الفقيه الأجلّ سيف السنة زين الحنبلية أحمد بن محمد بن عبد الله بن مسعود بن سالم البُرَيْهي ثم السكسكي ثم الكندي سكن في إبّ وأفضت إليه الرياسة فيها، جمع بين الزهد والورع والعلم والحديث، ارتحل إلى مكة وسمع فيها «صحيح مسلم» في سنة ثمانين وخمسمائة ورجع إلى مدينة إبّ ثم نزل الجَنَد، واجتمع إليه الأصحاب من ظُبا وذى أشرق والشعبانية وأعمال الجَنَد وغير ذلك، فأسمعهم إياه في رجب بمدينة الجَنَد، سنة إحدى وثمانين وخمسمائة.
ويقال أنه وردت إليه مسألة نازلة، فيمن حلف على مال امرئ مسلم فاقتطعه متعمداً، أو على أمر لم يكن، وقد كان متعمداً لذلك. فأجاب فيها: أن ليس عليه إلا الكفارة فقط. وخالفه فيها الفقيه محمد بن أحمد بن عمر، فتنازعا في ذلك، فيقال أن الفقيه أجاز أصحابه كلهم دونه، ولهذا الفقيه قصائد في الزهد وغيره.
فمن قصيدة له قوله:
ألا لصُ عقلي في التشاغل سارقُ … وقد جاءني بالنعى في النوم طارقُ
أتى منذراً لي بارقُ الموت منذراً … وكل سحاب ممطر فيه بارق
وله أيضاً:
أترجو وقد جاوزت ستين حجةً … لّذاذةَ عيشٍ إن ذاك من الجهلِ
يُريك الهوى أن القُوى فيك كالقُوى … بمقتبلٍ غضّ الشبيبة أو كهلِ
وله أيضاً أيام هُدمت أب:
خليلي من ذا في الدنا عيشه طابا … فلا تحزنا إن ناب إبّ الذي نابا
فأدم في الفردوس ما طاب عيشه … ولا طاب في الدنيا وإن كان قد تابا
وتفقه به ابنه إسماعيل بن أحمد، ومحمد بن علي بن أسعد المخائي وغيرهما.
طبقات فقهاء اليمن، تأليف: عمر بن علي بن سمرة الجعدي ص: 190-191