ... فَمَا هُوَ للأموال عَنهُ بحابس)
(ونعذرو نجلا هام فِي زمن الصَّبِي ... بِكُل صبي فاتر الطّرف ناعس)
(فكم صَاد غزلاناً من التّرْك دونهَا ... فوارس حَرْب يَا لَهَا من فوارس)
(وَكم بَاعَ أَمْوَال الْيَتَامَى لقربها ... توسد للمردان فَوق الطنافس)
(فسل مُودع الْأَيْتَام مَا صَنَعُوا بِهِ ... وَقد كنسوه عَامِدًا بالمكانس)
(وجامع طولون فَمَا كَانَ وَقفه ... لَهُ إِذا تاه غير لحسة لاحس)
فَلَمَّا شاعت هَذِه القصيدة طلبه القَاضِي فسجنه فَقَامَ فِي حَقه أيدغدى شقير حَتَّى خلصه مِنْهُ وَذَلِكَ فِي جُمَادَى الأولى سنة 713 قَالَ الْكَمَال جَعْفَر كَانَ شَاعِرًا مجيداً وَفِيه عروبية ومكرمة وَكَانَ كثير الهجو حصل لَهُ بِسَبَبِهِ التَّعَب سمع مِنْهُ من نظمه الْمَشَايِخ كَأبي حَيَّان وان سيد النَّاس وَكَانَ ينْتَقل فِي الْبِلَاد لَا يتحَرَّى طَرِيق الرشاد وَالله لَا يحب الْفساد قَالَ وَلما نظم القصيدة السينية لم يَقع لَهُ فِيهَا جيد إِلَّا المطلع وَقيل أَنه أَعَانَهُ عَلَيْهَا جمَاعَة وحاصلها فجور وبهتان دله على نظمها الشَّيْطَان فَصَارَت حَالَته بعْدهَا مذمومة فَإِن لُحُوم الْعلمَاء مَسْمُومَة فلج إِلَى منفلوط فعاجلته الْمنية وَهُوَ الْقَائِل
(لَا وَأخذ الله عَيْنَيْهِ فقد نشطت ... إِلَى تلافي وفيهَا غَايَة الكسل)
(ترمي الْقُلُوب فَمَا تَدْرِي أَقَامَ بهَا ... هاروت أم قَامَ رام من بني ثعل)
وَله
(رَأَيْت الشهَاب وَقد حل بِي ... قفا الْفَتْح من طرب هازلا)
(وَمَا برح الْبَحْر من دأبه ... طوال المدى يلطم الساحلا)
وَهُوَ الْقَائِل
(لَا تعجبوا للمجانيق الَّتِي رشقت ... عكا بِنَار وهدتها بأحجار)
(بل اعجبوا للسان النَّار قائلة ... هذي منَازِل أهل النَّار فِي النَّار)
وَهُوَ الْقَائِل لما تسلطن المظفر بيبرس وزالت دولته عَن قرب وَفِي مدح النَّاصِر بقصيدة أَولهَا
(ولي المظفر لما فَاتَهُ الظفر ... وناصر الدّين وافى وَهُوَ منتصر)
(فَقل لبيبرس أَن الله ألبسهُ ... أَثوَاب عَارِية فِي طولهَا قصر)
(لما تولى تولى الْخَيْر عَن أُمَم ... لم يحْمَدُوا أَمرهم فِيهَا وَلَا شكروا)
(وَكَيف يمشي بِهِ الْأَحْوَال فِي زمن ... لَا النّيل وافى وَلَا وافاهم مطر)
(وَمن يقوم ابْن عَدْلَانِ بنصرته ... وَابْن المرحل قل لي كَيفَ ينتصر)
مَاتَ فِي حُدُود الْعشْرين وَله بضع وَسَبْعُونَ سنة وَقد ولد سنة 653 كَذَا رَأَيْته بِخَط بعض النَّاس ثمَّ رَأَيْته بِخَط من يوثق بِهِ مَا كنت كتبته أَولا سنة 663
-الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة لابن حجر العسقلاني-