محمد بن محمد بن خَيْرون القروي؛ يُكَنَّى: أبَا جَعْفر.
قال لنا أبو محمد البَاجِيّ قال: قالَ لَنا محمد بن قاسم: محمد بن محمد بن خَيْرُون أبو جعفر كتَبْتُ عنه بالقَيْرَوان، وقد دَخَل الأنْدَلُس وكَتبتُ عنه بقُرْطُبَة أيضاً.
وأخبرنا عبد الله بن محمد التَّاجر قال: قال لنا حسين الأبْرَازيّ بالقَيْروان: محمد بن محمد بن خَيْرُون من أهلِ الأنْدَلُس كان: رجُلاً صالحاً، فَاضِلاً كريم الأخْلاق، إماماً في القرآن، مشْهُوراً بذلك. قَدِمَ بقراءة نَافِع على أَهْلِ إفْرِيقيّة، وكان الغالب على قراءتهم حرف حمزة، ولم يَكُنْ يقراُ بحَرفِ نافعٍ إلاَّ خواص. حتى قَدِمَ ابن خَيْرُون فاجتمع إليه النّاس، ن ورَحَل إليه أهل القَيْرَوان من الآفاق.
قرأ بمصر: على محمد الأنطاكي، وأبي بكر أحمد بن يوسف المقرئ، وعبيد بن رجاء، وأبي الحسن إسماعيل بن أبي يعقوب الأزرق المُزَنِيّ - وكان رفيقاً لورش -: عن ورش. وسمع محمد بن خَيْرُون من عيسى بن مسْكين. وتُوفِّيَ (رحمه الله) : بمدينة سُوسَة. أظنه أراد أن أصله من الأنْدَلُس. وقد حَدَّث عنه محمد بن قاسم بكتاب أبي جعفر محمد بن الحُسين البَغْدَادِي في الرِّجَال.
-تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي-
ابن خيرون ( ... - 301 هـ) (- 914 م)
محمد بن محمد بن خيرون المعافري الاندلسي المنشأ والدار، القيرواني القرار، أبو جعفر المقرئ، الفقيه.
رحل إلى العراق فسمع ببغداد من محمد بن نصر صاحب يحيى بن معين، وعلي بن المديني ثم دخل مصر، وقرأ بها على محمد الانطاكي، وأبي بكر أحمد بن يوسف المقرئ، وعبيد بن رجاء وأبي الحسن إسماعيل بن أبي يعقوب الأزرق المزني رفيق ورش عن ورش، ثم دخل القيروان فاحترف التجارة وسكن موضعا منها يعرف بالزيادية، وبنى هناك مسجدا ينسب إليه، وسمع من علماء القيروان كعيسى بن مسكين، ودرس بها القراءات.
قال ابن الفرضي: «قدم بقراءة نافع على أهل افريقية، وكان الغالب على قراءتهم حرف حمزة، ولم يكن يقرأ بحرف نافع إلا الخواص، حتى قدم ابن خيرون فاجتمع عليه الناس، ورحل إليه أهل القيروان من الآفاق» ومن ذلك التاريخ أصبحت قراءة نافع هي الشائعة عند أهل افريقية إلى الآن ونقل القاضي عياض في «ترتيب المدارك» والمالكي في «رياض النفوس» عن أبي عمرو الداني: «أن عبد الله بن طالب أيام قضائه بالقيروان سنة 267/ 881) أمر ابن برغوث المغربي بجامع القيروان ألا يقرئ الناس إلا بحرف نافع».
وابن خيرون هو أول من أدخل بعض كتب داود الظاهري إلى القيروان.
وبعد مدة من إقامته بالقيروان ارتحل إلى الاندلس، وسمع منه الناس، ثم عاد إلى القيروان واستقر بها إلى أن توفي. قال ابن الفرضي نقلا عن محمد بن قاسم «محمد بن محمد بن خيرون، أبو جعفر كتبت عنه بالقيروان وقد دخل الاندلس، وكتبت عنه بقرطبة أيضا».
«واتخذ ابن خيرون لنفسه رباعا كثيرة بالقيروان، منها فنادق لتجارته كانت مجاورة لسجن البلد، وابتنى بها مسجدا جميلا باقيا إلى الآن معروفا باسمه عليه كتابة ضخمة بالقلم الكوفي نقشا في الحجارة على واجهة مدخله»، ونص الكتابة «بسم الله الرحمن الرحيم لله الأمر من قبل ومن بعد أمر ببناء هذا المسجد محمد بن خيرون المعافري الأندلسي تقربا إلى الله ورجاء لمغفرته ورحمته».
«وقد أشار ابن عذاري إلى هذا التأسيس حيث قال: «وفي سنة 256 بنى محمد بن خيرون المعافري الجامع الشريف بالقيروان المنسوب إليه بناه بالآجر والجص والرخام، وبنى فيه جبابا للماء»
«ويسمى هذا المسجد اليوم (بجامع الثلاث بيبان) وفي نفس الحارة يوجد مسجد آخر غير بعيد عن الأول منسوب أيضا إلى ابن خيرون، وله كذلك ثلاثة أبواب غير أنها منفردة عن بعضها بينما أبواب الأول متلاصقة في صف واحد»
وفي بداية الدولة العبيدية يسعى به قاضيها محمد بن عمر المروذي إلى عبيد الله المهدي بدعوى أن قبله ودية ذات بال لم يخبر عنها، فطولب بها وحبسه، وقد أمر عامل القيروان الحسن بن أبي خنزير بقتله فأدخله إلى محبس وبطح على ظهره وطلع السودان فوق سرير فقفزوا عليه بأرجلهم حتى مات في منتصف شعبان، ودفن بباب سلم، وعلى قبره عمود من رخام نقش عليه تاريخ وفاته، ونهب ابن أبي خنزير ماله وأخذ له مولدة.
والظاهر في سبب قتله هو انحرافه عن دولة العبيديين اسوة باخوانه الفقهاء المالكية، وثراؤه العريض، وهذان سببا للكثيرين المتاعب والقتل في دولة عبيد الله المهدي، ولأجل هذا فأنا أشك كثيرا في رواية الخشني من أنه «كان مرشحا للقضاء وكان محمد بن عمر المروذي - فيما قيل - يغض منه، وهو الذي سعى به حتى قتل ابن خيرون».ولو كان ما ذكره صحيحا لقامت عليه حملة مقاومة من فقهاء القيروان ولنبذوه كما وقع لأبي سعيد البراذعي، انهم يعادون ويقاومون كل من أبدى ميلا إلى العبيديين.
مؤلفاته:
الابتداء والتمام في القراءات.
الالفات واللامات في رسم المصحف.
كتاب في الاداء وهو ملخص لما رواه عن أصحاب ورش من قراءة نافع ابن أبي نعيم، قال ابن الابار «وقد أخذ الناس عنه هذا الكتاب بافريقية، وحمل إلى المغرب والأندلس».
نسب الشيعة وأخبارهم، قال الخشني: «بلغني أنه ألف لعبيد الله المهدي كتاب نسب الشيعة وأخبارهم»
كتاب تراجم المؤلفين التونسيين - الجزء الثاني - صفحة 264 - للكاتب محمد محفوظ