إبراهيم بن علي الأحدب الطرابلسي

تاريخ الولادةغير معروف
تاريخ الوفاة1308 هـ
مكان الولادةطرابلس - لبنان
مكان الوفاةبيروت - لبنان
أماكن الإقامة
  • بيروت - لبنان
  • طرابلس - لبنان

نبذة

إبراهيم بن علي الأحدب الطرابلسي: شاعر أديب. ولد في طرابلس الشام، ونصب مستشارا في الأمور الشرعية لحاكم مقاطعة الشوفين (في لبنان) سنة 1267 هـ. ولما نشبت فتنة النصارى والدروز في لبنان سنة 1276 عاد إلى طرابلس. وطلب إلى بيروت سنة 1277 فجعل نائبا في المحكمة الشرعية ثم كاتبا أول فيها.

الترجمة

إبراهيم بن علي الأحدب الطرابلسي: شاعر أديب. ولد في طرابلس الشام، ونصب مستشارا في الأمور الشرعية لحاكم مقاطعة الشوفين (في لبنان) سنة 1267 هـ. ولما نشبت فتنة النصارى والدروز في لبنان سنة 1276 عاد إلى طرابلس. وطلب إلى بيروت سنة 1277 فجعل نائبا في المحكمة الشرعية ثم كاتبا أول فيها. وتولى تحرير جريدة (ثمرات الفنون) ثم انتخب عضوا في مجلس المعارف ببيروت، وتقلد كثيرا من الرتب السلطانية. كان سريع الخاطر ينظم القصيدة في جلسة واحدة. من تآليفه (فرائد اللآل في مجمع الأمثال - ط) و (كشف الأرب عن سر الأدب - ط) و (تأهيل الغريب - ط) و (فرائد الأطواق - ط) مقامات في الأخلاق، و (تسعون مقامة - خ) على نسق مقامات الحريري، و (كشف المعاني والبيان عن رسائل بديع الزمان - ط) و (مجموعة - خ) اشتملت على كثير من شعره ومختارات من شعر غيره، كلها بخطه الجميل، رأيتها في جزء لطيف، بمكتبة الجامعة الأميركية ببيروت، رقم 104 الترقيم القديم. وله نحو عشرين (رواية) وثلاثة دواوين شعرية أحدها (النفح المسكي - ط) ويقدّر ما نظمه بثمانين ألف بيت. مات في بيروت .

-الأعلام للزركلي-

 

 

 

 

 

 

الشيخ إبراهيم بن المرحوم الحاج علي الأحدب الطرابلسي ثم البيروتي
العالم الذي طاول الثريا علمه، والناظم الذي سحر الألباب نثره ونظمه، والإمام الذي شاد ربوع الشعر والخطابة، والهمام الذي لزم الأدب جنابه ولثم أعتابه، والفصيح الذي بسقت في ناديه أدواح الفصاحة، والمليح الذي ما زل قدمه يوماً عن مناهج الفلاحة، تقدم في بيروت حتى صار إمام محرابها، وخطيب منبر معارفها وآدابها، ومنحة خزانة نبهائها، ونفحة ريحانة ألبائها، فلا ريب أنه مرجع السادة الأفاضل، ومجمع القادة ذوي المكارم والفضائل، ولد أعلى الله مقامه، وجعل الفردوس مسكنه ومقامه، في طرابلس الشام، ذات اللطف الباهر والثغر البسام، سنة ألف ومائتين وأربعين، من هجرة السيد الأمين، وإنه لعمري من عائلة عرفت بالتقى والصلاح، والعبادة والصيانة والنجاح، وبعد أن قرأ القرآن، وأتقن تجويده أي اتقان، سلك منهج العلم بهمة لا تعرف الملل، واجتهاد دل على أن فضله لابد وأن يستوي على عرش الأمل، فقرأ على جملة من الأفراد، والسادة القادة الأمجاد، منهم الشيخ عرابي أفندي الذي هو بكل كمال حري، والشيخ عبد الغني أفندي الرافعي العمري، ونال من الفضائل والعرفان، ما قدمه على الأمثال والأقران، ثم أخذ بالتدريس ونفع البرية، وبث ما فتح عليه به من المواهب اللدنية، ولقد زار دار السعادة العثمانية، ومقر الخلافة الإسلامية، أيام سلطنة ساكن فراديس الجنان، الإمام الأعظم والخليفة الأفخم السلطان عبد المجيد خان؛ فاجتمع بعظمائها، وانتفع بأكابر علمائها، وبعد عوده من دار السعادة، ورجوعه إلى ما كان عليه من الإفادة والاستفادة، استدعاه سعيد بك جنبلاط حاكم مقاطعة الشوفين وقتئذ إلى المختارة من جبل لبنان، واتخذه مستشاراً في الأمور الشرعية المستنبطة من السنة والقرآن، وذلك سنة ألف ومائتين وسبع وستين، ولم يزل بإعزاز وإكرام ومقام مكين، إلى أن بدأ الخلاف بين الدروز والنصارى في جبل لبنان، سنة ست وسبعين، فرحل إلى وطنه طرابلس في الوقت والأوان، وفي سنة سبع وسبعين طلب إلى بيروت وعين نائباً في المحكمة الشرعية، وحينما حضر النائب الموظف من الدار العلية، جعله باش كاتب في المحكمة المرقومة واستمر بهذه المأمورية، وكان مع ذلك مشتغلاً بنشر العلوم ونثر لآلىء الآداب، متمسكاً للقيام بواجبها بأعظم الأسباب، وفي سنة ألف ومائتين وتسع وثمانين زار القطر المصري واجتمع بعلمائه الأعلام وأمرائه وأعيانه الفخام، وكان رحمه الله إماماً في مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان، رفع الله مقامه وأسكنه أعلى فراديس الجنان، وكانت محاكم جبل لبنان تعتمد على فتاويه وقوله، لما عرفته من تدقيقه وصحة نقله، فكان لدى عروض المشكلات مرجعاً، وكل عويصات المسائل مقصداً ومطمعاً، وكان قليل الكلام بما لا يفيد، وبحراً زاخراً لكل مستميح مستزيد، مع طبع هني وأخلاق مرضية، وفكر صائب وأوصاف علية، وذهن متوقد وحاضرة جيدة، فكان ينظم ما ينوف عن سبعين بيتاً بجلسة واحدة بدون تكلف ولا طول مدة، وكثيراً ما تكون المبيضة عين المسودة، وبالإجمال إنه كان رحمه الله فرداً فريداً، وكاتباً بليغاً وشاعراً مجيداً، وقد تولى رياسة جريدة ثمرات الفنون، ثم أقام على تصحيحها المصون، وله فيها المقالات الأدبية، والفصول الحكمية والطرائف العربية، والنصائح العالية، والمواعظ السامية التي لو جمعت لبلغت عدة أسفار، واشتهر قدرها وطار، وعند تشكيل ولاية بيروت انتخب عضواً في مجلس معارفها، فزاد قدرها به لدى ناعتها وواصفها، وقد نسخ بخطه كتباً كثيرة، وألف مؤلفات عديدة شهيرة، ونال من الرتب العلمية، من ابتداء خارج يحسب الطريق إلى رتبة مدرس السليمانية، وهي من رتب كبار المدرسين، وفي سنة ألف ومائتين وثمان وثمانين، نال النيشان المجيدي من الرتبة الرابعة، وتفرس الناس فيه الأهلية للمراتب الجامعة، وفي سنة تسع وثمانين وجهت عليه بموجب براءة سلطانية خدمة الفراشة الشريفة في الحرم الحرام على ساكنه أفضل الصلاة وأتم السلام، ومن مؤلفاته رحمه الله، ورضي عنه وأرضاه، فرائد اللآل في مجمع الأمثال وهو عبارة عن الأمثال التي جمعها الميداني وغيره نظمها بنحو ستة آلاف بيت وكتاب مهذب التهذيب في علم المنطق نظماً وعلق عليه شرحاًن ونظم مولدين شريفين مطولاً ومختصراً، وكتاب نفحة الأرواح على مراح الأرواح، في علم التصريف وكتاب كشف الأرب عن سر الأدب وديوان النفح المسكي في الشعر البيروتي. وله ديوان آخر جمعه في بلده طرابلس الشام، وديوان آخر تضمن من القصائد والمقاطيع والرسائل البليغة ما ينوف عن خمسين كراسة وذلك لسنة ألف ومائتين وخمس وتسعين، وما نظمه بعد ذلك محفوظ في مسوداته. وله شرح فرائد اللآل في مجمع الأمثال، شرحه بمجلدين وكتاب إبداع الإبداء، لفتح أبواب البناء، في علم التصريف وكتاب نشوة الصهباء، في صناعة الإنشاء، وكتاب تفضيل اللؤلؤ والمرجان في فصول الحكم والبيان وكتاب فرائد الأطواق، في أجياد محاسن الأخلاق وهو مائة مقالة نثراً ونظماً جاري بها مقالات العلامة جار الله الزمخشري، وكتاب عقود المناظرة في بدائع المغايرة، وهو جزآن يحتويان على خمس وعشرين مغايرة أدبية في المناظرة بين السيف والقلم وما شاكل ذلك، وكتاب ذيل ثمرات الأوراق وكتاب الوسائل الأدبية في الرسائل الأحدبية وهي الرسائل التي كانت بين المترجم وبين عبد الهادي أفندي نجا الأبياري في مصر إلا أن جمعها كان للأبياري لا للمترجم، وله مقامات جعلها على لسان أبي عمر الدمشقي وأسند روايتها إلى أبي المحاسن حسان الطرابلسي وهي عبارة عن تسعين مقامة جاري في إبداعها العلامة الحريري وله كتاب كشف المعاني والبيان عن رسائل بديع الزمان وهو آخر مؤلفاته، وله رحمه الله من الروايات عشرون رواية وكانت وفاته رحمه الله في شعبان سنة ألف وثلاثماية وثمان. لمسكي في الشعر البيروتي. وله ديوان آخر جمعه في بلده طرابلس الشام، وديوان آخر تضمن من القصائد والمقاطيع والرسائل البليغة ما ينوف عن خمسين كراسة وذلك لسنة ألف ومائتين وخمس وتسعين، وما نظمه بعد ذلك محفوظ في مسوداته. وله شرح فرائد اللآل في مجمع الأمثال، شرحه بمجلدين وكتاب إبداع الإبداء، لفتح أبواب البناء، في علم التصريف وكتاب نشوة الصهباء، في صناعة الإنشاء، وكتاب تفضيل اللؤلؤ والمرجان في فصول الحكم والبيان وكتاب فرائد الأطواق، في أجياد محاسن الأخلاق وهو مائة مقالة نثراً ونظماً جاري بها مقالات العلامة جار الله الزمخشري، وكتاب عقود المناظرة في بدائع المغايرة، وهو جزآن يحتويان على خمس وعشرين مغايرة أدبية في المناظرة بين السيف والقلم وما شاكل ذلك، وكتاب ذيل ثمرات الأوراق وكتاب الوسائل الأدبية في الرسائل الأحدبية وهي الرسائل التي كانت بين المترجم وبين عبد الهادي أفندي نجا الأبياري في مصر إلا أن جمعها كان للأبياري لا للمترجم، وله مقامات جعلها على لسان أبي عمر الدمشقي وأسند روايتها إلى أبي المحاسن حسان الطرابلسي وهي عبارة عن تسعين مقامة جاري في إبداعها العلامة الحريري وله كتاب كشف المعاني والبيان عن رسائل بديع الزمان وهو آخر مؤلفاته، وله رحمه الله من الروايات عشرون رواية وكانت وفاته رحمه الله في شعبان سنة ألف وثلاثماية وثمان.
ومن قصائده الأنيقة، وأشعاره الرقيقة، قوله مادحاً حضرة السيد الأمير عبد القادر الجزائري الحسني قدس الله روحه، ونور مرقده وضريحه.
عقود ودادي نظمها ليس يفسخ ... وشرح غرامي محكم ليس ينسخ
نشأت بخمر الحب نشوان فهو لي ... إذا شئت ترب يا أبا الفضل أو أخ
أذل لمن أهوى وكم ذل عاشق ... أشم له أنف إلى المجد أشمخ
تمد خدود الغيد قلبي بنارها ... فمهما جرى دمعي فلا يتبوخ
ولم تكتحل عيني بميل من الكرى ... وكم بين من أهوى وبيني فرسخ
أروح قلبي بالمنى وهي قد قضت ... فهل بوفا بدري بها الروح تنفخ
يجر فؤادي للعنا هدب شادن ... ترض به الأحشاء منا وترضخ
وأبدى محياه لعيني نسخة ... بها راح ينسى كل حسن وينسخ
وأطلع حول الورد ريحان عارض ... به دون وردي جنة الخد برزخ
ويسكر دون الرشف خمر رضابه ... لما أنها بالنار للخد تطبخ
وبي زائر بالزور قد زار مضجعي ... سرى وجناح الليل أقتم افتخ
أطار الكرى من وكر جفني طيفه ... فأمسى به طير السهاد يفرخ
فرحت به أنشي المعاني وأنتشي ... بذكراه والأجفان بالدم تنضخ
رسخت بأوصاف الجميل وإنني ... بمدح ابن محي الدين ذي المجد أرسخ
فتى الفضل عبد القادر السيد الذي ... يجيب ندى من أمه وهو يصرخ
وذو النسب السامي الذي نشر طيبه ... هو المسك مع طول المدى ليس ينسخ
محط رحال المعدمين وقصدهم ... فنجب الرجا في باب علياه نوخ
تضم به العلياء طود مهابة ... بطلعته الغراء تسمو وتشمخ
إمام بأفق الشام للحق منشىء ... تلاشى به من كان في البطل يملخ

من الغرب وافى الشرق فازدان بهجة ... وأمست به عين المنى تتنضخ
وحل به العز الذي ليس ينقضي ... فكان به مبدا المعالي يؤرخ
رسا فوق هام النجم سامي مقامه ... فأضحى له بالفضل مرسى ومرسخ
من القوم كل المجد يعزى لعزهم ... كرام لمن قد ضل بالسيف دوخوا
مناقبه تتلى بها سور الثنا ... وليس لها في محكم المجد منسخ
حمى الدين والدنيا بعز شهامة ... تضيق بها الأرض الفضا وهي سربخ
شمائل ما للمسك في الشم طيبها ... بأنفاسها برد الشمال مضمخ
له الكلم اللاتي بها السمع يزدهي ... وتعنو لها شم العلى وهي شمخ
لقد أنطقت بالحق من كان أخرسا ... وأسمع من سمع بها عاد أصلخ
أقل نداه دونه كل وابل ... فيرضى المرجى بالغنى حين يرضخ
عوادي الحيا تهمي حياء لطله ... وقد أغرقها أعين منه نضخ
فطوبى لأرض الشام إذ حل شامة ... بها فهي فوق النجم بالتيه تزمخ
درى بعض ما فيه من العلم والتقى ... وحسن الحجا من كان في العلم يرسخ
لقد سار مثل البدر في فلك العلا ... بطول دراري الأفق عزاً ويبذخ
وأرج أرجاء الممالك بالثنا ... فكل بطيب الفضل منه يضمخ
فلا ملك إلا وأصفاه وده ... وإن تجر ذكراه لديهم يبخبخوا
صفا باطناً لله مع حسن ظاهر ... به تمدح العلياء والمجد يمدخ
فما شأنه وهو النقي من الخنا ... مقالة ذي عرض به يتطلخ
فيا من به الدين ارتدى برد عزه ... فعاد بسامي فضله وهو أبلخ
تنبه شعري في معاليك للعلا ... وأمسى به صعب المعاني يدوخ
فأنشأت أبكاراً تجلت شموسها ... إذا كان يمسي الغير للشعر يسلخ
وأبدعت بالأفكار إنشاء صورة ... يشوه بها وجه المعادي ويمسخ
وأرسلتها مع رقة اللفظ صخرة ... بها هام من يشنا معاليك يشدخ

يهون ابن هاني حين يتلى نظامها ... ويغدو على ما كان منه يوبخ
أتت وهي تشدو في معانيك بالوفا ... عقود ودادي نظمها ليس يفسخ
وقال رحمه الله
بحبة الخال قلبي صاده رشأ ... إذ ضمخت خده بالمسك تضميخا
أبان لي غرة من تحت طرته ... كانت لبدء غرامي فيه تاريخا
وقال رحمه الله
أسر القلب غزال فاتن ... سلب العشاق طيب الوسن
وجهه والطبع منه واسمه ... حسن في حسن في حسن
وقال رحمه الله وأحسن مقره ومثواه
ومهفهف دبت عقارب صدغه ... تحمي رياض شقائق النعمان
وعلى كثيب الردف يسعى أرقم ... من شعره قد حار فيه جناني
حاولت قربي من حماه فصدني ... وأباحني الخد الشهي القاني
فأجبته ما بي مخالفة لما ... قالوه في الأمثال منذ زمان
لا تقربن أبداً مواطن عقرب ... وافرش ونم بمواطن الثعبان
وقال طيب الله ثراه
أبصرت مروحة بكف مهفهف ... تطفي ببرد هوائها نار الجوى
قد كنت خلواً قبل ترويح بها ... نحوي فجاءتني بأسباب الهوى
وقال
بليت بقاسي القلب ما رق للذي ... يؤمل بعد البعد منه وصالا
ألان به دمعي الصفا سائلاً له ... وقد ماس عجباً بالدلال ومالان
وقال متغزلاً
يا غزالاً قد نسجت الغزلا ... بحلى جفن له قد عزلا
من منحت القرب حولاً كاملاً ... لست تبغي عن لقاه حولا

عدم القوة من بعد النوى ... والجفا منك فلا حول ولا
ويح من يصبو لأحداق الظبا ... ويرى دوماً بها مشتغلا
أفتدي ألعس لا يمنحني ... من مجاني الثغر منه العسلا
قد شوى قلبي على نار الغضا ... إذ قلاه بالتجافي وسلا
جفنه والعطف في حرب الهوى ... قد نضا السيف وهز الأسلا
خاله المسكي حبات الحشا ... قد غدت للحسن منه خولا
مل من قربي إذ أترع لي ... في الهوى كأس صدود وملا
لا يرى التسهيل في وصل إذا ... جئت أبدي شرح حالي جملا
فصل المشتاق عنه حينما ... أحرق القلب بهجر وصلا
خبري بالخد والردف له ... ملأ السهل به والجبلا
عامل اللحظ بقلبي فاعل ... فهو مكسور بما قد فعلا
من ضمير الصبر قد فرغه ... حينما أظهر فيه عملا
إن أتاه الدمع يوماً سائلاً ... رده نهراً بما قد سألا
أفلا يسعدني بدري الذي ... نجم سعدي في هواه أفلا
وبواو العطف من صدغ له ... يجعل الوصل لهجر بدلا
يا خليلاً فاتحاً عذلي به ... إن تجد عيباً فسد الخللا
واطرح عذلي فمن أجفانه ... سبق السيف بعشقي العذلا
واعذر الصب الذي تيمه ... بعذار فاتن من عذلا
لام تعليل بدت في خده ... أثبتت للوجد فيه عللا
حجة العشق به واضحة ... للذي في الشعر يبدي جدلا
أيها الحاكم فيها حسنه ... جائراً وهو به قد عدلا
جانس الحسن بإحسان فما ... كان ملك الحسن إلا دولا
وأرى الدنيا كظل زائل ... لا يطيل المرء فيه أملا

من أتى ينقل أخباراً بها ... للذي يأتي كما قد نقلا
والبقا الكامل وصف ثابت ... لإله ملكه قد كملا
وقال عفي عنه
من لي بعطار أراني شامة ... سوداء فوق الوجنة الحمراء
أمسى يبيع ويشتري أهل الهوى ... في سوقه بالحبة السوداء
وقال رحمه الله
يا ظبية في جفنها سحر به ... جنت دموع العين وهي دماء
الشمس أنت فليس من عجب إذا ... أمن ازديارك في الدجى الرقباء
وقال رحمه الله
إني أحمل أنفاس النسيم إلى ... حماكم نفحات نشرها عطر
ولا أحملها شوقي لعلمي ما ... فيها من الضعف إن وافى بها السحر
لكن بها من ثنائي روضة أنف ... بها تفتح من ذكراكم زهر
فإن سرت وعرفتم طيب نفحتها ... فثم نشر الثنا منكم له خبر
وذكركم من حديث النفس منية من ... ثناؤكم في لياليه له سمر
وقال عفي عنه
كلفت بفاتن عذب الثنايا ... فؤادي في محبته تعذب
جميع جوارحي تصبو إليه ... لذلك مدمعي فيه تصبب
وقال
نشرت برقعاً على ورد خد ... منع الصب في الهوى نيل مأرب
وهولي مبغض إذا رمت لثما ... إذ غدا قلبه لقلبي عقرب
وقال
هيفاء قد حجبت بشد عصابة ... عني الجبين وما رثت لنحيبي
فاعجب لمحجوب لها في حكمها ... قد ورثوه الحسن بالتعصيب

وقال
ومهاة في جيدها شهب عقدٍ ... رمت أني من خدها أتقرب
فأجابت: لنيلك الشهب لمساً ... هو من لثم بدر خدي أقرب
وقال
عليك للنفس حق أن تطيب بها ... إذا سئمت لطول الجد باللعب
وأن تسرح طرفاً في الرياض لدى ... خل براحته ترتاح من تعب
وقال
زرد العذار حمى الورود فلم يكن ... للطرف أن يدنو من الوجنات
وإذا محب مد عيناً نحوها ... يبغي جناها كف باللامات
وقال
بعيني غزال البان هاروت ماكث ... فلا تعجبوا والجفن بالسحر نافث
عجول بقتل العاشقين إذا رنا ... وهيهات لحظ ينفث السحر رائث
لأسد الشرى غاب بأهداب جفنه ... لذاك لها في القلب أمسى مضابث
من الترك سام قد حمى برد ثغره ... فيا حسن حام قد سما فيه يافث
هلال جمال بالمثاني معوذ ... ودون سماع اللفظ منه المثالث
رشا لا يرى ثان لمفرد قده ... كما وجهه للبدر والشمس ثالث
به في الهوى قلبي الشقي جد جده ... على أنه بالهائم الصب عابث
يشق على العاني شقيق نجده ... لحبة قلبي خاله المسك وارث
رعيت قديم الورد غضا جناؤه ... ولا عارض فيه يعارض حادث
حريري جسم في المقامات قد حكى ... محاسن عنه تسلب اللب حارث
لعهدي أمسى ناكثاً بدلاله ... وأي مليحٍ لا يرى وهو ناكث
له قد صفا ودي ولا كان عاشق ... بماذق من يهوى وفي الحب غالث

تنزهت عما ليس يرضي أخا العلا ... وما عاشق طابت سجاياه رافث
حليف صبابات اغوت في الهوى ... وليس سوى غيث من الدمع غائث
لقد حاول السلوان عنه مفندي ... وما ذو صبابات عن الحتف باحث
تحمل عبءً بالذي في الهوى نوى ... فأصبح ينوي وهو عاو ولاهث
دعوا من وشى عني يحدث بالذي ... يشاء فدمعي للصبابة نابث
ومن لي بأن استكتم الدمع صبوتي ... وعنها بتلوين المدامع بائث
زناد الأسى وارٍ لبعد معذبي ... كما زند أفراخي بلقياه غالث
عقدت يمين العهد يوم مددتها ... لتوديعه لا كان في الحب حانث
نهار أراني هوله يوم موقفي ... وجفني بقاني الدمع للخد مائث
دعينا لتوديع فلما تجمعت ... قلوب بها ناب النوائب ضابث
لبثنا بوادي الجزع في موقف النوى ... يبدد منا لؤلؤ الدمع لابث
وما فضل جمع جره لوعة الأسى ... وللشهد مر وهو للحتف باعث
لئن حل عهداً قد عقدناه ذو هوى ... فإني على عهد الأحبة ماكث
وقال موشحاً
في سما الأفراح بدر السعد لاح ... فاجل شمس الراح واترك قول لاح
قد وفى وصل الصفا فصل الربيع
شاكراً فضل الأيادي للربيع
وغدا يبدي مقامات البديع
عندليب في فروع الدمع صاح ... داعياً سكران حب غير صاح
وزهت بالحسن للورد خدود
قد حلا فيها لعشاق ورود
والحيا قد حاك للروض برود

نسجها قد كان من غزل الرياح ... فلذا تكسو الفتى ثوب ارتياح
وبدا غصن عيون النرجس
بقدود في رياض السندس
كالعذارى برزت في الأطلس
وحلا مبتسماً ثغر الأقاح ... بثنايا الغادة الخود الرداح
وجلا الريحان آيات العذار
لرشا يحلو به خلع العذار
وانجلى عن جل ناري الجلنار
حين أبدى وجنة الغيد الصباح ... رمقتها أعين منا وقاح
حبذا العيش بأيام الصبا
وزمان فيه قلبي قد صبا
حيث تروي لي نسيمات الصبا
خبر الإسعاد عن ذات الوشاح ... من لها قلبي حماه مستباح
غادة تنشىء من غمز الجفون
كل عشق إن تقل كن فيكون
كم أفاضت من عيون بعيون
صافحت أهل التصابي بالصفاح ... وعليهم شرعت سمر الرماح
نشرت فرعاً غدا أصل الغرام
فوق جيد فكسا الصبح ظلام
وغدت ترسل للصب سهام
من جفون أثخنت قلبي جراح ... لا ترى في قتل مضناها جناح

جعل الصب لعينيها النسيب
بمعادن دونها يعنو حبيب
وأتى يبدع أسلوباً عجيب
بلآل جوهريات صحاح ... لزفاف في سما الإقبال لاح
وهو طويل قد جعله تهنئة بزفاف لبعض أحبابه رحمه الله.
وقال أيضاً هذا الموشح الآتي داخلاً به على أعجاز نونية الوزير ابن زيدون التي كتب بها لولادة بنت المستكفي وقد كتب بها للقاضي الشريف
أجرى مآقينا بعد المحبينا ... وناب عن طيب لقيانا تجافينا
يا طيب أوقاتي ... بسفح نعمان
إذ نلت لذاتي ... بوصل نعمان
يدري كاساتي ... روحي وريحاني
فالآن لما بان يزرى غصون البان ... أضحى التنائي بديلاً من تدانينا
يا جيرة البان ... جرتم ودمعي جار
هجرت أوطاني ... ولم أنل أوطار
والبعد أشجاني ... وطير أنسي طار
وما رقت أجفان، بعد الحمى والبان ... شوقاً إليكم ولا جفت مآقينا
أحبابنا عودوا ... لذلك الحب
كي يورق العود ... بالأنس والقرب
وباللقا عودوا ... مروع القلب
واسقوا غصون الود، بالعطف بعد الصد ... فنحن روض وأيديكم سواقينا
يا طالما أبدى ... لي المنى الخل
وأسعدت سعدي ... وأجملت جمل

وراق لي وردي ... يوم اللقا الوصل
حيث الهنا واف، وظله ضاف ... ومورد اللهو صاف من تصافينا
أيام عيشي راق ... بقرب ذات الخال
وقرطها الخفاق ... يدنو من الخلخال
ولي بكشف الساق ... قد ساقت الآمال
فبعدها قد كاد، مما لنا قد كاد ... يقضي علينا الأسى لولا تآسينا
خود وفت وعدي ... باللطف والإيناس
وأسعدت جدي ... بعطفها المياس
وخدها الوردي ... ببوسه لاباس
أنعم به خداً، لصبه أهدى ... ورداً جناه الصبا غضا ونسرينا
قد زاد وسواسي ... بالحلي في الصدر
وهمت للكاس ... من ثغرها الدر
وليس لي آسي ... سواه من ضر
لذا رجا قلبي، من ورده العذب ... شرباً وإن كان يروينا فيظمينا
يا بانة الوادي ... هل عائد أنسي
وعهد إسعادي ... بالبدر والشمس
وأنجم النادي ... يسعون بالكاس
ومنية العشاق، أدار وهو الساق ... فينا الشمول وغنانا مغنينا
ذكرت أيامي ... بقرب ذي المجد
شريف السامي ... بدر العلا رشدي
مولى بإلهامي ... يعيد ما يبدي

من أن وصفناه، بما مدحناه ... فحسبنا الوصف إيضاحاً وتبيينا
شهم لنا أولى ... عوائد البر
ولم يزل أولى ... بالحمد والشكر
وزادني طولى ... برفعة القدر
وأغصن المن، أدنى لمن يجني ... قطوفها فجنينا منه ماشينا
مع بعده وفى ... عهدي وأولاني
والود لي أصفى ... فضلاً ووالاني
وزادني عرفاً ... من بعد نكران
فإن يكن قد دان، قلبي لذا الإحسان ... فالحر من دان انصافاً كما دينا
مولى أياديه ... جيد العلى حلت
كما مساعيه ... عقد الأسى حلت
ومن يوافيه ... له المنى حلت
لقد خطرنا بما أسدى لنا كرماً ... في وشى نعمى سجناً ذيله حينا
حيث الصفا حيا ... بما نرجيه
وقد غدا حيا ... ميت الرجا فيه
وكم دعا هيا ... داعي أمانيه
لذاك قد نلنا منه بما منا ... منى ضروباً ولذات أفانينا
واشوقي البادي ... لطيب ناديه
إذ بالمنى نادي ... لمن يناديه
من بعد إبعادي ... عن ورد صافيه
بدلت بالبلوى عن جنة المأوى ... والكوثر العذب زقوماً وغسلينا
يا من على الشعرى ... به علا شعري
وبالوفا أجرى ... لطفاً بلا أجر
وللعلى أسرى ... بي مطلقاً أسري

هيهات أن ننسى من بعدكم درساً ... بيض الأيادي التي ما زلت تولينا
أوقات شربي صاف ... من وردك الحالي
وبدر أنس طاف ... بكأس آمالي
وغاظ بالأتحاف ... مرآك عذالي
لذا دعوا جهراً بمهجة حرا ... بأن نغص وقال الدهر آمينا
فحالت الأحوال ... عن ذلك العهد
وقطعت آمال ... معذب الصد
وعز لمع الآل ... ظمآن للورد
وأوجه القصد عادت من البعد ... سودا وكانت بكم بيضا ليالينا
وقال من قصيدة
خطرت لأعطاف المحاسن ثانيه ... هيفاء للشمس المنيرة ثانيه
ورمت سهاماً عن قسي حواجب ... منعت مراميها بلوغ مراميه
وهوت معاطفها تميل مع الهوى ... واحر أحشائي بنار الهاويه

حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر - ابن إبراهيم البيطار الميداني الدمشقي.