سعيد فرحات

الأستاذ المتفنن سعيد فرحات

أصله ونشأته: ولد الأستاذ سعيد بن علي فرحات وأصله من الجزائر بحي قبر عاتكة بدمشق سنة 1900م ونشأ بكنف والديه وتلقى دراسته في مدرسة الملك الظاهر حتى الصف الرابع ولما شب اشتغل بمهنة سكب النحاس، ثم بحياكة النسيج، ثم توظف معاون سائق قطار بالخط الحجازي.

فنه: كان خاله المرحوم الشيخ سعيد الحداد مؤذناً في جامع النقشبندي في حي السويقة بدمشق قد سمع صوته الجميل فألزمه أن يعاونه بالأذان والتذكير، فاستقام المترجم مدة سنين يؤذن ولما عاد والده من الخدمة العسكرية في الحرب العالمية الأولى اجتمع صدفة مع أهل الفن وكان والده هذا معه، فآنس به الفنان المرحوم توفيق الحسيني نبوغاً كامناً وفنًّا في صوته البديع، فأخذ يلقنه مبادئ الفن فتلقى عليه الموشحات القوية القديمة، ثم علم الأوزان ثم علم النغمات التركية المستعملة في الفن العربي وتصوير المقامات من غير مقاماتها واستمرت دراسته عليه مدة ست عشرة سنة متوالية، وبعدها درس على الشيخ عبد الرحمن القصار وأخذ منه موشحات وثمانية أوزان من رقص السماح، وتلقى عن الفنان المرحوم محيي الدين بعيون بمعرفة الفنان المرحوم سليم الحنفي والمرحوم محمد علي الأسطة مدة سنتين بشكل متقطع كيفية إلقاء القصائد المرتجلة.

سفره إلى حمص: واستخدم المترجم بمصلحة مكافحة الجراد في منطقة حمص 1932م فلازم الفنـان الحمصي المشـهور المرحـوم الشـيخ مصطفى عثمان وعنه تلقى أوزان رقص السماح وأوضح له بطريقة علمية أن السماح له ثلاث طرق:

الأولى: الطريقة الشامية، وقد أخذت عن المرحوم الشيخ علي حبيب بواسطة المرحوم القباني الفنان المشهور.

الثانية: الطريقة الحلبية، وقد أخذت عن الشيخ صالح الجذبة الحلبي بواسطة الفنان الحاج عمر البطش.

الثالثة: الطريقة الحمصية: وقد أخذها المترجم عن المرحوم الشيخ مصطفى عثمان.

ألحانه الخاصة: لحن وصلات عديدة من الموشحات. ويجيد ضرب الإيقاع على الرق.

الوصلة الأولى: من مقام الحجاز كار كردي مؤلفة من موشحين:

الموشح الأول: وزنه نوخت هندي:

وكلمة حق أقولها بأن الأستاذ الفنان كان موفقاً بقوة تلحين هذا الموشح وافتتان نغماته إلى حد بعيد.

والموشح الثاني:

وهو من نظم المرحوم الشيخ أمين الجندي الشاعر الحمصي المشهور، وزنه (ثريا).

الوصلة الثانية: من مقام العجة عشيران: الموشح الأول: (وغزال كلما ألقاه يذوي مقلتيه)، وهو من نظم الأستاذ فخري البارودي، وزنه (مربع).

الموشح الثاني: (دعني أقبل وجنتيك) وهو من نظم الأستاذ البارودي وزنه (تيم روان).

الموشح الثالث: (عذب القلب ودعني) وزنه سماعي ثقيل.

وينتقي هذا الفنان أبدع القصائد الصوفية والغزلية معنى وأقوى قوافيها انسجاماً فيلحنها لنفسه ويلقيها بشكل مطرب بديع، ومن مواهبه الفنية قدرته وسعة اطلاعه على التجول في ميدان الأنغام وتصويرها ببراعة فائقة وحفظه الأدوار والقصائد والموشحات المصرية بإتقان، وقد استفاد من فنون الحاج عمر البطش الفنان الحلبي المشهور وأخذ عنه موشحات وضروب كثيرة ويعتبر من أقوى تلاميذه.

تدريسه في المعهد الموسيقي الشرقي: وعينته وزارة المعارف لتدريس الموشحات والأوزان القديمة في المعهد الموسيقي الشرقي في مدد متفاوتة وتخرج على يديه كثير من الطلاب، وما زال الدهر يحانقه بالعبوس والحرمان، وهو كثير الاعتداد بفنه، ومن الفنانين الذين يفتخر بقوة فنهم.

أعلام الأدب والفن، تأليف أدهم آل الجندي الجزء الأول – ص 294.