محمود بن يونس بن يوسف الخطيب شرف الدين

الحكيم الأعرج

تاريخ الوفاة1008 هـ
مكان الوفاةدمشق - سوريا
أماكن الإقامة
  • مكة المكرمة - الحجاز
  • دمشق - سوريا

نبذة

مَحْمُود بن يُونُس بن يُوسُف الملقب شرف الدّين الْخَطِيب الطَّبِيب رَئِيس الاطباء وخطيب الخطباء بِدِمَشْق الشهير بالحكيم الاعرج الحنفى الْمَشْهُور قرآ فى الْفِقْه على الشَّيْخ عبد الْوَهَّاب خطيب الْجَامِع الاموى وفى الطِّبّ على أَبِيه وفى القراآت والتجويد على الشهَاب الطيبى وَولى امامة الْمَقْصُورَة بالاموى سِنِين.

الترجمة

مَحْمُود بن يُونُس بن يُوسُف الملقب شرف الدّين الْخَطِيب الطَّبِيب رَئِيس الاطباء وخطيب الخطباء بِدِمَشْق الشهير بالحكيم الاعرج الحنفى الْمَشْهُور قرآ فى الْفِقْه على الشَّيْخ عبد الْوَهَّاب خطيب الْجَامِع الاموى وفى الطِّبّ على أَبِيه وفى القراآت والتجويد على الشهَاب الطيبى وَولى امامة الْمَقْصُورَة بالاموى سِنِين ثمَّ فرغ عَنْهَا للشَّيْخ نَاصِر الدّين الرملى الآتى ذكره ان شَاءَ الله تَعَالَى وَولى خطابة الاموى شركَة الشَّيْخ يحيى البهنسى ثمَّ جَاءَ بِحكم سلطانى أَن لَا يخْطب الْعِيدَيْنِ الا هُوَ ثمَّ تفرغ آخر الامر عَن شطر الخطابة لشَرِيكه الشَّيْخ يحيى الْمَذْكُور وَحج فى سنة سبع وَتِسْعين وَتِسْعمِائَة فَأخذ عَن عَالم مَكَّة الشهَاب أَحْمد بن حجر الهيثمى وَعَن الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن ابْن فَهد وَغَيرهمَا ودرس بالخاتونية وبالجقمقية وَكَانَ يستلف أجور أوقافهما وَكَانَ لَهُ تبذبر وَسُوء تَدْبِير فى معيشته وعَلى كل حَال فقد كَانَ مَذْمُوم السِّيرَة مَعْرُوفا بِالْكبرِ وَالْخُيَلَاء وَكَانَ يتجرى على الْفَتْوَى مَعَ أَنه كَانَ يقصر عَن رتبتها وَوَقعت لَهُ محنة بِسَبَب فتيا انحرف عَلَيْهِ بِسَبَبِهَا قاضى الْقُضَاة الْمولى مصطفى بن بُسْتَان ورد عَلَيْهِ الْفَاضِل أَحْمد بن اسكندر أحد جمَاعَة القاضى الْمَذْكُور فى رِسَالَة قرظ عَلَيْهَا عُلَمَاء ذَلِك الزَّمَان مِنْهُم السَّيِّد مُحَمَّد بن خصيب وَتقدم تقريظه وَمِنْهُم البورينى وَمن جملَة مَا قَالَه فى تقريظه وَقد وقفت على هَذِه الرسَالَة وقُوف وامق على مرابع عذرا وأجلت طرف طرفى فى مضمار بلاغتها اجالة ابْن عباد لحظه فى مراتع الزهرا
(ونادمتها وَاللَّيْل مرخ ستوره ... كأنى جميل زار ربع بثينة)
فَمَا زلت أغترف من حياضها وأقتطف من رياضها رَاوِيا عَنْهَا غيث الادب الذى انسجم نَاقِلا عَنْهَا الفصحاء الْعَرَب مَا يزرى بلامية الْعَجم قَائِلا لله در مؤلفها فَلَقَد فتح من البلاغة بَابا مقفلا ومنح من صِحَاح أَلْفَاظه لاهل الادب مُجملا ومفصلا بيد أَنَّهَا ترجمت عَن أَوْصَاف صَادِقَة على مَوْصُوف وَحدثت عَن اقتراف من هُوَ بالمنكر مَعْرُوف فتعجبت من بعد المبنى عَنهُ مَعَ قرب الْمَعْنى وأفكرت فى كَمَال يجْتَمع مَعَ النَّقْص فى منزل ومغنى فَقلت أما الاوصاف فانها عَلَيْهِ صَادِقَة وَأما الالفاظ بفضلته غير لائقة فَعلمت أَن ذَلِك كَمَا يحْكى عَن أَبى زيد الذى كَانَ تعارجه لكيد وصيد وَمن أَيْن هَذِه التراكيب لمن انحل تركيبه واختل مَا بَين أهل الْكَمَال ترتيبه ولعمرى لقد حدث عَنهُ لِسَان الرسَالَة فوعى من الْكثير قَلِيلا وَاخْتصرَ فى ايضاح بَيَانه والمتن يحْتَمل شرحا طَويلا على أَن فى اعتذار الْمُؤلف عَن عدم التكثير مندوحة بقوله والقطرة تنبئ عَن الغدير اعلاما بِأَن البعرة تدل على الْبَعِير اشارة الى وقُوف السقطات وَكَثْرَة المخازى والجهالات فَمن ذَلِك رِوَايَته للْحَدِيث من غير معرفَة كَلَام الْعَرَب ودخوله قَوْله من كذب هَذَا مَعَ عدم الاجازة الْمَأْخُوذَة لرِوَايَة الحَدِيث لَا فى زَمَنه السَّابِق وَلَا فى وقته الحَدِيث وَمِنْهَا أَنه يدعى الْوَعْظ وَلَيْسَ متعظا وَمِنْهَا مداومته على اغتياب من شِمَاله أندى من يَمِينه وغثه مَا زَالَ أَنْفَع من سمينه فالى مَتى يقْرض الاعراض السليمه وهلا اشْتغل باحواله الحائلة السقيمة لَيْت شعرى أى بَاب من الزلل مَا دخل اليه وأى نوع من الخطل مَا أَقَامَ عاكفا عَلَيْهِ على أَنه من يغتابه من المذمة سليم خَالص وَمَا زَالَ يتَمَثَّل بقول الشَّاعِر
(واذا أتتك مذمتى من نَاقص ... )
وَمِنْهَا جُلُوسه مَعَ زعنفة لم تحنكهم التجارب وَلم يزِيدُوا فى الْفضل على صبيان الْمكَاتب موهما أَنه انتظم فى سلك الافاضل مخيلا أَنه ورد من مياه الْفضل أعذب المناهل مفاخرا بالاشعار الَّتِى لَو أنصف دَفعهَا الى أَهلهَا وَلما تكلّف من غير انْتِفَاع بهَا مشقة حملهَا فَهُوَ جَالس بَين الْقُبُور طَالبا للنزال أَو كملهوف الى الْورْد قانعا بالآل عَن الزلَال
(واذا مَا خلا الجبان بِأَرْض ... طلب الطعْن وَحده والنزالا)
وَمِنْهَا أَنه يشمخ بِأَنْفِهِ على عِصَابَة هم جمال الانام وبمثلهم تفتخر الليالى والايام مَعَ حقارة مَتَاعه وَقصر بَاعه فيالله الْعجب مِمَّن سقط عَن مرتبَة الطّلب كَيفَ يترقى الى معالى الرتب
(مَا لمن ينصب الحبائل أَرضًا ... ثمَّ يَرْجُو بِأَن يصيد الهلالا)
فيا أَيهَا الناكب عَن طَرِيق الصَّوَاب الذَّاهِب فى غير مَذَاهِب أولى الالباب وَيحك الى مَتى تتوكأ على العكاز وتدعى بَين النَّاس أَنَّك من أهل البرَاز وَيلك هلا وقفت فى مجازك وَمَا تعديت من حقيقتك الى مجازك
(وَمن جهلت نَفسه قدره ... رأى غَيره مِنْهُ مَا لَا يرى)
ولعمرى لقد كَاد زيفك أَن يروج وَقربت على عرجك من العروج لَكِن قبض الله لَك ناقدا بَصيرًا وعالما كَامِلا خَبِيرا فأظهر عوارك الذى كنت تخفيه وَأبْدى من حالك مَا لم تكن تبديه وَذَلِكَ عَلامَة الْمُحَقِّقين بِلَا نزاع وخاتمة المدققين من غير دفاع هُوَ من أَقُول فِيهِ من غير وَلَا تمويه
(هَذَا الْهمام الذى من عز سطوته ... أَمْسَى الذى رام ظلم الْخلق مبتذلا)
(هَذَا الذى مذ بدا فى الشَّام صافحها ... كف السرُور وعنها الْهم قد رحلا)
(قاضى الْقُضَاة ابْن بُسْتَان الذى شملت ... عواطف الْفضل مِنْهُ السهل والجبلا)
(قد انجلت عِنْده كل الامور كَمَا ... عَن البرايا ظلام الظَّالِمين جلا)
(من در مَنْطِقه أَو نور طلعته ... طول الزَّمَان يحلى السّمع والمقلا)
انْتهى قَالَ النَّجْم وَكَانَ حسن الصَّوْت الا انه كَانَ يلحن فى قِرَاءَته ويطرب فى خطبَته ويطيل بِسَبَب ذَلِك وَكَانَ النَّاس يمقتونه ويسبونه بِسَبَب التَّطْوِيل وَكَانَ يلبس عِمَامَة كَبِيرَة مكورة وَله عرج وَقصر وَهُوَ مَعَ ذَلِك يتبختر ويتخذ غُلَاما أَمْرَد من أَبنَاء النَّاس يمشى خَلفه وَرُبمَا يلْتَفت ويخاطبه فى الطَّرِيق وكل مِنْهُمَا يرفل فى زينته وَكَانَ يعرف التركية واذا تكلم بهَا تبجح ازراء بأبناء الْعَرَب وَهُوَ لَيْسَ الا مِنْهُم وَكَانَت فضيلته جزئية الا أَن جراءته كُلية وَكَانَ اخْتَلَّ مزاجه مُدَّة تقرب من سنتَيْن وَحصل لَهُ طرف من الفالج ثمَّ مَاتَ فجاءة يَوْم الِاثْنَيْنِ سَابِع وعشرى شعْبَان سنة ثَمَان بعد الالف وَدفن بمقبرة بَاب الصَّغِير
ــ خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر.