إبراهيم بن محمود بن سلمان الحلبي جمال الدين أبي إسحاق

تاريخ الولادة676 هـ
تاريخ الوفاة760 هـ
العمر84 سنة
أماكن الإقامة
  • حلب - سوريا
  • دمشق - سوريا
  • القاهرة - مصر

نبذة

إِبْرَاهِيم بن مَحْمُود بن سلمَان بن فَهد الْحلَبِي جمال الدّين ولد سنة 676 فِي شعْبَان وَسمع من الدمياطي والأبرقوهي وَحدث عَن أَبِيه وَأَجَازَ لَهُ الْفَخر وَزَيْنَب بنت مكي حَدثنَا عَنهُ الشَّيْخ برهَان الدّين الشَّامي وَغَيره وَكَانَ قدومه الْقَاهِرَة من حلب صُحْبَة أَبِيه فَكتب فِي الْإِنْشَاء.

الترجمة

إِبْرَاهِيم بن مَحْمُود بن سلمَان بن فَهد الْحلَبِي جمال الدّين ولد سنة 676 فِي شعْبَان وَسمع من الدمياطي والأبرقوهي وَحدث عَن أَبِيه وَأَجَازَ لَهُ الْفَخر وَزَيْنَب بنت مكي حَدثنَا عَنهُ الشَّيْخ برهَان الدّين الشَّامي وَغَيره وَكَانَ قدومه الْقَاهِرَة من حلب صُحْبَة أَبِيه فَكتب فِي الْإِنْشَاء وَكَانَ عَلَاء الدّين بن الْأَثِير يأنس بِهِ ويركن إِلَيْهِ وَاسْتقر هُوَ فِي كِتَابَة السرّ بحلب بعد عزل عماد الدّين ابْن القيسراني فباشرها سِتّ عشرَة سنة إِلَى أَن صرف بتاج الدّين ابْن الزين حضر فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ ثمَّ رتب فِي ديوَان الْإِنْشَاء بِدِمَشْق إِلَى أَن صرف ابْن أَخِيه شرف الدّين أَبُو بكر عَن كِتَابَة السرّ بهَا فعزل هُوَ بعزله وَأقَام فِي بَيته ثمَّ نَاب فِي ديوَان الْإِنْشَاء بِمصْر عَن عَلَاء الدّين بن فضل الله وباشر توقيع الدست ثمَّ أُعِيد إِلَى كِتَابَة السرّ بحلب فِي سنة 47 ثمَّ عزل بِابْن السفاح ثمَّ أُعِيد وَكَانَ ابْنه كَمَال الدّين يسدّ عَنهُ إِلَى أَن صرف فِي ربيع الأول سنة 59 وَاسْتمرّ بطالا إِلَى أَن مَاتَ يَوْم عَرَفَة أَو قبله فِي لَيْلَة سابعة وأرخه شَيخنَا فِي شَوَّال سنة 760 وَالْأول أقوى لِأَنَّهُ قَول الصَّفَدِي وَهُوَ أخبر بِهِ وَمن قَوْله شعره
(إِن اسْم من أهواه تصحيفه ... وصف لقلب المدنف العاني)
(وشطره من قبل تصحيفه ... يُعَاد فِيهِ المذنب الْجَانِي)
وَفِيه يَقُول الشريف ابْن قَاضِي الْعَسْكَر
(إِن مَحْمُود وَابْنه ... بهما تشرف الرتب)
(فدمشق بذا سمت ... وَبِهَذَا سمت حلب)
-الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة لابن حجر العسقلاني-

 

 

إبراهيم بن محمود بن سلمان بن فهد الحلبي
القاضي الرئيس الكاتب البليغ جمال الدين أبو إسحاق كاتب السر الشريف بحلب، أحد من كتب المنسوب الفائق، وأبرزه وهو أتقى من الأحداق، وأنقُ من الحدائق، كأنه طروسه خمائل، وسطوره أعطافُ غيد موائل، لا يشبع الناظر من تأملها، ولا تشكو القلوب من تحملها وتجملها، وإلى أخلاقٍ يتعلم منها نسيم الصبا، وتثني عليها النفحاتُ من زهر الربا، ومفاكهةٍ ألذ من مسامرةً الحبيبِ، وأشهى من التشفي بأذى الحسود والرقيب.
وكان يستحضر كثيراً من شعر المتأخرين، وتراجم أهل الآداب والصلاح من المعاصرين، وله نظم يروق ونثر يفوق.
ولم يزل يتولى ويعزل من كتابة السر، ويفعل ما تصل إليه مقدرته من البر، إلى أن حل به الحين، واتخذ له من باطن الأرض أين.
وتوفي رحمه الله تعالى في يوم عرفة سنة ستين وسبع مئة.
ومولده سنة ست وسبعين وست مئة في شعبان.
وكان قد توجه مع والده إلى الديار المصرية، وباشر هناك كتابة الإنشاء، وسمع من الأبرقوهي وغيره في ذلك العصر، وكان القاضي علاء الدين بن الأثير يألف به ويأنس ويركن إليه، ولما عزل القاضي عمادُ الدين بن القيسراني من كتابة سر حلب: جهز القاضي جمال الدين إليها، فأقام بحلبَ قريباً من ست عشرة سنة، وعزله الملك الناصر محمد بن قلاوون بتاج الدين ابن زين.
حضر في واقعة لؤلؤ مع الحلبيين سنة ثلاث وثلاثين وسبع مئة، وطلب إلى القاهرة، ورسم عليه في دار الوزارة مُدة مديدة، ثم أفرج عنه.
ولما توجه الأمير سيف الدين تنكز رحمه الله تعالى إلى مصر في بعض سفراته، طلبه من السلطان، فرتب في جملة كتاب الإنشاء بدمشق، وصاحب الديوان إذ ذاك ابن أخيه القاضي شرف الدين أبو بكر، فأقام بها إلى أن عزل ابن أخيه، وعزل هو بعزله، فأقام في بيته بطالاً إلى أن طلبه السلطان الملك الناصر محمد إلى مصر، فتوجه إليها، فأقام هناك بطالاً في سنة ثمان وثلاثين وما بعدها إلى أن توفي صلاح الدين يوسف بن عبيد الله فرتب عوضه في كتاب الإنشاء بمصر، وسلم إليه القاضي علاء الدين بن فضل الله ديوان الإنشاء بمصر، فكان ينوبه في ذلك، ثم إنه رتب في توقيع الدستِ قُدام السلطان، وقدام النائب.
ولما تلوى القاضي ناصر الدين بن يعقوب كتابة السر بدمشق في سنة سبع وأربعين وسبع مئة، رسم للقاضي جمال الدين بعوده إلى كتابة سر حلب، فتوجه إليها مرة ثانية، ولم يزل بها إلى أن عزل بالقاضي زين الدين عمر بن أبي السفاح في جمادى الأولى سنة تسع وأربعين وسبع مئة، ورتبَ له ما يكفيه، ثم عزل ابن السفاح بالقاضي شهاب الدين الشريف، فأقام قليلاً، وعزل في جمادى الأولى سنة اثنتين وخمسين وسبع مئة، وأعيد القاضي جمال الدين إلى كتابة سر حلب ثالث مرة، ولم يزل بها وابنه القاضي كمال الدين محمد يسد الوظيفة إلى أن عزل القاضي بدر الدين محمد ناظرُ الجيش بحلب، وهو ابن القاضي جمال الدين. وطلب هو ابنه وابن أخيه إلى مصر في شهر ربيع الأول سنة تسع وخمسين وسبع مئة، فرسم بعزله عن كتابة السر، ورتب له في كل شهر مبلغ خمس مئة درهم، ورسم لي أنا بالتوجه إلى كتابة سر حلب مكانه، وأقام هو في بيته على راتبه إلى أن توفي رحمه الله تعالى فكتبت أنا إلى ولده القاضي كمال الدين محمد إعزيه فيه:
مضى من كان للدنيا جمالاً ... فعزوا في مصيبته الكمالا
كمال الدين لا تجزع وسلم ... لأمر شاءهُ الباري تعالى
أبوكَ مضى ولم نعرف نظيراً ... لهُ فيما حواهُ ولا مثالا
تعالى في مناصبه ولكن ... تواضع عند ذاك وما تعالى
وكان له إلى الفقراء ميلٌ ... أنا لهم به جاهاً ومالاً
فما عرفوا سؤالاً منه إذ لم ... يكن من غيره لهمُ سوى لا
فما يوماً نوى لا في نداهم ... وبرهم وأولاهم نوالا
وما مالاً على أحد رآه ... عليه الدهرُ قد أخنى ومالا
وكم والى أخا ضعف وفقر ... وأولاه المبرة ثم والى
بود ما تغير قط يوماً ... على من يصطفيه ولا استحالا
ولطفٍ كالنسيم أتى رياضاً ... فهب على أزاهرها شمالاً
وعمر مدة يروي حديث ال ... رسول وكأن ذاك له اشتغالا
وكم من سيرة للمصطفى قد ... تأنق في كتابتها وطالا
أبرزها كخودٍ في حلي ... تهاوت في تثنيها دلالا
وما بالي بصربٍ أو بعزل ... ولم يشغل له في ذاك بالاً
توكل في الأمورِ على إله ... يدبر شأنه حالاً فحالا
تولى السر في حلبٍ زماناً ... فما احتاجت جلاداً أو جدالاً
وأغني الجيش عن حركات غزو ... لما ركبوا السهولة والجبالا
ووفرهم فما هزوا رماحاً ... ورفعهم فما سلوا نصالا
وكم قد ساس في سيس أموراً ... رأى تكفورها فيها الخبالا
فينظر يقظة خيلاً ورجلاً ... وتغروه مهابتهم خيالاً
برأي كالحسام الغضب ماض ... أفادته تجاربه صقالاً
وخط لو رآه الزهر غضاً ... لجود تحت أحرفه مثالا
ونثر تكرعُ الأسماع فيه ... على ظمأ فترشفه زلالا
وكم نظم ترقرق في انسجام ... فلولا الطرس يمسكه لسالا
فل نر مثل هاتيك السجايا ... ولا أزهى ولا أزكى خلالا
أفاض الله من كرم عليه ... مدى الأيام رحمه سجالاً
وكتبتُ مع هذه الأبيات نثراً ذكرته في الجزء السادس والأربعين من التذكرة لي.
وكتب هو إلي لغزاً، وأنا وهو في القاهرة سنة خمس وأربعين وسبع مئة:
إن اسم من أهواه تصحيفه ... وصفٌ لقلب المدنف العاني
وشطره من قبل تصحيفه ... يقاد فيه المذنب الجاني
وإن أزلت الربع منه غدا ... مصحفاً لي منه ثلثانِ
وهو إذا صحفته ثانياً ... اسم المحبوب لنا ثاني
فكتبتُ أنا الجواب إليه عن ذلك وهو في غلبك:
لعزك يا من رؤيتي وجهه ... تكحل بالأنوار أجفاني
هذي ضميري لحمي حله ... وأيد القول ببرهاني
إن زال منه الربع مع قلبه ... فإنه للمذنب الجاني
عليك تصحيفُ الذي رمته ... فالقلب في تصحيفه الثاني
ويبني وبينه محاورات ومكاتبات ذكرتها في كتابي ألحان السواجع
أعيان العصر وأعوان النصر- صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي (المتوفى: 764هـ).