الشيخ عبد الله غازي المكي
ولد الشيخ الغازي سنة 1290 للهجرة كما ذكر ذلك الأستاذ عمر عبد الجبار في ترجمته له، وذكر الشيخ طاهر الكردي تاريخ ولادته سنة 1291 للهجرة وذكر الشيخ محمد نصيف أن الغازي وصل إلى الحجاز وهو ابن سبع سنين وتلقى العلم بمكة وبها نشأ.
وأيا كان الأمر فإن الشيخ الغازي بحكم نشأته بمكة وتعلمه بها، وقضاء حياته فيها يعتبر عالما من علماء البلد الحرام.
تلقى الغازي العلم في المدرسة الصولتية بمكة على أيدي الأساتذة الأفاضل من مدرسيها، وحفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب، وأم الناس في صلاة التراويح وهو ابن اثنتي عشرة سنة.
واجتمع بكثير من علماء عصره وأخذ الإجازة منهم على ما جرى به العرف في ذلك الزمان.
عمل الغازي بعد تخرجه أمينا لمكتبة المدرسة الصولتية بمكة فحببت إليه القراءة فعكف عليها واشتغل بها، وكان الرجل يعيش عيش الزاهدين يسكن في رباط بمكة يدعى رباط محمد باشا، أو رباط الحنابلة قرب باب الزيادة، جعل جزءا صغيرا منه مكانا لبيع الكحل، واتخذه كذلك مكانا مختارا للقراءة والتأليف.
فرغ الغازي نفسه بعد أن قرأ الكثير من كتب التاريخ مطبوعة ومخطوطة لكتابة تاريخ مكة المكرمة، فكان دائب الاشتغال بكتابة هذا التاريخ وجمعه وتنسيقه فاستوى له ما لم يستو لغيره حينما ألف كتابه الموسوعي عن تاريخ مكة الذي سماه "إفادة الأنام بأخبار البلد الحرام" استعرض في هذا الكتاب الضخم كلما كتبه المؤرخون عن مكة وقسمه إلى أبواب كثيرة تحدث فيها عن عمارة الكعبة المعظمة عبر التاريخ، وكذلك عن المسجد الحرام، وعماراته وما مر فيه من الحوادث والأحداث، وشملت أبواب الكتاب تفاصيل دقيقة عن كل ما يتعلق بالبيت المعظم والمسجد الحرام، عن الحجر الأسود، والميزان، وسقف البيت، والملتزم، والحجر وكسوة البيت، وعن المسجد الحرام ودار الندوة وزمزم، وأبواب المسجد الحرام ومنائره والمدارس والأربطة حوله، وسيول مكة وجبالها، وأسواقها، وآبارها والعيون التي جرت إليها، وعن كل ما يخطر ببال القارئ من تاريخ مكة عبر القرون، ولو أردت استعراض الأبواب التي يضمها الكتاب لطال بنا الحديث.
لذلك فإني أكتفي بوصف مجمل للكتاب.
كتاب إفادة الأنام مخطوط في سبع مجلدات
المجلد الأول: يقع في سبعمائة وثمان وأربعون صحيفة في كل صحيفة ستة عشر سطرا، وفي نهايته هوامش تتكون من خمس وثلاثين صفحة بعضها خال من الكتابة، وهذا المجلد يحتوي على مباحث تتعلق بالكعبة المعظمة والبيت الحرام وما وقع فيه من أحداث عبر التاريخ وعن حارات مكة وأسمائها مما لا يتسع المقام لتفصيله.
المجلد الثاني: ويقع في ستمائة وواحد وثمانين صحيفة في كل صحيفة اثني عشر سطرا، وفي نهايته هوامش تتكون من ثلاثين صحيفة بعضها خال من الكتابة.
وهذا المجلد يحتوي على مباحث تتعلق بأماكن المناسك كعرفة، ومزدلفة ومنى، كما يتحدث عن شعاب مكة، وضواحيها، وعن مقابر مكة والمدفونين بها من الصحابة والتابعين والعلماء وأعلام الرجال ومواضع دفنهم.
كما يتحدث عن العيون والبرك والمساقي والمطاهر، والأربطة والمدارس الموقوفة بمكة المكرمة، وأسماء مؤسسيها والموقوف عليها والأحداث التي وقعت في هذه الأوقاف عبر القرون، كما يتحدث عن سيول مكة، والأمطار التي نزلت عليها وتأثيرها على الناس في أوقاتها والعواصف والرعود، وما إلى ذلك عبر القرون.
كما يتحدث هذا المجلد عن الغلاء وأسعار الطعام والأوقات التي شح فيها وما إلى ذلك، ويتحدث كذلك عن الأوبئة والطواعين التي حصلت في الحجاز، ثم يتحدث عن قطع الطريق من قبل الأعراب وما يتعرض له الحجاج من النهب والفتك والقتال الذي وقع بسبب ذلك، وفي النهاية يتحدث المؤلف عن المكوس والضرائب التي فرضت على البضائع الواردة إلى جدة ومقدار جبايتها، وما كان يأخذه الملوك منها، وما يخص شريف مكة فيها.
المجلد الثالث: ويقع في أربعمائة وواحد وخمسين صحيفة يتكون بعضها من ثلاث عشر سطرا، والبعض الآخر من اثنتي عشر سطرا، ويتبع هذه الصفحات ملحقات وهوامش تتكون من مائة وسبعين صحيفة، وبخط يختلف عن الخط الذي كتب به الكتاب الأصلي، وفي هذه الملحقات تطرق المؤلف إلى مباحث أخرى تتعلق بتاريخ اليمن ونجد، والبحرين، وقبائل العرب وغيره مما يخرج عن تاريخ مكة والحجاز إلى تواريخ البلاد العربية المجاورة.
ويتحدث المجلد الثالث عن المحامل التي كانت تصل إلى مكة مع حجاج مصر والعراق والشام واليمن، والصدقات التي رتبها السلاطين والملوك لفقراء الحرمين، وعن حوادث أخرى متفرقة في مكة، ثم يتحدث المؤلف في هذا الجزء عن حج الملوك والسلاطين، وينتهي هذا المجلد بحج خديوي مصر عباس حلمي سنة 1327 هجرية وقدوم السلطان وحيد الدين آخر خلفاء سلاطين العثمانيين سنة 1341 للهجرة.
الجزء الرابع: ويقع في ثلاثمائة وثلاث وخمسين صحيفة كل صحيفة ثمانية عشر سطرا ويحتوي هذا الجزء على ولاية الشريف الحسين بن علي مكة من قبل الدولة العثمانية، ثم قيامه بالثورة عليها، وأحداث هذه الثورة، ويشتمل هذا الجزء على تاريخ الدولة الهاشمية في الحجاز إلى سنة 1342، وقد أتبع المؤلف هذا الجزء بخمس صفحات سجل فيها قصيدة شاعري الشام خير الدين الزركلي، وشفيق جبري، وكلتا القصيدتين موجهتان إلى الشريف الحسين بن علي بعد خروجه من الحجاز، وتولي السلطان عبد العزيز بن سعود العرش، ومطلع قصيدة الزركلي:
صبر العظيم على العظيم … جبار زمزم والحطيم
وهي قصيدة مشهورة، ومنشورة في ديوانه.
ومطلع قصيدة شفيق جبري:
ماذا جنيت فأنت اليوم مسلوب … تاج الملوك وأنت اليوم مغلوب
الجزء الخامس: يقع في ثلاثمائة وخمس وستين صحيفة كل صحيفة حوالي عشرين سطرا، ويضم بقية تاريخ الدولة الهاشمية في الحجاز وما أصدرته من نظم، كما يضم الخلاف بين الشريف الحسين والسلطان عبد العزيز، والحرب التي وقعت بينهما وتنازل الشريف الحسين عن العرش لابنه علي، ومغادرته جدة، وكذلك عن أحداث الحرب بين الشريف علي والسلطان عبد العزيز واتفاق الطرفين على تسليم البلاد للسلطان عبد العزيز، وما قامت به الحكومة السعودية من أعمال.
وينتهي الجزء الخامس بأحداث سنة 1349 للهجرة.
الجزء السادس: يقع في 735 صحيفة كل صحيفة فيها ستة عشر سطرا، ويتحدث هذا الجزء عن ولاة مكة من بعد فتح النبي صلوات الله وسلامه عليه لها، وولاتها في عهود الخلفاء الراشدين من بعده، وفي الخلافة الأموية والعباسية، كما يتحدث عن ولاة مكة من الأشراف، والحوادث التي وقعت بينهم، وكذلك عن الحوادث التي وقعت بمكة بين الأشراف، وجيوش الدول التي كانت تحكم الحجاز أو تتطلع لولايته كالمصريين والعثمانيين، وكذلك عن استيلاء الدولة السعودية الأولى على الحجاز، والحرب بينهم وبين محمد علي باشا والي مصر، والأحداث التي وقعت بعد ذلك في مكة في العهد العثماني.
وتنتهي بأخبار الانقلاب العثماني سنة 1326 للهجرة.
المجلد السابع: ويقع في سبعمائة وست وخمسين صحيفة تتكون كل صحيفة من ثمانية عشر سطرا، ويتحدث المؤلف في هذا الجزء عن حدود بلاد العرب وتقسيمها وقبائلها كما يتحدث عن بلاد اليمن وأوديتها وزراعتها، وحكامها من أول أئمة الزيدية، وأحداث اليمن السياسية مع الدولة العثمانية إلى أن يصل إلى الإمام يحيى حميد الدين، كما يتحدث عن السلطنات اليمنية واحتلال الإنجليز للمحميات التسع، ثم يتحدث عن أبها وبلاد عسير، وعلاقة آل عايض بالدولة السعودية، ودخول الجيش السعودي أبها في سنة 1340، ويتحدث المؤلف عن الأدارسة، وابتداء دولتهم والحرب التي وقعت بينهم وبين الدولة العثمانية، ثم انضمام الأدارسة إلى الدولة السعودية وتسليم البلاد لها، ويتحدث المؤلف بعد ذلك عن بلاد حضر موت وقبائلها وسكانها وأحوالهم، ثم يتحدث عن البحرين ومدنها واستخراج اللؤلؤ منها وحكامها والأحداث التي وقعت فيها، ثم يتحدث المؤلف عن الكويت وأحوالها وولاية آل الصباح لها، وما وقع بين أمراء آل الصباح، وطلب الشيخ مبارك الصباح الحماية الإنجليزية، والأحداث السياسية التي وقعت بها، ثم يتحدث المؤلف عن بلاد نجد وحائل وعن أمراء آل الرشيد والأحداث التي وقعت بينهم إلى حين استيلاء السلطان عبد العزيز بن سعود على حائل، ثم يتحدث المؤلف عن القصيم وعن مدن نجد وقراها وعن الاحساء والقطيف والعقير، ويتحدث المؤلف كذلك في هذا الجزء عن أمراء آل سعود والأحداث التي وقعت بينهم، واستيلاء آل الرشيد على الرياض وخروج الامام عبد الرحمن بن فيصل من نجد، ثم عودة النجديين إلى الرياض بقيادة الأمير الشاب عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، وانتصاره على آل الرشيد، وعن علاقة ابن سعود بالأتراك والانجليز.
ثم يعود المؤلف بعد ذلك فيتحدث عن العرب البائدة والعرب العاربة والمستعربة وعن عادات العرب في الجاهلية، وعن علوم العرب القديمة كالقيافة والفراسة وقص الأثر وما إلى ذلك.
ثم يتحدث المؤلف عن أسواق العرب، والأودية والجبال، ويعود المؤلف بعد ذلك للحديث عن طريق قوافل الحج من مصر، ومن دمشق ومن القدس الشريف، ومن صنعاء، ومن العراق، والرياض والكويت، ثم يتحدث عن طرق المدينة إلى مكة وطريق ينبع إلى مكة، والقبائل التي تسكن في هذه الطرق.
ثم يتحدث المؤلف عن سكان مكة بعد انتشار الإسلام من الأشراف والسادة والعائلات المشهورة.
ويتحدث كذلك عن أخبار مدينة جدة والأحداث التي وقعت بها، ثم يتحدث عن الطائف وقراه وحصونه ومساجده.
ويختم الكتاب بذكر من دفن بالطائف من الصحابة والفضلاء والأمراء، ويعتبر هذا المجلد السابع هو خاتمة موسوعة الشيخ عبد الله الغازي الكبيرة.
وفاة الشيخ عبد الله غازي
توفي الشيخ عبد الله الغازي سنة ألف وثلاثمائة وسبعة وخمسين، تغمده الله برحماته الواسعة.
ونختم الحديث عن كتاب إفادة الأنام راجين لمؤلفه الشيخ عبد الله غازي الرحمة والغفران، متمنيا أن تهتم جامعاتنا العزيزة بنشر مؤلفه الموسوعي الكبير وتحقيقه قريبا بإذن الله.
يوجد له ترجمة مطولة في كتاب أعلام الحجاز، تأليف محمد علي مغربي الجزء الرابع – ص 88 - 211.