أحمد بن عبد الله بن سليمان المعري التنوخي أبي العلاء

تاريخ الولادة363 هـ
تاريخ الوفاة449 هـ
العمر86 سنة
مكان الولادةمعرة النعمان - سوريا
مكان الوفاةمعرة النعمان - سوريا
أماكن الإقامة
  • بغداد - العراق
  • حلب - سوريا
  • معرة النعمان - سوريا

نبذة

أحمد بن عبد الله بن سليمان، التنوخيّ المعري: شاعر فيلسوف. ولد ومات في معرة النعمان. كان نحيف الجسم، أصيب بالجدريّ صغيرا فعمي في السنة الرابعة من عمره. وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة. ورحل إلى بغداد سنة 398هـ فأقام بها سنة وسبعة أشهر.

الترجمة

أحمد بن عبد الله بن سليمان، التنوخيّ المعري:
شاعر فيلسوف. ولد ومات في معرة النعمان. كان نحيف الجسم، أصيب بالجدريّ صغيرا فعمي في السنة الرابعة من عمره. وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة. ورحل إلى بغداد سنة 398هـ فأقام بها سنة وسبعة أشهر.
وهو من بيت علم كبير في بلده. ولما مات وقف على قبره 84 شاعرا يرثونه. وكان يلعب بالشطرنج والنرد. وإذا أراد التأليف أملى على كاتبه علي بن عبد الله بن أبي هاشم.
وكان يحرّم إيلام الحيوان، ولم يأكل اللحم خمسا وأربعين سنة. وكان يلبس خشن الثياب.
أما شعره وهو ديوان حكمته وفلسفته، فثلاثة أقسام: (لزوم ما لا يلزم - ط) ويعرف باللزوميات، و (سقط الزند - ط) و (ضوء السقط - خ) وقد ترجم كثير من شعره إلى غير العربية وأما كتبه فكثيرة وفهرسها في معجم الأدباء. وقال ابن خلكان: من تصانيفه كتاب (الأيك والغصون) في الأدب يربى على مئة جزء. وله (تاج الحرة) في النساء وأخلاقهن وعظاتهن، أربع مئة كرأس، و (عبث الوليد - ط) شرح به ونقد ديوان البحتري، و (رسالة الملائكة - ط) صغيرة، وهي مقدمتها، ثم نشر المجمع العلمي الرسالة كاملة، و (اختيارات الأشعار، في الأبواب - خ) في أياصوفية (3) و (شرح ديوان المتنبي - خ) جزآن، تم نسخهما سنة 1059 هـ في خزانة الشيخ محمد طاهر بن عاشور، بتونس. و (رسالة الغفران - ط) من أشهر كتبه، و (ملقى السبيل - ط) رسالة، و (مجموع رسائله - ط) و (خطبة الفصيح) ضمّنها كل ما حواه فصيح ثعلب، و (الرسائل الإغريقية - خ) و (الرسالة المنبجية - خ) و (الفصول والغايات - ط) الجزء الأول منه و (اللامع العزيزي - خ) . في مخطوطات جامعة الرياض، وهو شرح لديوان المتنبي، ألفه لعزيز الدَّولَة فاتك بن عبد الله (240 ورقة) ولكثير من الباحثين تصانيف في آراء المعري وفلسفته، منها ليوسف البديعي (أوج التحرّي عن حيثية أبي العلاء المعري - ط) ولكمال الدين ابن العديم (الإنصاف والتحري، في دفع الظلم والتجري، عن أبي العلاء المعري - ط) ولعبد العزيز الميمني (أبو العلاء وما إليه - ط) ولزكي المحاسني (أَبُو العَلَاء المَعري ناقد المجتمع - ط) ولسامي الكيالي (أَبُو العَلَاء المَعري - ط) ولطه حسين (ذكرى أبي العلاء - ط) و (مع أبي العلاء في سجنه - ط) ولأحمد تيمور (أَبُو العَلَاء المَعري، نسبه وأخباره وشعره - ط) رسالة، ولعباس محمود العقاد (رجعة أبي العلاء - ط) ولوزارة المعارف المصرية (آثار أبي العلاء المعري - ط) وللمجمع العلمي العربيّ بدمشق، كتاب (المهرجان الألفي ل أبي العلاء المعري - ط)  .
-الاعلام للزركلي-

 

 

أبو العلاء المعري
أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان بن محمد بن سليمان بن داود بن المطهر بن زياد بن ربيعة بن أنوربن أسحم بن أرقم بن النعمان بن عدي بن غطفان بن عمر بن بريح بن جديمة بن تيم الله ابن أسد بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن إلحاف بن قصناعة التنوخي المعري للغوي الشاعر؛ كان متضلعاً من فنون الأدب، قرأ النحو واللغة على أبيه بالمعرة، وعلى محمد بن عبد الله بن سعد النحوي بحلب، وله التصانيف الكثيرة المشهورة والرسائل المأثورة، وله من النظم لزوم ما لا يلزم وهو كبير يقع في خمسة أجزاء أو ما يقاربها، وله سقط الزند أيضاً، وشرحه بنفسه، وسماه ضوء السقط، وبلغني أن له كتباً سماه الأيك والغصون وهو المعروف بالهمزة والردف يقارب المائة جزء في الأدب أيضاً، وحكى لي من وقف على المجلد الأول بعد المائة من كتاب الهمزة والردف وقال: لا أعلم ما كان يعوزه بعد هذا المجلد. وكان علامة عصره.
وأخذ عنه أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي، والخطيب أبو زكريا التبريزي وغيرهما.
وكانت ولادته يوم الجمعة عند مغيب الشمس لثلاث بقين من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وستين وثلثمائة بالمعرة، وعمي من الجدري أول سنة سبع وستين، غشى يمنى عينيه بياض وذهبت اليسرى جملة، قال الحافظ السلفي: أخبرني أبو محمد عبد الله بن الوليد بن غريب الإيادي أنه دخل مع عمه على أبي العلاء يزوره، فرآه قاعداً على سجادة لبد وهو شيخ، قال: فدعا لي ومسح على رأسي وكنت صبيا، قال: وكأني أنظر إليه الساعة وإلى عينيه إحداهما نادرة والأخرى غائرة جدا، وهو مجدر الوجه، نحيف الجسم.
ولما فرغ من تصنيف كتاب اللامع العزيزي في شرح شعر المتنبي وقرىء عليه أخذ الجماعة في وصفه فقال أبو العلاء: كأنما نظر المتنبي إلي بلحظ الغيب حيث يقول:
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي ... وأسمعت كلماتي من به صمم

واختصر ديوان أبي تمام وشرحه وسماه ذكرى حبيب وديوان البحتري وسماه عبث الوليد وديوان المتنبي وسماه معجز أحمد وتكلم على غريب أشعارهم ومعانيها ومآخذهم من غيرهم وما أخذ عليهم، وتولى الانتصار لهم والنقد في بعض المواضع عليهم، والتوجيه في أماكن لخطئهم.
ودخل بغداد سنة ثمان وتسعين وثلثمائة، ودخلها ثانية سنة تسع وتسعين، وأقام بها سنة وسبعة أشهر، ثم رجع إلى المعرة ولزم منزله، وشرع في التصنيف وأخذ عنه الناس، وسار إليه الطلبة من الآفاق، وكاتبه العلماء والوزراء وأهل الأقدار، وسمى نفسه رهين المحبسين للزومه منزله ولذهاب عينيه، ومكث مدة خمس وأربعين سنة لا يأكل اللحم تديناً لأنه كان يرى رأي الحكماء المتقدمين وهم لا يأكلونه كي لا يذبحوا الحيوان ففيه تعذيب له وهم لا يرون الإيلام في جميع الحيوانات.
وعمل الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة، ومن شعره في اللزوم قوله:
لا تطلبن بآلةٍ لك رتبهً ... قلم البليغ بغير جد مغزل
سكن السماكان السماء كلاهما ... هذا له رمح وهذا أعزل وتوفي يوم الجمعة ثالث - وقيل: ثاني - شهر ربيع الأول، وقيل: ثالث عشره، سنة تسع وأربعين واربعمائة بالمعرة، وبلغني أنه أوصى أن يكتب على قبره هذا البيت:
هذا جناه أبي علي ... وما جنيت على أحد
وهو أيضا متعلق باعتقاد الحكماء، فانهم يقولون: إيجاد الولد وإخراجه إلى هذا العالم جناية عليه، لأنه يتعرض للحوادث والآفات.
وكان مرضه ثلاثة أيام، ومات في اليوم الرابع، ولم يكن عنده غير بني عمه فقال لهم في اليوم الثالث : اكتبوا عني، فتناولوا الدوي والأقلام، فأملى عليهم غير الصواب، فقال القاضي أبو محمد عبد الله التنوخي: أحسن الله عزاءكم في الشيخ فإنه ميت؛ فمات ثاني يوم. ولما توفي رثاه تلميذه أبو الحسن علي بن همام بقوله:
إن كنت لم ترق الدماء زهادة ... فلقد أرقت اليوم من جفني دماً
سيرت ذكرك في البلاد كأنه ... مسك فسامعة يضمخ أو فما
وأرى الحجيج إذا أرادوا ليلة ... ذكراك أخرج فدية من أحرما
وقد أشار في البيت الأول إلى ما كان يعتقده ويتدين به من عدم الذبح كما تقدم ذكره.
وقبره في ساحة من دوار أهله، وعلى الساحة باب [صغير قديم، وهو على غاية ما يكون من الإهمال وترك القيام بمصالحه، وأهله لايحتفلون به.
والتنوخي - بفتح التاء المثناة من فوقها وضم النون المخففة وبعد الواو خاء معجمة - وهذه النسبة إلى تنوخ، وهواسم لعدة قبائل اجتمعوا قديماً بالبحرين، وتحالفوا على التناصر، وأقاموا هناك فسموا تنوخاً. والتنوخ: الإقامة، وهذه القبيلة إحدى القبائل الثلاث التي هي نصارى العرب، وهم: بهراء، وتنوخ، وتغلب.
والمعري - بفتح الخميم والعين المهملة وتشديد الراء - وهذه النسبة إلى معرة النعمان، وهي: بلدة صغيرة بالشام بالقرب من حماة وشيزر، وهي منسوبة إلى النعمان بن بشير الأنصاري، رضي الله تعالى عنه، فإنه تديرها، فنسبت إليه، وأخذها الفرنج من المسلمين في محرم سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة ولم تزل بأيدي الفرنج من يومئذ إلى أن فتحها عماد الدين زنكي بن آق سنقر الآتي ذكره إن شاء الله تعالى سنة تسع وعشرين وخمسمائة، ومن على أهلها بأملاكهم.
وله في الشمعة:
وصفراء مثلي في هواها جليدة ... على نوب الأيام والعسف والضنك
تريك ابتساماً دائماً وتهللاً ... وصبراً على ما نالها وهي في الهلك 
فلو نطقت يوماً لقالت أظنكم ... تخالون أني من حذار الردى أبكي
فلا تعجبوا من ضحكها وابتسامها ... فقد تدمع العينان من كثرة الضحك وله أيضاً:
لك الحمد أمواه البلاد كثيرة ... عذاب وخصت بالملوحة زمزم
هو الحظ عير الوحش ساف بأنفه ال ... خزامي وأنف العود بالعود يخزم ويقتصر من شعره على هذا القدر؛ وكان قد رثى الشريف أبا أحمد الموسوي الملقب بالطاهر وعزى ولديه أبا الحسن الملقب بالمرتضى [وأخاه الرضي] بقصيدة فائية فأجاد فيها
وله من قصيدة:
ما سرت إلا وطيف منك يصحبني ... سرى أمامي وتأويباً على أثري
لو حط رحلي فوق النجم دافعه ... ألفيت ثم خيالاً منك منتظري
والخل كالماء يبدي لي ضمائره ... مع الصفاء ويخفيها مع الكدر وله أيضاً:
وإني وإن كنت الأخير زمانه ... لآت بما لم تستطعه الأوائل
وإن كان في لبس الفتى شرف له ... فما السيف إلا غمده والحمائل
ولي منطق لم يرض لي كنه منزلي ... على أنني بين السماكين نازل
ينافس يومي في أمسي تشرفاً ... وتحد أسحاري عليّ الأصائل
وطال اعترافي بالزمان وصرفه ... فلست أبالي من تغول الغوائل
فلو بان عضدي ما تأسف منكبي ... ولو مات زندي ما بكته الأنامل
إذا وصف الطائي بالبخل مادر ... أو عير قساً بالفهاهة بأقل
وقال السها للشمس أنت خفية ... وقال الدجى يا صبح لونك حائل
وطاولت الأرض السماء سفاهة ... وفاخرت الشهب الحصى والجنادل
فيا موت زر إن الحياة ذميمة ... ويا نفس جدي إن دهرك هازل وما أحسن قوله فيها:
وإن كنت تهوى العيش فابغ توسطاً ... فعند التناهي يقصر المتطاول
توقى البدور النقص وهي أهلة ... ويدركها النقصان وهي كوامل وله أيضاً:
أرى العنقاء كبر أن تصادا ... فعاند من تطيق له عنادا
فظن بسائر الإخوان شراً ... ولا تأمن على سر فؤادا
فلو خبرتهم الجوزاء خبري ... لما طلعت مخافة أن تكادا
وكم عين تؤمل أن تراني ... وتفقد عند رؤيتي السوادا
ولو ملأ السها عينيه مني ... أبر على مدى زحل وزادا وله أيضاً:
تعب كلها الحياة فما أع ... جب إلا من راغب في ازدياد
إن حزناً في ساعة الموت أضعا ... ف سرور في ساعة الميلاد وله أيضاً:
والشيء لا يكثر مداحه ... إلا إذا قيس إلى ضده
لولا غضا نجد ونمامه ... ولم يثن بالطيب على رنده وله أيضاً:
قد أورقت عمد الخيام وأعشبت ... شعب الرحال ولون رأسي أغبر
ولقد سلوت عن الشباب كما سلا ... غيري ولكن للحزين تذكر
وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - لأبو العباس شمس الدين أحمد ابن خلكان البرمكي الإربلي

 

 

أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن سُلَيْمَان، أَبُو العلاء التنوخي الشاعر:
من أهل معرة النعمان. كَانَ حسن الشعر، جزل الكلام، فصيح اللسان، غزير الأدب، عالما باللغة، حافظا لها.
وذكر لي الْقَاضِي أَبُو الْقَاسِم التنوخي أنه ورد بغداد فِي سنة تسع وتسعين وثلاثمائة، وأنه قرأ عَلَيْهِ ديوان شعره بِبَغْدَادَ.
وَقَالَ لي التنوخي: هو أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن سُلَيْمَان بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان بْن أَحْمَدَ بْن سُلَيْمَان بْن دَاوُد بْن المطهر بْن زياد بْن ربيعة بْن الحارث بْن ربيعة بن أيّوب ابن أسحم بْن أرقم بْن النعمان بْن عدي بْن عَبْد غطفان بْن عمرو بْن بريح بْن جذيمة بْن تيم اللَّه بْن أسد بْن وبرة بْن حلوان بْن عمران بْن إلحاف بْن قضاعة.
أنشدنا الْقَاضِي أَبُو الْقَاسِم عَلِيّ بْن المحسن قَالَ أنشدنا أَبُو العلاء المعري لنفسه يرثى بعض أقاربه:
غير مجد فِي ملتي واعتقادي ... نوح باك ولا ترنم شاد
وشبيه صوت النعي إذا قيس ... بصوت البشير فِي كل ناد
أبكت تلكم الحمامة أم غنت ... على فرع غصنها المياد
صاح هذي قبورنا تملأ الأرض ... فأين القبور من عهد عاد
خفف الوطء ما أظن أديم الأرض ... إلا من هَذِهِ الأجساد
وقبيح بنا وإن قدم العهد ... هوان الآباء والأجداد
سر إن اسطعت فِي الهواء رويدا ... لا اختيالا على رفات العباد
رب لحد قد صار لحدا مرارا ... ضاحك من تزاحم الأضداد
ودفين على بقايا دفين ... في طويل الأزمان والآباد
فاسأل الفرقدين عمن أحسا ... من قبيل وآنسا من بلاد
كم أقاما على زوال نهار ... وأنارا لمدلج فِي سواد
تعب كلها الحياة فما أعجب ... إلا من راغب فِي ازدياد
إن حزنا في ساعة الموت أضعاف ... سرور فِي ساعة الميلاد
خلق الناس للبقاء فضلت ... أمة يحسبونهم للنفاد
إنما ينقلون من دار أعمال ... إِلَى دار شقوة أو رشاد
والقصيدة طويلة.
حَدَّثَنِي أَبُو الْخَطَّاب العلاء بْن حزم الأندلسي قَالَ ذكر لي أَبُو العلاء المعري: أنه ولد فِي يوم الجمعة لثلاث بقين من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وستين وثلاثمائة.
وَكَانَ أَبُو العلاء ضريرا عمى فِي صباه، وعاد من بغداد إِلَى بلده معرة النعمان أقام بها إِلَى حين وفاته، وَكَانَ يتزهد ولا يأكل اللحم، ويلبس خشن الثياب، وصنف كتبا فِي اللغة، وعارض سورا من القرآن، وحكى عَنْهُ حكايات مختلفة فِي اعتقاده، حتى رماه بعض الناس بالإلحاد. وبلغنا أنه مات يوم الجمعة الثالث عشر من ربيع الأول سنة تسع وأربعين وأربعمائة
ــ تاريخ بغداد وذيوله للخطيب البغدادي ــ.

 

 

الشيخ الأديب أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان بن أحمد بن سليمان بن داود المَعَرِّي التَّنُوخي الشاعر، المتوفى بها في ربيع الأول سنة تسع وأربعين وأربعمائة، عن ست وثمانين سنة.
قرأ على أبيه وغيره وعميت عيناه من الجدري سنة 357. قال الشعر وهو ابن عشر، دخل بغداد سنة 368 وأقام بها ثم عاد إلى بلده ولزم منزله مدة عمره، وكان نحيف الجسم وهو من بيت علم ورئاسة.
أخذ عنه الخطيب التبريزي وابن فُورَّجَة ورحل إليه الطلبة.
وكان عالمًا باللغة، حسن الشعر، فصيحًا، صنَّف منظومة في "لزوم ما لا يلزم" و"سقط الزند" وشرحه "ضوء السقط" و"مختصر ديوان أبي تَمَّام" وسماه "ذكرى حبيب" و"ديوان البحتري" وسماه "عبث الوليد" و"ديوان المتنبي" وسماه "معجز أحمد" وتكلم على غريب أشعارهم ومعانيها. وله "الأيك والغصون" أزيد من مائة مجلد وهو المعروف بـ "الهمزة والردف" وله "اللامع العزيزي في شرح ديوان المتنبي" وكان يقول كأنما نظر المتنبي إلي بلحظ الغيب بقوله:
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي ... وأَسمعت كلماتي من به صَمَمُ
وكان يحبه ويفضله وله "شرح شواهد الجُمَل" لم يتم و"ظهير العضدي" في النحو وشرح بعض "كتاب سيبويه" و"مثقال النظم" في العروض و"الحقير النافع" في النحو.
وكان يرى رأي الحكماء القدماء ولا يأكل اللحم تدينًا. وكان متهمًا في دينه قاله ياقوت.
وقال ابن الجوزي: له "الفصول والغايات في معارضة السور والآيات" على حروف المعجم.
قال السِّلَفي: أظنه تاب وأناب. انتهى
وقال ابن العديم: في "دفع التجري على أبي العلاء المَعَرِّي": كان يرميه الحُسَّاد بالتعطيل ويُعملون على لسانه أقاويل قصدًا لهلاكه. انتهى
سلم الوصول إلى طبقات الفحول - حاجي خليفة.

 

 

هُوَ الشَّيْخُ العَلاَّمَةُ شَيْخُ الآدَابِ أَبُو العَلاَءِ؛ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ أَحْمَدَ بنِ سُلَيْمَانَ بن داود بن مطهر بن زياد ابن رَبِيْعَةَ بنِ الحَارِثِ بنِ رَبِيْعَةَ بنِ أَنْوَرَ بن أرقم بن أسحم بن النُّعْمَانِ وَيُلَقَّبُ بِالسَّاطِعِ لِجَمَالِهِ ابْنِ عَدِيِّ بنِ عَبْدِ غَطَفَانَ بنِ عَمْرِو بنِ برِيحِ بنِ جَذِيْمَةَ بنِ تَيْمِ اللهِ؛ الَّذِي هُوَ مُجْتَمعُ تَنُوخ بنِ أَسَدِ بنِ وَبْرَةَ بنِ تَغْلِبَ بن حلوان بن عمران بن الحاف ابن قُضَاعَةَ بنِ مَالِكِ بنِ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ بنِ زَيْدِ بنِ مَالِكِ بنِ حِمْيَرِ بنِ سَبَأَ بنِ يَشْجُبَ بنِ يَعْرُبَ بنِ قَحْطَانَ بنِ عَامِرٍ؛ وَهُوَ هُودٌ عَلَيْهِ السَّلاَمُ القَحْطَانِيُّ ثُمَّ التَّنُوْخِيُّ المَعَرِّيُّ الأَعْمَى اللُّغَوِيُّ الشَّاعِرُ صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ السَّائِرَةِ وَالمُتَّهَمُ فِي نِحْلَتِهِ.
وُلِدَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
وَأَضرَّ بِالجُدَرِيِّ وَلَهُ أَرْبَعُ سِنِيْنَ وَشهر؛ سَالتْ وَاحِدَةٌ وَابيضَّتِ اليُمْنَى فَكَانَ لاَ يذكُرُ مِنَ الأَلوَانِ إلَّا الأحمر لثوب أحمر ألبسوه إياه وَقَدْ جُدِّر وَبَقِيَ خَمْساً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً لاَ يَأْكُل اللَّحْم تَزُهُّداً فَلسفِيّاً.
وَكَانَ قَنوعاً مُتَعفِّفاً لَهُ وَقْفٌ يَقومُ بِأَمرِهِ وَلاَ يَقبلُ مِنْ أَحَدٍ شَيْئاً وَلَوْ تَكسَّبَ بِالمديحِ لحصَّلَ مَالاً وَدُنْياً فَإِنَّ نَظمه فِي الذِّروَة يُعَدُّ مَعَ المتنبِيّ وَالبُحْتُرِيّ.
سَمِعَ: جُزْءاً مِنْ يَحْيَى بنِ مِسْعَر رَوَاهُ عَنْ، أَبِي عَرُوْبَةَ الحَرَّانِيّ.
وَأَخَذَ الأَدب عَنْ، بنِي كوثر، وَأَصْحَاب ابْنِ خَالويه وكان يتوقد ذكاء.
وَمِنْ أَرْدَأ تَوَالِيفه "رِسَالَة الغفرَان" فِي مُجَلَّد قد احتوت على مزدكة وفراغ ورسالة المَلاَئِكَة وَرِسَالَة الطَّير عَلَى ذَلِكَ الْأُنْمُوذَج وَديوَانه سقط الزَّنْد مَشْهُوْر وَلَهُ لُزُوم مَا لاَ يَلزم مِنْ نَظمه وَكَانَ إِلَيْهِ المُنْتَهَى فِي حفظ اللغات.
ارْتَحَلَ فِي حُدُوْدِ الأَرْبَعِ مائَة إِلَى طرَابلس وَبِهَا كتب كَثِيْرَةٌ وَاجتَاز بِاللاَّذقيَّة فَنَزَلَ ديراً بِهِ رَاهِبٌ مُتفلسِفٌ فَدَخَلَ كَلاَمُه فِي مسَامعِ أَبِي العَلاَءِ وَحَصَلَتْ لَهُ شكوكٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ نورٌ يَدفعُهَا فَحصلَ لَهُ نوعُ انحَلاَلٍ دَلَّ عَلَيْهِ مَا يَنظمه وَيلهج بِهِ. وَيُقَالُ: تَابَ مِنْ ذَلِكَ وَارعوَى.
وَقَدْ سَارَتِ الفُضَلاَءُ إِلَى بَابه وَأَخَذُوا عَنْهُ.
وَكَانَ أَخَذَ اللُّغَة عَنْ، أَبِيْهِ وَبحلبَ عَنْ، مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ سَعْدٍ النَّحْوِيّ.
وَكَانَتْ غَلَّتُه فِي العَامِ نَحْو ثَلاَثِيْنَ دِيْنَاراً أَفرز مِنْهَا نِصْفهَا لمَنْ يَخدُمه.
وَكَانَ غذَاؤُه العَدَسَ وَنَحْوهُ وَحلوَاهُ التِّين وَثيَابُه الْقطن وَفِرَاشه لبَّادٌ وَحصِيْر بَرْدِي وَفِيْهِ قوَةُ نَفْس وَتَرْكٌ لِلْمِنَنِ عُورِضَ فِي وَقْفِهِ فَسَافر إِلَى بَغْدَادَ يَتظلَّم فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَحَدَّثَ بِهَا بسَقط الزّند.
يُقَالُ: كان يحفظ كل ما مر بسمع: هـ وَيُلاَزم بَيْتَه وَسَمَّى نَفْسه رهن المَحْبِسَيْنِ؛ لِلزومه مَنْزِلَه وَلِلعمَى وَقَالَ الشِّعرَ فِي حدَاثته وَكَانَ يُمْلِي تَصَانِيْفَه عَلَى الطَّلَبَةِ مِنْ صَدْره.
خَرَجَ صَالِح بنُ مِرْدَاسٍ ملك حلب فَنَازل المَعَرَّة يحاصرها وَرمَاهَا بِالمجَانِيق فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَبُو العَلاَءِ يَتشفَّع فَأَكْرَمَه وَقَالَ: أَلكَ حَاجَة؟ قَالَ: الأَمِيْرُ أَطَالَ الله بقاءه كالسيف القاطع لامن مسُّهُ وَخَشُنَ حدُّهُ وَكَالنَّهَار المَاتِع قَاظ وَسطُه وَطَابَ أَبْردَاهُ3 {خُذ العَفْوَ وأْمُرْ بالعُرْفِ وأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِين} [الأَعرَاف:199] فَقَالَ: قَدْ وَهبتُكَ المَعَرَّةَ فَأَنْشِدنَا مِنْ شعرِكَ. فَأَنْشَدَهُ عَلَى البديهِ أَبيَاتاً وَترحَّل صَالِحٌ.
كَانَ لأَبِي العَلاَءِ خلوَةٌ يَدخُلهَا لِلأَكلِ وَيَقُوْلُ: الأَعْمَى عورَة وَالوَاجِبُ اسْتَتَارُهُ. فَأَكَلَ مرَّةً دُبسَا فَنقط عَلَى صَدْرِهِ مِنْهُ فَلَمَّا خَرَجَ لِلإِفَادَة؛ قِيْلَ لَهُ: أَكَلتُم دُبساً؟ فَأَسرع بِيَدِهِ إِلَى صَدْره فَمسحه وَقَالَ: نَعَمْ لَعَنَ اللهُ النَّهَم. فَعجبُوا مِنْ ذكَائِهِ وَكَانَ يَعتذر إِلَى مَنْ يَرحل إِلَيْهِ وَيَتَأَوَّهُ لعدم صلته.
قال الباخرزي: أبو العلاء ضرير ماله ضرِيب وَمكفوفٌ فِي قَمِيْص الفَضْل مَلْفُوف وَمحجوبٌ خَصمه الأَلد مَحْجُوج قَدْ طَالَ فِي ظلّ الإِسْلاَم آنَاؤُهُ وَرشَح بِالإِلْحَاد إِنَاؤُه وَعِنْدنَا خَبَرُ بصرِهِ وَاللهُ العَالِمُ بِبصِيْرتِهِ وَالمطَّلعُ عَلَى سرِيرته وإنما تحدثت الألسن بإساءته بكتابه الذي عارض به القرآن وعنوانه بـ "الْفُصُول وَالغَايَات فِي محَاذَاة السُّوْر وَالآيَات".
وَقَالَ غَرسُ النِّعمَة مُحَمَّدُ بنُ هِلاَلٍ بن المُحَسَّن: لَهُ شِعْرٌ كَثِيْر وَأَدب غزِيْر وَيُرمَى بِالإِلْحَاد وَأَشعَارُه دَالَّة عَلَى مَا يُزَنُّ بِهِ وَلَمْ يَأْكُل لحماً وَلاَ بيضاً وَلاَ لَبَناً بَلْ يَقتصر عَلَى النّبَات وَيُحرِّمُ إِيلاَمَ الحيوَان وَيُظهر الصَّوْم دَائِماً. قَالَ: وَنَحْنُ نَذكُر مِمَّا رُمِي بِهِ فَمِنْهُ:
قِرَانُ المُشْتَرِي زُحَلاً يُرَجَّى ... لإِيقَاظِ النَّوَاظِرِ مِنْ كرَاهَا
تَقضَّى النَّاسُ جِيلاً بَعْدَ جيلٍ ... وَخُلِّفتِ النُّجُوْمُ كَمَا ترَاهَا
تَقدَّم صَاحِبُ التَّوْرَاةِ مُوْسَى ... وَأَوقَعَ بِالخَسَارِ مَنِ اقْترَاهَا
فَقَالَ رِجَالُهُ: وحيٌ أَتَاهُ ... وَقَالَ الآخرُوْنَ: بَلِ افْترَاهَا
وَمَا حَجِّي إِلَى أَحْجَارِ بيتٍ ... كؤوسُ الخَمْرِ تُشْرَبُ فِي ذُرَاهَا
إِذَا رَجَعَ الحَكِيمُ إلى حجاه ... تهاون بالمذاهب وازدراها
وَلَهُ:
صَرْفُ الزَّمَانِ مُفَرِّقُ الإِلْفَيْنِ ... فَاحْكُم إِلهِي بَيْنَ ذَاكَ وَبَينِي
أَنَهيْتَ عَنْ، قَتْلِ النُّفُوْس تَعمُّداً ... وَبَعَثْتَ أَنْتَ لِقَبْضِهَا مَلَكَيْنِ
وَزَعَمْتَ أَنَّ لَهَا مَعَاداً ثَانِياً ... مَا كَانَ أَغنَاهَا عَنِ، الحَالَيْنِ
وَلَهُ:
عقولٌ تَسْتَخِفُّ بِهَا سطورٌ ... وَلاَ يَدْرِي الفَتَى لِمَنِ الثُّبورُ
كِتَابُ محمدٍ وَكِتَابُ مُوْسَى ... وَإِنجيلُ ابْنِ مَرْيَمَ وَالزَّبُورُ
وَمِنْه:
هَفَتِ الحنِيفَةُ وَالنَّصَارَى مَا اهتدَتْ ... وَيَهُوْدُ حَارتْ وَالمَجُوْسُ مُضَلَّلَهْ
رَجُلاَنِ أَهْلُ الأَرْضِ: هَذَا عاقلٌ ... لاَ دينَ فِيْهِ وديّنٌ لاَ عَقْلَ لَهُ
وَمِنْه:
قُلْتُمْ لَنَا خالقٌ قديمٌ ... صَدَقْتُمُ هَكَذَا نَقُوْلُ
زَعَمْتُمُوْهُ بِلاَ زمانٍ ... وَلاَ مكانٍ إلَّا فَقُوْلُوا
هَذَا كلامٌ لَهُ خبيءٌ ... مَعْنَاهُ لَيْسَتْ لكم عقول
وَمِنْه:
دينٌ وكفرٌ وأنباءٌ تقَال وَفُر ... قانٌ يُنَصُّ وتوراةٌ وَإِنجيلُ
فِي كُلِّ جيلٍ أباطيلٌ يُدَانُ بِهَا ... فَهَلْ تَفَرَّد يَوْماً بِالهُدَى جيلُ
فَأَجَبْتُه:
نَعَمْ أَبُو القَاسِمِ الهَادِي وأُمّته ... فَزَادَكَ اللهُ ذُلاً يَا دُجَيْجِيلُ
وَمِنْه لُعِنَ:
فَلاَ تَحْسَبْ مَقَالَ الرُّسْلِ حَقّاً ... وَلَكِنْ قَوْلُ زورٍ سَطَّرُوهُ
وَكَانَ النَّاسُ فِي عيشٍ رغيدٍ ... فَجَاؤُوا بِالمُحال فَكَدَّرُوهُ
وَمِنْه:
وَإِنَّمَا حَمَّلَ التَّوْرَاةَ قَارِئَهَا ... كسبُ الفَوَائِدِ لاَ حُبُّ التِّلاَوَاتِ
وَهل أُبيحت نِسَاءُ الرُّوْم عَنْ، عرضٍ ... لِلعُرْبِ إلَّا بِأَحكَامِ النُّبُوَّاتِ
أَنشدتنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ عليّ كِتَابَةً أَخْبَرَنَا، فَرْقَدُ الكِنَانِيّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتّ مائَة أَنشدنَا السِّلَفِيّ سَمِعْتُ أَبَا زَكَرِيَّا التبرِيزِي يَقُوْلُ: لَمَّا قرأت على أبي العلاء بالمعرة قوله:
تناقضٌ مَا لَنَا إلَّا السُّكوتُ لَهُ ... وَأَن نَعُوذَ بِمَوْلاَنَا مِنَ النَّارِ
يدٌ بِخَمْسِ مئٍ مِنْ عسجدٍ وُدِيَتْ ... مَا بِالُهَا قُطِعَتْ فِي ربع دينا ?
سَأَلتُهُ فَقَالَ: هَذَا كَقَوْل الفُقَهَاء: عبَادَة لاَ يُعْقَلُ معنَاهَا.
قَالَ كَاتِبهُ: لَوْ أَرَادَ ذَلِكَ؛ لقَالَ: تَعَبُّدٌ. وَلَمَّا قَالَ: تَنَاقضٌ. وَلَمَّا أَرْدَفَه بِبَيْتٍ آخَر يَعترِضُ عَلَى رَبّهُ.
وَبإِسْنَادِي قَالَ السِّلَفِيّ: إِنْ كَانَ قَالَهُ مُعْتَقداً مَعْنَاهُ فَالنَّارُ مأوَاهُ وَلَيْسَ لَهُ فِي الإِسْلاَمِ نصِيْب. هَذَا إِلَى مَا يُحَكَى عَنْهُ فِي كِتَابِ الْفُصُول وَالغَايَات فَقِيْلَ لَهُ: أَيْنَ هَذَا مِنَ القُرْآن؟ فَقَالَ: لَمْ تَصْقُلْهُ المحَارِيب أَرْبَعِ مائَةِ سَنَةٍ.
وَبِهِ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا الخَلِيْلُ بنُ عبد الجَبَّار بقَزْوِيْن وَكَانَ ثِقَةً حَدَّثَنَا، أَبُو العَلاَءِ بِالمَعَرَّة حَدَّثَنَا، أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّد بن الحُسَيْنِ حَدَّثَنَا، خَيْثَمَةُ......، فَذَكَرَ حَدِيْثاً.
ثُمَّ قَالَ السِّلَفِيّ: وَمِنْ عَجِيْب رَأْي أَبِي العَلاَءِ تركُهُ أَكل مَا لاَ يَنْبُتُ حَتَّى نُسِبَ إِلَى التَّبَرْهُم وَأَنَّهُ يَرَى رَأْي البرَاهِمَةِ فِي إِثْبَات الصَّانعِ وَإِنْكَارِ الرُّسلِ وَتَحْرِيْم إِيذَاء الحيوَانَاتِ حَتَّى العقَارب وَالحيَّات وَفِي شِعْرِهِ مَا يَدلُّ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ لاَ يَسْتَقِرُّ بِهِ قرَار فَأَنشدنِي أَبُو المَكَارِمِ الأَسَدِيّ أَنشدنَا أَبُو العَلاَءِ لِنَفْسِهِ:
أَقَرُّوا بِالإِلهِ وأثبتوه ... وقالوا: لا نبيّ ولا كتاب
وَوطءُ بنَاتِنَا حلٌّ مباحٌ ... رُوَيْدَكُمُ فَقَدْ طَالَ العِتَابُ
تَمَادَوا فِي الضَّلاَل فَلَمْ يَتوبُوا ... وَلَوْ سمع: وا صَليلَ السَّيْفِ تَابُوا
قَالَ: وَأَنشدنَا أَبُو تَمَّام غَالِبُ بنُ عِيْسَى بِمَكَّةَ أَنشدنَا أَبُو العَلاَءِ المَعَرِّيّ لِنَفْسِهِ:
أَتَتْنِي مِنَ الإِيْمَان سِتُّوْنَ حِجَّةً ... وَمَا أَمْسَكَتْ كَفِّي بِثِنْيِ عِنَانِ
وَلاَ كَانَ لِي دارٌ وَلاَ رُبْعُ منزلٍ ... وَمَا مسَّنِي مِنْ ذَاكَ رَوْعُ جَنَانِ
تَذكَّرتُ أَنِّي هالكٌ وَابْنُ هالكٍ ... فَهَانَتْ عليَّ الأَرْضُ وَالثَّقَلاَنِ
وَبِهِ: قَالَ السِّلَفِيّ: وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِحَّة عَقيدَتِهِ مَا سَمِعْتُ الخَطِيْب حَامِدَ بنَ بختيَار سَمِعْتُ أَبَا المَهْدِيّ بنَ عبدِ الْمُنعم بن أَحْمَدَ السَّرُوجِي سَمِعْتُ أَخِي أَبَا الفَتْح القَاضِي يَقُوْلُ: دَخَلتُ عَلَى أَبِي العَلاَءِ التنوخِي بِالمَعَرَّة بَغْتَةً فَسمِعتُهُ يُنشدُ:
كَمْ غُودِرَتْ غادةٌ كعابٌ ... وَعُمِّرت أُمّها العَجُوْزُ
أَحرَزَهَا الوَالِدَانِ خَوفاً ... وَالقَبْرُ حرزٌ لَهَا حَرِيزُ
يَجوزُ أَنْ تُخْطِئ المنَايَا ... وَالخُلْدُ فِي الدَّهْرِ لاَ يَجُوْزُ
ثُمَّ تَأَوَّهَ مَرَّات وَتَلاَ قَوْله تَعَالَى: {إنَّ فِي ذلكَ لآيَةً لِمَنْ خافَ عَذابَ الآخِرةِ} إِلَى قَوْلِهِ: {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} [هود: 103 - 105] . ثُمَّ صَاح وَبَكَى وَطرح وَجهه عَلَى الأَرْضِ زَمَاناً ثُمَّ مَسحَ وَجْهَهُ وَقَالَ: سُبْحَانَ مَنْ تَكَلَّمَ بِهَذَا فِي القِدَمِ! سُبْحَانَ مَنْ هَذَا كَلاَمُه! فَصبرتُ سَاعَةً ثُمَّ سَلَّمْتُ ثُمَّ قُلْتُ: أَرَى فِي وَجْهِكَ أَثَرَ غِيظٍ؟ قَالَ: لاَ بَلْ أَنشدتُ شَيْئاً مِنْ كَلاَم المَخْلُوْق وَتَلَوْتُ شَيْئاً مِنْ كَلاَم الخَالِق فَلَحِقَنِي مَا تَرَى. فَتحققت صِحَّة دينه.
وَبِهِ: قَالَ السِّلَفِيّ: سَمِعْتُ أَبَا زَكَرِيَّا التبرِيزِي يَقُوْلُ: أَفْضَلُ مَنْ قَرَأْتُ عَلَيْهِ أَبُو العَلاَءِ.
وَسَمِعْتُ أَبَا المَكَارِم بِأَبهر وَكَانَ مِنْ أَفرَاد الزَّمَان يَقُوْلُ: لمَّا تُوُفِّيَ أَبُو العَلاَءِ اجْتَمَع عَلَى قَبْرِهِ ثَمَانُوْنَ شَاعِراً وَخُتِمَ فِي أُسْبُوْعٍ واحد مائةا ختمَة. إِلَى أَنْ قَالَ السِّلَفِيّ: وَفِي الجُمْلَةِ فَكَانَ مِنْ أَهْلِ الفَضْل الوَافر وَالأَدبِ البَاهرِ وَالمَعْرِفَةِ بِالنَّسبِ وَأَيَّامِ العَرَبِ قَرَأَ القُرْآنَ بِروَايَات وَسَمِعَ: الحَدِيْثَ عَلَى ثِقَات وَلَهُ فِي التَّوحيد وَإِثْبَات النّبوَات وَمَا يَحُضُّ عَلَى الزُّهْدِ وَإِحيَاء طرق الفتوَّة وَالمُروءة شعرٌ كَثِيْرٌ وَالمُشكل مِنْهُ فَلَهُ عَلَى زَعْمِهِ تَفْسِيْر.
قَالَ غَرْسُ النِّعمَة: حَدَّثَنَا، الوَزِيْرُ أَبُو نَصْرٍ بنُ جَهِير حَدَّثَنَا، المنَازِي الشَّاعِر قَالَ: اجْتَمَعتُ بِأَبِي العَلاَءِ فَقُلْتُ: ما هذا الذي يروى عنك؟ قال: حسدونِي وَكَذَبُوا عليّ. فَقُلْتُ: عَلَى مَاذَا حَسَدُوك وَقَدْ تركتَ لَهُم الدُّنْيَا وَالآخِرَة؟ فَقَالَ: وَالآخِرَة ?! قُلْتُ: إِي وَاللهِ.
ثُمَّ قَالَ غَرس النِّعمَة: وَأَذْكُرُ عِنْد وَرود الخَبَر بِمَوْته وَقَدْ تذَاكرنَا إِلحَادَهُ وَمَعَنَا غُلاَمٌ يُعْرَفُ بِأَبِي غَالِب بن نَبْهَانَ مِنْ أَهْلِ الخَيْر وَالفِقْه فَلَمَّا كَانَ مِنَ الغَدِ حَكَى لَنَا قَالَ: رَأَيْتُ البَارِحَةَ شَيْخاً ضرِيراً عَلَى عَاتقه أَفعيَان مُتدَلِّيَان إِلَى فَخِذَيْهِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَرْفَعُ فَمَهُ إِلَى وَجهِهِ فِيقطع مِنْهُ لحماً وَيَزْدَرِدُهُ وَهُوَ يَسْتَغِيثُ فَهَالنِي وَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقِيْلَ لِي: هَذَا أَبُو العَلاَءِ المعرِّي المُلْحِدِ.
وَلأَبِي العَلاَءِ.
لاَ تَجْلِسَنْ حرّةٌ موفّقةٌ ... مَعَ ابْنِ زوجٍ لَهَا وَلاَ خَتَنِ
فَذَاكَ خيرٌ لَهَا وَأَسْلَمُ لِلـ ... إِنْسَانِ إِنَّ الفَتَى مِنَ الفِتَنِ
أَنشدنَا أَبُو الحُسَيْنِ الحَافِظُ بِبَعْلَبَك أَنشدنَا جَعْفَرُ بنُ عَلِيّ أَنشدنَا السِّلَفِيّ أَنشدنَا أَبُو المَكَارِمِ عَبْدُ الوَارِثِ بنُ مُحَمَّدٍ الأَسَدِيُّ أَنشدنَا أَبُو العَلاَءِ بنُ سُلَيْمَانَ لِنَفْسِهِ:
رَغِبْتُ إِلَى الدُّنْيَا زَمَاناً فَلَمْ تَجُدْ ... بِغَيْرِ عناءٍ وَالحَيَاةُ بلاغُ
وَأَلقَى ابْنَه اليَأْسُ الكريم وبنته ... لديّ فعندي راحةٌ وفراغ
وَزَادَ فَسَادَ النَّاسِ فِي كُلِّ بلدةٍ ... أَحَادِيْثُ مينٍ1 تُفْتَرَى وَتُصَاغُ
وَمِنْ شَرِّ مَا أَسْرَجْتَ فِي الصُّبْح وَالدُّجَى ... كميتٌ لَهَا2 بِالشَّاربينَ مَرَاغُ
وَبِهِ:
أَوحَى المليكُ إِلَى مَنْ فِي بَسيطتِهِ ... مِنَ البَرِيَّةِ جُوسُوا الأَرْضَ أَوْ حُوسُوا1
فَأَنْتُم قَوْمُ سوءٍ لاَ صلاَحَ لَكُم ... مَسْعُوْدُكُم عِنْدَ أَهْل الرَّأْي منَحْوسُ
أَنشدنَا مُوْسَى بنُ مُحَمَّدٍ بِبَعْلَبَك أَنشدنَا الشَّرَف الإِرْبِلِيّ أَنشدنَا أَحْمَدُ بنُ مُدْرِك القَاضِي أَنشدنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُؤيد بن أَحْمَدَ بنِ حوَارِيّ أَنشدنَا جَدِّي أَبُو اليَقْظَان أَحْمَد أَنشدنَا أَبُو العَلاَءِ بنُ سُلَيْمَانَ لِنَفْسِهِ:
يَا سَاهِرَ البَرْقِ أَيقظ رَاقد السَّمُرِ2 ... لَعَلَّ بِالجِزْعِ3 أَعْوَاناً عَلَى السَّهَرِ
وَإِن بَخِلْتَ عَلَى الأَحْيَاءِ كُلِّهمِ ... فَاسْقِ المَوَاطِرَ4 حيّاً مِنْ بَنِي مَطَرِ
وَيَا أَسيرَةَ حِجْلَيْهَا5 أَرَى سَفَهاً ... حَمْلَ الحُلِيِّ لِمَنْ أَعيَى عَنِ، النَّظَرِ
مَا سِرْتُ إلَّا وطيفٌ مِنْكَ يَطرحُنِي ... يَسرِي أمامي وتأويبًا6 على أثري
لَوْ حَطَّ رَحْلِي فَوْقَ النَّجْمِ رَافِعُهُ ... أَلْفَيْتُ ثَمَّ خيَالاً مِنْكَ مُنْتَظِرِي
يَوَدُّ أَنَّ ظلاَمَ اللَّيْل دَامَ لَهُ ... وَزِيْدَ فِيْهِ سوَادُ القَلْبِ وَالبَصَرِ
لَوِ اخْتَصَرتُم مِنَ الإِحسَانِ زُرْتُكُمُ ... وَالعَذْبُ يُهْجَرُ لِلإِفرَاط فِي الخَصَرِ
وَهِيَ طَوِيْلَة بَدِيْعَة نَيِّفٌ وَسَبْعُوْنَ بَيْتاً وَشِعْرُه مِنْ هَذَا النَّمَط.
قِيْلَ: إِنَّهُ أَوْصَى أَنْ يُكتب عَلَى قَبْرِهِ:
هَذَا جنَاهُ أَبِي عليَّ ... وَمَا جَنِيْتُ عَلَى أحد
قُلْتُ: الفَلاَسِفَة يَعدُّوْنَ اتخَاذ الوَلَدِ وَإِخرَاجَهُ إِلَى الدُّنْيَا جنَايَةً عَلَيْهِ وَيظهرُ لِي مِنْ حَال هَذَا المَخْذُول أَنَّهُ مُتَحَيِّرٌ لَمْ يَجزِم بِنِحْلَةٍ. اللَّهُمَّ فَاحفظ عَلَيْنَا إِيْمَاننَا.
وَنَقَلَ القِفْطِيّ أَنَّ أَبَا العَلاَء قَالَ: لَزِمْتُ مسكنِي مُنْذُ سَنَةَ أَرْبَع مائَة وَاجتهدتُ أَنْ أَتوفَّرَ عَلَى الحمدِ وَالتَّسْبيحِ إلَّا أَنْ أُضْطَرَّ إِلَى غَيْر ذَلِكَ فَأَمْلَيْتُ أَشيَاءَ تَولَّى نسخَهَا أَبُو الحَسَنِ ابْن أَبِي هَاشِمٍ فِي الزُّهْدِ وَالعظَاتِ وَالتَّمجيدِ؛ فَمِنْ ذَلِكَ الْفُصُول وَالغَايَات مائَة كُرَّاسة وَمُؤلَّفٌ فِي غريب ذلك عشرون كراسة وإقليد الغَايَات فِي اللُّغَة عَشر كَرَارِيْس وَكِتَاب الأَيك والغصون ألف ومائةا كراسة وكتاب مختلف الفصول نحو أربع مائة كراس وتاج الحرّة فِي وَعظ النِّسَاء نَحْو أَرْبَع مائَة كراسة والخطب مُجَلَّد وَكِتَاب فِي الْخَيل عشر كَرَارِيْس وَكِتَاب خطبة الفصيح خمس عشرة كراسة وترسيل الرموز مجلد ولزوم ما لا يلزم نحو مائة وعشرين كراسة وزجر النَّابح مُجَلد وَكِتَاب نَجر الزّجر مِقْدَاره وَكِتَاب شرح لزوم ما لا يَلزم ثَلاَث مُجَلَدَات وَكِتَاب مُلْقَى السَّبِيل جُزْء ومواعظ في مجلد وخماسية الرَّاح فِي ذَمّ الخَمْر عشر كَرَارِيْس قُلْتُ: أَظنّه يَعْنِي بِالكرَّاسَة ثَلاَث وَرقَات وَكِتَاب سقط الزَّنْد وَكِتَاب القوَافِي وَالأَوزَان سِتُّوْنَ كرَّاسَة وَسرد أَشيَاء كَثِيْرَة أَدبيَات وَكِتَابُه فِي الزُّهْد يُعرفُ بِكِتَاب اسْتَغْفر وَاسْتَغْفرِي مَنظومٌ نَحْو عَشْرَة آلاَف بَيْت الْمَجْمُوع خَمْسَة وَخَمْسُوْنَ مُصَنّفاً. قَالَ: فِي نَحْو أَرْبَعَة آلاَف وَمائَة وَعِشْرِيْنَ كرَّاسَة.
قُلْتُ: قَدْ قدَّرتُ لَكَ الكرَّاسَة.
قَالَ القِفْطِيّ: أَكْثَرُ كتبِهِ عُدِمَتْ وَسلم مِنْهَا مَا خَرَجَ عَنِ، المَعَرَّة قَبْل اسْتبَاحَةِ الكُفَّار لَهَا.
قُلْتُ: قَبْرُهُ دَاخِل المَعَرَّة فِي مَكَان دَاثِرٍ وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ أَبُو طَاهِرٍ بنُ أَبِي الصَّقْر الأَنْبَارِيّ وَطَائِفَة وَقَدْ طَالَ المَقَالُ وَمَا عَلَى الرَّجُلِ أنس زهاد المُؤْمِنِيْنَ وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا خُتِمَ لَهُ. وَمِنْ خَبِيْثِ قَوْله:
أَتَى عِيْسَى فَبَطَّلَ شَرْعَ مُوْسَى ... وَجَاءَ محمّدٌ بصَلاَةِ خَمْسٍ
وَقَالُوا: لاَ نبيٌّ بَعْدَ هَذَا ... فَضلَّ القَوْمُ بَيْنَ غدٍ وَأَمْسِ
وَمهمَا عِشْتَ مِنْ دُنْيَاك هذِي ... فَمَا تُخْلِيكَ مِنْ قَمَرٍ وَشَمْسِ
إِذَا قُلْتُ المُحَالَ رَفَعتُ صوتي ... وإن قلت الصحيح أطلت همسي
إِنْ كُنْتَ لَمْ تُرِقِ الدِّمَاءَ زَهَادَةً ... فَلَقَدْ أَرَقْتَ اليَوْمَ مِنْ جَفْنِي دمَا
سَيَّرْتَ ذِكْرَكَ فِي البِلاَدِ كَأَنَّهُ ... مسكٌ فَسَامِعَةً يُضَمَّخُ أَوْ فَمَا
وَأَرَى الحَجِيْجَ إِذَا أَرَادُوا لَيْلَةً ... ذِكرَاكَ أخرج فديةً من أحرما
وممن رَوَى عَنْهُ أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ المُحَسّن التَّنوخِي وَمَاتَ قَبْلَهُ وَغَالِبُ بنُ عِيْسَى الأَنْصَارِيّ.
وَكَانَتْ عِلَّتُهُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَمَاتَ فِي أَوَائِل شَهْر ربيع الأَوَّل مَنْ سَنَة تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وأربع مائة وعاش ستًا وثمانين سنة.
وَمِمَّنْ رثَاهُ تِلْمِيْذُه أَبُو الحَسَنِ عليّ، فَقَالَ:
سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي.

 

 

وأما أبو العلاء أحمد بن سليمان التنوخي المعروف بالمعري، فإنه كان غزير الفضل، وافر الأدب، عالماً باللغة، حسن الشعر، جزل الكلام، وكان ضريراً أعمى، ولم يكن أكمه؛ كما توهمه من لا علم له.
وصنف تصانيف كثيرة، وأشعاراً جمة؛ كسقط الزند، ولزوم ما لا يلزم، إلى غير ذلك.
قال أبو القاسم التنوخي: ورد بغداد، وقرأت عليه شعره.
وذكر أنه لما قدم بغداد دخل عليه علي بن عيسى الربعي ليقرأ عليه شيئاً من النحو، قال له الربعي: ليصعد الإصطبل فخرج مغضباً، ولم يعد إليه.
ويروى أنه أدخل يوماً إلى مجلس المرتضى، فعثر بإنسان، فقال له: من هذا الكلب؟ فقال له: الكلب من لا يعرف للكلب سبعين اسماً! ويحكى عنه أنه كان برهمياً، وأنه وصف لمريض فروج، فقال: استضعفوك فوصفوك.
وأخذ عنه أبو زكرياء يحيى بن علي الخطيب التبريزي.
وذكر أن مولد أبي العلاء يوم الجمعة مغيب الشمس لثلاث بقين من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وستين وثلاثمائة، وعمي من الجدري، وجدر أول سنة سبع وستين وثلاثمائة فغشى يمنى حدقتيه بياض، وأذهب اليسرى.
وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة - أو اثنتي عشرة.
ورحل إلى بغداد سنة ثمان وتسعين، ودخلها سنة تسع وتسعين، وأقام بها سنة وتسعة أشهر، ولزم منزله بعد منصرفه من بغداد سنة أربعمائة، وسمى نفسه رهن المحبسين.
وكان عمره ستاً وثمانين سنة، لم يأكل اللحم منها خمساً وأربعين سنة.
ويحكى عنه كلمات وأشعار موهمة، توجب في حقه التهمة؛ والله أعلم.
وتوفي يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول، سنة تسع وتسعين وأربعمائة، في خلافة القائم بأمر الله تعالى.
نزهة الألباء في طبقات الأدباء - لكمال الدين الأنباري.

 


يوجد له ترجمة في كتاب: (بغية الطلب في تاريخ حلب - لكمال الدين ابن العديم)