الحسين بن علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي

أبي عبد الله

تاريخ الولادة4 هـ
تاريخ الوفاة61 هـ
العمر57 سنة
مكان الولادةالمدينة المنورة - الحجاز
مكان الوفاةكربلاء - العراق
أماكن الإقامة
  • المدينة المنورة - الحجاز
  • مكة المكرمة - الحجاز
  • العراق - العراق

نبذة

الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب أَبُو عبد الله الْقرشِي الْهَاشِمِي رَضِي الله عَنهُ لَهُ رُؤْيَة من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأمه فَاطِمَة بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتشْهد بكربلاء من نَاحيَة الْكُوفَة يَوْم عَاشُورَاء سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ قَالَ عَمْرو بن عَليّ قتل الْحُسَيْن بن عَليّ وَكَانَ يكنى أَبَا عبد الله سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَهُوَ يَوْمئِذٍ ابْن سِتّ وَخمسين سنة فِي الْمحرم يَوْم عَاشُورَاء وَقَالَ أَبُو نعيم قتل الْحُسَيْن بن عَليّ يَوْم عَاشُورَاء يَوْم السبت من سنة سِتِّينَ روى عَن أَبِيه أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي الصَّلَاة والأشربة.

الترجمة

الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب أَبُو عبد الله الْقرشِي الْهَاشِمِي رَضِي الله عَنهُ لَهُ رُؤْيَة من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأمه فَاطِمَة بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتشْهد بكربلاء من نَاحيَة الْكُوفَة يَوْم عَاشُورَاء سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ قَالَ عَمْرو بن عَليّ قتل الْحُسَيْن بن عَليّ وَكَانَ يكنى أَبَا عبد الله سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَهُوَ يَوْمئِذٍ ابْن سِتّ وَخمسين سنة فِي الْمحرم يَوْم عَاشُورَاء وَقَالَ أَبُو نعيم قتل الْحُسَيْن بن عَليّ يَوْم عَاشُورَاء يَوْم السبت من سنة سِتِّينَ
روى عَن أَبِيه أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي الصَّلَاة والأشربة
روى عَنهُ ابْنه عَليّ بن الْحُسَيْن رَضِي الله عَنْهُم.
رجال صحيح مسلم - لأحمد بن علي بن محمد بن إبراهيم، أبو بكر ابن مَنْجُويَه.

 

 

الحسين بن علي
الحسين بْن عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب بْن عبد المطلب بْن هاشم بْن عبد مناف القرشي الهاشمي، أَبُو عَبْد اللَّهِ ريحانة النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وشبهه من الصدر إِلَى أسفل منه، ولما ولد أذن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أذنه، وهو سيد شباب أهل الجنة، وخامس أهل الكساء، أمه فاطمة بنت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سيدة نساء العالمين، إلا مريم عليهما السلام.
 أخبرنا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ الأَمِينُ الْبَغْدَادِيُّ، أخبرنا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ نَاصِرٍ، أخبرنا أَبُو طَاهِرِ بْنُ أَبِي الصَّقرِ الأَنْبَارِيُّ، أخبرنا أَبُو الْبَرَكَاتِ بْنُ نَظِيفٍ الْفَرَّاءُ، أخبرنا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ، أخبرنا أَبُو بِشْرٍ الدَّوْلابِيُّ، أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ، أخبرنا أَبُو نُعَيْمٍ هُوَ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حدثنا إِسْرَائِيلُ، عن أَبِي إِسْحَاقَ، عن هَانِئِ بْنِ هَانِئٍ، عن عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا وُلِدَ الْحَسَنُ سَمَّيْتُهُ حَرْبًا، فَجَاءَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " أَرُونِي ابْنِي، مَا سَمَّيْتُمُوهُ؟ " قُلْنَا: حَرْبًا، قَالَ: " بَلْ هُوَ حَسَنٌ "، فَلَمَّا وُلِدَ الْحُسَيْنُ سَمَّيْتُهُ حَرْبًا، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "أَرُونِي ابْنِي، مَا سَمَّيْتُمُوهُ؟ " قُلْنَا: حَرْبًا، قَالَ: " بَلْ هُوَ حُسَيْنٌ "، فَلَمَّا وُلِدَ الثَّالِثُ سَمَّيْتُهُ حَرْبًا، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " أَرُونِي ابْنِي، مَا سَمَّيْتُمُوهُ؟ " قُلْنَا: حَرْبًا، قَالَ: " بَلْ هُوَ مُحَسِّنٌ "، ثُمَّ قَالَ: " سَمَّيْتُهُمْ بِأَسْمَاءِ وَلَدِ هَارُونَ: شَبَّرٍ، وَشَبِيرٍ، وَمُشَبِّرٍ "
 قال: وأخبرنا الدولابي، أخبرنا أَبُو شيبة إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شيبة، أخبرنا أَبُو غسان مالك بْن إِسْمَاعِيل، أخبرنا عمرو بْن حريث، عن عمران بْن سليمان، قال: " الحسن والحسين من أسماء أهل الجنة لم يكونا في الجاهلية "
 قال: وأخبرنا الدولابي، حدثني أحمد بْن عَبْد اللَّهِ بْن عبد الرحيم الزُّهْرِيّ، حدثنا أَبُو صالح عَبْد اللَّهِ بْن صالح، قال: قال اللَّيْث بْن سعد ولدت فاطمة بنت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحسين بْن عَلِيٍّ، في ليال خلون من شعبان سنة أربع
وقال الزبير بْن بكار ولد الحسين لخمس خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة
وقال جَعْفَر بْن مُحَمَّد لم يكن بين الحمل بالحسين بعد ولادة الحسن إلا طهر واحد
وقال قتادة ولد الحسين بعد الحسن بسنة وعشرة أشهر، فولدته لست سنين، وخمسة أشهر ونصف شهر من الهجرة
 أخبرنا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الدّينِيُّ الْمَخْزُومِيُّ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، أخبرنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ، أخبرنا هِشَامُ بْنُ زِيَادٍ، عن أُمِّه، عن فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ: أَنَّهَا سَمِعَتْ أَبَاهَا الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَا مِنْ مُسْلِمٍ وَلا مُسْلِمَةٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ، وَإِنْ قَدُمَ عَهْدُهَا، فَيُحْدِثُ لَهَا اسْتِرْجَاعًا إِلا أَحْدَثَ اللَّهُ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ، وَأَعْطَاهُ ثَوَابَ مَا وَعَدَهُ بِهَا يَوْمَ أُصِيبَ بِهَا "
 أخبرنا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ، أَخْبَرَتْنَا أُمُّ الْمُجْتَبَى الْعَلَوِيَّةُ، قَالَتْ: قَرَأَ عَلَيَّ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَنْصُورٍ، أخبرنا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُقْرِئِ، أخبرنا أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ، حدثنا جُبَارَةُ بْنُ مُغَلِّسٍ، أخبرنا يَحْيَى بْنُ الْعَلاءِ، عن مَرْوَانَ بْنِ سَالِمٍ، عن طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عن الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَمَانُ أُمَّتِي مِنَ الْغَرَقِ إِذَا رَكِبُوا الْبَحْرَ أَنْ يَقْرَءُوا: {بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ}
أخبرنا أَبُو مَنْصُورِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ السّيحِيُّ الْعَدْلُ، أخبرنا أَبُو الْبَرَكَاتِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خُمَيْسٍ، أخبرنا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ طَوْقٍ، أخبرنا أَبُو الْقَاسِمِ نَصْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْخَلِيلُ الْمُرَجَّى، أخبرنا أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ، أخبرنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ، أخبرنا عُمَرُ بْنُ خَلِيفَةَ الْعَبْدِيُّ، عن مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عن أَبِي هُرَيْرَةَ، عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ يَصْطَرِعَانِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَسُولُ اللَّهِ، يَقُولُ: "هِيَ حَسَنٌ؟ " قَالَتْ فَاطِمَةُ: لِمَ تَقُولُ: " هِيَ حَسَنٌ "؟ قَالَ: " إِنَّ جِبْرِيلَ، يَقُولُ: هِيَ حُسَيْنٌ "
أخبرنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مِهْرَانَ وَأَبُو جَعْفَرِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالُوا، بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى أَبِي عِيسَى مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، أخبرنا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ الْعَمِّيُّ الْبَصْرِيُّ، أخبرنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، أخبرنا أَبِي، عن مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ عن دَمِ الْبَعُوضِ يُصِيبُ الثَّوْبَ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا يَسْأَلُ عن دَمِ الْبَعُوضِ، وَقَدْ قَتَلُوا ابْنَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ رَيْحَانَتَايْ مِنَ الدُّنْيَا ".
وَقَدْ رَوَى نَحْوَ هَذَا عن أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي ذِكْرِ أَخِيهِ الْحَسَنِ أَحَادِيثُ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا، فَلا حَاجَةَ إِلَى إِعَادَةِ مُتُونِهَا
 قَالَ: وَأخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، أخبرنا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، أخبرنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عن سَعِيدِ بْنِ رَاشِدٍ، عن يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " حُسَيْنٌ مِنِّي، وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ، أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْنًا، حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنَ الأَسْبَاطِ "
قَالَ: وَأخبرنا التِّرْمِذِيُّ، أخبرنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أخبرنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عن إِسْرَائِيلَ، عن ابْنِ إِسْحَاقَ، عن هَانِئِ بْنِ هَانِئٍ، عن عَلِيٍّ، قال: " الْحَسَنُ أَشْبَهُ بِرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَيْنَ الصَّدْرِ إِلَى الرَّأْسِ، وَالْحُسَيْنُ أَشْبَهُ بِرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ "
 أخبرنا يَحْيَى بْنُ مَحْمُودِ بْنِ سَعْدٍ الثَّقَفِيُّ، أخبرنا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ وَأَنَا حَاضِرٌ أَسْمَعُ، أخبرنا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ، أخبرنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْهَيْثَمِ، أخبرنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ، أخبرنا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أخبرنا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، أخبرنا مُحَمَّدُ ابْنُ سِيرِينَ، عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: " أَتَى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَجُعِلَ فِي طَسْتٍ، فَجَعَلَ يَنْكُتُ عَلَيْهِ، وَقَالَ فِي حُسْنِهِ شَيْئًا ".
قَالَ أَنَسٌ: " كَانَ أَشْبَهَهُمْ بِرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ مَخْضُوبًا بِالْوَسْمَةِ ".
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وروى الأوزاعي، عن شداد بْن عَبْد اللَّهِ، قال: سمعت واثلة بْن الأسقع، وقد جيء برأس الحسين، فلعنه رجل من أهل الشام، ولعن أباه، فقام واثلة وقال: والله لا أزل أحب عليًا، والحسن، والحسين، وفاطمة، بعد أن سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول فيهم ما قال، لقد رأيتني ذات يَوْم، وقد جئت النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بيت أم سلمة، فجاء الحسن فأجلسه عَلَى فخذه اليمنى وقبله، ثم جاء الحسين فأجلسه عَلَى فخذه اليسرى وقبله، ثم جاءت فاطمة فأجلسها بين يديه، ثم دعا بعلي ثم قال: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} .
قلت لواثلة: ما الرجس؟ قال: الشك في اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَبُو أحمد العسكري: يقال إن الأوزاعي لم يرو في الفضائل حديثًا غير هذا، والله أعلم.
قال: وكذلك الزُّهْرِيّ لم يرو فيها إلا حديثًا واحدًا، كانا يخافان بني أمية.
قال الزبير بْن بكار: حدثني مصعب، قال: حج الحسين خمسًا وعشرين حجة ماشيًا، فإذا يكون قد حج وهو بالمدينة قبل دخولهما العراق منهاٍ ماشيًا فإنه لم يحج من العراق، وجميع ما عاش بعد مفارقة العراق تسع عشرة سنة وشهورًا، فإنه عاد إِلَى المدينة من العراق سنة إحدى وأربعين، وقتل أول سنة إحدى وستين.
وكان الحسين كارهًا لما فعله أخوه الحسن من تسليم الأمر إِلَى معاوية، وقال: أنشدك اللَّه أن تصدق أحدوثة معاوية وتكذب أحدوثة أبيك، فقال له الحسن: اسكت، أنا أعلم بهذا الأمر منك.
وكان الحسين رضي اللَّه عنه فاضلًا كثير الصوم، والصلاة، والحج، والصدقة، وأفعال الخير جميعها.
وقتل يَوْم الجمعة، وقيل: يَوْم السبت، وهو يَوْم عاشوراء من سنة إحدى وستين بكربلاء من أرض العراق، وقبره مشهور يزار.
وسبب قتله أَنَّهُ لما مات معاوية بْن أَبِي سفيان كاتب كثير من أهل الكوفة، الحسين بْن علي ليأتي إليهم ليبايعوه، وكان قد امتنع من البيعة ليزيد بْن معاوية لما بايع له أبوه بولاية العهد، وامتنع معه ابن عمر، وعبد اللَّه بْن الزبير، وعبد الرحمن بْن أَبِي بكر، فلما توفي معاوية لم يبايع أيضًا، وسار من المدينة إِلَى مكة، فأتاه كتب أهل الكوفة، وهو بمكة، فتجهز للمسير، فنهاه جماعة منهم: أخوه مُحَمَّد بْن الحنفية، وابن عمر، وابن عباس، وغيرهم، فقال: رأيت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام، وأمرني بأمر فأنا فاعل ما أمر.
فلما أتى العراق، كان يزيد قد استعمل عبيد اللَّه بْن زياد عَلَى الكوفة، فجهز الجيوش إليه، واستعمل عليهم عمر بْن سعد بْن أَبِي وقاص، ووعده إمارة الري.
فسار أميرًا عَلَى الجيش، وقاتلوا حسينًا بعد أن طلبوا منه أن ينزل عَلَى حكم عبيد اللَّه بْن زياد، فامتنع، وقاتل حتى قتل هو وتسعة عشر من أهل بيته، قتله سنان بْن أنس النخعي، وقيل: قتله شمر بْن ذي الجوشن، وأجهز عليه خولي بْن يَزِيدَ الأصبحي، وقيل: قتله عمر بْن سعد، وليس بشيء، والصحيح أَنَّهُ قتله سنان بْن أنس النخعي.
وأما قول من قال: قتله شمر، وعمر بْن سعد، لأن شمر هو الذي حرض الناس عَلَى قتله، وحمل بهم إليه، وكان عمر أمير الجيش، فنسب القتل إليه، ولما أجهز عليه خولي حمل رأسه إِلَى ابن زياد، وقال:
أوقر ركابي فضة وذهبًا فقد قتلت السيد المحجبا
قتلت خير الناس أمًا وأبًا وخيرهم إذ ينسبون نسبًا
وقيل: إن سنان بْن أنس لما قتله، قال له الناس: قتلت الحسين بْن عَلِيٍّ، وهو ابن فاطمة بنت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورضي عنها، أعظم العرب خطرًا، أراد أن يزيل ملك هؤلاء، فلو أعطوك بيوت أموالهم، لكان قليلًا! فأقبل عَلَى فرسه، وكان شجاعًا به لوثة، فوقف عَلَى باب فسطاط عمر بْن سعد، وأنشد الأبيات المذكورة، فقال عمر: أشهد أنك مجنون، وحذفه بقضيب، وقال: أتتكلم بهذا الكلام! والله لو سمعه زياد لقتلك.
ولما قتل الحسين أمر عمر بْن سعد نفرًا، فركبوا خيولهم وأوطئوها الحسين، وكان عدة من قتل معه اثنين وسبعين رجلًا، ولما قتل أرسل عمر رأسه ورءوس أصحابه إِلَى ابن زياد، فجمع الناس وأحضر الرءوس، وجعل ينكت بقضيب بين شفتي الحسين، فلما رآه زيد بْن أرقم لا يرفع قضيبه، قال: أعل بهذا القضيب فوالذي لا إله غيره، لقد رأيت شفتي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى هاتين الشفتين يقبلهما، ثم بكى، فقال له ابن زياد: أبكى اللَّه عينيك، فوالله لولا أنك شيخ قد خرفت لضربت عنقك.
فخرج وهو يقول: أنتم يا معشر العرب، العبيد بعد اليوم، قتلتم الحسين بْن فاطمة، وأمرتم ابن مرجانة، فهو يقتل خياركم، ويستعبد شراركم، وأكثر الناس مراثيه، فمما قيل فيه ما قاله سليمان بْن قثة الخزاعي:
مررت عَلَى أبيات آل مُحَمَّد ٍ فلم أرها أمثالها حين حلت
فلا يبعد اللَّه البيوت وأهلها وإن أصبحت منهم برغمي تخلت
وكانوا رجاء ثم عادوا رزية لقد عظمت تلك الرزايا وجلت
أولئك قوم لم يشيموا سيوفهم ولم تنك في أعدائهم حين سلت
وَإِن قتيل الطف من آل هاشم أذل رقابًا من قريش فذلت
ألم تر أن الأرض أضحت مريضة لفقد حسين والبلاد اقشعرت
وقد أعولت تبكي السماء لفقده وأنجمها ناحت عليه وصلت
وهي أبيات كثيرة، وقال مَنْصُور النمري:
ويلك يا قاتل الحسين لقد بؤت بحمل ينوء بالحامل
أي حباء حبوت أحمد في حفرته من حرارة الثاكل
تعال فاطلب غدًا شفاعته وانهض فرد حوضه مع الناهل
ما الشك عندي بحال قاتله لكنني قد أشك بالخاذل
كأنما أنت تعجبين ألا تنزل بالقوم نقمة العاجل
لا يعجل اللَّه إن عجلت وما ربك عما ترين بالغافل
ما حصلت لامرئ سعادته حقت عليه عقوبة الآجل
أخبرنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ، قَالُوا بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى التِّرْمِذِيِّ، قَالَ: حدثنا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، قَالَ: حدثنا رَزِينٌ، حَدَّثَنِي سَلْمَى، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، وَهِيَ تَبْكِي، فَقُلْتُ: مَا يُبْكِيكِ؟ قَالَتْ: رَأَيْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ، وَعَلَى رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ التُّرَابُ، فَقُلْتُ: مَالَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "شَهِدْتُ قَتْلَ الْحُسَيْنِ آنِفًا " وروى حماد بْن سلمة، عن عمار بْن أَبِي عمار، عن ابن عباس، قال: رأيت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما يرى النائم نصف النهار، وهو قائم أشعث أغبر، بيده قارورة فيها دم، فقلت: بأبي أنت وأمي يا رَسُول اللَّهِ، ما هذا الدم؟ قال: " هذا دم الحسين "، لم أزل ألتقطه منذ اليوم، فوجد قد قتل في ذلك اليوم قال: أخبرنا مُحَمَّد بْن عِيسَى، أخبرنا واصل بْن عبد الأعلى، أخبرنا أَبُو معاوية، عن الأعمش، عن عمارة بْن عمير، قال: " لما جيء برأس ابن زياد وأصحابه، نضدت في المسجد، فانتهيت إليهم، وهم يقولون: قد جاءت، قد جاءت، فإذا حية قد جاءت تتخلل الرءوس حتى دخلت في منخر عبيد اللَّه بْن زياد، فمكثت هنيهة، ثم خرجت، فذهبت حتى تغيبت، ثم قَالُوا: قد جاءت، قد جاءت، ففعلت ذلك مرتين، أو ثلاثًا ".
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
أخرجه الثلاثة.

أسد الغابة في معرفة الصحابة - عز الدين ابن الأثير.

 

 

سيدنا الحسن وسيدنا الحسين ابنا سيدنا علي (رضي الله عنهم)
قال الحافظ ابن حجر وقع جمعهما لما لهما من الاشتراك في كثير من المناقب وكان مولد الحسن في رمضان سنة ثلاث من الهجرة عند الأكثر ومات بالمدينة مسموماً سنة خمسين وقيل قبلها وقيل بعدها ودفن بالبقيع إلى جنب قبر أمه، وصلّى عليه سعيد بن العاص. وقد تواترت الأحاديث الصحيحة أنه - صلى الله عليه وسلم - قال في الحسن: "إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين" الحديث. كان حليماً فاضلاً ورعاً دعاه فضله وورعه إلى ترك الملك رغبة فيما عند الله تعالى، وظهر صدق ذلك فإنه لما قتل أبوه علي بايعه أكثر من أربعين ألفاً وكثير ممن تخلف عن أبيه ومن نكث بيعته. فبقي خليفة بالعراق وما وراءها من خراسان خمسة أشهر. ثم سار إلى معاوية في أهل الحجاز وسار إليه معاوية في أهل الشام فلما التقى الجمعان بالأنبار كره الحسن القتال لعلمه أن إحدى الطائفتين لا تغلب حتى يهلك أكثر الأخرى فسلّم الأمر إلى معاوية على شروط.
وأما الحسين فكان فاضلاً كثير الصوم والصلاة حجّ خمساً وعشرين حجة ماشياً. وقال - صلى الله عليه وسلم - فيه وفي الحسن "سيدا شباب أهل الجنة" وقال: "هما ريحانتاي في الدنيا". شهد مع أبيه الجمل ثم صفين ثم قتال الخوارج وبقي معه إلى أن قتل. ثم مع أخيه إلى أن سلّم الأمر إلى معاوية فتحول مع أخيه إلى المدينة واستمر بها إلى أن مات معاوية فخرج إلى مكة ثم أتته كتب أهل العراق بأنهم بايعوه بعد موت معاوية فأرسل إليهم ابن عمه مسلم بن عقيل بن أبي طالب فأخذ بيعتهم وتوجه إليهم وكان من قصة قتله ما كان وقتل معه جماعة من أهل البيت في موضع يقال له كربلاء ويقال له الطف قرب الكوفة في يوم عاشوراء سنة 61 هـ. مولده في شعبان سنة أربع على قول الأكير.
شجرة النور الزكية في طبقات المالكية _ لمحمد مخلوف

 

 

الحسين بن علي بن أبي طالب، الهاشمي القرشي العدناني، أبو عبد الله: السبط الشهيد، ابن فاطمة الزهراء، وفي الحديث: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة. ولد في المدينة، ونشأ في بيت النبوة، وإليه نسبة كثير من الحسينيين. وهو الّذي تأصلت العداوة بسببه بين بني هاشم وبني أمية حتى ذهبت بعرش الأمويين. وذلك أن معاوية ابن أبي سفيان لما مات، وخلفه ابنه يزيد، تخلف الحسين عن مبايعته، ورحل إلى مكة في جماعة من أصحابه، فأقام فيها أشهرا، ودعاه إلى الكوفة أشياعه (وأشياع أبيه وأخيه من قبله) فيها، على أن يبايعوه بالخلافة، وكتبوا إليه أنهم في جيش متهيئ للوثوب على الأمويين. فأجابهم، وخرج من مكة مع مواليه ونسائه وذراريه ونحو الثمانين من رجاله. وعلم يزيد بسفره فوجه إليه جيشا اعترضه في كربلاء (بالعراق - قرب الكوفة) فنشب قتال عنيف أصيب الحسين فيه بجراح شديدة، وسقط عن فرسه، فقتله سنان بن أنس النخعي (وقيل الشمر بن ذي الجوشن) وأرسل رأسه ونساؤه وأطفاله إلى دمشق (عاصمة الأمويين) فتظاهر يزيد بالحزن عليه. واختلفوا في الموضع الّذي دفن فيه الرأس فقيل في دمشق، وقيل في كربلاء، مع الجثة، وقيل في مكان آخر، فتعددت المراقد، وتعذرت معرفة مدفنه. وكان مقتله رضي الله عنه يوم الجمعة عاشر المحرم، وقد ظل هذا اليوم يوم حزن وكآبة عند جميع المسلمين ولا سيما الشيعة. وللفيلسوف الألماني (ماربين) كتاب سماه (السياسة الإسلامية) أفاض فيه بوصف استشهاد الحسين، وعدّ مسيره إلى الكوفة بنسائه وأطفاله سيرا إلى الموت، ليكون مقتله ذكرى دموية لشيعته، ينتقمون بها من بني أمية، وقال: لم يذكر لنا التاريخ رجلا ألقى بنفسه وأبنائه وأحب الناس إليه في مهاوي الهلاك إحياءاً لدولة سلبت منه، إلا الحسين، ذلك الرجل الكبير الّذي عرف كيف يزلزل ملك الأمويين الواسع ويقلقل أركان سلطانهم. وكان نقش خاتمه (الله بالغ أمره) . ومما كتب في سيرته (أبو الشهداء: الحسين بن علي - ط) لعباس محمود العقاد، و (الحسين بن علي - ط) لعمر أبي النصر، و (الحسين عليه السلام - ط) جزآن، لعلي جلال الحسيني .

-الاعلام للزركلي-

 

 

حسين بن علي بن أبي طالب، [حفيد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ولد سنة أربع وقيل ثلاث وقيل بعد الحسن بسنة وعشرة أشهر بعد خمس سنين وستة أشهر من الهجرة وعق عنه رسول الله -عليه السلام- كما عن عن أخيه الحسن وكان أشبه الناس به -عليه السلام- من صدره إلى رجليه كما. وقتل -رضي الله عنه- يوم الجمعة العاشر من المحرم سنة 61 بموضع يقال له كربلاء من أرض العراق بناحية الكوفة ويعرف الموضع أيضا بالطف. قتله سنان بن أنس النخعي جد شريك القاضي، وحز رأسه شمر بن ذي الجوشن الضبابي. وكان أسمر أبرص. وأمير ذلك الجيش الذي قتله عمر بن سعد بن أبي وقاص بأمر عبيد الله بن زياد أمير كوفة وهو بأمر يزيد].

سلم الوصول إلى طبقات الفحول - حاجي خليفة.

 

 

الحسين بن علي رضي الله عنهما
ابن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي ويكنى أبا عبد الله. وأمه فاطمة بنت رسول الله ص. وأمها خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي.
علقت فاطمة رضي الله عنها بالحسين لخمس ليال خلون من ذي القعدة سنة ثلاث من الهجرة. فكان بين ذلك وبين ولاد الحسن خمسون ليلة .
وولد الحسين في ليال خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة .
فولد الحسين. عليا الأكبر. قتل مع أبيه بالطف لا بقية له. وأمه آمنة بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود بن معتب من ثقيف وأمها ابنة أبي سفيان بن حرب.
وفيها يقول: حسان بن ثابت
طافت بنا شمس النهار ومن رأى ... من الناس شمسا بالعشاء تطوف
أبو أمها أوفى قريش بذمة ... وأعمامها أما سألت ثقيف
وعليا الأصغر. له العقب من ولد الحسين. وأمه أم ولد. وأخوه لأمه عبد الله بن زبيد مولى الحسين بن علي. وهم ينزلون بينبع. وجعفرا لا بقية له. وأمه السلافة امرأة من بلي بن عمرو بن الحاف بن قضاعة.
وفاطمة. وأمها أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو ابن كعب بن سعد بن تيم بن مرة.
وعبد الله. قتل مع أبيه. وسكينة. وأمها الرباب بنت إمرئ القيس بن عدي بن أوس بن جابربن كعب بن عليم بن هبل بن عبد الله بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب.
وفي الرباب وسكينة يقول الحسين بن علي رضي الله عنهما: -
لعمرك إنني لأحب دارا ... تضيفها سكينة والرباب
أحبهما وأبذل بعد مالي ... وليس للائمي فيها عتاب
ولست لهم وإن عتبوا مطيعا ... حياتي أو يغيبني التراب
قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثنا سفيان الثوري. عن عاصم بن عبيد الله. عن عبيد الله بن أبي رافع. عن أبيه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن في أذني الحسين جميعا بالصلاة.

قال: أخبرنا عبد الله بن بكر بن حبيب السهمي. قال: حدثنا حاتم بن أبي صغيرة. عن سماك: أن أم الفضل امرأة العباس قالت: يا رسول الله رأيت فيما يرى النائم كأن عضوا من أعضائك في بيتي؟ [فقال:، خيرا رأيت. تلد فاطمة غلاما فترضعيه بلبان ابنك قثم،. قال: فولدت الحسين فكفلته أم الفضل. قالت: فأتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو ينزيه ويقبله إذ بال على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:، يا أم الفضل أمسكي ابني فقد بال على، قالت: فأخذته فقرصته قرصة بكى منها. وقلت: آذيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بلت عليه. فلما بكى الصبي قال:، يا أم الفضل آذيتيني في بني أبكيته،. قالت: ثم دعا بماء فحدره عليه حدرا وقال:، إذا كان غلاما فاحدروه حدرا. وإذا كانت جارية فاغسلوه غسلا] ،.
قال: أخبرنا مالك بن إسماعيل. عن شريك. عن سماك. عن قابوس. عن أم الفضل. قالت: لما ولد الحسين بن علي قلت: يا رسول الله أعطنيه أو ادفعه إلي فلأكفله وأرضعه بلبن قثم. ففعل. فأتيته به. فوضعه على صدره. فبال عليه فأصاب إزاره. فقلت أعطني إزارك أغسله فقال: [إنما يصب على بول الغلام ويغسل بول الجارية] ،. قال: أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء. عن سعيد بن أبي عروبة.
عن قتادة. عن محمد بن علي أبي جعفر. عن أم الفضل: أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم بالحسين بن علي فوضعته في حجره فبال. قالت: فذهبت لآخذه [فقال: لا تزرمي ابني. فإن بول الغلام ينضح أو يرش- شك سعيد- وبول الجارية يغسل] .

قال: أخبرنا الفضل بن دكين. قال: حدثنا أبو الأحوص. عن سماك. عن قابوس بن المخارق. عن لبابة بنت الحارث. قالت: كان الحسين بن علي في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم فبال عليه فقلت: البس ثوبا وأعطني إزارك أغسله [فقال:، إنما يغسل من بول الأنثى. وينضح من بول الذكر] ،.
قال: أخبرنا هوذة بن خليفة. قال: حدثنا عوف. عن رجل. أن أم الفضل امرأة العباس جاءت بالحسين وهو صبي يرضع. فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبله ووضعه في حجره. فبينا هو في حجره إذ بال قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم تأذى به. فدفعه إلى أم الفضل فخفقته خفقة بيدها. وقالت: أي كذا وكذا. أبلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ [فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:، مهلا. لقد أوجع قلبي ما فعلت به،. ثم دعا بماء فأتبعه بوله وقال:، أتبعوه من بول الغلام. واغسلوه من بول الجارية] ،.
قال: أخبرنا عبد الله بن نمير. عن ابن أبي ليلى. عن عيسى بن عبد الرحمن. [عن عبد الرحمن بن أبي ليلى. عن أبيه قال: كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتاه الحسن أو الحسين يحبو. فوضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدره. فبينما هو يحدثنا إذ بال على صدره. فقمنا لنأخذه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:، ابني ابني،. ثم دعا بماء فصبه على مباله]

قال: أخبرنا وهب بن جرير بن حازم. قال: حدثنا أبي.
قال: وأخبرنا عفان بن مسلم وسعيد بن منصور. قالا: حدثنا مهدي بن ميمون. جميعا: عن محمد بن أبي يعقوب. عن ابن أبي نعم. قال: سمعت رجلا سأل ابن عمر عن دم البعوض يكون في ثوبه؟ فقال: ممن أنت؟ قال: من أهل العراق. قال: انظروا إلى هذا يسألني عن دم البعوض وقد قتلوا ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم. [وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول للحسن والحسين:هما ريحاني من الدنيا] ،.

قال: أخبرنا عبد الله بن نمير. عن الربيع بن سعد. عن عبد الرحمن بن سابط. عن جابر بن عبد الله. قال: دخل حسين بن علي من باب بني فلان. فقال جابر: من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا. فأشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله.
قال: أخبرنا أبو أسامة. عن عوف بن أبي جميلة. عن أبي المعذل عطية الطفاوي. عن أبيه قال: [أخبرتني أم سلمة قالت: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم في بيتي إذ جاءت الخادم فقالت: علي وفاطمة بالسدة. فقال لي: تنحي عن أهل بيتي. فتنحيت في ناحية البيت فدخل علي وفاطمة ومعهما حسن وحسين وهما صبيان صغيران. فأخذ حسنا وحسينا فأجلسهما في حجره. وأخذ عليا فاحتضنه إليه وأخذ فاطمة بيده الأخرى فاحتضنهما وقبلهما وأغدق عليهم خميصة سوداء. ثم قال: اللهم إليك لا إلى النار أنا وأهل بيتي،. فقالت أم سلمة فقلت: وأنا يا رسول الله. قال:، وأنت] ،.
قال: أخبرنا خالد بن مخلد. قال: حدثنا موسى بن يعقوب الزمعي. قال: حدثني هاشم بن هاشم. عن عبد الله بن وهب. قال: [أخبرتني أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: جمع فاطمة وحسنا وحسينا ثم أدخلهم تحت ثوبه. ثم جار إلى الله فقال:، رب هؤلاء أهلي،. قالت أم سلمة فقلت يا رسول الله: أدخلني معهم. فقال:، إنك من أهلي] ،. قال: أخبرنا خالد بن مخلد. قال: حدثنا موسى بن يعقوب الزمعي. عن عبد الله بن أبي بكر بن زيد بن المهاجر. قال: أخبرني مسلم ابن أبي سهل النبال. قال: أخبرني حسن بن أسامة بن زيد بن حارثة.
قال: أخبرني أبي- أسامة بن زيد- قال: طرقت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة لبعض الحاجة فخرج إلي وهو مشتمل على شيء لا أدري ما هو.
فلما فرغت من حاجتي قلت: ما هذا الذي أنت مشتمل عليه؟ فكشف فإذا حسن وحسين على وركيه فقال:، [هذان ابناي وابنا ابنتي. اللهم إنك تعلم أني أحبهما فأحبهما. اللهم إنك تعلم أني أحبهما فأحبهما. اللهم إنك تعلم أني أحبهما فأحبهما] ،.
قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى والفضل بن دكين. قالا: حدثنا كامل أبو العلاء. عن أبي صالح. عن أبي هريرة قال: [صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء. فكان إذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره. فإذا أراد أن يرفع رأسه أخذهما بيده فوضعهما وضعا رفيقا. فإذا عاد عادا. حتى إذا صلى صلاته وضع واحدا على فخذ والآخر على الفخذ الأخرى فقمت إليه فقلت: يا رسول الله ألا أذهب بهما؟ قال:، لا،. قال: فبرقت برقة فقال:، الحقا بأمكما،. فلم يزالا في ضوئها حتى دخلا] .
قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك. عن محمد بن موسى. عن عون بن محمد. عن أمه. عن جدتها. [عن فاطمة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاها يوما فقال:، أين ابناي؟، - يعني حسنا وحسينا- فقالت: أصبحنا وليس في بيتنا شيء يذوقه ذائق فقال علي: اذهب بهما فإني أتخوف أن يبكيا عليك وليس عندك شيء. فذهب إلى فلان اليهودي. فتوجه إليه النبي صلى الله عليه وسلم فوجدهما يلعبان في شربة بين أيديهما فضل من تمر. فقال:، يا علي ألا تقلب ابني قبل أن يشتد عليهما الحر؟،. فقال علي: أصبحنا وليس في بيتنا شيء. فلو جلست حتى أجمع لفاطمة تمرات. فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي ينزع لليهودي دلوا بتمرة حتى اجتمع له شيء من تمر. فجعله في حجزته. ثم أقبل فحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدهما وعلي الآخر حتى قلبهما] .
قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى. قال: أخبرنا علي بن صالح. عن عاصم. عن زر. عن عبد الله بن مسعود. قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي. فإذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره. فإذا أرادوا أن يمنعونهما أشار إليهم أن دعوهما. فلما قضى الصلاة وضعهما في حجره ثم [قال:، من أحبني فليحب هذين] ،.
قال: أخبرنا الفضل بن دكين. قال: حدثنا سلم الحذاء. عن الحسن بن سالم بن أبي الجعد. قال: سمعت أبا حازم يحدث أبي عشر مرار أو أكثر. عن أبي هريرة. [عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:، من أحب الحسن والحسين فقد أحبني. ومن أبغضهما فقد أبغضني] ،. قال: أخبرنا الفضل بن دكين. قال: حدثنا سفيان. عن أبي الجحاف. عن أبي حازم. عن أبي هريرة قال: [قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:، من أحبهما فقد أحبني. ومن أبغضهما فقد أبغضني- يعني الحسن والحسين]-،. قال: أخبرنا عفان بن مسلم. قال: حدثنا وهيب بن خالد. قال: أخبرنا عبد الله بن عثمان بن خثيم. عن سعيد بن أبي راشد. عن يعلى العامري. أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طعام دعوا له. قال: فاستنشل رسول الله صلى الله عليه وسلم إمام القوم. قال: فإذا حسين مع الغلمان يلاعبهم قال: فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذه قال: فطفق الصبي يفر هاهنا مرة وهاهنا مرة. وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يضاحكه حتى أخذه. فوضع إحدى يديه تحت قفاه. والأخرى تحت ذقنه. ووضع فاه على فيه فقبله. [قال فقال:، حسين مني وأنا منه. أحب الله من أحب حسينا. حسين سبط من الأسباط] ،.
قال: أخبرنا عفان بن مسلم. قال: حدثنا وهيب. قال: حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم. عن سعيد بن أبي راشد. عن يعلى العامري.
قال: جاء حسن وحسين يستبقان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فضمهما إليه وقال: [الولد مبخلة « أي يكونون سببا للبخل والجبن لأنه يحبب بقاء المال والنفس من أجلهم » مجبنة. وإن آخر وطأة وطئها الله بوج] ،.
قال: أخبرنا عفان بن مسلم. وعمرو بن عاصم الكلابي. قالا: حدثنا مهدي بن ميمون. قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب. عن الحسن بن سعد مولى الحسن بن علي. عن عبد الله بن شداد بن الهاد. قال: سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة. فجاءه الحسن أو الحسين. قال مهدي: وأكبر ظني أنه حسين- فركب عنقه وهو ساجد. فأطال السجود بالناس حتى ظنوا أنه قد حدث أمر فلما قضى صلاته. قالوا: يا رسول الله لقد أطلت من السجود حتى ظننا أنه قد حدث أمر. قال:، [إن ابني هذا ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته] ،.
قال: أخبرنا عفان بن مسلم. قال: حدثنا خالد بن عبد الله. قال: حدثنا يزيد بن أبي زياد. عن عبد الرحمن بن أبي نعم. عن أبي سعيد الخدري. [قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:، الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة] ،.
قال: أخبرنا يزيد بن هارون ويعلى بن عبيد وأبو عامر العقدي. قالوا: حدثنا سفيان. عن منصور. عن المنهال. عن سعيد بن جبير. عن ابن عباس قال: [كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: يعوذ الحسن والحسين وهما صبيان فقال: هاتوا ابني حتى أعوذهما بما عوذ إبراهيم ابنيه إسماعيل وإسحاق،. فضمهما إلى صدره. ثم قال:، أعيذكما بكلمات الله التامة. من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة. ويقول: هكذا كان إبراهيم يعوذ ابنيه إسماعيل وإسحاق] ،.
قال: أخبرنا حجاج بن نصير. قال: حدثنا محمد بن ذكوان الجهضمي أخو الحسن. عن منصور بن المعتمر. عن إبراهيم. عن علقمة [عن عبد الله بن مسعود. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قاعدا في ناس من أصحابه. فمر به الحسن والحسين وهما صبيان. فقال:، هاتوا ابني حتى أعوذهما بما عوذ إبراهيم ابنيه إسماعيل وإسحاق،. فضمهما إلى صدره. ثم قال: أعيذكما بكلمات الله التامة. من كل شيطان وهامة. ومن كل عين لامة] ،.
قال: وكان إبراهيم يقرأ مع هؤلاء الكلمات فاتحة الكتاب. وقال منصور: عوذ بها فإنها تنفع من العين ومن كل وجع ولدغه وقال: أكتبها.

 قال: أخبرنا هوذة بن خليفة. قال: حدثنا عوف. عن الأزرق ابن قيس. قال: [قدم على النبي صلى الله عليه وسلم أسقف نجران والعاقب . قال: فعرض عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام فقالا: أنا كنا مسلمين قبلك. قال: كذبتما إنه منع منكما الإسلام ثلاث: قولكما اتخذ الله ولدا. وأكلكما لحم الخنزير. وسجود كما للصنم. فقالا: فمن أبو عيسى؟ فما درى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يرد عليهما حتى أنزل الله تبارك وتعالى: «إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون» إلى قوله: «إن هذا لهو القصص الحق وما من إله إلا الله وإن الله لهو العزيز الحكيم» قال: فدعاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم  إلى الملاعنة. وأخذ بيد فاطمة والحسن والحسين وقال: هؤلاء بني قال: فخلا أحدهما بالآخر فقال: لا تلاعنه. فإنه إن كان نبيا فلا بقية. قال: فجاءا فقالا: لا حاجة لنا في الإسلام ولا في ملاعنتك. فهل من ثالثة قال: نعم الجزية فأقرا بها ورجعا].
أخبرنا محمد بن حميد العبدي. عن معمر. عن قتادة. [قال: لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يباهل أهل نجران. أخذ بيد حسن وحسين. وقال لفاطمة: اتبعينا فلما رأى ذلك أعداء الله رجعوا] .
قال: أخبرنا خالد بن مخلد. قال: حدثنا سليمان بن بلال. قال: حدثني [جعفر بن محمد. عن أبيه قال: جعل عمر بن الخطاب عطاء الحسن والحسين مثل عطاء أبيهما رضي الله عنه] .
قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثني موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي. عن أبيه: أن عمر بن الخطاب لما دون الديوان وفرض العطاء ألحق الحسن والحسين بفريضة أبيهما مع أهل بدر لقرابتهما برسول الله صلى الله عليه وسلم. ففرض لكل واحد منهما خمسة آلاف.
قال: حدثنا خالد بن مخلد وأبو بكر بن عبد الله بن أبي أويس.
قالا: حدثنا سليمان بن بلال. قال: [حدثني جعفر بن محمد. عن أبيه. قال: قدم على عمر حلل من اليمن. فكسا الناس فراحوا في الحلل وهو بين القبر والمنبر جالس. والناس يأتونه فيسلمون عليه ويدعون. فخرج الحسن والحسين ابنا علي من بيت أمهما فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخطيان الناس- وكان بيت فاطمة في جوف المسجد- ليس عليهما من تلك الحلل شيء. وعمر قاطب صار بين عينيه. ثم قال: والله ما هناني ما كسوتكم.
قالوا: لم يا أمير المؤمنين؟ كسوت رعيتك وأحسنت. قال: من أجل الغلامين يتخطيان الناس ليس عليهما منها شيء. كبرت عنهما وصغرا عنها.
ثم كتب إلى صاحب اليمن أن ابعث إلي بحلتين لحسن وحسين وعجل. فبعث إليه بحلتين فكساهما] .
قال: أخبرنا سليمان بن حرب. قال: حدثنا حماد بن زيد.
قال: حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري. عن عبيد بن حنين. عن حسين بن علي. قال: [صعدت إلى عمر بن الخطاب المنبر. فقلت له: انزل عن منبر أبي واصعد منبر أبيك. قال فقال لي: إن أبي لم يكن له منبر. فاقعدني معه. فلما نزل ذهب بي إلى منزله فقال: أي بني. من علمك هذا؟ قال قلت: ما علمنيه أحد قال: أي بني. لو جعلت تأتينا وتغشانا. قال: فجئت يوما وهو خال بمعاوية. وابن عمر بالباب لم يؤذن له. فرجعت فلقيني بعد فقال لي: يا بني لم أرك أتيتنا قال: قلت: قد جئت وأنت خال بمعاوية فرأيت ابن عمر رجع فرجعت. قال: أنت أحق بالإذن من عبد الله بن عمر. إنما أنبت في رءوسنا ما ترى الله ثم أنتم. قال: ووضع يده على رأسه] .
قال: أخبرنا قبيصة بن عقبة. قال: حدثنا يونس بن أبي إسحاق. عن العيزار بن حريث. قال: بينما عمرو بن العاص جالس في ظل الكعبة إذ رأى الحسين بن علي مقبلا. فقال: هذا أحب أهل الأرض إلى أهل السماء اليوم.
فقال أبو إسحاق: بلغني أن رجلا جاء إلى عمرو بن العاص وهو جالس في ظل الكعبة فقال: علي رقبة من ولد إسماعيل. فقال: ما أعلمها إلا الحسن والحسين.
قال: أخبرنا عثمان بن عمر. ومحمد بن كثير العبدي. قالا: حدثنا إبراهيم بن نافع. عن عمرو بن دينار. قال: كان الرجل إذا أتى ابن عمر فقال: إن علي رقبة من بني إسماعيل قال: عليك بالحسن والحسين.
قال: أخبرنا كثير بن هشام. قال: حدثنا حماد بن سلمة. عن أبي المهزم. قال: كنا مع جنازة امرأة ومعنا أبو هريرة فجيء بجنازة رجل فجعله بينه وبين المرأة. فصلى عليهما. فلما أقبلنا أعيا الحسين فقعد في الطريق. فجعل أبو هريرة ينفض التراب عن قدميه بطرف ثوبه فقال الحسين: يا أبا هريرة وأنت تفعل هذا؟ قال أبو هريرة: دعني فو الله لو يعلم الناس منك ما أعلم لحملوك على رقابهم.

قال: أخبرنا عارم بن الفضل. قال: حدثني مهدي بن ميمون. قال: حدثنا محمد بن أبي يعقوب الضبي. أن معاوية بن أبي سفيان كان يلقى الحسين فيقول: مرحبا وأهلا بابن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويأمر له بثلاث مائة ألف.
قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى. قال: أخبرنا قطري الخشاب مولى طارق. قال: حدثنا مدرك أبو زياد. قال: كنا في حيطان ابن عباس.
فجاء ابن عباس وحسن وحسين. فطافوا في البستان فنظروا. ثم جاءوا إلى ساقيه فجلسوا على شاطئها. فقال لي حسن: يا مدرك أعندك غداء؟
قلت: قد خبزنا. قال: ائت به. قال: فجئته بخبز وشيء من ملح جريش وطاقتين بقل فأكل. ثم قال: يا مدرك ما أطيب هذا. ثم أتي بغدائه وكان كثير الطعام طيبة فقال: يا مدرك اجمع لي غلمان البستان. قال: فقدم إليهم فأكلوا. ولم يأكل. فقلت: ألا تأكل؟ قال: ذاك كان أشهى عندي من هذا. ثم قاموا فتوضأوا ثم قدمت دابة الحسن. فأمسك له ابن عباس بالركاب وسوى عليه. ثم جيء بدابة الحسين فأمسك له ابن عباس بالركاب وسوى عليه. فلما مضيا قلت: أنت أكبر منهما تمسك لهما وتسوى عليهما. فقال: يا لكع. أتدري من هذان؟ هذان ابنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. أوليس هذا مما أنعم الله علي به أن أمسك لهما وأسوي عليهما؟.
قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى. قال: أخبرنا إسرائيل. عن أبي إسحاق. عن رزين بن عبيد. قال: شهدت ابن عباس وأتاه علي بن حسين فقال: مرحبا بابن الحبيب.

قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي. عن ابن عون. عن عمير بن إسحاق قال: كان مروان أميرا علينا ست سنين. فكان يسب عليا كل جمعه على المنبر. ثم عزل فاستعمل سعيد بن العاص سنين فكان لا يسبه. ثم عزل. وأعيد مروان. فكان يسبه. فقيل يا حسن ألا تسمع ما يقول هذا؟ فجعل لا يرد شيئا. قال: وكان حسن يجيء يوم الجمعة فيدخل في حجرة النبي صلى الله عليه وسلم فيقعد فيها. فإذا قضيت الخطبة خرج فصلى. ثم رجع إلى اهله. قال: فلم يرض بذلك  حتى أهداه له في بيته. قال: فأنا لعنده إذ قيل فلان بالباب. قال: أذن له فو الله إني لأظنه قد جاء بشر. فأذن له فدخل. فقال: يا حسن إني قد جئتك من عند سلطان وجئتك
بعزمه. قال: تكلم. قال: أرسل مروان بعلي وبعلي وبعلي وبك وبك وبك وما وجدت مثلك إلا مثل البغلة يقال لها: من أبوك؟ فتقول: أبي الفرس.
[قال: ارجع إليه فقل له: إني والله لا أمحو عنك شيئا مما قلت بأن أسبك.
ولكن موعدي وموعدك الله. فإن كنت صادقا فجزاك الله بصدقك.
وإن كنت كاذبا فالله أشد نقمة. وقد كرم الله جدي أن يكون مثله أو قال: مثلي مثل البغلة. فخرج الرجل.] [فلما كان في الحجرة لقي الحسين فقال له: يا فلان ما جئت به. قال: جئت برسالة وقد أبلغتها. فقال: والله لتخبرني ما جئت به  أو لآمرن بك فلتضربن حتى لا تدري متى رفع عنك. فقال: ارجع فرجع. فلما رآه الحسن قال: أرسله. قال: إني لا أستطيع. قال: لم. قال: إني قد حلفت. قال: قد لج فأخبره. فقال:
أكل فلان بظر أمه إن لم يبلغه عني ما أقول. فقال: يا حسين. إنه سلطان. قال: آكله إن لم يبلغه عني ما أقول . قل له: بك وبك وبأبيك وبقومك وآية بيني وبينك أن تمسك/ منكبيك من لعنه رسول الله ص. قال: فقال وزاد] .
قال: أخبرنا يعلى بن عبيد. قال: حدثنا عبيد الله بن الوليد الوصافي. عن عبد الله بن عبيد بن عمير. قال: حج الحسين بن علي خمسا وعشرين حجة ماشيا. ونجائبه تقاد معه.
قال: أخبرنا الفضل بن دكين. قال: حدثنا حفص بن غياث.
[عن جعفر بن محمد. عن أبيه: أن الحسين بن علي حج ماشيا. وإن نجائبه تقاد إلى جنبه] .
قال: أخبرنا روح بن عباده. قال: حدثنا ابن جريج. قال: أخبرني العلاء. أنه [سمع محمد بن علي بن حسين. يقول: كان حسين بن علي يمشي إلى الحج ودوابه تقاد وراءه] .
قال: أخبرنا الوليد بن عقبة الطحان. قال: أخبرنا سفيان.
قال: كان الحسين بن علي إذا أراد أن يدخل الحمام أتى الحيرة يعني أنهم ليست لهم حرمة-.
قال: أخبرنا عفان بن مسلم. قال: حدثنا حماد بن سلمة.
قال: أخبرنا عطاء بن السائب. عن أبي يحيى. [قال: كنت بين الحسن بن علي والحسين ومروان بن الحكم. والحسين يساب مروان. فجعل الحسن ينهى الحسين حتى قال مروان: إنكم أهل بيت ملعونون. قال فغضب الحسن وقال: ويلك قلت أهل بيت ملعونين. فو الله لقد لعن الله أباك على لسان نبيه وأنت في صلبه] .
قال: أخبرنا الفضل بن دكين. قال: حدثنا ابن أبي غنية.
عن يحيى بن سالم الموصلي. عن مولى الحسين بن علي. قال: كنت مع الحسين بن علي فمر بباب فاستسقى. فخرجت إليه جارية بقدح مفضض.
فجعل ينزع الفضة فيرمي بها إليها. قال: اذهبي بها إلى أهلك ثم شرب.
قال: أخبرنا الفضل بن دكين. قال: حدثنا حسن بن صالح. عن عبد الله بن عطاء. عن أبي جعفر. قال: كان الحسن والحسين يعتقان عن علي.
قال: أخبرنا مالك بن إسماعيل النهدي. قال: أخبرنا سهل ابن شعيب. عن قنان النهمي. [عن جعيد همدان. قال: أتيت الحسين بن علي وعلى صدره سكينة بنت حسين. فقال: يا أخت كلب خذي ابنتك عني. فسائلني فقال: أخبرني عن شباب العرب أو عن العرب. قال: قلت:
أصحاب جلاهقات « الجلاهق: البندق الذي يرمى به. وقيل الطين المدور المدملق » ومجالس. قال: فأخبرني عن الموالي. قال: قلت:
آكل ربا أو حريص على الدنيا. قال: فقال: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ. والله إنهما للصنفان اللذان كنا نتحدث أن الله تبارك وتعالى ينتصر بهما لدينه.
يا جعيد همدان: الناس أربعة: منهم من له خلق وليس له خلاق» .
ومنهم من له خلاق وليس له خلق. ومنهم من له خلق وخلاق وذاك أفضل الناس. ومنهم من ليس له خلق ولا خلاق وذاك شر الناس] .
قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس. قال: حدثنا زهير ابن معاوية. قال: حدثنا عمار بن معاوية الدهني. قال: حدثني أبو سعيد. قال: رأيت الحسن والحسين صليا مع الإمام العصر ثم أتيا الحجر فاستلماه. ثم طافا أسبوعا وصليا ركعتين. فقال الناس: هذان ابنا بنت رسول الله ص. فحطمهما الناس حتى لم يستطيعا أن يمضيا ومعهم رجل من الركانات. فأخذ الحسين بيد الركاني. ورد الناس عن الحسن.
وكان يجله وما رأيتهما مرا بالركن الذي يلي الحجر من جانب الحجر إلا استلماه. قال: قلت لأبي سعيد: فلعلهما بقي عليهما بقية من أسبوع قطعته الصلاة؟ قال: لا. بل طافا أسبوعا تاما.
قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي. قال: حدثنا مسلم بن خالد. عن عمرو بن دينار. قال: رأيت حسنا وحسينا يطوفان بعد العصر ويصليان.
قال: أخبرنا طلق بن غنام النخعي. قال: حدثنا شريك وقيس.
عن عمار الدهني. عن مسلم البطين. عن حسين بن علي. أنه كان يدهن عند الإحرام بالزيت ويدهن أصحابه بالدهن المطيب.
قال: أخبرنا شبابة بن سوار. قال: أخبرني بسام. قال: سألت [أبا جعفر عن الصلاة خلف بني أمية؟ فقال: صل خلفهم فإنا نصلي خلفهم.
قال: قلت: يا أبا جعفر. إن ناسا يزعمون أن هذا منكم تقية فقال:
قد كان الحسن والحسين يصليان خلف مروان يبتدران الصف وإن كان الحسين ليسبه وهو على المنبر حتى ينزل. أفتقية هذه؟] .

ذكر دعاء الحسين رضي الله عنه
قال: أخبرنا سعيد بن منصور. عن جرير بن عبد الحميد.
عن منصور. عن محمد بن أبي محمد البصري. [قال: كان الحسين بن علي يقول في وتره:، اللهم إنك ترى ولا ترى وأنت بالمنظر الأعلى. وإن لك الآخرة والأولى. وأنا نعوذ بك من أن نذل ونخزي] ،.

قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي. قال: حدثنا مسلم بن خالد. [عن جعفر بن محمد. عن أبيه قال: جاء رجل من أهل مصر إلى حسن وحسين يوم عرفة. فسألهما عن صيام يوم عرفة ؟ فوجد حسينا صائما ووجد حسنا مفطرا. وقالا: كل ذلك حسن.]
[أخبار متفرقة]
قال: أخبرنا الحسن بن موسى. قال: حدثنا زهير. عن جابر. [عن محمد بن علي. قال: كان الحسن والحسين يصليان خلف مروان ويعتدان بالصلاة معه] .
قال: أخبرنا علي بن محمد. عن عثمان بن عثمان. عن رجل من آل أبي رافع. عن أبيه. عن أبي رافع. قال: [كان علي بن أبي طالب يقول:
أنا أهل بيت فينا ركنات منها رضاي بالحكمين. وابني هذا- يعني الحسن- سيخرج من هذا الأمر وأشبه أهلي بي الحسين] .
قال: أخبرنا علي بن محمد. عن يزيد بن عياض بن جعدبة.
عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم. [قال: مر الحسين بمساكين يأكلون في الصفة. فقالوا: الغداء فنزل. وقال: إن الله لا يحب المتكبرين. فتغدى.
ثم قال لهم: قد أجبتكم فأجيبوني. قالوا: نعم. فمضى بهم إلى منزله. فقال للرباب: اخرجي ما كنت تدخرين] قال: أخبرنا علي بن محمد. عن محمد بن عمر العبدي. عن أبي سعيد الكلبي. قال: قال معاوية لرجل من قريش: إذا دخلت مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيت حلقة فيها قوم كأن على رؤوسهم الطير. فتلك حلقة أبي عبد الله مؤتزرا على أنصاف ساقيه. ليس فيها من الهزيلا شيء.
قال: أخبرنا علي بن محمد. عن جويرية بن أسماء. قال: [خطب معاوية بن أبي سفيان ابنة عبد الله بن جعفر على يزيد بن معاوية.
فشاور عبد الله حسينا فقال: أتزوجه وسيوفهم تقطر من دمائنا؟ ضمها إلى ابن أخيك القاسم بن محمد. قال: إن علي دينا قال: دونك البغيبغة فاقض منها دينك.] فقد علمت ما كان يصنع فيها عمك. فزوجها من القاسم. ووفد عبد الله إلى معاوية فباعه البغيبغة بألف ألف. وكتب معاوية إلى مروان حزها. فركب مروان ليقبضها فوجد الحسين واقفا على الشعب. قال: من شاء فليدخله. والله لا يدخله أحد إلا وضعت فيه سهما.
فرجع مروان. وكتب إلى معاوية. فكتب إليه معاوية: أعرض عنها.
وسوغ المال عبد الله بن جعفر. فلما هلك معاوية وقتل الحسين. أخذ يزيد بن معاوية البغيبغة. فلما هلك يزيد. ردها ابن الزبير على آل أبي طالب.
فلما قتل ابن الزبير. ردها عبد الملك على آل معاوية. فلما ولي عمر بن عبد العزيز. ردها على ولد علي. فلما ولي يزيد بن عبد الملك. قبضها ودفعها إلى آل معاوية حتى ولي الوليد بن يزيد بن عبد الملك فقال: ارتفعوا إلى القاضي.
قال: أخبرنا علي بن محمد. عن عبد الله بن جعفر. عن أم بكر بنت المسور.
وغسان بن عبد الحميد. عن جعفر بن عبد الرحمن بن مسور. عن أبيه. عن المسور. أن معاوية كتب إلى مروان: زوج يزيد من ابنة عبد الله بن جعفر. واقض عنه دينه خمسين ألف دينار وصله بعشرة آلاف دينار. فقال عبد الله بن جعفر: ما أقطع أمرا دون الحسين. فشاوره فقال: اجعل أمرها إلي ففعل. واجتمعوا فقال مروان: إن أمير المؤمنين أحب أن يزيد القرابة لطفا. والحق عظما. وأن يتلافى صلاح هذين الحيين بالصهر. وقد كان من أبي جعفر في إجابة أمير المؤمنين ما حسن فيه رأيه.
وولي أمرها خالها. وليس عند حسين خلاف على أمير المؤمنين. [فتكلم حسين وقال: إن الله رفع بالإسلام الخسيسة وأتم الناقصة. وأذهب اللوم. فلا لوم على مسلم. وإن القرابة التي عظم الله حقها قرابتنا وقد زوجت هذه الجارية من هو أقرب نسبا وألطف سببا القاسم بن محمد بن جعفر. فقال] مروان: أغدرا يا بني هاشم؟ وقال لعبد الله بن جعفر: يا ابن جعفر ما هذه أيادي أمير المؤمنين عندك!!. قال: قد أعلمتك أني لا أقطع أمرا فيها دون خالها. [فقال حسين: نشدتكم الله أتعلمون أن الحسن خطب عائشة بنت عثمان فولوك أمرها فلما صرنا في مثل هذا المجلس؟ قلت: قد بدا لي أن أزوجها عبد الله بن الزبير؟ هل كان هذا يا أبا عبد الرحمن؟ - يعني المسور بن مخرمة]- فقال: اللهم نعم. فقال مروان: إنما ألوم عبد الله. فأما حسين فوغر الصدر. فقال مسور: لا تحمل على القوم. فالذي صنعوا أوصل. وصلوا رحما ووضعوا كريمتهم حيث أحبوا.
قال: أخبرنا علي بن محمد. عن يزيد بن عياض بن جعدبة.
عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم. قال: [خطب سعيد بن العاص أم كلثوم بنت علي بعد عمر. وبعث إليها بمائة ألف فدخل عليها الحسين فشاورته. فقال: لا تزوجيه. فأرسلت إلى الحسن. فقال: أنا أزوجه فاتعدوا لذلك.
وحضر الحسن. وأتاهم سعيد ومن معه. فقال سعيد: أين أبو عبد الله؟
قال له الحسن: أكفيك دونه. قال: فلعل أبا عبد الله كره هذا يا أبا محمد؟. قال: قد كان. وأكفيك. قال: إذا لا أدخل في شيء يكرهه.
ورجع ولم يعرض في المال ولم يأخذ منه شيئا] .
قال: أخبرنا معن بن عيسى. قال: حدثنا سليمان بن بلال.
[عن جعفر بن محمد. عن أبيه. أن الحسين بن علي رحمه الله تختم في اليسار] .
قال: أخبرنا الفضل بن دكين. قال: حدثنا المطلب بن زياد.
عن السدي. قال: رأيت حسين بن علي رحمه الله وإن جمته خارجة من تحت عمامته.
قال: أخبرنا الفضل بن دكين: ومحمد بن عبد الله الأسدي.
قالا: حدثنا يونس بن أبي إسحاق. عن العيزار بن حريث. قال: رأيت على الحسين بن علي مطرفا من خز قد خضب لحيته ورأسه بالحناء والكتم.
قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي. قال: حدثنا سفيان.
عن إسماعيل بن أبي خالد وإبراهيم بن مهاجر. عن الشعبي. قال: أخبرني من رأى على الحسين بن علي جبة من خز  .
قال: أخبرنا عارم بن الفضل. قال: حدثنا حماد بن زيد. عن أبي بكر الهذلي. عن عبد الله بن يزيد. قال: رأيت على الحسين بن علي رضي الله عنهما جبة خز.
قال: أخبرنا خالد بن مخلد. قال: حدثني معتب مولى جعفر ابن محمد. قال: سمعت [جعفر بن محمد. يقول: أصيب الحسين وعليه جبة خز] .
قال: أخبرنا الفضل بن دكين. قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر. قال: سمعت أبي. عن الشعبي. قال: رأيت على الحسين جبة خز ورأسه مخضوب بالوسمة .
قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى. قال: أخبرنا إسرائيل. عن إبراهيم بن مهاجر. عن عامر. قال: رأيت الحسين بن علي يخضب بالوسمة ويختم في شهر رمضان. ورأيت عليه جبة خز.
قال: أخبرنا وهب بن جرير. ويحيى بن عباد. عن شعبة. عن أبي إسحاق. قال: سمعت العيزار يقول: كان الحسين بن علي يخضب بالوسمة.
قال يحيى بن عباد: رأيت.
قال: أخبرنا عبد الملك بن عمرو أبو عامر العقدي. قال: حدثنا شعبة. [عن جعفر بن محمد. عن أبيه: أن الحسين بن علي كان يخضب بالوسمة] .
قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى. عن إسرائيل. عن محمد بن قيس: أنه رأى الحسين بن علي ولحيته مخضوبة بالوسمة.
قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى. عن إسرائيل. عن السدي.
عن كثير مولى بني هاشم: أن الحسين بن علي كان يخضب بالوسمة.
قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى. قال: أخبرنا إسرائيل. عن السدي: قال: رأيت الحسين بن علي ولحيته شديدة السواد ومعه ابنه علي.
قال: أخبرنا الفضل بن دكين. قال: حدثنا سفيان. عن السري بن كعب الأزدي. قال: رأيت الحسين بن علي واقفا على برذون أبيض قد خضب رأسه ولحيته بالوسمة.
قال: أخبرنا خالد بن مخلد. قال: حدثني معتب مولى جعفر ابن محمد. عن [جعفر بن محمد. عن أبيه. قال: صبغ الحسين بالوسمة] .
قال: أخبرنا محمد بن عبيد. عن طلحة. عن عمر بن عطاء وعبيد الله بن أبي يزيد المكيين. قالا: نظرنا إلى الحسين بن علي وهو يسود رأسه ولحيته.
قال: أخبرنا الفضل بن دكين. قال: حدثنا سفيان. عن عبد العزيز بن رفيع. عن قيس مولى خباب. قال: رأيت الحسين يخضب بالسواد.
حدثنا عبد الوهاب بن عطاء ومعن بن عيسى. قالا: أخبرنا أبو معشر المديني. عن سعيد بن أبي سعيد. قال: رأيت الحسين بن علي يخضب بالسواد.
قال: أخبرنا مالك بن إسماعيل. قال: حدثنا حسن بن صالح.

عن السدي. قال: رأيت الحسين بن علي أسود اللحية.
[ذكر رؤيا رسول الله وإخباره عن مقتل الحسين]
قال: أخبرنا خالد بن مخلد ومحمد بن عمر. قالا: حدثنا موسى ابن يعقوب الزمعي. قال: أخبرني هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص.
عن عبد الله بن وهب بن زمعة. قال: [أخبرتني أم سلمة أن رسول الله ص.
اضطجع ذات يوم للنوم. فاستيقظ فزعا وهو خاثر. ثم اضطجع فرقد واستيقظ وهو خاثر دون المرة الأولى. ثم اضطجع فنام فاستيقظ ففزع. وفي يده تربة حمراء يقلبها بيده. وعيناه تهراقان الدموع»
. فقلت: ما هذه التربة يا رسول الله؟ فقال:، أخبرني جبريل أن ابني الحسين يقتل بأرض العراق. فقلت لجبريل: أرني تربة الأرض التي يقتل بها؟ فجاء بها. فهذه تربتها] ،.
قال: أخبرنا يعلى ومحمد بن ابنا عبيد. قالا: حدثنا موسى الجهني. عن صالح بن أربد النخعي. قال: [قالت أم سلمة: قال لي نبي الله:، اجلسي بالباب فلا يلج على أحد. فجاء الحسين وهو وصيف. فذهبت تناوله فسبقها فدخل. قالت: فلما طال علي خفت أن يكون قد وجد علي فتطلعت من الباب. فإذا في كف النبي صلى الله عليه وسلم شيء يقلبه- والصبي نائم على بطنه- ودموعه تسيل. فلما أمرني أن أدخل.
قلت يا رسول الله إن ابنك جاء فذهبت أتناوله فسبقني فلما طال علي خفت أن تكون قد وجدت علي فتطلعت من الباب فرأيتك تقلب شيئا في كفك والصبي نائم على بطنك ودموعك تسيل فقال: إن جبريل أتاني بالتربة التي يقتل عليها. وأخبرني أن أمتي يقتلوه] .
قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: أخبرنا موسى بن محمد بن إبراهيم. عن أبيه. عن أبي سلمة. [عن عائشة. قالت: كانت لنا مشربة. فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد لقيا جبريل لقيه فيها. فلقيه رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة من ذلك فيها. وأمر عائشة أن لا يصعد إليه أحد. فدخل حسين بن علي ولم تعلم حتى غشيها. فقال جبريل: من هذا؟ فقال رسول الله ص: ابني،. فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فجعله على فخذه. فقال: أما إنه سيقتل. فقال رسول الله ص:، ومن يقتله؟، قال: أمتك. فقال رسول الله ص:
، أمتي تقتله؟، قال: نعم. وإن شئت أخبرتك بالأرض التي يقتل بها.
فأشار له جبريل إلى الطف بالعراق. وأخذ تربة حمراء فأراه إياها فقال: هذه من تربة مصرعه] .

قال: أخبرنا علي بن محمد. عن عثمان بن مقسم. عن المقبري. [عن عائشة. قالت: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم راقد. إذ جاء الحسين يحبو إليه فنحيته عنه. ثم قمت لبعض أمري فدنا منه. فاستيقظ يبكي. فقلت: ما يبكيك؟ قال: إن جبريل أراني التربة التي يقتل عليها الحسين. فاشتد غضب الله على من يسفك  دمه. وبسط يده فإذا فيها قبضة من بطحاء. فقال:
يا عائشة والذي نفسي بيده. إنه ليحزنني. فمن هذا من أمتي يقتل حسينا بعدي؟!]

قال: أخبرنا عفان بن مسلم. ويحيى بن عباد. وكثير بن هشام. وموسى بن إسماعيل. قالوا: حدثنا حماد بن سلمة. قال: حدثنا عمار بن أبي عمار. عن ابن عباس. قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرى النائم بنصف النهار وهو قائم أشعث أغبر. بيده قارورة فيها دم. فقلت بأبي وأمي ما هذا؟ قال: دم الحسين وأصحابه. أنا منذ اليوم ألتقطه. قال: فأحصي ذلك اليوم فوجدوه قتل ذلك في ذلك اليوم.
قال: وأخبرنا علي بن محمد. عن حماد بن سلمة. عن أبان. عن شهر بن حوشب. [عن أم سلمة. قالت: كان جبريل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم والحسين معي. فبكى فتركته. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخذته. فبكى. فأرسلته. فقال له جبريل: أتحبه؟ قال: نعم. فقال: أما إن أمتك ستقتله!!] .

قال: أخبرنا علي بن محمد. عن يحيى بن زكريا. عن رجل.
عن عامر الشعبي. قال: [قال علي- وهو على شاطئ الفرات-: صبرا أبا عبد الله. ثم قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعيناه تفيضان. فقلت:
أحدث حدث؟ فقال: أخبرني جبريل أن حسينا يقتل بشاطئ الفرات.
ثم قال: أتحب أن أريك من تربته؟ قلت: نعم. فقبض قبضة من تربتها فوضعها في كفي. فما ملكت عيني أن فاضتا] .
قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى. قال: أخبرنا إسرائيل. عن أبي إسحاق. عن هانئ بن هانئ. [عن علي. قال: ليقتلن الحسين بن علي قتلا. وإني لأعرف تربة الأرض التي يقتل بها. يقتل بقرية قريب من النهرين] .
قال: أخبرنا يحيى بن حماد. قال: حدثنا أبو عوانة. عن عطاء ابن السائب. عن ميمون. عن شيبان بن مخرم قال: وكان عثمانيا يبغض عليا-[قال: رجع مع علي من صفين. قال فانتهينا إلى موضع. قال: فقال: ما يسمى هذا الموضع؟ قال: قلنا: كربلاء. قال: كرب وبلاء.
قال: ثم قعد على رابية وقال: يقتل هاهنا قوم أفضل شهداء على وجه الأرض. لا يكون شهداء رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:] قلت بعض كذباته ورب الكعبة. قال: فقلت لغلامي وثمة حمار ميت. جئني برجل هذا الحمار. فأوتدته في المقعد الذي كان فيه قاعدا. فلما قتل الحسين.
قلت لأصحابي: انطلقوا ننظر. فانتهينا إلى المكان. وإذا جسد الحسين على رجل الحمار وإذا أصحابه ربضة حوله.
قال: أخبرنا يحيى بن حماد. قال: حدثنا أبو عوانة. عن سليمان. قال: حدثنا أبو عبيد الضبي. [قال: دخلنا على أبي هرثم الضبي حين أقبل من صفين- وهو مع علي- وهو جالس على دكان وله امرأة يقال لها جرداء هي أشد حبا لعلي وأشد لقوله تصديقا. فجاءت شاة فبعرت فقال:
لقد ذكرني بعر هذه الشاة حديثا لعلي. قالوا: وما علم علي بهذا. قال: أقبلنا مرجعنا من صفين فنزلنا كربلاء فصلى بنا علي صلاة الفجر بين شجرات ودوحات حرمل. ثم أخذ كفا من بعر الغزلان. فشمه. ثم قال: أوه. أوه.
يقتل بهذا الغائط قوم يدخلون الجنة بغير حساب.] قال: قالت جرداء: وما تنكر من هذا!! هو أعلم بما قال منك. نادت بذلك وهي في جوف البيت. قال: أخبرنا الفضل بن دكين. قال: حدثنا عبد الجبار بن عباس. عن عمار الدهني. قال: مر علي على كعب فقال: إن من ولد هذا الرجل يقتل في عصابة لا يجف عرق خيولهم حتى يردوا على محمد ص. فمر حسن. فقالوا: هو هذا يا أبا إسحاق؟ قال: لا. فمر حسين. فقالوا: هذا هو؟ فقال: نعم.
قال: أخبرنا علي بن محمد. عن الحسن بن دينار. عن معاوية ابن قرة. [قال: قال الحسين: والله ليعتدن علي كما اعتدت بنو إسرائيل في السبت] .
قال: أخبرنا علي بن محمد. عن جعفر بن سليمان الضبعي. قال: [قال الحسين بن علي: والله لا يدعوني حتى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي.
فإذا فعلوا. سلط الله عليهم من يذلهم حتى يكونوا أذل من فرم الأمة. فقدم العراق فقتل بنينوى»
يوم عاشوراء سنة إحدى وستين] .

قال: أخبرنا علي بن محمد. عن عامر بن أبي محمد. عن الهيثم ابن موسى. قال: قال العريان بن الهيثم: كان أبي يتبدى فينزل قريبا من الموضع الذي كان فيه معركة الحسين. فكنا لا نبدوا إلا وجدنا رجلا من بني أسد هناك. فقال له أبي: أراك ملازما هذا المكان. قال: بلغني أن حسينا يقتل هاهنا. فأنا أخرج لعلي أصادفه فأقتل معه. فلما قتل الحسين. قال أبي: انطلقوا ننظر. هل الأسدي في من قتل فأتينا المعركة فطوفنا فإذا الأسدي مقتول.
 

مقتل الحسين بن علي صلوات الله عليهما وسلامه
قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثنا ابن أبي ذئب.
قال: حدثني عبد الله بن عمير مولى أم الفضل. قال:
وأخبرنا عبد الله بن محمد بن عمر بن علي. عن أبيه. قال:
وأخبرنا يحيى بن سعيد بن دينار السعدي. عن أبيه. قال:
وحدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد. عن أبي وجزة السعدي. عن علي بن حسين. قال: وغير هؤلاء أيضا قد حدثني.
قال محمد بن سعد: وأخبرنا علي بن محمد. عن يحيى بن إسماعيل ابن أبي المهاجر. عن أبيه.
وعن لوط بن يحيى الغامدي. عن محمد بن بشير الهمداني. وغيره.
وعن محمد بن الحجاج. عن عبد الملك بن عمير.
وعن هارون بن عيسى. عن يونس بن أبي إسحاق. عن أبيه.
وعن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة. عن مجالد. عن الشعبي.
قال ابن سعد: وغير هؤلاء أيضا قد حدثني في هذا الحديث بطائفة فكتبت جوامع حديثهم في مقتل الحسين رحمة الله عليه ورضوانه وصلواته وبركاته. قالوا: لما بايع معاوية بن أبي سفيان الناس ليزيد بن معاوية. كان حسين بن علي بن أبي طالب ممن لم يبايع له. وكان أهل الكوفة يكتبون إلى حسين يدعونه إلى الخروج إليهم في خلافة معاوية. كل ذلك يأبى. فقدم منهم قوم إلى محمد بن الحنفية. فطلبوا إليه أن يخرج معهم. فأبى وجاء إلى الحسين فأخبره بما عرضوا عليه وقال: إن القوم إنما يريدون أن يأكلوا بنا ويشيطوا دماءنا. فأقام حسين على ما هو عليه من الهموم. مرة يريد أن يسير إليهم. ومرة يجمع الإقامة. فجاءه أبو سعيد الخدري فقال: يا أبا عبد الله إني لكم ناصح وإني عليكم مشفق. وقد بلغني أنه كاتبك قوم من شيعتكم بالكوفة يدعونك إلى الخروج إليهم.
فلا تخرج [فإني سمعت أباك رحمه الله يقول بالكوفة: والله لقد مللتهم وأبغضتهم.
وملوني وأبغضوني وما بلوت منهم وفاءا. ومن فاز بهم فاز بالسهم الأخيب.
والله ما لهم نيات ولا عزم أمر. ولا صبر على السيف].
[قال: وقدم المسيب بن نجبة الفزاري وعدة معه إلى الحسين بعد وفاة الحسن فدعوه إلى خلع معاوية وقالوا: قد علمنا رأيك ورأي أخيك فقال:
إني أرجو أن يعطي الله أخي على نيته في حبه الكف. وأن يعطيني على نيتي في حبي جهاد الظالمين].
وكتب مروان بن الحكم إلى معاوية: إني لست آمن أن يكون حسين مرصدا للفتنة. وأظن يومكم من حسين طويلا.
فكتب معاوية إلى الحسين: إن من أعطى الله صفقة يمينه وعهده لجدير بالوفاء. وقد أنبئت أن قوما من أهل الكوفة قد دعوك إلى الشقاق. وأهل العراق من قد جربت. قد أفسدوا على أبيك. وأخيك. فاتق الله. واذكر الميثاق فإنك متى تكدني أكدك.
فكتب إليه الحسين: أتاني كتابك وأنا بغير الذي بلغك عني جدير.
والحسنات لا يهدي لها إلا الله وما أردت لك محاربة ولا عليك خلافا.
وما أظن لي عند الله عذرا في ترك جهادك. وما أعلم فتنة أعظم من ولايتك أمر الأمة.
فقال معاوية: إن أثرنا بأبي عبد الله إلا أسدا.
وكتب إليه معاوية أيضا في بعض ما بلغه عنه: إني لأظن أن في رأسك نزوة فوددت أني أدركتها فأغفرها لك.
قال: أخبرنا علي بن محمد. عن جويرية بن أسماء. عن مسافع ابن شيبة. قال: لقي الحسين معاوية بمكة عند الردم. فأخذ بخطام راحلته فأناخ به. ثم سارة حسين طويلا وانصرف. فزجر معاوية راحلته فقال له يزيد: لا يزال رجل قد عرض لك فأناخ بك. قال: دعه فلعله يطلبها من غيري فلا يسوغه فيقتله.
رجع الحديث إلى الأول:
قالوا : ولما حضر معاوية. دعا يزيد بن معاوية فأوصاه بما أوصاه به وقال : انظر حسين بن علي بن فاطمة بنت رسول الله ص. فإنه أحب الناس إلى الناس فصل رحمه. وارفق به يصلح لك أمره. فإن يك منه شيء فإني أرجو أن يكفيكه الله بمن قتل أباه وخذل أخاه.
وتوفي معاوية ليلة النصف من رجب سنة ستين  . وبايع الناس ليزيد.
فكتب يزيد مع عبد الله بن عمرو بن أويس العامري- عامر بن لؤي- إلى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان وهو على المدينة. أن ادع الناس فبايعهم. وابدأ بوجوه قريش. وليكن أول من تبدأ به الحسين بن علي. فإن أمير المؤمنين عهد إلي في أمره الرفق به واستصلاحه. فبعث الوليد بن عتبة من ساعته- نصف الليل- إلى الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير فأخبرهما بوفاة معاوية ودعاهما إلى البيعة ليزيد. فقالا: نصبح وننظر ما يصنع الناس. [ووثب الحسين فخرج وخرج معه ابن الزبير وهو يقول: هو يزيد الذي تعرف. والله ما حدث له حزم ولا مروءة.] وقد كان الوليد أغلظ للحسين فشتمه الحسين. وأخذ بعمامته فنزعها من رأسه. فقال الوليد: إن أهجنا بأبي عبد الله إلا أسدا.
فقال له مروان أو بعض جلسائه: اقتله قال: إن ذاك لدم مضنون في بني عبد مناف. فلما صار الوليد إلى منزله. قالت له امرأته أسماء بنت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام: أسببت حسينا؟ قال: هو بدأ فسبني.
قالت: وإن سبك حسين تسبه. وإن سب أباك تسب أباه!! قال:
لا. وخرج الحسين وعبد الله بن الزبير من ليلتهما إلى مكة.
فأصبح الناس فغدوا على البيعة ليزيد. وطلب الحسين وابن الزبير فلم يوجدا. فقال المسور بن مخرمة: عجل أبو عبد الله. وابن الزبير الآن يلفته ويزجيه»
إلى العراق ليخلو بمكة. فقدما مكة. فنزل الحسين دار العباس ابن عبد المطلب. ولزم ابن الزبير الحجر ولبس المعافري. وجعل يحرض الناس على بني أمية. وكان يغدو ويروح إلى الحسين. ويشير عليه أن يقدم العراق ويقول: هم شيعتك وشيعة أبيك. وكان عبد الله بن عباس ينهاه عن ذلك ويقول: لا تفعل. وقال له عبد الله بن مطيع : أي فداك أبي وأمي متعنا بنفسك ولا تسر إلى العراق فو الله لئن قتلك هؤلاء القوم ليتخذنا خولا وعبيدا.
ولقيهما عبد الله بن عمر وعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة بالأبواء منصرفين من العمرة. فقال لهما ابن عمر: أذكركما الله. إلا رجعتما فدخلتما في صالح ما يدخل فيه الناس. وتنظرا. فإن اجتمع الناس عليه لم تشذا.
وإن افترق عليه كان الذي تريدان.
وقال ابن عمر لحسين: لا تخرج فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم خيره الله بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة. وأنت بضعة منه ولا تنالها- يعني الدنيا- فاعتنقه وبكى وودعه. فكان ابن عمر يقول: غلبنا حسين على الخروج.
ولعمري لقد رأى في أبيه وأخيه عبرة. ورأى من الفتنة وخذلان الناس لهم. ما كان ينبغي له أن لا يتحرك ما عاش. وأن يدخل في صالح ما دخل فيه الناس فإن الجماعة خير .
وقال له ابن عياش: أين تريد يا ابن فاطمة؟ قال: العراق وشيعتي فقال: إني لكاره لوجهك هذا. تخرج إلى قوم قتلوا أباك وطعنوا أخاك حتى تركهم سخطة وملة لهم. أذكرك الله أن تغرر بنفسك.
وقال أبو سعيد الخدري: غلبني الحسين على الخروج. وقد قلت له: اتق الله في نفسك والزم بيتك فلا تخرج على إمامك.
وقال أبو واقد الليثي: بلغني خروج حسين فأدركته بملل.
فناشدته الله أن لا يخرج فإنه يخرج في غير وجه خروج. إنما يقتل نفسه.
فقال: لا أرجع
وقال جابر بن عبد الله: كلمت حسينا فقلت: اتق الله ولا تضرب الناس بعضهم ببعض. فو الله ما حمدتم ما صنعتم فعصاني.
وقال سعيد بن المسيب: لو أن حسينا لم يخرج لكان خيرا له.
وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن: قد كان ينبغي لحسين أن يعرف أهل العراق ولا يخرج إليهم. ولكن شجعه على ذلك ابن الزبير.
وكتب إليه المسور بن مخرمة: إياك أن تغتر بكتب أهل العراق.
ويقول لك ابن الزبير: الحق بهم فإنهم ناصروك. إياك أن تبرح الحرم.
فإنهم إن كانت لهم بك حاجة فسيضربون إليك آباط الإبل حتى يوافوك.
فتخرج في قوة وعدة. فجزاه خيرا وقال: أستخير الله في ذلك.
وكتبت إليه عمرة بنت عبد الرحمن: تعظم عليه ما يريد أن يصنع.
وتأمره بالطاعة ولزوم الجماعة. وتخبره أنه إنما يساق إلى مصرعه وتقول:
أشهد [لحدثتني/ عائشة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:، يقتل حسين بأرض بابل] ،. فلما قرأ كتابها [قال: فلا بد لي إذا من مصرعي ومضى].
وأتاه أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام  فقال: يا ابن عم. إن الرحم تضارني وما أدري كيف أنا عندك في النصيحة لك.
قال: يا أبا بكر ما أنت ممن يستغش ولا يتهم. فقل. فقال: قد رأيت ما صنع أهل العراق بأبيك وأخيك وأنت تريد أن تسير إليهم وهم عبيد الدنيا.
فيقاتلك من قد وعدك أن ينصرك. ويخذلك من أنت أحب إليه ممن ينصره.
فأذكرك الله في نفسك. [فقال: جزاك الله يا ابن عم خيرا فلقد اجتهدت رأيك. ومهما يقضي الله من أمر يكن. فقال أبو بكر: أنا لله. عند الله نحتسب أبا عبد الله]. وكتب عبد الله بن جعفر بن أبي طالب إليه كتابا يحذره أهل الكوفة.
ويناشده الله أن يشخص إليهم. فكتب إليه الحسين: إني رأيت رؤيا. ورأيت فيها رسول الله ص. وأمرني بأمر أنا ماض له. ولست بمخبر بها أحدا حتى ألاقي عملي.
وكتب إليه عمرو بن سعيد بن العاص»
: إني أسأل الله أن يلهمك رشدك. وأن يصرفك عما يرديك. بلغني أنك قد اعتزمت على الشخوص إلى العراق. فإني أعيذك بالله من الشقاق. فإن كنت خائفا. فأقبل إلى فلك عندي الأمان والبر والصلة. فكتب إليه الحسين: إن كنت أردت بكتابك إلى بري وصلتي فجزيت خيرا في الدنيا والآخرة. وأنه لم يشاقق من دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين. وخير الأمان أمان الله. ولم يؤمن بالله من لم يخفه في الدنيا. فنسأل الله مخافة في الدنيا توجب لنا أمان الآخرة عنده.
وكتب يزيد بن معاوية إلى عبد الله بن عباس يخبره بخروج الحسين إلى مكة. ونحسبه جاءه رجال من أهل هذا المشرق فمنوه الخلافة. وعندك منهم خبرة وتجربة فإن كان فعل فقد قطع واشج القرابة. وأنت كبير أهل بيتك والمنظور إليه. فاكففه عن السعي في الفرقة.
وكتب بهذه الأبيات إليه وإلى من بمكة والمدينة من قريش:
يا أيها الراكب الغادي لطيته... على عذافرة في سيرها قحم
أبلغ قريشا على نأى المزار بها ... بيني وبين حسين الله والرحم
وموقف بفناء البيت أنشده ... عهد الإله وما توفي به الذمم
عنيتم قومكم فخرا بأمكم ... أم لعمري حصان عفة كرم
هي التي لا يداني فضلها أحد ... بنت الرسول وخير الناس قد علموا
وفضلها لكم فضل وغيركم ... من قومكم لهم في فضلها قسم
إني لأعلم أو ظنا كعالمه ... والظن يصدق أحيانا فينتظم
أن سوف يترككم ما تدعون بها ... قتلى تهاداكم العقبان والرخم
ما قومنا لا تشبوا الحرب إذ سكنت ومسكوا بحال السلم واعتصموا
قد غرت الحرب من قد كان قبلكم ... من القرون وقد بادت بها الأمم
فأنصفوا قومكم لا تهلكوا بذخا ... فرب ذي بذخ زلت به القدم
قال: فكتب إليه عبد الله بن عباس: إني أرجو أن لا يكون خروج الحسين لأمر تكرهه. ولست أدع النصيحة له فيما يجمع  الله به الألفة ويطفي به النائرة.
ودخل عبد الله بن عباس على الحسين: فكلمه طويلا وقال: أنشدك الله أن تهلك غدا بحال مضيعة. لا تأتي العراق. وإن كنت لا بد فاعلا فأقم حتى ينقضي الموسم وتلقى الناس وتعلم على ما يصدرون. ثم ترى رأيك.
وذلك في عشر ذي الحجة سنة ستين.
فأبى الحسين إلا أن يمضي إلى العراق. فقال له ابن عباس: والله إني لأظنك ستقتل غدا بين نسائك وبناتك كما قتل عثمان بين نسائه وبناته. والله إني لأخاف أن تكون الذي يقاد به عثمان. ف إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ.
فقال الحسين : أبا العباس إنك شيخ قد كبرت.
فقال ابن عباس: لولا أن يزري ذلك بي أو بك لنشبت يدي في رأسك.
ولو أعلم أنا إذا تناصينا أقمت لفعلت. ولكن لا أخال ذلك نافعي.
[فقال له الحسين: لئن أقتل بمكان كذا وكذا أحب إلي أن تستحل بي- يعني مكة]- قال: فبكى ابن عباس وقال: أقررت عين ابن الزبير فذلك الذي سلى بنفسي عنه.
ثم خرج عبد الله بن عباس من عنده وهو مغضب. وابن الزبير على الباب. فلما رآه قال: يا ابن الزبير قد أتى ما أحببت. قرت عينك. هذا أبو عبد الله يخرج ويتركك والحجاز.
يا لك من قنبرة بمعمر ... خلا لك الجو فبيضي واصفري
ونقري ما شئت أن تنقري  وبعث حسين إلى المدينة. فقدم عليه من خف معه من بني عبد المطلب.
وهم تسعة عشر رجلا. ونساء وصبيان من أخواته وبناته ونسائهم. وتبعهم محمد بن الحنفية فأدرك حسينا بمكة. وأعلمه أن الخروج ليس له برأي يومه هذا. فأبى الحسين أن يقبل. فحبس محمد بن علي ولده فلم يبعث معه أحدا منهم. حتى وجد الحسين في نفسه على محمد. [وقال: ترغب بولدك عن موضع أصاب فيه]
فقال محمد: وما حاجتي أن تصاب ويصابون معك. وإن كانت مصيبتك أعظم عندنا منهم. وبعث أهل العراق إلى الحسين الرسل والكتب يدعونه إليهم. فخرج متوجها إلى العراق في أهل بيته وستين شيخا من أهل الكوفة.
وذلك يوم الاثنين في عشر ذي الحجة سنة ستين
فكتب مروان إلى عبيد الله بن زياد. أما بعد: فإن الحسين بن علي قد توجه إليك وهو الحسين بن فاطمة وفاطمة بنت رسول الله ص. وبالله ما أحد يسلمه الله أحب إلينا من الحسين. فإياك أن تهيج على نفسك ما لا يسده شيء ولا تنساه العامة ولا تدع ذكره. والسلام. وكتب/ إليه عمرو بن سعيد بن العاص. أما بعد: فقد توجه إليك الحسين وفي مثلها تعتق أو تكون عبدا تسترق كما تسترق العبيد .
قال: أخبرنا عبد الله بن الزبير الحميدي. قال: حدثنا سفيان ابن عيينة. قال: حدثني لبطة بن الفرزدق- وهو في الطواف وهو مع ابن شبرمة قال: أخبرني أبي. قال: خرجنا حجاجا. فلما كنا بالصفاح إذا نحن بركب عليهم اليلامق ومعهم الدرق. فلما دنوت منهم إذا أنا بحسين بن علي. فقلت: أي أبو عبد الله. قال: يا فرزدق ما وراءك. قال: أنت أحب الناس والقضاء في السماء. والسيوف مع بني أمية.
قال: ثم دخلنا مكة فلما كنا بمنى قلت له: لو أتينا عبد الله بن عمرو فسألناه عن حسين وعن مخرجه فأتينا منزله بمنى. فإذا نحن بصبية له سود مولدين يلعبون قلنا أين أبوكم»
قالوا في الفسطاط يتوضأ. فلم نلبث أن خرج علينا من فسطاطه. فسألناه عن حسين فقال: أما إنه لا يحيك  فيه السلاح. قال: فقلت له: تقول هذا فيه وأنت الذي قاتلته وأباه. فسبني فسببته. ثم خرجنا حتى أتينا ماء لنا يقال له: تعشار. فجعل لا يمر بنا أحد إلا سألناه عن حسين. حتى مر بنا ركب فناديناهم: ما فعل حسين ابن علي؟ قالوا: قتل. فقلت: فعل الله بعبد الله بن عمرو وفعل.
قال سفيان ذهب الفرزدق إلى غير المعنى أو قال الوجه. إنما قال: لا يحيك فيه السلاح ولا يضره القتل مع ما قد سبق له.
قال: أخبرنا عبد الله بن الزبير الحميدي. قال: حدثنا سفيان.
قال: حدثنا شيعي لنا يقال له العلاء بن أبي العباس. عن أبي جعفر. عن عبد الله بن عمرو. أنه قال في حسين حين خرج: أما إنه لا يحيك فيه السلاح.
قال: أخبرنا موسى بن إسماعيل. قال: حدثنا معاوية بن عبد الكريم. عن مروان الأصفر. قال: حدثني الفرزدق بن غالب. قال: لما خرج الحسين بن علي رحمه الله. لقيت عبد الله بن عمرو فقلت له: إن هذا الرجل قد خرج فما ترى؟ قال: أرى أن تخرج معه فإنك إن أردت دنيا أصبتها وإن أردت آخرة أصبتها. قال: فرحلت نحوه. فلما كنت في بعض الطريق بلغني قتله. فرجعت إلى عبد الله بن عمرو فقلت: أين ما قلت لي؟
قال: كان رأيا رأيته.
قال: أخبرنا علي بن محمد. عن الهذلي. [أن الفرزدق قال: لقيت حسينا فقلت: بأبي أنت. لو أقمت حتى يصدر الناس لرجوت أن يتقصف أهل الموسم معك. فقال: لم آمنهم يا أبا فراس.] قال: فدخلت مكة فإذا فسطاط وهيئة فقلت لمن هذا؟ قالوا: لعبد الله بن عمرو بن العاص فأتيته. فإذا شيخ أحمر. فسلمت فقال: من؟ قلت: الفرزدق. أترى أن أنصر حسينا؟ قال: إذا تصيب أجرا وذخرا قلت: بلا دنيا؟ فأطرق ثم قال: يا ابن غالب لتتمن خلافة يزيد. فانظرن. فكرهت ما قال. قال:
فسببت يزيد ومعاوية قال: مه/ قبحك الله. فغضبت فشتمته وقمت. ولو حضر حشمه لأوجعوني. فلما قضيت الحج رجعت فإذا عير فصرخت إلا ما فعل الحسين؟ فردوا علي إلا قتل.
قال: أخبرنا علي بن محمد. عن جويرية بن أسماء. وعلي بن مدرك. عن إسماعيل بن يسار. قال: [لقي الفرزدق حسينا بالصفاح فسلم عليه. فوصله بأربع مائة دينار. فقالوا: يا أبا عبد الله. تعطي شاعرا مبتهرا قال: إن خير ما أمضيت من مالك ما وقيت به عرضك. والفرزدق شاعر لا يؤمن] .
فقال قوم: لإسماعيل: وما عسى أن يقول في الحسين. ومكانه مكانه.
وأبوه وأمه من قد علمت. قال: اسكتوا فإن الشاعر ملعون. إن لم يقل في أبيه وأمه قال في نفسه.
قال: أخبرنا علي بن محمد. عن جناب بن موسى. عن الكلبي. عن بحير بن شداد الأسدي. قال: مر بنا الحسين بالثعلبية فخرجت إليه مع أخي. فإذا عليه جبة صفراء لها جيب في صدرها. فقال له أخي: إني أخاف عليك. فضرب بالسوط على عيبه  قد حقبها [وقال: هذه كتب وجوه أهل المصر] .

[بعث الحسين لمسلم بن عقيل إلى الكوفة]
قال: أخبرنا موسى بن إسماعيل. قال: حدثنا جعفر بن سليمان. عن يزيد الرشك. قال: حدثني من شافه الحسين. قال: رأيت أبنية مضروبة بفلاة من الأرض فقلت: لمن هذه؟ قالوا: هذه لحسين قال:
فأتيته فإذا شيخ يقرأ القرآن. قال: والدموع تسيل على خديه ولحيته. قال:
قلت: بأبي وأمي يا ابن رسول الله. ما أنزلك هذه البلاد والفلاة التي ليس [بها أحد؟ قال: هذه كتب أهل الكوفة إلي ولا أراهم إلا قاتلي. فإذا فعلوا ذلك لم يدعوا لله حرمة إلا انتهكوها فيسلط الله عليهم من يذلهم حتى يكونوا أذل من فرم الأمة- يعني مقنعتها]
ثم رجع الحديث إلى الأول:
قالوا: وقد كان الحسين قدم مسلم بن عقيل بن أبي طالب إلى الكوفة. وأمره أن ينزل على هانئ بن عروة المرادي. وينظر إلى اجتماع الناس عليه ويكتب إليه بخبرهم. فقدم مسلم بن عقيل الكوفة مستخفيا.
وأتته الشيعة فأخذ بيعتهم. وكتب إلى حسين بن علي: إني قدمت الكوفة فبايعني منهم إلى أن كتبت إليك ثمانية عشر ألفا فعجل القدوم فإنه ليس دونها مانع. فلما أتاه كتاب مسلم أغذ السير حتى انتهى إلى زبالة  . فجاءت رسل أهل الكوفة إليه بديوان فيه أسماء مائة ألف . وكان النعمان بن بشير الأنصاري على الكوفة في آخر خلافة معاوية فهلك وهو عليها. فخاف يزيد أن لا يقدم النعمان على الحسين. فكتب إلى عبيد الله بن زياد بن أبي سفيان وهو على البصرة. فضم إليه الكوفة. وكتب إليه بإقبال الحسين إليها. فإن كان لك جناحان فطر حتى تسبق إليها. فأقبل عبيد الله بن زياد على الظهر سريعا حتى قدم الكوفة. فأقبل متعمما متنكرا حتى دخل السوق. فلما رأته السفلة وأهل السوق خرجوا يشتدون بين يديه وهم يظنون أنه حسين. وذاك أنهم كانوا يتوقعونه. فجعلوا يقولون لعبيد الله: يا ابن رسول الله. الحمد لله الذي أراناك.
وجعلوا يقبلون يده ورجله. فقال عبيد الله: لشد ما فسد هؤلاء. ثم مضى حتى دخل المسجد فصلى ركعتين ثم صعد المنبر وكشف عن وجهه فلما رآه الناس مال بعضهم على بعض وأقشعوا عنه.
وبني عبيد الله بن زياد تلك الليلة بأهله أم نافع بنت عمارة بن عقبة ابن أبي معيط. وأتى تلك الليلة برسول الحسين بن علي قد كان أرسله إلى مسلم بن عقيل يقال له: عبد الله بن بقطر. فقتله. وكان قدم مع عبيد الله من البصرة شريك بن الأعور الحارثي وكان شيعة لعلي. فنزل أيضا على هانئ بن عروة. فاشتكى شريك. فكان عبيد الله يعوده في منزل هانئ.
ومسلم بن عقيل هناك لا يعلم به. فهيئوا لعبيد الله ثلاثين رجلا يقتلونه إذا دخل عليهم وأقبل عبيد الله فدخل على شريك يسأل به. فجعل شريك يقول:
ما تنظرون بسلمى أن تحيوها اسقوني ولو كانت فيها نفسي. فقال عبيد الله ما يقول: قالوا: يهجر. وتحشحش القوم في البيت. فأنكر عبيد الله ما رأى منهم. فوثب فخرج ودعا مولى لهانئ بن عروة كان في الشرطة فسأله فأخبره الخبر. فقال: أولا. ثم مضى حتى دخل القصر وأرسل إلى هانئ ابن عروة وهو يومئذ ابن بضع وتسعين سنة فقال: ما حملك على أن تجير عدوي وتنطوي عليه. فقال: يا ابن أخي إنه جاء حق هو أحق من حقك وحق أهل بيتك. فوثب عبيد الله وفي يده عنزة فضرب بها رأس هانئ حتى خرج الزج واغترز في الحائط ونثر دماغ الشيخ فقتله مكانه. وبلغ الخبر مسلم بن عقيل فخرج في نحو من أربع مائة من الشيعة. فما بلغ القصر إلا وهو في نحو ستين رجلا. فغربت الشمس واقتتلوا قريبا من الرحبة. ثم دخلوا المسجد وكثرهم أصحاب عبيد الله بن زياد. وجاء الليل فهرب مسلم حتى دخل على امرأة من كندة يقال لها: طوعة. فاستجار بها. وعلم بذلك محمد بن الأشعث بن قيس فأخبر به عبيد الله بن زياد. فبعث إلى مسلم فجيء به فأنبه وبكته وأمر بقتله. فقال: دعني أوصي. قال: نعم. فنظرإلى عمر بن سعد بن أبي وقاص فقال: إن لي إليك حاجة وبيني وبينك رحم.
فقال عبيد الله: انظر في حاجة ابن عمك. فقام إليه فقال: يا هذا إنه ليس هاهنا رجل من قريش غيرك. وهذا الحسين بن علي قد أظلك فأرسل إليه رسولا فلينصرف. فإن القوم قد غروه وخدعوه وكذبوه. وإنه إن قتل لم يكن لبني هاشم بعده نظام. وعلي دين أخذته منذ قدمت الكوفة فاقضه عني. واطلب جثتي من ابن زياد فوارها. فقال له ابن زياد: ما قال لك؟ فأخبره بما قال. فقال: قل له: أما مالك فهو لك لا نمنعك منه وأما حسين. فإن تركنا لم نرده. وأما جثته فإذا قتلناه لم نبال ما صنع به. ثم أمر به فقتل. فقال عبد الله بن الزبير الأسدي في ذلك:
إن كنت لا تدرين ما الموت فانظري ... إلى هانئ في السوق وابن عقيل
ترى جسدا قد غير الموت لونه ... ونضح دم قد سال كل مسيل
أصابهما أمر الإمام فأصبحا ... أحاديث من يهوي بكل سبيل ترى»
بطلا قد هشم السيف رأسه   ... وآخر يهوي من طمار قتيل
أيركب أسماء الهماليج آمنا ... وقد طلبته مذ حج بقتيل
فإن أنتم لم تثأروا بأخيكم ... فكونوا بغايا أرضيت بقليل
يعني أسماء بن خارجة الفزاري. كان عبيد الله بن زياد بعثه وعمرو بن الحجاج الزبيدي إلى هانئ بن عروة. فأعطياه العهود والمواثيق. فأقبل معهما حتى دخل على عبيد الله بن زياد فقتله.
قال: وقضى عمر بن سعد دين مسلم بن عقيل. وأخذ جثته فكفنه ودفنه. وأرسل رجلا إلى الحسين فحمله على ناقة وأعطاه نفقة. وأمره أن يبلغه ما قال مسلم بن عقيل. فلقيه على أربع مراحل فأخبره.
وبعث عبيد الله برأس مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة إلى يزيد بن معاوية.
وبلغ الحسين قتل مسلم وهانئ فقال له ابنه علي الأكبر: يا أبه ارجع فإنهم أهل..... وغدرتهم وقلة وفائهم ولا يفون لك بشيء. فقالت بنو عقيل لحسين: ليس هذا بحين رجوع. وحرضوه على المضي. [فقال حسين لأصحابه: قد ترون ما يأتينا وما أرى القوم إلا سيخذلوننا فمن أحب أن يرجع فليرجع.] فانصرف عنه من صاروا إليه في طريقه وبقي في أصحابه الذين خرجوا معه من مكة ونفير قليل من صحبه في الطريق.
فكانت خيلهم اثنين وثلاثين فرسا.
[خروج جيش ابن زياد لملاقاة الحسين]
قال: وجمع عبيد الله المقاتلة وأمر لهم بالعطاء. وأعطى الشرط. ووجه حصين بن تميم الطهوي إلى القادسية. وقال له: أقم بها فمن أنكرته فخذه . وكان حسين قد وجه قيس بن مسهر الأسدي إلى مسلم بن عقيل قبل أن يبلغه قتله. فأخذه حصين فوجه به إلى عبيد الله. فقال له عبيد الله:
قد قتل الله مسلما فأقم في الناس فاشتم الكذاب ابن الكذاب. فصعد قيس المنبر فقال: أيها الناس إني تركت الحسين بن علي بالحاجر. وأنا رسوله إليكم وهو يستنصركم فأمر به عبيد الله فطرح من فوق القصر فمات.
ووجه الحصين بن تميم: الحر بن يزيد اليربوعي من بني رياح في ألف إلى الحسين وقال: سايره ولا تدعه يرجع حتى يدخل الكوفة وجعجع به.
ففعل ذلك الحر بن يزيد. فأخذ الحسين طريق العذيب حتى نزل الجوف مسقط النجف مما يلي المائتين. فنزل قصر أبي مقاتل.
فخفق خفقة ثم انتبه يسترجع. [وقال: إني رأيت في المنام آنفا فارسا يسايرنا ويقول: القوم يسرون والمنايا تسري إليهم. فعلمت] أنه نعى إلينا أنفسنا  

ثم سار حتى نزل بكربلاء فاضطرب فيه. ثم قال: أي منزل نحن به؟ قالوا:
بكربلاء. فقال: يوم كرب وبلاء. فوجه إليه عبيد الله بن زياد عمر بن سعد بن أبي وقاص في أربعة آلاف. وقد كان استعمله قبل ذلك على الري وهمذان. وقطع ذلك البعث معه. فلما أمره بالمسير إلى حسين تابى ذلك وكرهه واستعفى منه. فقال له ابن زياد: أعطى الله عهدا لئن لم تسر إليه وتقدم عليه. لأعزلنك عن عملك. وأهدم دارك. وأضرب عنقك. فقال:
إذا افعل. فجاءته بنو زهرة. قالوا: ننشدك الله أن تكون أنت الذي تلي هذا من حسين. فتبقى عداوة بيننا وبين بني هاشم فرجع إلى عبيد الله فاستعفاه فأبى أن يعفيه. فصمم وسار إليه ومع حسين يومئذ خمسون رجلا. وأتاهم من الجيش عشرون رجلا. وكان معه من أهل بيته تسعة عشر رجلا. [فلما رأى الحسين عمر بن سعد. قد قصد له في من معه قال: يا هؤلاء اسمعوا يرحمكم الله ما لنا ولكم؟ ما هذا بكم يا أهل الكوفة؟ قالوا:
خفنا طرح العطاء قال: ما عند الله من العطاء خير لكم. يا هؤلاء: دعونا فلنرجع من حيث جئنا] .
قالوا: لا سبيل إلى ذلك قال: فدعوني أمضي إلى الري فأجاهد الديلم.
قالوا: لا سبيل إلى ذلك. قال: فدعوني أذهب إلى يزيد بن معاوية فأضع يدي في يده. قالوا: لا. ولكن ضع يدك في يد عبيد الله بن زياد.
قال: أما هذه فلا. قالوا: ليس لك غيرها. وبلغ ذلك عبيد الله بن زياد فهم أن يخلي عنه. وقال: والله ما عرض لشيء من عملي وما أراني إلا مخل سبيله يذهب حيث شاء. قال شمر بن ذي الجوشن الضبابي: إنك والله إن فعلت وفاتك الرجل لا تستقيلها أبدا. وإنما كان همة عبيد الله أن يثبت على العراق. فكتب إلى عمر بن سعد: الآن حين تعلقته حبالنا يرجو النجاة ولات حين مناص. فناهضه
وقال لشمر بن ذي الجوشن: سر أنت إلى عمر بن سعد فإن مضى لما أمرته وقاتل حسينا. وإلا فاضرب عنقه وأنت على الناس  
قال: وجعل الرجل والرجلان والثلاثة يتسللون إلى حسين من الكوفة.
فبلغ ذلك عبيد الله فخرج فعسكر بالنخيلة. واستعمل على الكوفة عمرو بن حريث. وأخذ الناس بالخروج إلى النخيلة وضبط الجسر. فلم يترك أحدا يجوزه. وعقد عبيد الله للحصين بن تميم الطهوي على ألفين. ووجهه إلى عمر ابن سعد. مددا له. وقدم شمر بن ذي الجوشن الضبابي على عمر بن سعد بما أمره به عبيد الله عشية الخميس لتسع خلون من المحرم سنة إحدى وستين بعد العصر. فنودي في العسكر فركبوا. وحسين جالس أمام بيته محتبيا.
فنظر إليهم قد أقبلوا فقال للعباس بن علي بن أبي طالب: القهم فاسألهم ما بدا لهم. فسألهم. فقالوا: أتانا كتاب الأمير يأمرنا أن نعرض عليك أن تنزل على حكمه أو نناجزك. فقال: انصرفوا عنا العشية حتى ننظر ليلتنا هذه فيما عرضتم. فانصرف عمر وجمع حسين أصحابه في ليلة عاشوراء ليلة الجمعة فحمد الله وأثنى عليه وذكر النبي صلى الله عليه وسلم وما أكرمه الله به من النبوة وما أنعم به على أمته وقال: إني لا أحسب القوم إلا مقاتلوكم غدا وقد أذنت لكم جميعا فأنتم في حل مني. وهذا الليل قد غشيكم فمن كانت له منكم 59/ 8/ ب قوة فليضم/ رجلا من أهل بيتي إليه. وتفرقوا في سوادكم حتى يأتي الله «بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ» فإن القوم إنما يطلبونني فإذا رأوني لهوا عن طلبكم.
فقال أهل بيته: لا أبقانا الله بعدك. لا والله لا نفارقك حتى يصيبنا ما أصابك. وقال ذلك أصحابه جميعا. [فقال: أثابكم الله على ما تنوون الجنة]
قال: أخبرنا الضحاك بن مخلد أبو عاصم الشيباني. عن سفيان. [عن أبي الجحاف. عن أبيه. أن رجلا من الأنصار أتى الحسين فقال: إن علي دينا فقال: لا يقاتل معي من عليه دين] .

قال: أخبرنا علي بن محمد. عن أبي الأسود العبدي. عن الأسود ابن قيس العبدي. [قال: قيل لمحمد بن بشير الحضرمي: قد أسر ابنك بثغر الري! قال: عند الله أحتسبه ونفسي. ما كنت أحب أن يؤسر. ولا أن أبقى بعده. فسمع قوله الحسين فقال له: رحمك الله أنت في حل من بيعتي فاعمل في فكاك ابنك. قال: أكلتني السباع حيا إن فارقتك قال:
فأعط ابنك هذه الأثواب والبرود يستعين بها في فكاك»
أخيه. فأعطاه خمسة أثواب قيمتها ألف دينار.]
رجع الحديث إلى الأول:
[فلما أصبح يومه الذي قتل فيه رحمة الله عليه قال: اللهم أنت ثقتي في كل كرب. ورجائي في كل شدة. وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة. وأنت ولي كل نعمة وصاحب كل حسنة]
[ثم قال حسين لعمر وأصحابه: لا تعجلوا حتى أخبركم خبري. والله ما أتيتكم حتى أتتني كتب أماثلكم. بأن السنة قد أميتت والنفاق قد نجم والحدود قد عطلت. فاقدم لعل الله تبارك وتعالى يصلح بك أمة محمد صلى الله عليه وسلم فأتيتكم. فإذا كرهتم ذلك فأنا راجع عنكم. وارجعوا إلى أنفسكم فانظروا هل يصلح لكم قتلي أو يحل لكم دمي؟ ألست ابن بنت نبيكم وابن ابن عمه؟
وابن أول المؤمنين إيمانا ؟. أوليس حمزة والعباس وجعفر عمومتي؟ أولم يبلغكم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفي أخي:، هذان سيدا شباب أهل الجنة؟، فإن صدقتموني وإلا فاسألوا جابر بن عبد الله. وأبا سعيد الخدري. وأنس بن مالك. وزيد بن أرقم]. فقال شمر بن ذي الجوشن: هو يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ إن كان يدري ما تقول.
فأقبل الحر بن يزيد أحد بني رياح بن يربوع على عمر بن سعد فقال:
أمقاتل أنت هذا الرجل؟ قال: نعم. قال: أما لكم في واحدة من هذه الخصال التي عرض رضا. قال: لو كان الأمر إلي فعلت. فقال سبحان الله ما أعظم هذا. أن يعرض ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم ما يعرض فتأبونه. ثم مال إلى الحسين فقاتل معه حتى قتل. ففي ذلك يقول الشاعر المتوكل الليثي: لنعم الحر حر بني رياح ... وحر عند مختلف الرماح
ونعم الحر ناداه حسين ... فجاد بنفسه عند الصباح
[استشهاد الحسين بن علي]
[وقال الحسين: أما والله يا عمر ليكونن لما ترى يوما يسؤك. ثم رفع حسين يده مدا إلى السماء فقال: اللهم إن أهل العراق غروني وخدعوني. وصنعوا بحسن بن علي ما صنعوا. اللهم شتت عليهم أمرهم وأحصهم عددا]

وناهض عمر بن سعد حسينا. فكان أول من قاتل مولى لعبيد الله بن زياد يقال له: سالم. فصل من الصف فخرج إليه عبد الله بن تميم الكلبي فقتله. والحسين جالس عليه جبة خز دكناء وقد وقعت النبال عن يمينه وعن شماله وابن له ابن ثلاث سنين بين يديه فرماه عقبة بن بشر الأسدي فقتله ورمى عبد الله بن عقبة الغنوي أبا بكر بن الحسين بن علي فقتله.
فقال سليمان بن قتة:
وعند غني قطرة من دمائنا ... وفي أسد أخرى تعد وتذكر قال: ولبس حسين لامته. وأطاف به أصحابه يقاتلون دونه. حتى قتلوا جميعا. وحسين عليه عمامة سوداء وهو مختضب بسواد يقاتل قتال الفارس الشجاع. قال: ودعا رجل من أهل الشام. علي بن حسين الأكبر- وأمه. آمنة بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي. وأمها بنت أبي سفيان بن حرب فقال: إن لك بأمير المؤمنين قرابة ورحما فإن شئت أمناك وامض حيث ما أحببت فقال: أما والله لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت أولى أن ترعى من قرابة أبي سفيان. ثم كر عليه وهو يقول:
أنا علي بن حسين بن علي ... نحن وبيت الله أولى بالنبي
من شمر وعمر وابن الدعي  قال: وأقبل عليه رجل من عبد القيس يقال له مرة بن منقذ بن النعمان. فطعنه.
[فحمل فوضع قريبا من أبيه. فقال له: قتلوك يا بني. على الدنيا بعدك العفاء
وضمه أبوه إليه حتى مات. فجعل الحسين يقول: اللهم دعونا لينصرونا فخذلونا وقتلونا. اللهم فاحبس عنهم قطر السماء وأمنعهم بركات الأرض فإن متعتهم إلى حين ففرقهم شيعا واجعلهم طرائق قددا. ولا ترضى الولاة عنهم أبدا] .
وجاء صبي من صبيان الحسين يشتد حتى جلس في حجر الحسين. فرماه رجل بسهم فأصاب ثغرة نحره فقتله. [فقال الحسين: اللهم إن كنت حبست عنا النصر فاجعل ذلك لما هو خير في العاقبة وانتقم لنا من القوم الظالمين].
قال: وخرج القاسم بن حسن بن علي وهو غلام عليه قميص ونعلان. فانقطع شسع نعله اليسرى. فحمل عليه عمرو بن سعيد الأزدي فضربه. فسقط ونادى: يا عماه. فحمل عليه الحسين فضربه فاتقاها بيده فقطعها من المرفق فسقط وجاءت خيل الكوفيين ليحملوه وحمل عليهم الحسين فجالوا ووطئوه حتى مات [ووقف الحسين على القاسم فقال: عز على عمك أن تدعوه فلا يجيبك. أو يجيبك فلا ينفعك. يوم كثر واتره وقل ناصره. وبعدا لقوم قتلوك.] ثم أمر به فحمل ورجلاه تخطان في الأرض حتى وضع مع علي بن حسين. وعطش الحسين. فاستسقى وليس معهم ماء فجاءه رجل بماء فتناوله ليشرب. فرماه حصين ابن تميم بسهم فوقع في فيه. فجعل يتلقى الدم بيده ويحمد الله. وتوجه نحو المسناة يريد الفرات. فقال رجل من بني أبان بن دارم: حولوا بينه وبين الماء. فعرضوا له فحالوا بينه وبين الماء. وهو أمامهم. فقال حسين: اللهم أظمه. ورماه الأباني بسهم فأثبته في حنكه. فانتزع السهم وتلقى الدم فملأ كفه وقال: اللهم إني أشكو إليك ما فعل هؤلاء. فما لبث الأباني إلا قليلا حتى رؤي وإنه ليؤتى بالقلة أو العس. إن كان ليروي عدة. فيشربه فإذا نزعه عن فيه قال: اسقوني فقد قتلني العطش فما زال بذلك حتى مات.
[وجاء شمر بن ذي الجوشن فحال بين الحسين وبين ثقله  . فقال الحسين: رحلي لكم عن ساعة مباح. فامنعوه من جهالكم وطغامكم»
وكونوا في دنياكم أحرارا إذا لم يكن لكم دين.] فقال شمر: ذلك لك يا ابن فاطمة. قال: فلما قتل أصحابه وأهل بيته بقي الحسين عامة النهار لا يقدم عليه أحد إلا انصرف حتى أحاطت به الرجالة. فما رأينا مكثورا قط أربط جأشا منه. إن كان ليقاتلهم قتال الفارس الشجاع. وإن كان ليشد عليهم فينكشفون عنه انكشاف المعزى شد فيها الأسد. فمكث مليا من النهار والناس يتدافعونه ويكرهون الإقدام عليه. فصاح بهم شمر بن ذي الجوشن: ثكلتكم أمهاتكم ماذا تنتظرون به؟ أقدموا عليه. فكان أول من انتهى إليه.
زرعة بن شريك التميمي فضرب كتفه اليسرى. وضربه حسين على عاتقه فصرعه. وبرز له سنان بن أنس النخعي فطعنه  في ترقوته. ثم انتزع الرمح فطعنه في بواني صدره. فخر الحسين صريعا. ثم نزل إليه ليحتز رأسه ونزل معه خولي بن يزيد الأصبحي فاحتز رأسه. ثم أتي به عبيد الله بن زياد فقال:
أوقر ركابي فضة وذهبا ... أنا قتلت الملك المحجبا
قتلت خير الناس أما وأبا ... وخيرهم إذ ينسبون نسبا
قال: فلم يعطه عبيد الله شيئا. قال: ووجدوا بالحسين ثلاثا وثلاثين جراحة. ووجدوا في ثوبه مائة وبضعة عشر خرقا من السهام وأثر الضرب. وقتل يوم الجمعة يوم عاشوراء في المحرم سنة إحدى وستين.
وله يومئذ ست وخمسون سنة وخمسة أشهر. [وكان جعفر بن محمد يقول: قتل الحسين وهو ابن ثمان وخمسين سنة] . وقتل مع الحسين. اثنان وسبعون رجلا. وقتل من أصحاب عمر بن سعد. ثمانية وثمانون رجلا  .
[أسماء الذين قتلوا مع الحسين]
وقتل مع الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما: الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه. قتله سنان بن أنس النخعي.
وأجهز عليه وحز رأسه- الملعون- خولي بن يزيد الأصبحي.
والعباس بن علي بن أبي طالب الأكبر. قتله زيد بن رقاد الجبني.
وحكيم السنبسي من طيّئ.

وجعفر بن علي بن أبي طالب الأكبر. قتله هانئ بن ثبيت الحضرمي.
وعبد الله بن علي بن أبي طالب. قتله هانئ بن ثبيت الحضرمي. قال:
وقد كان العباس بن علي. قال لجعفر وعبد الله ابني علي: تقدما. فإن قتلتما ورثتكما. وإن قتلت بعد كما ورثني ولدي. وإن قتلت قبلكما ثم قتلتما ورثكما. محمد بن الحنفية. فتقدما فقتلا ولم يكن لهما ولد. ثم قتل العباس بعدهما  وعثمان بن علي بن أبي طالب. رماه خولي بن يزيد بسهم فأثبته وأجهز عليه رجل من بني أبان بن دارم.
وأبو بكر بن علي بن أبي طالب. يقال: إنه قتل في ساقية.
ومحمد بن علي بن أبي طالب الأصغر. وأمه أم ولد. قتله رجل من بني أبان بن دارم.

وعلي بن حسين الأكبر. قتله مرة بن منقذ بن النعمان العبدي.
وعبد الله بن الحسين. قتله هانئ بن ثبيت الحضرمي.
وجعفر بن الحسين. وأبو بكر بن الحسين. قتلهما عبد الله بن عقبة الغنوي.
وعبد الله بن الحسن. قتله ابن حرملة الكاهلي من بني أسد.
والقاسم بن الحسن. قتله سعيد بن عمرو الأزدي.
وعون بن عبد الله بن جعفر. قتله عبد الله بن قطبة الطائي.
ومحمد بن عبد الله بن جعفر. قتله عامر بن نهشل التميمي .
ومسلم بن عقيل بن أبي طالب. قتله عبيد الله بن زياد بالكوفة صبرا.
وجعفر بن عقيل. قتله بشر بن حوط الهمداني ويقال: عروة بن عبد الله الخثعمي.
وعبد الرحمن بن عقيل. قتله عثمان بن خالد بن أسير الجهني.
وبشر بن حوط.
وعبد الله بن عقيل. وأمه أم ولد قتله عمرو بن صبح الصدائي.
وعبد الله بن عقيل الآخر. وأمه أم ولد قتله عمرو بن صبح الصدائي. ويقال: قتله أسيد بن مالك الحضرمي.
ومحمد بن أبي سعيد بن عقيل. قتله لقيط الجهني.
ورجل من آل أبي لهب. لم يسم لنا.
ورجل من آل أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب. يقال له:
أبو الهياج. وكان شاعرا.
وسليمان مولى الحسين بن علي. قتله سليمان بن عوف الحضرمي.

ومنجح. مولى الحسين بن علي.
وعبد الله بن بقطر. رضيع للحسين. قتل بالكوفة. رمي به من فوق القصر. فمات وهو الذي قيل فيه:،
وآخر يهوي من طمار قتيل
وكان من قتل معه رضي الله عنه من سائر الناس من قبائل العرب. من القبيلة الرجل. والرجلان. والثلاثة. ممن صبر معه.
وقد كان ابنا عبد الله بن جعفر. لجئا إلى امرأة عبد الله بن قطبة الطائي.
ثم النبهاني وكانا غلامين لم يبلغا. وقد كان عمر بن سعد. أمر مناديا فنادى:
من جاء برأس فله ألف درهم. فجاء ابن قطية إلى منزله. فقالت له امرأته:
إن غلامين لجئا إلينا فهل لك أن تشرف بهما فتبعث بهما إلى أهلهما بالمدينة قال: نعم. أرنيهما. فلما رآهما ذبحهما وجاء برءوسهما إلى عبيد الله بن زياد. فلم يعطه شيئا. فقال عبيد الله: وددت أنه كان جاءني بهما حيين فمننت بهما على أبي جعفر- يعني عبد الله بن جعفر- وبلغ ذلك عبد الله ابن جعفر. فقال: وددت أنه كان جاءني بهما فأعطيته ألفي ألف.
ولم يفلت من أهل بيت الحسين بن علي الذين معه. إلا خمسة نفر: علي بن حسين الأصغر. وهو أبو بقية ولد الحسين اليوم. وكان مريضا فكان مع النساء.
وحسن بن حسن بن علي وله بقية.
وعمرو بن حسن بن علي ولا بقية له.
والقاسم بن عبد الله بن جعفر.
ومحمد بن عقيل الأصغر.
فإن هؤلاء استضعفوا. فقدم بهم. وبنساء الحسين بن علي. وهن: زينب.
وفاطمة ابنتا علي بن أبي طالب. وفاطمة. وسكينة ابنتا الحسين بن علي. والرباب بنت أنيف الكلبية امرأة الحسين بن علي. وهي أم سكينة. وعبد الله المقتول ابني الحسين بن علي.
وأم محمد بنت حسن بن علي. امرأة علي بن حسين.
وموالي لهم. ومماليك عبيد. وإماء. فقدم»
بهم على عبيد الله بن زياد. مع رأس الحسين بن علي. ورؤوس من قتل معه رضي الله عنه وعنهم.
ولما قتل الحسين رضي الله عنه انتهب ثقله فأخذ سيفه: القلانس النهشلي.
وأخذ سيفا آخر: جميع بن الخلق الأودي. وأخذ سراويله: بحر- الملعون- ابن كعب التميمي فتركه مجردا. وأخذ قطيفته: قيس بن الأشعث بن قيس الكندي. فكان يقال له: قيس قطيفة وأخذ نعليه: الأسود بن خالد الأودي. وأخذ عمامته: جابر بن يزيد. وأخذ: برنسة- وكان من خز-: مالك بن بشير الكندي. وأخذ رجل من أهل العراق: حلي فاطمة بنت حسين وهو يبكي فقالت: لم تبكي؟ فقال: أسلب ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبكي؟ فقالت: دعه. قال: إني أخاف أن يأخذه غيري.
وكان علي بن حسين الأصغر. مريضا نائما على فراش فقال شمر بن ذي الجوشن- الملعون-: اقتلوا هذا. فقال له رجل من أصحابه: سبحان الله!! أتقتل فتى حدثا مريضا لم يقاتل. وجاء عمر بن سعد فقال: لا تعرضوا لهؤلاء النسوة ولا لهذا المريض
قال علي بن حسين. فغيبني رجل منهم وأكرم نزلي واحتضنني وجعل يبكي كلما خرج ودخل. حتى كنت أقول: إن يكن عند أحد من النار وفاء فعند هذا.
إلى أن نادى مناد ابن زياد: ألا من وجد علي بن حسين. فليأت به فقد جعلنا فيه ثلاثمائة درهم قال: فدخل- والله- علي وهو يبكي. وجعل يربط يدي إلى عنقي وهو يقول: أخاف. فأخرجني- والله- إليهم مربوطا حتى دفعني إليهم وأخذ ثلاثمائة درهم وأنا أنظر إليها.
[فأخذت فأدخلت على ابن زياد فقال: ما اسمك؟. فقلت: علي بن حسين.
قال: أولم يقتل الله عليا؟. قال: قلت: كان لي أخ يقال له: علي أكبر مني قتله الناس. قال: بل الله قتله. قلت: «اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها] »  فأمر بقتله. فصاحت زينب بنت علي: يا ابن زياد حسبك من دمائنا. أسألك بالله إن قتلته إلا قتلتني معه. فتركه.
قال: ولما أمر عمر بن سعد بثقل الحسين أن يدخل الكوفة إلى عبيد الله ابن زياد وبعث إليه برأسه مع خولي بن يزيد الأصبحي
فلما حمل النساء والصبيان فمروا بالقتلى صرخت امرأة منهم: يا محمداه.
هذا حسين بالعراء مرمل بالدماء واهله ونساؤه سبايا. فما بقي صديق ولا عدو إلا أكب باكيا. ثم قدم بهم على عبيد الله بن زياد. فقال عبيد الله: من هذه؟ فقالوا: زينب بنت علي بن أبي طالب فقال: فكيف رأيت الله صنع بأهل بيتك. قالت: كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ فبرزوا إِلى مَضاجِعِهِمْ. وسيجمع الله بيننا وبينك وبينهم.
قال: الحمد لله الذي قتلكم وأكذب حديثكم: قالت: الحمد لله الذي أكرمنا بمحمد وطهرنا تطهيرا.
فلما وضعت الرؤوس بين يدي عبيد الله بن زياد. جعل يضرب بقضيب معه على في الحسين وهو يقول:
يفلقن هاما من أناس أعزة ... علينا وهم كانوا أعق وأظلما  
فقال له زيد بن أرقم: لو نحيت هذا القضيب. فإن رسول الله ص: كان يضع فاه على موضع هذا القضيب  .
قال: أخبرنا سليمان بن حرب. قال: حدثنا حماد بن سلمة.
عن علي بن زيد. عن أنس بن مالك قال: شهدت عبيد الله بن زياد حيث أتي برأس الحسين رضي الله عنه. قال: فجعل ينكت بقضيب معه على أسنانه ويقول: إن كان لحسن الثغر قال: فقلت والله لأسوءنك فقلت: أما إني قد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل موضع قضيبك من فيه.
رجع الحديث إلى الأول: [حمل رأس الحسين إلى الكوفة]
قالوا: وأمر عبيد الله برأس الحسين فنصب.
قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثنا عطاء بن مسلم.
عن من أخبره. عن عاصم بن أبي النجود. عن زر بن حبيش. قال: أول رأس رفع على خشبة رأس الحسين.
قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثني عيسى بن عبد الرحمن السلمي. عن الشعبي. قال: رأس الحسين أول رأس حمل في الإسلام.

قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثنا شيبان. عن جابر.
عن عامر. قال: رأيت رأس الحسين بن علي بعد أن قتل قد فصل الشيب من صبغ السواد.
رجع الحديث إلى الأول: -
قال: وأمر عبيد الله بن زياد بحبس من قدم به عليه من بقية أهل الحسين معه في القصر. فقال ذكوان أبو خالد: خل بيني وبين هذه الرؤوس فأدفنها.
ففعل. فكفنها ودفنها بالجبانة وركب إلى أجسادهم فكفنهم ودفنهم.
وكان زهير بن القين قد قتل مع الحسين فقالت امرأته. لغلام له يقال له شجرة: انطلق فكفن مولاك. قال: فجئت فرأيت حسينا ملقى فقلت:
أكفن مولاي وأدع حسينا!! فكفنت حسينا. ثم رجعت. فقلت ذلك لها.
فقالت: أحسنت وأعطتني كفنا آخر. وقالت: انطلق فكفن مولاك. ففعلت.
وأقبل عمر بن سعد. فدخل الكوفة فقال: ما رجع رجل إلى اهله بشر مما رجعت به. أطعت ابن زياد وعصيت الله وقطعت الرحم.
قال: وقدم رسول من قبل يزيد بن معاوية يأمر عبيد الله أن يرسل إليه بثقل الحسين. ومن بقي من ولده. وأهل بيته. ونسائه. فأسلفهم أبو خالد ذكوان عشرة آلاف درهم فتجهزوا بها.
وقد كان عبيد الله بن زياد لما قتل الحسين: بعث زحر بن قيس الجعفي إلى يزيد بن معاوية يخبره بذلك. فقدم عليه فقال: ما وراءك؟ قال: يا أمير المؤمنين أبشر بفتح الله وبنصره. ورد علينا الحسين بن علي. في ثمانية عشر من أهل بيته وفي سبعين من شيعته. فسرنا إليهم فخيرناهم الاستسلام والنزول على حكم عبيد الله بن زياد. أو القتال. فاختاروا القتال على الاستسلام. فجعلوا يبرقطون إلى غير وزر ويلوذون منا بالآكام والأمر والحفر لواذا كما لاذ الحمائم من صقر. فنصرنا الله عليهم. فو الله يا أمير المؤمنين: ما كان إلا جزر جزور أو نومة قائل حتى كفى الله  المؤمنين مؤونتهم. فأتينا على آخرهم فهاتيك أجسادهم مطرحة مجردة وخدودهم معفرة ومناخرهم مرملة تسفي عليهم الريح ذيولها بقي سبسب تنتابهم عرج»
الضباع زوارهم العقبان والرخم.
قال: فدمعت عينا يزيد. وقال: كنت  أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين. وقال: كذلك عاقبة البغي والعقوق. ثم تمثل يزيد:
من يذق الحرب يجد طعمها ... مرا وتتركه بجعجاع
قال: وقدم برأس الحسين. محفز بن ثعلبة العائذي- عائذة قريش على يزيد. فقال: أتيتك يا أمير المؤمنين برأس أحمق الناس وألأمهم. فقال يزيد: ما ولدت أم محفز أحمق وألأم. لكن الرجل لم يقرأ كتاب الله «تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ» ثم قال بالخيزرانة بين شفتي الحسين وأنشأ يقول:
يفلقن هاما من رجال أعزة ... علينا وهم كانوا أعق وأظلما
والشعر لحصين بن الحمام المري. فقال رجل من الأنصار حضر:
ارفع قضيبك هذا فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الموضع الذي وضعته عليه.
قال: أخبرنا كثير بن هشام. قال: حدثنا جعفر بن برقان.
قال: حدثنا يزيد بن أبي زياد. قال: لما أتي يزيد بن معاوية برأس الحسين ابن علي. جعل ينكت بمخصرة معه سنه ويقول: ما كنت أظن أبا عبد الله يبلغ هذا السن. قال: وإذا لحيته ورأسه قد فصل من الخضاب الأسود.
رجع الحديث إلى الأول: [إرسال ثقل الحسين وأهله إلى يزيد]
[قال: ثم أتي يزيد بن معاوية بثقل الحسين ومن بقي من اهله ونسائه.
فأدخلوا عليه قد قرنوا في الحبال. فوقفوا بين يديه. فقال له علي بن حسين:
أنشدك الله يا يزيد ما ظنك برسول الله صلى الله عليه وسلم لو رآنا مقرنين في الحبال.
أما كان يرق لنا.] فأمر يزيد بالحبال فقطعت وعرف الانكسار فيه  

وقالت له سكينة بنت حسين: يا يزيد. بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا!! فقال يا بنت أخي هو والله علي أشد منه عليك وقال:
أقسمت بالله لو أن بين ابن زياد وبين حسين قرابة ما أقدم عليه ولكن فرقت بينه وبينه سمية. وقال: قد كنت أرضى من طاعة أهل العراق بدون قتل الحسين. فرحم الله أبا عبد الله عجل عليه ابن زياد. أما والله لو كنت صاحبه ثم لم أقدر على دفع القتل عنه إلا بنقص بعض عمري لأحببت أن أدفعه عنه.
ولوددت أني أتيت به سالما. ثم أقبل على علي  بن حسين فقال: أبوك قطع رحمي ونازعني سلطاني فجزاه الله جزاء القطيعة والإثم. فقام رجل من أهل الشام فقال: إن سباياهم لنا حلال. [فقال علي بن حسين:
كذبت ولؤمت ما ذاك لك إلا أن تخرج من ملتنا وتأتي بغير ديننا].
فأطرق يزيد مليا. ثم قال للشامي: اجلس. ثم أمر بالنساء فأدخلن على نسائه وأمر نساء آل أبي سفيان فأقمن المأتم على الحسين ثلاثة أيام. فما بقيت منهن امرأة إلا تلقتنا تبكي وتنتحب. ونحن على حسين ثلاثا. وبكت أم كلثوم بنت عبد الله بن عامر بن كريز على حسين. وهي يومئذ عند يزيد بن معاوية.
فقال يزيد: حق لها أن تعول على كبير قريش وسيدها. وقالت فاطمة بنت علي لامرأة يزيد: ما ترك لنا شيء. فأبلغت يزيد ذلك. فقال يزيد: ما أتى إليهم أعظم. ثم ما ادعوا شيئا ذهب لهم إلا أضعفه لهم. ثم دعا بعلي بن حسين. وحسن بن حسن. وعمرو بن حسن. فقال لعمرو بن حسن وهو يومئذ ابن إحدى عشرة سنة: أتصارع هذا؟ يعني خالد بن يزيد. قال:
لا. ولكن أعطني سكينا وأعطه سكينا حتى أقاتله. فضمه إليه يزيد. وقال:
شنشنة أعرفها من أخزم. هل تلد الحية إلا حية؟! ثم بعث يزيد إلى المدينة: فقدم عليه بعده من ذوي السن من موالي بني هاشم. ثم من موالي بني علي. وضم إليهم أيضا عدة من موالي أبي سفيان. ثم بعث بثقل الحسين ومن بقي من نسائه واهله وولده معهم. وجهزهم بكل شيء لم يدع لهم حاجة بالمدينة إلا أمر لهم بها. وقال لعلي بن حسين: إن أحببت أن تقيم عندنا فنصل رحمك ونعرف لك حقك فعلت. وإن أحببت أن أردك إلى بلادك وأصلك. قال: بل تردني إلى بلادي. فرده إلى المدينة ووصله وأمر الرسل الذين وجههم معهم أن ينزلوا بهم حيث شاءوا.
ومتى شاءوا  . وبعث بهم مع محرز بن حريث الكلبي. ورجل من بهراء. وكانا من أفاضل أهل الشام.
قال: وبعث يزيد برأس الحسين إلى عمرو بن سعيد بن العاص وهو عامل له يومئذ على المدينة فقال عمرو: وددت أنه لم يبعث به إلي. فقال مروان: اسكت. ثم تناول الرأس فوضعه بين يديه. وأخذ بأرنبته فقال:
يا حبذا بردك في اليدين ... ولونك الأحمر في الخدين
كأنما باتا بمجسدين والله لكأني أنظر إلى أيام عثمان. وسمع عمرو بن سعيد الصيحة من دور بني هاشم فقال:
عجت نساء بني زياد عجة ... كعجيج نسوتنا غداة الأرنب والشعر لعمرو بن معدي كرب في وقعة كانت بين بني زبيد وبين بني الحارث بن كعب.
ثم خرج عمرو بن سعيد إلى المنبر فخطب الناس. ثم ذكر حسينا وما كان من أمره. وقال: والله لوددت أن رأسه في جسده وروحه في بدنه يسبنا ونمدحه. ويقطعنا ونصله كعادتنا وعادته. فقام ابن أبي حبيش.
أحد بني أسد بن عبد العزى بن قصي فقال: أما لو كانت فاطمة حية لأحزنها ما ترى.
فقال عمرو: اسكت لا سكت. أتنازعني فاطمة وأنا من عفر ظبابها. والله إنه لابننا وإن أمه لابنتنا. أجل والله لو كانت حية لأحزنها قتله. ثم لم تلم من قتله يدفع عن نفسه. فقال ابن أبي حبيش: إنه ابن فاطمة. وفاطمة بنت خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى. ثم أمر عمرو بن سعيد: برأس الحسين فكفن ودفن بالبقيع عند قبر أمه» .
وقال عبد الله بن جعفر: لو شهدته لأحببت أن أقتل معه. ثم قال: عز علي بمصرع حسين.
[وصول خبر مقتل الحسين إلى ابن عباس]
قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثني محمد بن عبد الله ابن عبيد بن عمير. قال: حدثنا ابن أبي مليكة. قال: بينما ابن عباس جالس في المسجد الحرام وهو يتوقع خبر الحسين بن علي. إلى أن أتاه آت فساره بشيء فأظهر الاسترجاع. فقلنا: ما حدث يا أبا العباس؟ قال: مصيبة عظيمة  نحتسبها. أخبرني مولاي أنه سمع ابن الزبير يقول: قتل الحسين بن علي. فلم يبرح حتى جاءه ابن الزبير فعزاه ثم انصرف. فقام ابن عباس فدخل منزله ودخل عليه الناس يعزونه. فقال: إنه ليعدل عندي مصيبة حسين شماتة ابن الزبير. أترون مشي ابن الزبير إلي يعزيني إن ذلك منه إلا شماتة.
قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: فحدثني ابن جريج. قال:
كان المسور بن مخرمة بمكة حين جاء نعي الحسين بن علي. فلقي ابن الزبير فقال له جاءك ما كنت تمنى موت حسين بن علي. فقال ابن الزبير:
يا أبا عبد الرحمن تقول لي هذا؟ فو الله ليته بقي ما بقي بالجماء حجر.
والله ما تمنيت ذلك له. قال المسور: أنت أشرت عليه بالخروج إلى غير وجه.
قال: نعم أشرت به عليه ولم أدر أنه يقتل. ولم يكن بيدي أجله. ولقد جئت ابن عباس فعزيته. فعرفت أن ذلك يثقل عليه مني. ولو أني تركت تعزيته قال: مثلي يترك!! لا يعزيني بحسين فما أصنع؟ أخوالي وغره الصدور علي. وما أدري على أي شيء ذلك. فقال له المسور: ما حاجتك إلى ذكر ما مضى ونثه . دع الأمور تمضي وبر أخوالك. فأبوك أحمد عندهم منك.

قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثني محمد بن عبد الله ابن عبيد بن عمير. عن رجل. قال: سمعت ابن عباس وعنده محمد بن الحنفية. وقد جاءهم نعي الحسين بن علي. وعزاهم الناس. فقال ابن صفوان: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ. أي مصيبة يرحم الله أبا عبد الله وآجركم الله في مصيبتكم. فقال ابن عباس: يا أبا القاسم ما هو إلا أن خرج من مكة فكنت أتوقع ما أصابه.
قال ابن الحنفية: وأنا والله. فعند الله نحتسبه ونسأله الأجر وحسن الخلف. قال ابن عباس: يا أبا صفوان. أما والله لا يخلد بعد صاحبك الشامت بموته. فقال ابن صفوان: يا أبا العباس. والله ما رأيت ذلك منه.
ولقد رأيته محزونا بمقتله كثير الترحم عليه. قال: يريك ذلك لما يعلم من مودتك لنا فوصل الله رحمك. لا يحبنا ابن الزبير أبدا.
قال ابن صفوان: فخذ بالفضل فأنت أولى به منه.
قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري. قال: حدثنا قرة بن خالد. قال: أخبرني عارم بن عبد الواحد. عن شهر بن حوشب. قال:
أنا لعند أم سلمة زوج النبي ص. قال: فسمعنا صارخة. فأقبلت حتى انتهت إلى أم سلمة فقالت: قتل الحسين. قالت: قد فعلوها. ملأ الله بيوتهم أو قبورهم عليهم نارا. ووقعت مغشيا عليها. قال: وقمنا.
قال: أخبرنا الفضل بن دكين. قال: حدثنا سفيان. عن نسير ابن ذعلوق. عن هيبرة بن خزيمة. قال: قال الربيع بن خثيم حين قتل الحسين: «اللَّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ» .
قال: أخبرنا الفضل بن دكين. قال: حدثنا فطر. عن منذر.
قال: لما قتل الحسين. قال أشياخ من أهل الكوفة فيهم/ أبو بردة:
اذهبوا بنا إلى الربيع بن خثيم حتى نعلم رأيه. فأتوه. فقالوا: إنه قد قتل الحسين. قال: أرأيتم لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل الكوفة وفيها أحد من أهل بيته في من كان ينزل؟ إلا عليهم. فعلموا رأيه.
قال: أخبرنا الفضل بن دكين. قال: حدثنا سفيان. عن شيخ. قال: لما أصيب الحسين بن علي. قال الربيع بن خثيم: لقد قتلوا صبية لو أدركهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لأجلسهم في حجره ولوضع فمه على أفمامهم.
قال: أخبرنا الفضل بن دكين. قال: حدثنا فطر. عن منذر.
قال: كنا إذا ذكرنا الحسين بن علي ومن قتل معه. قال محمد بن الحنفية:
قد قتلوا سبعة عشر شابا كلهم قد ارتكضوا في رحم فاطمة.
قال: أخبرنا عمرو بن خالد المصري. قال: حدثنا ابن لهيعة.
عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن. قال: لقيني رأس الجالوت. فقال:
والله إن بيني وبين داود لسبعين أبا. وإن اليهود لتلقاني فتعظمني. وأنتم ليس بينكم وبين نبيكم إلا أب واحد قتلتم ولده.
قال: أخبرنا مالك بن إسماعيل أبو غسان النهدي. قال: حدثني عبد الرحمن بن حميد الرؤاسي. قال: مر عمر بن سعد- يعني ابن أبي وقاص- بمجلس بني نهد حين قتل الحسين فسلم عليهم. فلم يردوا عليه السلام. قال مالك : فحدثني أبو عيينة البارقي. عن عبد الرحمن بن حميد. في هذا الحديث قال: فلما جاز قال:
أتيت الذي لم يأت قبلي ابن حرة ... فنفسي ما أخزت وقومي ما أذلت
قال: أخبرنا مالك بن إسماعيل. قال: حدثني الهيثم بن الخطاب النهدي. قال: سمعت أبا إسحاق السبيعي. يقول: كان شمر بن ذي الجوشن الضبابي لا يكاد أولا يحضر الصلاة معنا فيجيء بعد الصلاة فيصلي. ثم يقول:
اللهم اغفر لي فإني كريم لم تلدني اللئام. قال: فقلت له: إنك لسيئ الرأي يوم تسارع إلى قتل ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دعنا منك يا أبا إسحاق.
فلو كنا كما تقول وأصحابك كنا شرا من الحمير السقاءات.
قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثني إسرائيل. عن أبي إسحاق. قال: رأيت قاتل حسين بن علي شمر بن ذي الجوشن ما رأيت بالكوفة أحدا عليه طيلسان غيره.

قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس. قال: حدثنا شريك.
عن مغيرة. قال: قالت مرجانة لابنها عبيد الله بن زياد: يا خبيث
قتلت ابن رسول الله ص. لا ترى الجنة أبدا.
قال: أخبرنا علي بن محمد. عن سفيان. عن عبد الله بن شريك. قال: رأيت بشر بن غالب يتمرغ على قبر الحسين ندامة على ما فاته من نصره.
قال: أخبرنا علي بن محمد. عن حباب بن موسى. عن جعفر ابن محمد. عن أبيه. [عن علي بن حسين. قال: حملنا من الكوفة إلى يزيد بن معاوية. فغصت طرق الكوفة بالناس يبكون. فذهب عامة الليل ما يقدرون أن يجوزوا بنا لكثرة الناس. فقلت: هؤلاء الذين قتلونا وهم الآن يبكون] .
قال: أخبرنا علي بن محمد. عن عبد الحميد بن بهرام. عن شهر بن حوشب. قال: سمعت أم سلمة حين أتاها قتل الحسين: لعنت أهل العراق. وقالت: قتلوه قتلهم الله. غروه ودلوه لعنهم الله.

[أخبار عن مصير من شاركوا في قتل الحسين]
قال: أخبرنا موسى بن إسماعيل. قال: حدثنا سليمان بن مسلم. صاحب السقط عن أبيه. قال: كان أول من طعن في سرادق الحسين عمر بن سعد. قال: فرأيته هو وابنيه ضربت أعناقهم. ثم علقوا على الخشب. وألهب فيهم النيران. قال: ثم أخبرنا به موسى بن إسماعيل بعد ذلك. فقال: حدثنا أبو المعلى العجلي. عن أبيه.
قال محمد بن سعد: فحملناه على أنه سليمان بن مسلم.
قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري وعبد الملك بن عمرو أبو عامر العقدي. قالا: حدثنا قرة بن خالد. قال: حدثنا أبو رجاء. قال:
لا تسبوا عليا يا لهفتا على أسهم رميته بهن يوم الجمل مع ذاك لقد قصرن والحمد لله عنه. قال: إن جارا لنا من بلهجيم جاءنا من الكوفة. فقال: ألم تروا إلى الفاسق ابن الفاسق قتله الله. الحسين بن علي. قال: فرماه بكوكبين في عينيه فذهب بصره.
قال: أخبرنا الفضل بن دكين ومالك بن إسماعيل. قالا: حدثنا عبد السلام بن حرب. عن عبد الملك بن كردوس. عن حاجب عبيد الله ابن زياد. قال: دخلت معه القصر حين قتل الحسين. قال: فأضرم في وجهه نارا أو كلمة نحوها. فقال: هكذا بكمه على وجهه. وقال لا تحدث بهذا أحدا.

قال: أخبرنا عفان بن مسلم ويحيى بن عباد وكثير بن هشام ومسلم بن إبراهيم وموسى بن إسماعيل. قالوا: حدثنا حماد بن سلمة. قال:
أخبرنا عمار بن أبي عمار. عن أم سلمة قالت: سمعت الجن تنوح على الحسين.
قال: أخبرنا علي بن محمد. عن علي بن مجاهد. عن حنش ابن الحارث. عن شيخ من النخع. قال: قال الحجاج: من كان له بلاء فليقم؟ فقام قوم فذكروا. وقام سنان بن أنس فقال: أنا قاتل حسين. فقال:
بلاء حسن. ورجع سنان إلى منزله. فاعتقل لسانه. وذهب عقله. فكان يأكل ويحدث في مكانه.
[أخبار باطلة عن أمور وقعت بعد مقتل الحسين]
قال: أخبرنا مسلم بن إبراهيم. قال: حدثتنا أم شوق العبدية.
قالت: حدثتني نضرة الأزدية. قالت: لما قتل الحسين بن علي مطرت السماء دما. فأصبحت خيامنا وكل شيء منا مليء دم.
 قال: أخبرنا سليمان بن حرب وموسى بن إسماعيل. قالا:
حدثنا حماد بن سلمة. قال: حدثنا سليم القاص. قال: مطرنا دما يوم قتل الحسين.
قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثني نجيح. عن رجل من آل سعيد يقول: سمعت الزهري. يقول: سألني عبد الملك بن مروان.
فقال: ما كان علامة مقتل الحسين؟ قال: لم تكشف يومئذ حجرا إلا وجدت تحته دما عبيطا. فقال عبد الملك: أنا وأنت في هذا غريبان.
قال: أخبرنا محمد بن عمر. قال: حدثني عمر بن محمد بن عمر بن علي. عن أبيه. قال: أرسل عبد الملك إلى ابن رأس الجالوت.
فقال: هل كان في قتل الحسين علامة؟ فقال ابن رأس الجالوت: ما كشف يومئذ حجر إلا وجد تحته دم عبيط.
قال: أخبرنا عمرو بن عاصم الكلابي. قال: حدثنا خلاد- صاحب السمسم- وكان ينزل بني جحدر- قال: حدثتني أمي. قالت:
كنا زمانا يوم  مقتل الحسين. وإن الشمس تطلع محمرة على الحيطان والجدر بالغداة والعشي. قالت: وكانوا لا يرفعون حجرا إلا وجدوا تحته دما.
قال: حدثنا عفان بن مسلم. قال: حدثنا حماد بن زيد. عن هشام بن حسان. عن محمد بن سيرين. قال: لم تر هذه الحمرة في آفاق السماء حتى قتل الحسين بن علي رحمه الله.
قال: أخبرنا موسى بن إسماعيل. قال: حدثنا يوسف بن عبدة.
قال: سمعت محمد بن سيرين يقول: لم تكن ترى هذه الحمرة في السماء عند طلوع الشمس وعند غروبها حتى قتل الحسين رضي الله عنه.
قال: أخبرنا علي بن محمد. عن علي بن مدرك. عن جده الأسود بن قيس. قال: احمرت آفاق السماء بعد قتل الحسين ستة أشهر يرى ذلك في آفاق السماء كأنها الدم. قال: فحدثت بذلك شريكا. فقال لي: ما أنت من الأسود؟ قلت هو جدي أبو أمي. قال: أما والله إن كان لصدوق الحديث عظيم الأمانة مكرما للضيف.
قال: أخبرنا الفضل بن دكين. قال: حدثنا عقبة بن أبي حفصة السلولي. عن أبيه. قال: إن كان الورس  من ورس الحسين ليقال به هكذا فيصير رمادا.
رجع الحديث إلى الأول: [خروج التوابين للثأر بدم الحسين]
قال: وكان سليمان بن صرد الخزاعي فيمن كتب إلى الحسين بن علي أن يقدم الكوفة. فلما قدمها أمسك عنه ولم يقاتل معه. فلما قتل الحسين رحمه الله ورضي عنه. ندم هو والمسيب بن نجبة الفزاري وجميع من خذل الحسين ولم يقاتل معه. فقالوا: ما المخرج والتوبة مما صنعنا؟! فخرجوا فعسكروا بالنخيلة لمستهل شهر ربيع الآخر سنة خمس وستين.
وولوا أمرهم سليمان بن صرد. وقالوا: نخرج إلى الشام فنطلب بدم الحسين.
فسموا التوابين. وكانوا أربعة آلاف فخرجوا فأتوا عين الوردة وهي بناحية قرقيسيا»
. فلقيهم جمع أهل الشام وهم عشرون ألفا عليهم الحصين ابن نمير فقاتلوهم فترجل سليمان بن صرد وقاتل. فرماه يزيد بن الحصين بن نميربسهم فقتله فسقط وقال: فزت ورب الكعبة. وقتل عامة أصحابه ورجع من بقي منهم إلى الكوفة.
قالوا: وكتب عبد الملك بن مروان إلى الحجاج بن يوسف. أما بعد يا حجاج. فجنبني دماء بني عبد المطلب فإني رأيت آل حرب لما قتلوهم لم يناظروا.
[أشعار ومراثي قيلت في الحسين]
وقال سليمان بن قتة يرثي الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما: -

وإن قتيل الطف من آل هاشم ... أذل رقابا من قريش فذلت
مررت على أبيات آل محمد ... فألفيتها أمثالها حين حلت
وكانوا لنا غنما فعادوا رزية ... لقد عظمت تلك الرزايا وجلت
فلا يبعد الله الديار وأهلها ... وإن أصبحت منهم برغمي تخلت
إذا افتقرت قيس جبرنا فقيرها ... وتقتلنا قيس إذا النعل زلت
وعند غني قطرة من دمائنا ... سنجزيهم يوما بها حيث حلت
ألم تر أن الأرض أضحت مريضة ... لفقد حسين والبلاد اقشعرت
فقال له عبد الله بن حسن بن حسن ويحك ألا قلت:
أذل رقاب المسلمين فذلت
وقال أبو الأسود الديلي في قتل الحسين رضي الله عنه.
أقول وذاك من جزع ووجد ... أزال الله ملك بني زياد
وأبعدهم بما غدروا وخانوا ... كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ وقوم عاد
هموا خشموا الأنوف وكن شما ... بقتل ابن القعاس أخي مراد
قتيل السوق يا لك من قتيل ... به نضح من أحمر كالجساد
وأهل نبينا من قبل كانوا ... ذوي كرم دعائم للبلاد
حسين ذو الفضول وذو المعالي ... يزين الحاضرين وكل باد
أصاب العز مهلكه فأضحى ... عميدا بعد مصرعه فؤادي
وقال أبو الأسود الديلي أيضا: -
أيرجو معشر قتلوا حسينا ... شفاعة جده يوم الحساب  
[قال: ولقي عبيد الله بن الحر الجعفي. حسين بن علي فدعاه حسين إلى نصرته والقتال معه فأبى. وقال: قد أعييت أباك قبلك. قال: فإذا أبيت أن تفعل فلا تسمع الصيحة علينا فو الله لا يسمعها أحد ثم لا ينصرنا فيرى بعدها خيرا أبدا]
قال عبيد الله: فو الله لهبت كلمته تلك فخرجت هاربا من عبيد الله بن زياد. مخافة أن يوجهني إليه فلم أزل في الخوف حتى انقضى الأمر. فندم
عبيد الله على تركه نصرة حسين رضي الله عنه فقال:
يقول أمير غادر حق غادر ... ألا كنت قاتلت الشهيد ابن فاطمة
ونفسي على خذلانه واعتزاله ... وبيعة هذا الناكث العهد لائمة
فيا ندما ألا أكون نصرته ... ألا كل نفس لا تسدد نادمة
وإني لأني لم أكن من حماته ... لذو حسرة ما أن تفارق لازمه
سقى الله أرواح الذين تأزروا ... على نصره سقيا من الغيث دائمة
وقفت على أجداثهم ومحالهم  ... فكاد الحشا يرفض والعين ساجمة
لعمري لقد كانوا مصاليت في الوغى ... سراعا إلى الهيجا حماة خضارمه
تأسوا على نصر ابن بنت نبيهم ... بأسيافهم آساد غيل ضراغمه
وقد طاعنوا من دونه برماحهم ... عصائب بورا نابذتهم مجارمه
فإن يقتلوا فكل نفس زكية ... على الأرض قد أضحت لك اليوم واجمة
وما إن رأى الراؤون أصبر منهم ... لدى الموت سادات وزهرا قماقمه
أتقتلهم ظلما وترجو ودادنا ... فدع خطة ليست لنا بملائمة!!
لعمري لقد رغمتمونا بقتلهم ... فكم ناقم منا عليكم وناقمة
أهم مرارا أن أسير بجحفل ... إلى فئة زاغت عن الحق ظالمة
فكفوا وإلا زرتكم في كتائب ... أشد عليكم من زحوف الديالمي»
وقال عبيد الله بن الحر أيضا: -
أيرجو ابن الزبير اليوم نصري ... بعاقبة ولم أنصر حسينا
وكان تخلفي عنه تبابا... وتركي نصره غبنا وحينا
ولو أني أواسيه بنفسي ... أصبت فضيلة وقررت عينا
وقال عبيد الله بن الحر أيضا: -
يا لك حسرة ما دمت حيا ... تردد بين حلقي والتراقي
حسينا حين يطلب بذل نصري ... على أهل العداوة والشقاق
ولو أني أواسيه بنفسي ... لنلت كرامة يوم التلاق
مع ابن المصطفى نفسي فداه ... فولى ثم ودع بالفراق
غداة يقول لي بالقصر قولا ... أتتركنا وتزمع بانطلاق؟
فلو فلق التلهف قلب حي ... لهم اليوم قلبي بانفلاق
فقد فاز الأولى نصروا حسينا ... وخاب الآخرون أولو النفاق وقال عبيدة بن عمرو الكندي أحد بني بداء بن الحارث. يرثي الحسين ابن علي وولده رضي الله عنهم ويذكر قتلهم وقتلتهم:
صحا القلب بعد الشيب عن أم عامر ... وأذهله عنها صروف الدوائر
ومقتل خير الآدميين والدا... وجدا إذا عدت مساعي المعاشر
دعاه الرجال الحائرون لنصره ... فكلا رأيناه له غير ناصر
وجدناهم من بين ناكث بيعة ... وساع به عند الإمام وغادر
ورام له لما رآه وطاعن ... ومسل عليه المصلتين وناحر
فيا عين أدري الدمع منك وأسبلي ... على خير باد في الأنام وحاضر
على ابن علي وابن بنت محمد ... نبي الهدى وابن الوصي المهاجر
تداعت عليه من تميم عصابة ... وأسره سوء من كلاب بن عامر
ومن حي وهبيل تداعت عصابة ... عليه وأخرى أردفت من يحابر

 وخمسون شيخا من أبان من دارم ... تداعوا عليه كالليوث الخواطر
ومن كل حي قد تداعى لقتله ... ذوو النكث والإفراط أهل التفاخر
شفى الله نفسي من سنان ومالك ... ومن صاحب الفتيا لقيط بن ياسر
ومن مرة العبدي وابن مساحق ... ومن فارس الشقراء كعب بن جابر
ومن أورق الصيداء وابن موزع ... ومن بجر تيم اللات والمرء عامر
ومن نفر من حضرموت وتغلب ... ومن مانعية الماء في شهر ناجر
وخولي لا يقتلك ربي وهانئ ... وثعلبة المستوه وابن تباحر
ولا سلم الله ابن أبجر ما دعت ... حمامة أيك في غصون نواضر
ومن ذلك الفدم الأباني والذي ... رماه بسهم ضيعة والمهاجر
ولا ابن رقاد لا نجا من حذاره ... ولا ابن يزيد من حذار المحاذر
ومن روس ضلال العراق وغيرهم ... تميم ومن ذاك اللعين ابن زاجر
ولا الحنظليين الذين تتابعت ... نبالهم في وجهه والخواصر
ولا نفر من آل سعد بن مذحج ... ولا الأبرص الجلف اللئيم العناصر
ولا عصبة من طيّئ أحدقت به ... ولا نفر منا شرار السرائر
ولا الخثعميين الذين تنازلوا ... عليه ولا من زاره بالمناشر
ولا شبث لا سلم الله نفسه ... ولا في ابن سعد حد أبيض باتر
قال: والقوم الذين سماهم في شعره: سنان ابن أنس النخعي. ومالك:
رجل من وهبيل من النخع. ومرة ابن كعب رجل من أشراف عبد القيس.
ونوفل بن مساحق من بني عامر بن لؤي. كعب بن جابر الأزدي. أورق الصيداء: رجل منهم كان أفوه. وابن موزع: رجل من همدان. بجر ابن مالك من بني تميم بن ثعلبة. خولي ابن يزيد الأصبحي المحرق بالنار.
هانئ ابن ثبيت الحضرمي. وثعلبة المستوه: رجل من بني تميم كان مأبونا.
وابن تباحر: رجل من بني تيم الله يقال له: عمرو بن يبحر بن أبجر حجار ابن أبجر. بجير بن جابر العجلي. والذي رماه الغنوي الذي رمى ابن الحسين فقتله. وابن زاجر: رجل من بني منقر من بني تميم. والأبرص الجلف:
يعني شمر بن ذي الجوشن. شبث ابن ربعي الرياحي.
وقال عبيد الله بن الحر أيضا: -
تبيت نساء من أمية نوما ... وبالطف هام ما ينام جميمها
وما ضيع الإسلام إلا قبيلة ... تأمر نوكاها وطال نعيمها
وأضحت قناة الدين في كف ظالم ... إذا أعوج منها جانب لا يقيمها
آخر مقتل الحسين بن علي رحمه الله ورضي الله عنه وعن أبيه وأخيه وذويه. وصلى الله على سيدنا محمد نبيه وآله وصحبه وسلم
الجزء المتمم لطبقات ابن سعد [الطبقة الخامسة في من قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهم أحداث الأسنان] - ابن سعد.

 

الحسين بن على بن أبى طالب بن فاطمة الزهراء كنيته أبو عبد الله

كان بينه وبين الحسن طهر واحد ثم حملت فاطمة به قتل يوم عاشوراء بكربلاء يوم السبت سنة إحدى وستين وهو عطشان في امارة يزيد بن معاوية وحمل رأسه إلى الشام واختلف في موضع رأسه فمنهم من زعم أن رأسه في البرج الثالث من السور على باب الفراديس بدمشق ومنهم من زعم أن رأسه على رأس عمود في مسجد جامع دمشق عن يمين القبلة بجنب القبة الخضراء وقد رأيت ذلك العمود ومنهم من زعم ان رأسه في قبر معاوية وذاك ان يزيد بن معاوية دفن رأسه في قبر أبيه وقال احصنه بعد الممات به فأما جثته فبكربلاء لا شك فيه.

مشاهير علماء الأمصار وأعلام فقهاء الأقطار - محمد بن حبان، أبو حاتم، الدارمي، البُستي (المتوفى: 354هـ)