أحمد بن الحسين بن الحسن أبي الطيب الجعفي

أبي الطيب المتنبي

تاريخ الولادة303 هـ
تاريخ الوفاة354 هـ
العمر51 سنة
مكان الولادةالكوفة - العراق
مكان الوفاةالنعمانية - العراق
أماكن الإقامة
  • أرجان - إيران
  • شيراز - إيران
  • الكوفة - العراق
  • بغداد - العراق
  • بلاد الشام - بلاد الشام
  • مصر - مصر

نبذة

أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكوفي الكندي، أَبُو الطَّيِّب المُتَنَبِّي: الشاعر الحكيم، وأحد مفاخر الأدب العربيّ. وفي علماء الأدب من يعده أشعر الإسلاميين. ولد بالكوفة في محلة تسمى (كندة) وإليها نسبته. ونشأ بالشام، ثم تنقل في البادية يطلب الأدب وعلم العربية وأيام الناس. وقال الشعر صبيا. ووفد على سيد الدولة ابن حمدان (صاحب حلب) سنة 337هـ فمدحه وحظي عنده وعاد يريد بغداد فالكوفة، فعرض له فاتك بن أبي جهل الأسدي في الطريق بجماعة من أصحابه فقتل أبو الطيب وابنه محسد وغلامه مفلح، بالنعمانيّة.

الترجمة

أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكوفي الكندي، أَبُو الطَّيِّب المُتَنَبِّي:
الشاعر الحكيم، وأحد مفاخر الأدب العربيّ. له الأمثال السائرة والحكم البالغة والمعاني المبتكرة. وفي علماء الأدب من يعده أشعر الإسلاميين. ولد بالكوفة في محلة تسمى (كندة) وإليها نسبته. ونشأ بالشام، ثم تنقل في البادية يطلب الأدب وعلم العربية وأيام الناس. وقال الشعر صبيا. وتنبأ في بادية السماوة (بين الكوفة والشام) فتبعه كثيرون، وقبل أن يستفحل أمره خرج إليه لؤلؤ (أمير حمص ونائب الإخشيد) فأسره وسجنه حتى تاب ورجع عن دعواه. ووفد على سيد الدولة ابن حمدان (صاحب حلب) سنة 337هـ فمدحه وحظي عنده. ومضى إلى مصر فمدح كافور الإخشيدي وطلب منه أن يوليه، فلم يوله كافور، فغضب أبو الطيب وانصرف يهجوه. وقصد العراق، فقرئ عليه ديوانه. وزار بلاد فارس فمر بأرجان ومدح فيها ابن العميد وكانت له معه مساجلات. ورحل إلى شيراز فمدح عضد الدولة ابن بويه الديلميّ. وعاد يريد بغداد فالكوفة، فعرض له فاتك بن أبي جهل الأسدي في الطريق بجماعة من أصحابه، ومع المتنبي جماعة أيضا، فاقتتل الفريقان، فقتل أبو الطيب وابنه محسد وغلامه مفلح، بالنعمانيّة، بالقرب من دير العاقول (في الجانب الغربي من سواد بغداد) . وفاتك هذا خال ضبة بن يزيد الأسدي العيني، الّذي هجاه المتنبي بقصيدته البائية المعروفة. وهي من سقطات المتنبي.
أما (ديوان شعره - ط) فمشروح شروحا وافية. وقد جمع الصاحب ابن عباد لفخر الدولة (نخبة من أمثال المتنبي وحكمه - ط) وتباري الكتاب قديما وحديثا في الكتابة عنه، فألف الجرجاني (الوساطة بين المتنبي وخصومه - ط) والحاتمي (الرسالة الموضحة في سرقات أبي الطيب وساقط شعره - خ) والبديعي (الصبح المنبي عن حيثية المتنبي - ط) والصاحب ابن عباد (الكشف عن مساوئ شعر المتنبي - ط) والثعالبي (أَبُو الطَّيِّب المُتَنَبِّي وما له وما عليه - ط)) والمتيم الإفريقي (الانتصار المنبي عن فضل المتنبي) وعبد الوهاب عزام (ذكرى أبي الطيب بعد ألف عام - ط) شفيق جبري (المتنبي - ط) وطه حسين (مع المتنبي - ط) جزآن، ومحمد عبد المجيد (أَبُو الطَّيِّب المُتَنَبِّي، ما له وما عليه - ط) ومحمد مهدي علام (فلسفة المتنبي من شعره -ط) ومحمد كمال حلمي (أَبُو الطَّيِّب المُتَنَبِّي - ط) ومثله لفؤاد البستاني، ولمحمود محمد شاكر، ولزكي المحاسني .

-الاعلام للزركلي-

 

 

 

أبو الطيب المتنبي
أبو الطيب أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكندي الكوفي المعروف بالمتنبي الشاعر المشهور، وقيل: هو أحمد بن الحسين بن مرة بن عبد الجبار، والله أعلم.
هو من أهل الكوفة، وقدم الشام في صباه وجال في أقطاره، واشتغل بفنون الأدب ومهر فيها، وكان من الكثيرين من نقل اللغة والمطلعين على غريبها وحوشيها، ولا يسأل عن شيء إلا واستشهد فيه بكلام العرب من النظم والنثر، حتى قيل: إن الشيخ أبا علي الفارسي، صاحب الإيضاح والتكملة، قال له يوماً: كم لنا من الجموع على وزن فعلي: فطالعت كتب اللغة ثلاث ليال علي أن أجد لهذين الجمعين ثالثاً، فلم أجد. وحسبك من يقول في حقه أبو علي هذه المقالة. وحجلى: جمع حجل، وهو: الطائر الذي يسمى القبج.
والظربي: جمع ظربان - على مثال قطران - وهي دويبة منتنة الرائحة.
وأما شعره فهو في النهاية، ولا حاجة إلى ذكر شيء منه لشهرته، لكن الشيخ تاج الدين الكندي رحمه الله كان يروي له بيتين لا يوجدان في ديوانه وكانت روايته لهما بالإسناد الصحيح المتصل به، فأحببت ذكرهما لغرابتهما، وهما:
أبعين مفتقر إليك نظرتني ... فأهنتني وقد فتني من حالق
لست الملوم أنا الملوم لأنني ... أنزلت آمالي بغير الخالق

ولما كان بمصر مرض، وكان له صديق يغشاه في علته، فلما أبل أنقطع عنه، فكتب إليه: وصلتني وصلك الله معتلاً، وقطعتني مبلاً، فإن رأيت أن لا تحبب العلة إلي، ولا تكدر الصحة علي، فعلت إن شاء الله تعالى.
والناس في شعره على طبقات: فمنهم من يرجحه على أبي تمام ومن بعده، ومنهم من يرجح أبا تمام عليه، وقال أبو العباس أحمد بن محمد النامي الشاعر الآتي ذكره عقيب هذا: كان قد بقي من الشعر زاوية دخلها المتنبي، وكنت أشتهي أن أكون قد سبقته إلى معنيين قالهما ماسبق إليهما، أحدهما قوله:
رماني الدهر بالأرزاء حتى ... فؤادي في غشاء من نبال
فصرت إذا أصابتني سهام ... تكسرت النصال على النصال

والآخر قوله:
في جحفل ستر العيون غباره ... فكأنما يبصرن بالآذان واعتنى العلماء بديوانه فشرحوه، وقال لي أحد المشايخ الذين أخذت عنهم: وقفت له على أكثر من أربعين شرحاً ما بين مطولات ومختصرات، ولم يفعل هذا بديوان غيره، ولاشك أنه كان رجلاً مسعوداً، ورزق في شعره السعادة التامة.

وإنما قيل له المتنبي لأنه ادعى النبوة في بادية السماوة، وتبعه خلق كثير من بني كلب وغيرهم فخرج إليه لؤلؤ أمير حمص نائب الإخشيدية فأسره وتفرق أصحابه وحبسه طويلاً ثم استتابه وأطلقه، وقيل غير ذلك، وهذا أصح، وقيل: إنه قال: أنا أول من تنبأ بالشعر.
ثم التحق بالأمير سيف الدولة بن حمدان في سنة سبع وثلاثين وثلثمائة، ثم فارقه ودخل مصر سنة ست وأربعين وثلثمائة، ومدح كافوراً الإخشيدي وأنوجور ابن الإخشيد، وكان يقف بين يدي كافور وفي رجليه خفان وفي وسط سيف ومنطقة ويركب بحاجبين من مماليكه وهما بالسيوف والمناطق، ولما لم يرضه هجاه وفارقه ليلة عيد النحر سنة خمسين وثلثمائة، ووجه كافور خلفه رواحل إلى جهات شتى فلم يلحق، وكان كافور وعده بولاية بعض أعماله، فلما رأى تعاليه في شعره وسموه بنفسه خافه، وعوتب فيه فقال: يا قوم، من ادعى النبوة بعد محمد صلى الله عليه وسلم، أما يدعي المملكة مع كافور فحسبكم.
قال أبو الفتح ابن جني النحوي: كنت قرأت ديوان أبي الطيب المتنبي عليه، فقرأت عليه قوله في كافور القصيدة التي أولها:
أغالب فيك الشوق والشوق أغلب ... وأعجب من ذا الهجر والوصل أعجب حتى بلغت إلى قوله:
ألا ليت شعري هل أقول قصيدة ... ولا اشتكي فيها ولا أتعتب
وبي ما يذود الشعر عني أقله ... ولكن قلبي يا ابنة القوم قلب فقلت له: يعز علي، كيف يكون هذا الشعر في ممدوح غير سيف الدولة فقال: حذرناه وأنذرناه فما نفع، ألست القائل فيه:
أخا الجود، أعط الناس ما أنت مالك ... ولا تعطين الناس ما أنا قائل فهو الذي أعطاني كافوراً بسوء تدبيره وقلة تمييزه.
وكان لسيف الدولة مجلس يحضره العلماء كل ليلة فيتكلمون بحضرته، فوقع بين المتنبي وبين ابن خالويه النحوي كلام، فوثب ابن خالويه على المتنبي فضرب وجهه بمفتاح كان معه، فشجه وخرج ودمه يسيل على ثيابه، فغضب وخر إلى مصر وامتدح كافوراً.
ثم رحل عنه وقصد بلاد فارس، ومدح عضد الدولة بن بويه الديلمي، فأجزل جائزته، ولما رجع من عنده قاصداً إلى بغداد ثم إلى الكوفة في شعبان لثمان خلون منه عرض له فاتك بن أبي الجهل الأسدي في عدة من أصحابه، وكان مع المتنبي أيضاً جماعة من أصحابه، فقاتلوهم، فقتل المتنبي وابنه مُحسد وغلامه مفلح بالقرب من النعمانية، في موضع يقال له الصافية، وقيل حيال الصافية، من الجانب الغربي من سواد بغداد عند دير العاقول بينهما مسافة ميلين.
وذكر ابن رشيق في كتاب " العمدة " في باب منافع الشعر ومضاره أن أبا الطيب لما فر حين رأى الغلبة قال له غلامه: لا يتحدث الناس عنك بالفرار أبدا وأنت القائل:
فالخيل والليل والبيداء تعرفني ... والحرب والضرب والقرطاس والقلم فكر راجعاً حتى قتل، وكان سبب قتله هذا البيت، وذلك يوم الأربعاء ليست بقين - وقيل: لثلاث بقين، وقيل: لليلتين بقيتا - من شهر رمضان سنة أربع وخمسين وثلثمائة، وقيل: إن قتله كان يوم الاثنين لثمان بقين من شهر رمضان، وقيل: لخمس بقين من شهر رمضان من السنة المذكورة.
ومولده في سنة ثلاث وثلثمائة بالكوفة في محلة تسمى كندة فنسب إليها، وليس هو من كندة التي هي قبيلة، بل هو جعفي القبيلة - بضم الجيم وسكون العين المهملة وبعدها فاء - وهو جعفي بن سعد العشيرة بن مذحج، واسمه مالك بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان، وإنما قيل له سعد العشيرة لأنه كان يركب - فيما قيل - في ثلثمائة من ولده وولد ولده، فإذا قيل له: من هؤلاء قال: عشيرتي، مخافة العين عليهم.

ويقال: إن أبا المتنبي كان سقاء بالكوفة، ثم انتقل إلى الشام بولده، ونشأ ولده بالشام، وإلى هذا أشار بعض الشعراء في هجو المتنبي حيث قال:
أي فضل لشاعر يطلب الفض ... ل من الناس بكرة وعشيا
عاش حيناً يبيع في الكوفة الما ... ء، وحيناً يبيع ماء المحيا وسيأتي في حرف الحاء نظير هذا المعنى لابن المعذل في أبي تمام حبيب بن أوس الشاعر المشهور.
ولما قتل المتنبي رثاه أبو القاسم المظفر بن علي الطبسي بقوله:
لا رعى الله سرب هذا الزمان ... إذ دهانا في مثل ذاك اللسان
ما رأى الناس ثاني المتنبي ... أي ثان يرى لبكر الزمان
كان من نفسه الكبيرة في جي ... ش وفي كبرياء ذي سلطان
هو في شعره نبي، ولكن ... ظهرت معجزاته في المعاني والطبسي - بفتح الطاء المهملة والباء الموحدة وبعدها سبن مهملة - هذه النسبة إلى مدينة في البرية بين نيسابور وإصبهان وكرمان يقال لها طبس.
ويحكى أن المعتمد بن عباد اللخمي صاحب قرطبة وإشبيلية أنشد يوماً في مجلسه بيت المتنبي، وهو من جملة قصيدته المشهورة (1) :
إذا ظفرت منك العيون بنظرة ... أثاب بها معيي المطي ورازمه وجعل يردده استحساناً له، وفي مجلسه أبو محمد عبد الجليل بن وهبون الأندلسي، فأنشد ارتجالاً:
لئن جاد شعر ابن الحسين فإنما ... تجيد العطايا واللها تفتح اللها
تنبأ عجبا بالقريض ولو درى ... بأنك تروي شعره لتألها وذكر الإفليلي أن المتنبي أنشد سيف الدولة بن حمدان في الميدان قصيدته التي أولها:

لكل امرئ من دهره ما تعودا ... وعادات سيف الدولة الطعن في العدا فلما عاد سيف الدولة إلى داره استعاده إياها، فأنشدها قاعداً، فقال بعض الحاضرين - يريد أن يكيد أبا الطيب - لو أنشدها قائماً لأسمع، فإن أكثر الناس لا يسمعون، فقال أبو الطيب: أما سمعت أولها:
لكل امرئ من دهره ما تعودا ... وهذا من مستحسن الأجوبة، وبالجملة فسمو نفسه وعلو همته وأخباره وما جرياته كثيرة، والاختصار أولى.
واسم ولده محسد: بضم الميم وفتح الحاء المهملة والسين المهملة المشددة وبعدها دال مهملة.

وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - لأبو العباس شمس الدين أحمد ابن خلكان البرمكي الإربلي

 

 

 

المتنبي
وأما أبو الطيب أحمد بن الحسين الجعفي، والشاعر المعروف بالمتنبي، فإنه ولد بالكوفة، سنة ثلاث وثلثمائة، ونشأ بالشام، وأقام بالبادية، وطلب الأدب وعلم العربية، ونظر في أيام الناس، وتعاطى قول الشعر في حداثته، حتى بلغ فيه الغاية، وأنهي فيه النهاية، وفاق فيه أهل عصره، وبلغ خبره الأمير سيف الدولة أبا الحسن علي بن حمدان، وأكثر القول في مديحه، ثم مضى إلى مصر، ومدح بها كافوراً الإخشيدي، ثم خرج من مصر وورد العراق، ودخل بغداد وجالس بها أهل الأدب، وقرئ عليه ديوانه، وسمعه منه القاضي أبو الحسين محمد بن أحمد بن محمد بن القاسم المحاملي ورواه عنه.

وقال أبو الحسن محمد بن علي العلوي: كان المتنبي وهو صبي ينزل في جواري الكوفة، وكان أبوه يعرف بعبدان السقا، يستقي لنا ولأهل المحلة. ونشأ هو محباً للعلم والأدب والقراءة، وأكثر من ملازمة الوراقين، فأخبرني وراق كان يجلس إليه، قال لي: ما رأيت أحفظ من هذا الفتى ابن عبدان السقا! قلت له: كيف؟ قال: اليوم كان عندي، وقد أحضر رجل كتاباً من كتب الأصمعي يكون نحوُا من ثلاثين ورقة ليبيعه، فأخذ ينظر فيه طويلاً، فقال له الرجل: أريد بيعه، وقد قطعتني عن ذلك، فإن كنت تريد حفظه، فهذا يكون إن شاء الله تعالى بعد شهر، قال: فقال له ابن عبدان: فإن كنت حفظته في هذه المدة، فما لي عليك؟ قال: أهب لك الكتاب، قال: فأخذت الدفتر من يده، فأقبل يتلوه علي إلى آخره، ثم استلبه، فجعله في كمه وقام، فتعلق به صاحبه، وطالب بماله، فقال له: مالك إلى ذلك سبيل، وقد وهبته لي. قال: فمنعناه منه، وقلنا: أنت شرطت على نفسك هذا للغلام، فتركه عليه.
وقال أبو الحسن: كان عبدان والد أبي الطيب يذكر أنه جعفي، وكانت جدة المتنبي همدانية صحيحة النسب، لا شك فيها، وكانت جارتنا، وكانت من صلحاء النساء الكوفيات.
وذكر القاضي أبو الحسن بن أم شيبان الهاشمي الكوفي، أن عبدان كان جعفياً صحيح النسب. قال: وكان المتنبي لما خرج إلى كلب، وأقام فيهم، ادعى أنه علوي، ثم ادعى النبوة، ثم عاد يدعي أنه علوي، إلى أن أشهد عليه في الشام بالتوبة وأطلق.
قال أبو علي بن حامد: سمعت خلقاً بحلب يحكون أن أبا الطيب المتنبي تنبأ في بادية السماوة ونواحيها إلى أن خرج إليه لؤلؤ - أمير حمص من قبل الإخشيدية - فقاتله وأسره، وشرد من كان قد اجتمع إليه من كلب وكلاب وغيرهما من قبائل العرب، وحبسه في السجن دهراً طويلاً حتى كاد يتلف، فسئل في أمره، فاستتابه وكتب عليه وثيقة، وأشهد عليه فيها ببطلان ما ادعاه ورجوعه إلى الإسلام، وأطلقه. قال: وكان قد تلا على البوادي كلاماً زعم أنه قرآن أنزل عليه، وكانوا يحكون له سوراً كثيرة، نسخت منها سورة، ثم ضاعت، وبقي أولها في حفظي وهو: "والنجم السيار، والفلك الدوار، والليل والنهار، إن الكافر لفي أخطار، امضِ على سننك، واقف أثر من قبلك من المرسلين، فإن الله قامع بك من ألحد عن دينه، وضل عن سبيله". وقال: وهي طويلة لم يبق في حفظي فيها غير هذا.
قال: وكان المتنبي إذا شوغب في مجلس سيف الدولة - ونحن إذ ذاك بحلب - نذكر له مما كان يحكى عنه فينكره ويجحده.
وقال له ابن خالويه النحوي يوماً في مجلس سيف الدولة: لولا أن أخي جاهل، لما رضي أن يدعى بالمتنبي، لأن معنى المتنبئ كاذب، ومن رضي أن يدعى بالكذب فهو جاهل، فقال له: لست أرضى أن أدعى بذلك، وإنما يدعوني به من يريد الغض مني، ولست أقدر على المنع.
قال التنوخي: قال لي أبي: فأما أنا؛ فسألته بالأهواز [في سنة أربع وخمسين وثلثمائة عند اجتيازه بها إلى فارس، في حديث طويل جرى بيننا] عن معنى المتنبئ، لأني أردت أن أسمع منه: هل تنبأ أم لا؟ فجاوبني بجواب مغالط؛ وقال: إن هذا شيء كان في الحداثة، فاستحييت أن أستقصي عليه، فأمسكت.
قال: قال لي أبو علي بن أبي حامد ونحن بحلب - وقد سمع قوماً يحكون عن أبي الطيب هذه السورة التي قدمنا ذكرها: لولا جهله! أين قوله: "امض على سننك ... " إلى آخر الكلام، من قوله عز وجل:] فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين، إنا كفيناك المستهزئين [، إلى آخر الآيات! وهل تتقارب الفصاحة، أو يشتبه الكلامان!
ويحكى أن أبا الطيب اجتمع هو وأبو علي الفارسي، فقال له أبو علي: كم جاء من الجمع على وزن فعلى؟ فقال: حجلى، ظربى، جمع حجل وظربان. قال أبو علي: فسهرت تلك الليلة التمس لها ثالثاً فلم أجد، وقال في حقه: ما رأيت رجلاً في معناه مثله! وهذا من مثل أبي علي كثير في حق المتنبي.
ويحكى أنه لما أنشد سيف الدولة بن حمدان قوله [في مطلع بعض قصائده] :
وفاؤكما كالريع أشجاه طاسمه
كان هناك ابن خالويه، فقال له: يا أبا الطيب، إنما يقال: شجاه - توهمه فعلاً ماضياً - فقال أبو الطيب: اسكت فما وصل الأمر إليك.
قلت: إنما قصد أبو الطيب بقوله: "أشجاه"، أكثره شجاً، لا الفعل الماضي.
وقال علي بن أيوب: خرج المتنبي من بغداد، فمدح ابن العميد، وعضد الدولة، وأقام عنده مدة، ثم خرج يريد بغداد، حتى كان حيال الصافية من الجانب الغربي من سواد بغداد، إذا عرض له فاتك بن أبي الجهل الأسدي في عدة من أصحابه، فاغتاله هناك وابنه محسداً، وغلاماً له يقال له: مفلح، وأخذ جميع ما كان معه، وذلك لست بقين من شهر رمضان، سنة أربع وخمسين وثلثمائة. وقيل: لليلتين بقيتا من شهر رمضان في السنة المذكورة، وقصته مشهورة، وقد ذكرناها مستوفاة في كتاب "مغاني المعاني"، في شرح ديوانه.
وكانت وفاته في خلافة المطيع.

نزهة الألباء في طبقات الأدباء - لكمال الدين الأنباري.

 

 

 

 

أَحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن الْحَسَن بْن عَبْد الصمد، أَبُو الطَّيِّب الجعفي الشاعر، الْمَعْرُوف بالمتنبي:
بلغني أنه ولد بالكوفة فِي سنة ثلاث وثلاثمائة، ونشأ بالشام وأكثر المقام بالبادية، وطلب الأدب وعلم العربية، ونظر فِي أيام الناس وتعاطى قول الشعر من حداثته حتى بلغ فيه الغاية التي فاق أهل عصره، وعلا شعراء وقته. واتصل بالأمير أَبِي الْحَسَن بْن حمدان الْمَعْرُوف بسيف الدولة، وانقطع إليه وأكثر القول فِي مديحه. ثم مضى إِلَى مصر فمدح بها كافور الخادم، وأقام هناك مدة، ثم خرج من مصر وورد العراق ودخل بغداد وجالس بها أهل الأدب وقرئ عَلَيْهِ ديوانه.
فحدثني أَحْمَد بْن أَبِي جعفر القطيعي عَنْ أَبِي أَحْمَد عُبَيْد اللَّهِ بْن مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي المسلم الفرضي. قال: لما ورد المتنبئ بغداد سكن فِي ربض حميد. فمضيت إِلَى الموضع الَّذِي نزل فيه لأسمع منه شيئا من شعره فلم أصادفه فجلست انتظره وأبطأ عَلِيّ فانصرفت من غير أن ألقاه ولم أعد إليه بعد ذلك، وقد كَانَ الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ بْن الْقَاسِم المحاملي سمع منه ديوانه ورواه عَنْهُ.
أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن المحسن التنوخي عَنْ أَبِيهِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَن مُحَمَّد بْن يَحْيَى العلوي الزيدي. قَالَ: كَانَ المتنبي وهو صبي ينزل في جواري بالكوفة، وكان يعرف أبوه بعبدان السقاء يسقى لنا ولأهل المحلة، ونشأ وهو محب للعلم والأدب، فطلبه وصحب الأعراب فِي البادية فجاءنا بعد سنين بدويا قحا وقد كَانَ تعلم الكتابة والقراءة فلزم أهل العلم والأدب وأكثر ملازمة الوراقين. فكان علمه من دفاترهم.
فأخبرني وراق كَانَ يجلس إليه يوما قَالَ لي: ما رأيت أحفظ من هذا الفتى ابن عبدان قط! فقلت لَهُ: كيف؟ فَقَالَ: كَانَ اليوم عندي وقد أحضر رجل كتابا من كتب الأصمعي سماه الوراق وأنسيه أَبُو الْحَسَن يكون نحو ثلاثين ورقة ليبيعه. قَالَ فأخذ ينظر فيه طويلا فَقَالَ لَهُ الرجل: يا هَذَا أريد بيعه وقد قطعتني عَنْ ذلك فإن كنت تريد حفظه من هذه المدة فبعيد. فقال له: أن كنت حفظته فما لي عليك؟ قَالَ: أهب لك الكتاب. قَالَ فأخذت الدفتر من يده فأقبل يتلوه على إِلَى آخره ثم استلبه فجعله فِي كمه وقام فعلق بِهِ صاحبه وطالبه بالثمن. فَقَالَ: ما إِلَى ذلك سبيل قد وهبته لي! قال: فمنعناه منه قلنا لَهُ: أنت شرطت على نفسك هَذَا للغلام فتركه عليه.
وقال أبو الحسن: كان عبدان والد المتنبي يذكر أنه من جعفى وكانت جدة المتنبي همدانية صحيحة النسب لا أشك فيها. وكانت جارتنا وكانت من صلحاء النساء الكوفيات. قَالَ التنوخي قَالَ أَبِي: فاتفق مجيء المتنبي بعد سنين إِلَى الأهواز منصرفا من فارس فذكرته بأبي الْحَسَن. فَقَالَ: تربى وصديقي وجاري بالكوفة، وأطراه ووصفه.
وسألت المتنبي عَنْ نسبه فما اعترف لي بِهِ. وَقَالَ: أنا رجل أحيط القبائل، وأطوى البوادي وحدي، ومتى انتسب لم آمن أن يأخذني بعض العرب بطائلة بينها وبين القبيلة التي أنتسب إليها، وما دمت غير منتسب إلي أحد فأنا أسلم على جميعهم ويخافون لساني. قَالَ واجتمعت بعد موت المتنبي. بسنين مع الْقَاضِي أَبِي الْحَسَن بْن أم شيبان الهاشمي الْكُوفِيّ وجرى ذكر المتنبي. فَقَالَ: كنت أعرف أباه بالكوفة شيخا يسمى عبدان يستقى على بعير لَهُ، وَكَانَ جعفيا صحيح النسب. قَالَ: وقد كَانَ المتنبي لما خرج إلي كلب وأقام فيهم ادعى أنه علوي حسنى، ثم ادعى بعد ذلك النبوة، ثم عاد يدعى أنه علوي، إلي أن أشهد عَلَيْهِ بالشام بالكذب في الدعويين، وحبس دهرا طويلا، وأشرف على القتل. ثم استتيب وأشهد عَلَيْهِ بالتوبة وأطلق.
أَخْبَرَنَا التنوخي حَدَّثَنِي أبي قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيِّ بْن أَبِي حامد قَالَ سَمِعْتُ خلقا بحلب يحكون- وَأَبُو الطَّيِّب المتنبي بها إذ ذاك- أنه تنبأ فِي بادية السماوة ونواحيها إِلَى أن خرج إليه لؤلؤ أمير حمص من قَبْلَ الإخشيدية فقاتله وأنفره، وشرد من كَانَ اجتمع إليه من كلب وكلاب وغيرهما من قبائل العرب، وحبسه فِي السجن حبسا طويلا، فاعتل وكاد أن يتلف حتى سئل فِي أمره فاستتابه، وكتب عَلَيْهِ وثيقة أشهد عَلَيْهِ فيها ببطلان ما ادعاه ورجوعه إِلَى الإسلام، وإنه تائب منه ولا يعاود مثله وأطلقه. قَالَ: وَكَانَ قد تلا على البوادي كلاما ذكر أنه قرآن أنزل عَلَيْهِ، وكانوا يحكون لَهُ سورا كثيرة، نسخت منها سورة ضاعت وبقي أولها في حفظي وهي:
والنجم السيار، والفلك الدوار، والليل والنهار، أن الكافر لفي أخطار، امض على سننك، واقف أثر من كَانَ قبلك من المرسلين فإن اللَّه قامع بك زيغ من ألحد فِي دينه، وضل عَنْ سبيله. قَالَ: وهي طويلة لم يبق فِي حفظي منها غير هَذَا. قَالَ: وَكَانَ المتنبي إذا شوغب فِي مجلس سيف الدولة- ونحن إذ ذاك بحلب- نذكر لَهُ هَذَا القرآن وأمثاله مما كَانَ يحكى عَنْهُ فينكره، ويجحده، قَالَ وَقَالَ لَهُ ابن خالويه النحوي يوما فِي مجلس سيف الدولة: لولا أن الآخر جاهل لما رضي أن يدعى بالمتنبي، لأن متنبي معناه كاذب. ومن رضي أن يدعى بالكذب فهو جاهل! فَقَالَ لَهُ: أنا لست أرضى أن ادعى بهذا، وإنما يدعوني بِهِ من يريد الغض مني، ولست أقدر على الامتناع. قَالَ لنا التنوخي قَالَ لي أَبِي: فأما أنا فإني سألته بالأهواز فِي سنة أربع وخمسين وثلاثمائة عند اجتيازه بها إِلَى فارس فِي حديث طويل جرى بيننا عَنْ معنى المتنبي، لأني أردت أن أسمع منه هل تنبأ أم لا؟ فأجابني بجواب مغالط لي: وهو أن قَالَ: هَذَا شيء كَانَ فِي الحداثة أوجبته الصورة، فاستحييت أن استقصى عَلَيْهِ وامسكت. وَقَالَ لي أَبُو عَلِيِّ بْن أَبِي حامد. قَالَ لي أَبِي ونحن بحلب: - وقد سمع قوما يحكون عَنْ أَبِي الطَّيِّب المتنبي هَذِهِ السورة التي قدمنا ذكرها- لولا جهله أين قوله امض على سننك إِلَى آخر الكلام. ومن قول اللَّه تعالى: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ [الحجر 94، 95] إِلَى آخر القصة.
وهل تتقارب الفصاحة فيهما، أو يشتبه الكلامان!؟
أنشدنا عَلِيّ بْن أَيُّوب القمي قَالَ أنشدنا أَبُو الطَّيِّب المتنبي لنفسه مما قاله فِي صباه:
أبلى الهوى أسفا يوم النوى بدني ... وفرق الهجر بين الجفن والوسن
روح تردد فِي مثل الخلال إذا ... أطارت الريح عَنْهُ الثوب لم يبن
كفى بجسمي نحولا أنني رجل ... لولا مخاطبتي إياك لم ترن
سَمِعْتُ مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّهِ بْن توبة الأديب يقول: لا أعلم نقل فِي معنى الإلف أحسن من بيت المتنبي:
خُلِقْتُ ألوفا لو رحلت إِلَى الصبا ... لفارقت شيبي موجع القلب باكيا
وهذا البيت فِي القصيدة التي أولها:
كفى بك داء أن ترى الموت شافيا ... وحسب المنايا أن يكن أمانيا
وهي أول قصيدة مدح بها كافور بن معن، وذلك في سنة ست وأربعين وثلاثمائة.
حدّثني عَلِيّ بْن أَيُّوب. قَالَ: خرج المتنبي من بغداد إِلَى فارس، فمدح عضد الدولة وأقام عنده مديدة. ثم رجع يريد بغداد، فقتل فِي الطريق بالقرب من النعمانية فِي شهر رمضان من سنة أربع وخمسين وثلاثمائة

ــ تاريخ بغداد وذيوله للخطيب البغدادي ــ.

 

 

 

 

تتمات...

وقال أبو بكر الخوارزمي: كان أبو الطيب المتنبي قاعداً تحت قول الشاعر:
وإن أحق الناس باللوم شاعر ... يلوم على البخل الرجال ويبخل وإنما أعرب عن عادته وطريقته في قوله:
بليت بلى الأطلال إن لم أقف بها ... وقوف شحيح ضاع في الترب خاتمه فحضرت عنده يوماً بحلب وقد أحضر مالاً من صلات سيف الدولة فصب بين يديه على حصير قد افترشه ووزن وأعيد في الكيس، وإذا بقطعة كأصغر ما يكون من ذلك المال وقد تخللت خلل الحصير فأكب عليه بمجامعه ينقره ويعالج استنفاذها منه ويشتغل بذلك عن جلسائه حتى توصل إلى إظهار بعضها فتمثل بيت قيس بن الخطيم:
تبدت لنا كالشمس بين غمامة ... بدا حاجب منها وضنت بحاجب ثم استخرجها وأمر بإعادتها إلى مكانها من الكيس، وقال: إنها تحضر المائدة.
وشرب أبو الطيب ليلة عند بدر بن عمار فنظر إلى ابنه وقد جلس نحو الشمعة فقال:
أما ترى ما أراه أيها الملك ... كأننا في سماء ما لها حبك
الفرقد ابنك والمصباح صاحبه ... وأنت بدر الدجى والمجلس الفلك ولما كان من الغد عرض عليه الصبوح فقال:
رأيت المدامة غلابة ... تهيج للقلب اشواقه
تسيء من المرء آدابه ... ولكن تطيب أخلاقه
وقد مت أمس بها موتةً ... وما يشتهي الموت من ذاقه

ومن شعره في الحبس:
كن أيها السجن كيف شيت فقد ... وطأت للموت نفس معترف
لو كان سكناي فيك منقصة ... لم يكن الدر ساكن الصدف وحكى أبو الفتح عثمان بن جني قال: سمعته يقول: إنما لقبت بالمتنبي بقولي:
أنا ترب الندى ورب القوافي ... وسمام العدى وغيظ الحسود
أنا في أمة تداركها الل ... هـ غريب كصالح في ثمود وفي هذه القصيدة:
ما مقامي بأرض نخلة إلا ... كمقام المسيح بين اليهود

 

وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - لأبو العباس شمس الدين أحمد ابن خلكان البرمكي الإربلي

 

 

 

وذكر الوزير أبو القاسم المغربي في كتاب " أدب الخواص " في " جعفي " أربع لغات فقال: يقال " جعفي " منسوب منون مشدد، و " جعفيّ " مشدد غير منون، ويقال " جعفي " غير مشدد، ويقال " جعف " بوزن فعل ثلاثياً من غير ياء النسبة.

وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - لأبو العباس شمس الدين أحمد ابن خلكان البرمكي الإربلي

 

 

 

قدوة الشعراء أبو الطَّيب أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكندي الكوفي، المعروف بالمتنبي، الشاعر المشهور، المتوفى قتيلًا بالنعمانية من نواحي بغداد في رمضان سنة أربع وخمسين وثلاثمائة وعمره إحدى وخمسون سنة.
ولد بالكوفة في محلّة كندة وكان أبوه يعرف بعيدان الشِقاء. انتقل إلى الشام ونشأ أبو الطيب ببادية الشام وتأدب ففاق أهل زمانه وقد ادعى حين كان مع بني كليب بأرض السماوة أنه علوي حسيني، ثم ادعى أنه نبي، فتبعه جماعة، فخرج إليه نائب حمص لؤلؤ فقاتله وأسره وحبسه طويلًا ثم استتاب [وأشهد عليه بالتوبة] وأطلق فلقب بالمتنبي وقيل غير ذلك وهذا أصحّ" كما قال ابن خَلِّكان وفي بعض المجاميع بخط الفاضل ابن الحنائي (قنالي زاده) يروى عن المتنبي أنه [كان] يقول: إنما سميت لقولي في قصيدة:
أنا في أمة تداركها الله ... غريب كصالح في ثمود
وأظن أن الصحيح هذا لأن متابعة جمع كثير لصبي غير بالغ لمجرد الشعر مع صدوره من أكثر العرب في ذلك الزمان بعيد جدًا. انتهى.
ويمكن أن يقال: إن حالة الصبي يقوى بها ظنهم في أنه من الخوارق ثم التحق بسيف الدولة ابن حمدان سنة 337 ومدحه بقصائد ثم فارقه بسبب ودخل مصر ومدح كافور الإخشيدي سنة 346، فلما لم يرضه هجاه وفارقه سنة 350 هاربًا إلى بغداد، فطمع واليها المهلّبي وزير معز الدولة أن يمدحه فلم يمدحه فشق ذلك عليه فأغرى شعراء بغداد على هجوه فهجوه فلم يجبهم لأنهم ليسوا من طبقته ثم خرج واقتصد ابن العميد بأرَّجان زائرًا له ومادحًا إياه رغمًا للمهلبي فأكرمه، ثم ارتحل إلى شيراز وبها عضد الدولة فمدحه وأكثر العضد صلاته، ثم عاد إلى الكوفة وسئل عن عطايا العضد والسيف فقال: هذه أجزل وفيها تكلّف وتلك أقل ولكن عن طيب، فذُكر ذلك للعضد فدس عليه طائفة من الأعراب فوقفوا له في الطريق وهو راجع إلى بغداد فقتلوه مع ابنه محسَّد وغلامه مفلح ودفن هناك وديوانه مشهور وكان من المكثرين من نقل اللغة وله معان جيدة في النثر والناس في شعره على طبقات، فمنهم من يرتجحه على أبي تمام كثيرًا ومنهم من عكس وقد شرحوا ديوانه بنحو من ستين شرحًا ولم يتفق ذلك لغيره. ذكره أصحاب التواريخ.
سلم الوصول إلى طبقات الفحول - حاجي خليفة. 

 

 

 

 

يوجد له ترجمة في كتاب: (بغية الطلب في تاريخ حلب - لكمال الدين ابن العديم)