محمد سعيد العامودي
طويل القامة، أسمر اللون، أقرب إلى النحافة منه إلى الامتلاء، أقنى الأنف، ساجي النظرات، حليق اللحية والشارب، تلمح في وجهه سيماء الحياء المشوب بالوقار والاتزان.
ولد بمكة المكرمة سنة 1323 هـ، وتعلم بمدرسة الفلاح وتخرج منها، وعمل مع أبيه وكان تاجرا يشتغل بتجارة الأقمشة، وله حانوت في السويقة، وهي السوق الخاصة بتجار الأقمشة والعطور، وقد أدخلت سويقة في المسجد الحرام في توسعته الأولى، وكان موضعها مجاورا للمسعى ولها مدخل من المسعى، ومدخلها الآخر من الشبيكة.
وانتقل محمد سعيد العامودي من العمل مع والده إلى الوظائف الحكومية فعمل في وظائف كتابية وإدارية مختلفة منها رئاسة ديوان التحرير بمصلحة البريد والبرق العامة بمكة المكرمة، وحينما صدرت جريدة صوت الحجاز اختير للإشراف على رئاسة التحرير لفترة قصيرة، ولكن عمله الحكومي في إدارة البرق والبريد لم يسمح له بالاستمرار في العمل فيها.
واختير عضوا بمجلس الشورى فظل به لمدة ثلاث سنوات، وقام بإدارة ورئاسة تحرير مجلة الحج منذ عام 1369 هـ إلى نهاية عام 1391 هـ.
كما عمل في رئاسة تحرير مجلة رابطة العالم الإسلامي من عام 1385 هـ إلى نهاية عام 1398 هـ، وإلى جانب هذه الأعمال كانت له مشاركات في أعمال أدبية واجتماعية متنوعة.
فقد اختير من قبل وزارة المعارف مرتين لعضوية المجلس الأعلى للعلوم والآداب، وكان من الأعضاء المؤسسين في لجنة مشروع القرش، ولجنة النشر والتأليف، ولجنة نشر مخطوطات التواريخ الحجازية، قبل أن تتوقف هذه اللجان عن العمل.
كما شارك في الدورة الثقافية التاسعة ضمن وفد وزارة المعارف للجامعة العربية التي عقدت في سنة 1374 هـ.
وقام برحلات عديدة أثناء عمله الوظيفي والصحفي إلى القاهرة وتونس وإيران والجزائر.
مؤلفاته
من تاريخنا: دراسات، نشر عام 1374 هـ وأعيد طبعه بإضافة فصول جديدة عام 1387 وطبع الطبعة الثالثة سنة 1401.
قام مع الأستاذ/ أحمد علي بتحقيق كتاب المختصر من نشر النور والزهر وظهرت طبعته الأولى سنة 1398 وأعيد طبعه سنة 1406 هـ.
رباعياته: ديوان شعر نشر سنة 1401 هـ.
رامز وقصص أخرى نشر سنة 1403 هـ.
من حديث الكتب ثلاثة أجزاء نشر سنة 1403 هـ.
من أوراقي: مقالات أدبية نشر سنة 1404 هـ.
بقية الرواد
يعتبر الأستاذ/ محمد سعيد العامودي يرحمه الله البقية الباقية من جيل الأدباء الرواد في الحجاز، وكثيرا ما قرأت في الصحف أسماءا نعت أصحابها بأنهم من الرواد أو من الرعيل الأول للأدباء وهم مع احترامي لهم ومحبتي ليسوا كذلك.
وقد رأيت وأنا أتحدث عن الأستاذ/ محمد سعيد العامودي أن أتحدث عن جيل الرواد هذا وأن أذكر أسماءهم بالتحديد لإيضاح الأمر من الناحية التاريخية على الأقل.
كان ظهور كتاب أدب الحجاز في سنة 1344 هـ وكتاب المعرض وكتاب خواطر مصرحة سنة 1345 كان ظهور هذه الكتب الثلاث هو البشير بظهور جيل الرواد في الأدب في الحجاز.
هذه الكتب الثلاث قام بإصدارها ونشرها معالي الشيخ محمد سرور الصبان يرحمه الله، أما الكتاب الأول فقد قدم فيه قصائد لتسعه من الشعراء، وأما الكتاب الثاني فكان سؤاله موجها إلى الأدباء، هل الأولى الالتزام في الكتابة باللغة العربية الفصحى أو الكتابة باللغة العامية، وكانت قد انتشرت الدعوة إلى الكتابة باللغة العامية بدعوى أن الناس أقدر على فهمها، وقد أجاب على هذا السؤال ثلاثة عشر كاتبا وكانت إجاباتهم كلها الإصرار والالتزام بالكتابة باللغة الفصحى التي هي لغة القرآن، وقد شارك في كتاب المعرض ثلاثة عشر كاتبا.
وأنقل هنا عن كتابي ملامح الحياة الاجتماعية في الحجاز الذي طبع طبعته الأولى في سنة 1401 هـ ما ذكرته عن الأدباء الذين اشتركوا في الكتابين "فإذا استثنينا الأسماء المكررة التي شارك بعض أصحابها في كتاب أدب الحجاز خلص لنا ثلاثة عشر أديبا بعضهم يجمع بين الشعر والنثر والبعض الآخر ينفرد بالكتابة دون الشعر وهؤلاء هم الطلائع الأولى التي كانت بشيرا بميلاد الأدب الحجازي الحديث وهم الذين أطلق عليهم فيما بعد اسم الرعيل الأول، بعضهم فرض اسمه على الحياة الأدبية إلى أن أسلم الروح كالأستاذ/ محمد حسن عواد يرحمه الله، وبعضهم لا يزال يعمل في صمت ودأب كالأستاذ/ محمد سعيد العامودي - أمد الله في عمره - وبعضهم استمر في العطاء طويلا ثم توقف، وأغلبهم فارق الحياة الدنيا وأصبح في ذمة التاريخ"
وفاة العامودي
توفي الأستاذ محمد سعيد العامودي يوم السبت الثاني من شعبان سنة 1411 هـ بعد مرض طويل وعن عمر يناهز الثامنة والثمانين عاما، وقد كان رائدا من رواد الأدب والفكر مجاهدا بقلمه داعيا إلى الله على بصيرة، وخلف وراءه من الآثار المطبوعة والمكتوبة ما ينبئ عن حياة حافلة بالفكر والعمل.
وأرجو أن يوفق الله تعالى أبناءه الكرام الأستاذ عمر، والأستاذ أحمد لإخراج ما ترك من آثار مخطوطة ونشرها لينتفع بها القراء والأدباء.
رحم الله محمد سعيد العامودي رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته ودار مغفرته ورضوانه.
يوجد له ترجمة مطولة في كتاب أعلام الحجاز، تأليف محمد علي مغربي الجزء الرابع – ص 232 - 240.