عمرو بن سلمة أبي حفص النيسابوري

تاريخ الولادةغير معروف
تاريخ الوفاة270 هـ
مكان الولادةغير معروف
مكان الوفاةغير معروف
أماكن الإقامة
  • خراسان - إيران
  • نيسابور - إيران

نبذة

أبي حَفْص النَّيْسَابورِي واسْمه عَمْرو بن سلم وَيُقَال عَمْرو بن سَلمَة وَهُوَ الْأَصَح إِن شَاءَ الله. فقد رَأَيْت بِخَط جدي إِسْمَاعِيل بن نجيد قَالَ أبي عُثْمَان بن إِسْمَاعِيل سَأَلت أستاذي أَبَا حَفْص عمر بن سَلمَة وَهُوَ من أهل قَرْيَة يُقَال لَهَا كورداباذ على بَاب مَدِينَة نيسأبير إِذا خرجت إِلَى بُخَارى. صحب عبيد الله بن مهْدي الأبيوردي وعليا النصراباذي

الترجمة

أبي حَفْص النَّيْسَابورِي واسْمه عَمْرو بن سلم وَيُقَال عَمْرو بن سَلمَة وَهُوَ الْأَصَح إِن شَاءَ الله.
فقد رَأَيْت بِخَط جدي إِسْمَاعِيل بن نجيد قَالَ أبي عُثْمَان بن إِسْمَاعِيل سَأَلت أستاذي أَبَا حَفْص عمر بن سَلمَة وَهُوَ من أهل قَرْيَة يُقَال لَهَا كورداباذ على بَاب مَدِينَة نيسأبير إِذا خرجت إِلَى بُخَارى.
صحب عبيد الله بن مهْدي الأبيوردي وعليا النصراباذي ورافق أَحْمد بن خضرويه الْبَلْخِي وَكَانَ أحد الْأَئِمَّة والسادة انْتَمَى إِلَيْهِ شاه بن شُجَاع الْكرْمَانِي وَأبي عُثْمَان سعيد بن إِسْمَاعِيل
توفّي سنة سبعين وَمِائَتَيْنِ وَيُقَال سنة سبع وَسِتِّينَ وَالله أعلم
قَرَأت بِخَط أبي عَمْرو بن حمدَان قَالَ سَمِعت أبي يَقُول قَالَ أبي حَفْص الْمعاصِي بريد الْكفْر كَمَا أَن الْحمى بريد الْمَوْت
قَالَ وَقَالَ مخمش الْجلاب صَحِبت أَبَا حَفْص اثْنَتَيْنِ وَعشْرين سنة مَا رَأَيْته ذكر الله تَعَالَى على حد الْغَفْلَة والانبساط وَمَا كَانَ يذكرهُ إِلَّا على سَبِيل الْحُضُور والتعظيم وَالْحُرْمَة فَكَانَ إِذا ذكر الله تَغَيَّرت عَلَيْهِ حَاله حَتَّى كَانَ يرى ذَلِك مِنْهُ جَمِيع من حَضَره
قَالَ وَقَالَ مرّة وَقد ذكر الله تَعَالَى وَتغَير عَلَيْهِ حَاله فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ مَا أبعد ذكر الْمُحَقِّقين فَمَا أَظن أَن محقا يذكر الله عَن غير غَفلَة ثمَّ يبْقى بعد ذَلِك حَيا إِلَّا الْأَنْبِيَاء فَإِنَّهُم أيدوا بِقُوَّة النُّبُوَّة وخواص الْأَوْلِيَاء بِقُوَّة ولايتهم
قَالَ وَكَانَ أبي حَفْص يَقُول من إهانة الدُّنْيَا أَنِّي لَا أبخل بهَا على أحد وَلَا أبخل بهَا على نَفسِي لاحتقارها واحتقار نَفسِي عِنْدِي

قَالَ وَقَالَ مُحَمَّد بن بَحر الشجيني أَخُو زَكَرِيَّا كنت أَخَاف الْفقر مَعَ مَا كنت أملك من المَال فَقَالَ لي يَوْمًا أبي حَفْص إِن قضى الله عَلَيْك الْفقر لَا يقدر أحد أَن يُغْنِيك فَذهب خوف الْفقر من قلبِي رَأْسا
قَالَ قَالَ أبي حَفْص الْفَقِير الصَّادِق الَّذِي يكون فِي كل وَقت بِحكمِهِ فَإِذا ورد عَلَيْهِ وَارِد يشْغلهُ عَن حكم وقته يستوحش مِنْهُ وينفيه
قَالَ وَقَالَ أبي حَفْص مَا أعز الْفقر إِلَى الله وأذل الْفقر إِلَى الاشكال وَمَا أحسن الِاسْتِغْنَاء بِاللَّه وأقبح الِاسْتِغْنَاء باللثام
سَمِعت جدي رَحمَه الله يَقُول كَانَ أبي حَفْص إِذا غضب تكلم فِي حسن الْخلق حَتَّى يسكن غَضَبه ثمَّ يرجع إِلَى حَدِيثه
سَمِعت عبد الرَّحْمَن بن الْحُسَيْن الصُّوفِي يَقُول بَلغنِي أَن مَشَايِخ بَغْدَاد اجْتَمعُوا عِنْد أبي حَفْص وسألوه عَن الفتوة فَقَالَ تكلمُوا أَنْتُم فَإِن لكم الْعبارَة وَاللِّسَان فَقَالَ الْجُنَيْد الفتوة إِسْقَاط الرُّؤْيَة وَترك النِّسْبَة
فَقَالَ أبي حَفْص مَا أحسن مَا قلت وَلَكِن الفتوة عِنْدِي أَدَاء الْإِنْصَاف وَترك مُطَالبَة الْإِنْصَاف فَقَالَ الْجُنَيْد قومُوا يَا أَصْحَابنَا فقد زَاد أبي حَفْص على آدم وَذريته
وَسمعت عبد الرَّحْمَن يَقُول بَلغنِي أَنه لما أَرَادَ أبي حَفْص الْخُرُوج من بَغْدَاد شيعه من بهَا من الْمَشَايِخ والفتيان فَلَمَّا أَرَادوا أَن يرجِعوا قَالَ لَهُ بَعضهم دلنا على الفتوة مَا هِيَ فَقَالَ الفتوة تُؤْخَذ اسْتِعْمَالا ومعاملة لَا نطقا فتعجبوا من كَلَامه
قَالَ وَسُئِلَ أبي حَفْص هَل للفتى من عَلامَة قَالَ نعم من يرى الفتيان وَلَا يستحى مِنْهُم فِي شمائله وأفعاله فَهُوَ فَتى

سَمِعت أبي يَقُول سَمِعت أَبَا الْعَبَّاس الدينَوَرِي يَقُول قَالَ أبي حَفْص مَا دخل قلبِي حق وَلَا بَاطِل مُنْذُ عرفت الله
سَمِعت مُحَمَّد بن أَحْمد بن حمدَان يَقُول سَمِعت أبي يَقُول سَمِعت أَبَا حَفْص يَقُول تركت الْعَمَل فَرَجَعت إِلَيْهِ ثمَّ تركني الْعَمَل فَلم أرجع إِلَيْهِ
سَمِعت أَبَا أَحْمد بن عِيسَى يَقُول سَمِعت مَحْفُوظ بن مَحْمُود يَقُول سَمِعت أَبَا حَفْص يَقُول الْكَرم طرح الدُّنْيَا لمن يحْتَاج إِلَيْهَا والإقبال على الله لاحتياجك إِلَيْهِ
قَالَ وَقَالَ رجل لأبي حَفْص إِن فلَانا من أَصْحَابك أبدا يَدُور حول السماع فَإِذا سمع هاج وَبكى ومزق ثِيَابه فَقَالَ أبي حَفْص أيش يعْمل الغريق يتَعَلَّق بِكُل شَيْء يظنّ نجاته فِيهِ
قَالَ وَقَالَ أبي حَفْص حرست قلبِي عشْرين سنة ثمَّ حرسني قلبِي عشْرين سنة ثمَّ وَردت حَالَة صرنا فِيهَا محروسين جَمِيعًا
قَالَ وَقَالَ أبي حَفْص من تجرع كأس الشوق يهيم هياما لَا يفِيق إِلَّا عِنْد الْمُشَاهدَة واللقاء
قَالَ وَقَالَ أبي حَفْص إِذا رَأَيْت الْمُحب سَاكِنا هادئا فَاعْلَم أَنه وَردت عَلَيْهِ غَفلَة فَإِن الْحبّ لَا يتْرك صَاحبه يهدأ بل يزعجه فِي الدنو والبعد واللقاء والحجاب
قَالَ وَقَالَ أبي حَفْص التصوف كُله آدَاب لكل وَقت أدب وَلكُل مقَام أدب فَمن لزم آدَاب الْأَوْقَات بلغ مبلغ الرِّجَال وَمن ضيع الْآدَاب فَهُوَ بعيد من حَيْثُ يظنّ الْقرب ومردود من حَيْثُ يَرْجُو الْقبُول

سَمِعت أَبَا عَمْرو بن حمدَان يَقُول وجدت فِي كتاب أبي قَالَ أبي حَفْص الْحَال لَا يُفَارق الْعلم وَلَا يقارن القَوْل
وَذكر أبي عُثْمَان الْحِيرِي النَّيْسَأبيرِي عَن أبي حَفْص أَنه قَالَ من يُعْطي وَيَأْخُذ فَهُوَ رجل وَمن يُعْطي وَلَا يَأْخُذ فَهُوَ نصف رجل وَمن لَا يُعْطي وَلَا يَأْخُذ فَهُوَ همج لَا خير فِيهِ فَسئلَ أبي عُثْمَان عَن معنى هَذَا الْكَلَام فَقَالَ من يَأْخُذ من الله وَيُعْطِي لله فَهُوَ رجل لِأَنَّهُ لَا يرى فِيهِ نفسهه بِحَال وَمن يُعْطي وَلَا يَأْخُذ فَإِنَّهُ نصف رجل لِأَنَّهُ يرى نَفسه فِي ذَلِك فَيرى أَن لَهُ بِأَن لَا يَأْخُذ فَضِيلَة وَمن لَا يَأْخُذ وَلَا يُعْطي فَهُوَ همج لِأَنَّهُ يظنّ أَنه الْآخِذ والمعطي دون الله تَعَالَى
سَمِعت ابا الْحسن بن مقسم بِبَغْدَاد يَقُول سَمِعت أَبَا مُحَمَّد المرتعش يَقُول سَمِعت أَبَا حَفْص يَقُول مَا اسْتحق اسْم السخاء من ذكر الْعَطاء أَو لمحه بِقَلْبِه
قَالَ وَسُئِلَ أبي حَفْص عَن قَول الله عز وَجل {وعاشروهن بِالْمَعْرُوفِ} [النِّسَاء 19] قَالَ المعاشرة بِالْمَعْرُوفِ حسن الْخلق مَعَ الْعِيَال فِيمَا ساءك وَمن كرهت صحبتهَا
قَالَ وَسُئِلَ أبي حَفْص عَن الْبُخْل فَقَالَ ترك الإيثار عِنْد الْحَاجة إِلَيْهِ
قَالَ وَسُئِلَ أَيْضا من الْوَلِيّ فَقَالَ من أيد بالكرامات وغيب عَنْهَا
قَالَ وَقَالَ أبي حَفْص مَا ظَهرت حَالَة عالية إِلَّا من مُلَازمَة أصل صَحِيح
قَالَ سُئِلَ عَن أَحْكَام الْفقر وآدابها على الْفُقَرَاء فَقَالَ حفظ حرمات الْمَشَايِخ وَحسن الْعشْرَة مَعَ الإخوان والنصيحة للأصاغر وَترك الْخُصُومَات فِي الأرزاق وملازمة الإيثار ومجانبة الادخار وَترك صُحْبَة من لَيْسَ من طبقتهم والمعاونة فِي أُمُور الدّين وَالدُّنْيَا

قَالَ وَسُئِلَ أبي حَفْص من الْعَاقِل فَقَالَ المطالب نَفسه بالإخلاص
قَالَ سُئِلَ أبي حَفْص عَن الْعُبُودِيَّة فَقَالَ ترك مَا لَك والتزام مَا أمرت بِهِ
قَالَ وَقَالَ أبي حَفْص من رأى فضل الله عَلَيْهِ فِي كل حَال أَرْجُو أَلا يهْلك
قَالَ وَقَالَ أبي حَفْص لَا تكن عبادتك لِرَبِّك سَببا لِأَن تكون معبودا
سَمِعت أَبَا الْحسن بن مقسم يَقُول سَمِعت المرتعش يَقُول سَمِعت أَبَا حَفْص يَقُول إِنِّي لَا أَدعِي الْخلق لِأَنِّي أحسن من نَفسِي سرعَة الْغَضَب وَإِن لم أظهره وَلَا أَدعِي السخاء لِأَنِّي لست آمن من نَفسِي أَن تلاحظ فعله أَو تلْتَفت إِلَيْهِ أَو تذكر عطاءه وقتا مَا
قَالَ وَقَالَ أبي حَفْص حسن أدب الظَّاهِر عنوان حسن أدب الْبَاطِن لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (قَالَ لَو خشع قلبه لخشعت جوارحه)
قَالَ سُئِلَ أبي حَفْص مَا الْبِدْعَة فَقَالَ التَّعَدِّي فِي الْأَحْكَام والتهاون بالسنن وَاتِّبَاع الآراء وَترك الِاقْتِدَاء والاتباع
قَالَ وَسُئِلَ أبي حَفْص من الرِّجَال فَقَالَ القائمون مَعَ الله تَعَالَى بوفاء العهود قَالَ الله تَعَالَى {رجال صدقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ} (الْأَحْزَاب)

قَالَ وَقَالَ أبي حَفْص الإيثار أَن تقدم حظوظ الإخوان على حظك فِي أَمر آخرتك ودنياك.

طبقات الصوفية - لأبي عبد الرحمن السلمي.

 

 

 

 

- أبي حفص النَّيْسأبيري:
الإِمَامُ القُدْوَةُ الرَّبَّانِيُّ شَيْخُ خُرَاسَان أبي حَفْصٍ، عَمْرُو بنُ سَلْمٍ وَقِيْلَ: عُمُر وَقِيْلَ: عَمْرو بن سَلَمَةَ النَّيْسَأبيرِيُّ الزَّاهِدُ.
رَوَى عَنْ: حَفْصِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الفَقِيْهِ.
أَخَذَ عَنْهُ: تِلمِيذُهُ؛ أبي عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الحِيْرِيُّ، وَأبي جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ حَمْدَانَ الحَافِظُ، وَحَمْدُوْنُ القَصَّارُ، وَطَائِفَةٌ.
قَالَ أبي نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا أبي عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: قَالَ الأُسْتَاذُ أبي حَفْصٍ: المَعَاصِي بَرِيدُ الكُفْرِ كَمَا أَنَّ الحُمَّى بَرِيدُ المَوْتِ.
وَحَدَّثَنَا أبي عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ قَالَ: كَانَ أبي حَفْصٍ حَدَّاداً فَكَانَ غُلاَمُه يَنفخُ عَلَيْهِ الكِيرَ مَرَّةً فَأَدخَلَ أبي حفص يده فأخرج الحديد من النار فَغُشِيَ عَلَى الغُلاَمِ فَتَرَكَ أبي حَفْصٍ الحَانُوتَ وَأَقبَلَ عَلَى أَمرِهِ.
وَقِيْلَ إِنَّ أَبَا حَفْصٍ دَخَلَ عَلَى مَريضٍ فَقَالَ المَرِيضُ: آهِ فَقَالَ أبي حفص: ممن?
فَسَكَتَ، فَقَالَ أبي حَفْصٍ: مَعَ مَنْ? قَالَ: فَكَيْفَ أَقُوْلُ? قَالَ: لاَ يَكُنْ أَنِينُك شَكوَىً، وَلاَ سُكُوتُك تَجَلُّداً، وَلَكِنْ بَيْنَ ذَلِكَ.
وَعَنْ أَبِي حَفْصٍ قَالَ: حَرَسْتُ قَلْبِي عِشْرِيْنَ سَنَةً ثُمَّ حَرَسنِي عِشْرِيْنَ سَنَةً ثُمَّ، وَرَدتْ عَلَيَّ وَعَلَيْهِ حَالَةٌ صرنَا محروسَيْن جَمِيْعاً.
قيل لأَبِي حَفْصٍ: مَنَ الوَلِيُّ? قَالَ: مَنْ أُيِّدَ بِالكَرَامَاتِ، وَغُيِّبَ عَنْهَا.
قَالَ الخُلْدِيُّ: سَمِعْتُ الجُنَيْدَ ذَكرَ أَبَا حَفْصٍ النَّيْسَأبيرِيَّ، فَقَالَ صَاحِبٌ لِلْحَلاَّجِ: نَعَمْ يَا أَبَا القَاسِم كَانَتْ لَهُ حَالٌ إِذَا لبِسَتْه مَكَثَ اليَومَين، وَالثَّلاَثَةَ لاَ يُمْكِنُ أَحَدٌ أَنْ يَنْظُر إِلَيْهِ فَكَانُوا يَدَعُوْنه حَتَّى يزولَ ذَلِكَ عَنْهُ.
وبلغنِي أَنَّهُ أَنْفَد فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ بَضْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِيْنَارٍ يَفْتَكُّ بِهَا أَسرَى، فَلَمَّا أَمسَى لَمْ يَكُنْ لَهُ عشَاء.
قَالَ المُرتَعِشُ: دَخَلْتُ مَعَ أَبِي حَفْصٍ عَلَى مَرِيْضٍ فَقَالَ: مَا تَشْتَهِي? قَالَ: أَنْ أَبْرَأَ فَقَالَ لأَصْحَابِهِ: احْمِلُوا عَنْهُ فَقَامَ مَعَنَا، وَأَصبحنَا نُعَادُ فِي الفُرُشِ.
قَالَ السُّلَمِيُّ: أبي حَفْصٍ كَانَ حَدَّاداً وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ أَظهر طَرِيْقَةَ التصوف بنيسأبير.
سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ عَلِيٍّ سَمِعْتُ أَبَا عُمْرٍو بنَ عُلْوَانَ، وَسَأَلْتُهُ: هَلْ رَأَيْتَ أَبَا حَفْصٍ عِنْد الجُنَيْد? فَقَالَ: كُنْتُ غَائِباً لَكِنْ سَمِعْتُ الجُنَيْد يَقُوْلُ: أَقَامَ أبي حَفْصٍ عِنْدِي سنَةً مَعَ ثَمَانِيَةٍ فَكُنْت أُطْعِمُهُم طعَاماً طيباً، وَذكر أَشْيَاءَ مِنَ الثِّيَابِ فَلَمَّا أَرَادُوا السَّفَر كَسَوْتُهُم فَقَالَ لِي: لَوْ جِئْتَ إِلَى نَيْسَأبيرَ عَلَّمنَاك السخَاء، وَالفُتُوَّةَ ثُمَّ قَالَ: عَمَلُك كَانَ فِيْهِ تكلُّفٌ إِذَا جَاءَ الفُقَرَاء فَكُن مَعَهُم بِلاَ تكلُّف إِن جُعت جَاعُوا وَإِن شبِعْت شبعوا.
قال الخلدي: لما قاله أبي حَفْصٍ لِلْجنيد: لَو دخلتَ نَيْسَأبير علَّمنَاك كَيْفَ الفتوَّة، قِيْلَ لَهُ: مَا الَّذِي رَأَيْتَ مِنْهُ? قَالَ: صَيَّرَ أَصْحَابِي مُخَنّثين كَانَ يتكلَّف لَهُم الأَلوَان وَإِنَّمَا الفتوَةُ تَرْكُ التَّكلفِ.
وَقِيْلَ: كَانَ فِي خدمَةِ أَبِي حَفْصٍ شَابٌّ يلْزم السُّكُوت فَسَأَلَهُ الجُنَيْد عَنْهُ فَقَالَ: هَذَا أَنفقَ عَلَيْنَا مائَة أَلْف وَاسْتدَان مائَة أَلْف مَا سَأَلَنِي مَسْأَلَةً إجلاَلاً لِي.
قَالَ أبي عَلِيٍّ الثَّقَفِيُّ: كَانَ أبي حَفْصٍ يَقُوْلُ: من لَمْ يزن أَحْوَاله كُلَّ وَقْتٍ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَلَمْ يَتَّهِم خواطِره فَلاَ تَعُدَّه.

وفِي "مُعْجَمِ بَغْدَادَ" لِلسِّلَفِيِّ، قِيْلَ: قَدِمَ وَلدَان لأَبِي حَفْصٍ النَّيْسَأبيرِيّ فَحضرَا عِنْد الجُنَيْد فَسَمِعَا قَوَّالَيْنِ فَمَاتَا فَجَاءَ أبيهُمَا، وَحضر عِنْد القَوَّالَيْنِ فَسقطَا مَيِّتَيْن.
ابْنُ نُجيد: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الزَّجَّاجِيَّ يَقُوْلُ: كَانَ أبي حَفْصٍ نورَ الإِسْلاَم فِي وَقْتِه.
وَعَنْ أَبِي حَفْصٍ: مَا اسْتحقَّ اسْمَ السخَاءِ مَنْ ذَكَرَ العَطَاءَ، وَلاَ لَمَحَهُ بقلبه.
وَعَنْهُ: الكرمُ طَرْحُ الدُّنْيَا لمَنْ يَحْتَاجُ إِلَيْهَا، وَالإِقبالُ عَلَى اللهِ بحَاجتك إِلَيْهِ أَحسنُ مَا يتوسَّلُ بِهِ العَبْدُ إِلَى مَوْلاَهُ الافتقَارُ إِلَيْهِ، وَملاَزمَةُ السُّنَّةِ وَطلبُ القُوْت مِنْ حِلِّهِ.
تُوُفِّيَ الأُسْتَاذُ أبي حَفْصٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ وَقِيْلَ: سَنَةَ خَمْسٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ.

سير أعلام النبلاء: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن  قايمازالذهبي