محمد صالح عبد الرحمن قزاز
طويل القامة، حنطي اللون، متوسط الجسم مشرق الوجه بابتسامة دائمة، تنم نظراته عن ذكاء وقاد تكسو وجهه لحية خفيفة لمع فيها بياض المشيب لما علت به السن.
ولد بمكة المكرمة سنة 1301 للهجرة، وتعلم القراءة والكتابة فيها، وحفظ القرآن الكريم كاملا، وكان جهوري الصوت يحسن القراءة والترتيل، وتولى إمامة الناس في صلاة التراويح كما كان يفعل أمثاله من حفظة القرآن الصغار.
انتقلت أسرته إلى الطائف في أواخر العهد الهاشمي فقد أسندت إليهم إعاشة الجند في الطائف، وعين الشاب محمد صالح القزاز أمينا للصندوق في مالية الطائف، وحينما نقل مدير المالية الشيخ عبد الله قاضي إلى جيزان في العهد السعودي، تولى صالح قزاز مديرية المالية في الطائف.
ثم عين مديرا لمالية مكة المكرمة، ثم اختير ناظرا عاما للجمارك يوم كانت واردات الدولة تعتمد على الجمارك قبل ظهور الزيت وتسويقه، وحينما شكلت أول مديرية لشئون الحج عين الشيخ محمد سرور الصبان رئيسا لها فاختار صديقه الشيخ محمد صالح القزاز ليكون مديرا عاما مساعدا له سنة 1365، ثم أصبح مديرا لها سنة 1368.
وحينما قررت الدولة تشكيل مديرية لشئون الزراعة اختير مديرا لها إلى جانب عمله كمدير لإدارة الحج.
وحينما قرر جلالة الملك عبد العزيز يرحمه الله جلب الماء إلى جدة اختار الشيخ عبد الله السليمان وزير المالية إذ ذاك الشيخ صالح قزاز للمفاوضة لشراء وجبات الماء من ملاك عيون وادي فاطمة لإسالتها إلى مدينة جدة، واشترك معه رجال آخرون واشتريت منهم وجبات في ثماني عيون فصلها الأستاذ عبد القدوس الأنصاري في كتابه موسوعة مدينة جدة وكان شراء
هذه الوجبات هو الذي مكن الدولة من إيصال الماء إلى مدينة جدة في قنوات تمتد من وادي فاطمة إلى مدينة جدة مما كان سببا في تطور المدينة واتساعها فالماء إكسير الحياة، وصدق الله تعالى حيث يقول: )وجعلنا من الماء كل شيء حي).
وحينما وفق الله تعالى جلالة الملك عبد العزيز يرحمه الله للعمارة الأولى للمسجد النبوي الشريف وأسند أمر هذه العمارة العظيمة إلى المعلم محمد بن لادن يرحمه الله طلب من معالي الشيخ عبد الله السليمان ترشيح شخص لإدارة المشروع حيث أن ابن لادن سيتفرغ للقيام بالأعمال الهندسية والإنشاء، فاختير الشيخ صالح قزاز لإدارة المشروع، ومنه انتقل إلى إدارة مشروع العمارة السعودية الأولى للمسجد الحرام، وأسند أمر إصلاح قبة الصخرة بالقدس إلى المعلم محمد بن لادن، فتولى الشيخ صالح قزاز إدارة المشروع كذلك، وهكذا جمع الله لهذا الرجل الإشراف على تعمير أعظم مساجد الإسلام في مكة والمدينة وبيت المقدس.
وحينما تأسست رابطة العالم الاسلامي في مكة المكرمة 1382 واختير معالي الشيخ محمد سرور الصبان يرحمه الله أمينا عاما لها، اختار صديقه الشيخ صالح قزاز أمينا عاما بالوكالة يقوم بأعمال الأمين العام للرابطة في حضور الأمين أو غيابه.
وحينما توفي الشيخ محمد سرور الصبان يرحمه الله سنة 1393 اختير الشيخ صالح قزاز أمينا عاما للرابطة، وكان قد رشح لها أحد الوزراء ولكن المجلس التأسيسي للرابطة وهو مكون من علماء المسلمين في جميع أنحاء العالم الاسلامي اختار وبإجماع الأراء الشيخ صالح قزاز ليكون الأمين العام للرابطة وطلبوا من جلالة الملك فيصل يرحمه الله الموافقة على اختيارهم فتم لهم ما أرادوا، وتجدد اختيار الشيخ صالح قزاز للأمانة العامة للرابطة لفترة ثانية، وكان راغبا في التخلي عن أعمال الرابطة بعد أن قضى فيها أعواما كثيرة وبدأت السن تعمل عملها في صحته. وأتم الفترة الثانية وقدم استقالته إلى المجلس التأسيسي للرابطة، حاول أعضاء المجلس أثناءه عن الاستقالة فزاره وفد منهم بمنزله لهذه الغاية فقال لهم:
الرابطة أمانة عظيمة ولا أستطيع القيام بواجبها فأرجو إعفائي، وأمام إصراره قبلت الاستقالة وتم تعيين فضيلة الشيخ محمد الحركان يرحمه الله أمينا عاما للرابطة حيث بقي فيها إلى أن توفاه الله.
وفاة الشيخ صالح قزاز
توفي الشيخ صالح قزاز في 30 جمادي الآخرة من عام 1409 للهجرة من عمر يناهز التسعين عاما، ودفن في مكة المكرمة، تغمده الله بواسع رحماته، وجزاه الله خير الجزاء، أنه سميع مجيب.
يوجد له ترجمة مطولة في كتاب أعلام الحجاز، تأليف محمد علي مغربي الجزء الرابع – ص 243 - 252.