السنوسي (1318 - 1385 هـ) (1901 - 1965 م)
زين العابدين ابن الشيخ محمد بن عثمان السنوسي، الاديب الكاتب، الصحفي، مؤرخ الادب التونسي. ولد في 16 نوفمبر 1901 بسيدي أبي سعيد من ضواحي تونس الشمالية، مات والده وتركه رضيعا فاعتنت أمه بتربيته وكانت امرأة ذكية عندها ثقافة بسيطة فلقنته مبادئ اللغة العربية ومبادئ اللغة الفرنسية، وقسطا من القرآن والفقه، ثم دخل الكتاب، وبعد ذلك التحق بالفرع الابتدائي للمدرسة الصادقية فأحرز على الشهادة الابتدائية سنة 1332/ 1916 ثم تابع دراسته بالفرع الثانوي بها عاما واحدا، وبعدها التحق بجامع الزيتونة فيما بين عام 1334/ 1917 وعام 1337/ 1920 ولم يستوف به أمد الدراسة المقرر للاحراز على شهادة التطويع، وأقبل بنهم على المطالعة والتفرغ إلى الأعمال الادبية والصحافية، وكان من الاعضاء المؤسسين للجمعية الزيتونية ومجلتها «البدر» وكان مغامرا شجاعا في سبيل خدمة الأدب ونشر أفكاره. فأسس مطبعة العرب بنهج السيدة عجولة في محرم /1341 أوت 1922 بالرغم من قلة ذات يده فقد ضحى بمصوغ وأثاث زوجته بنت أحمد باشا باي الثاني الملك فيما بعد، واذا عرفنا قلة القراء في ذلك العصر، ومقاومة السلطة الاستعمارية للمنشورات العربية قدرنا مغامرته ونضاله في سبيل خدمة أدب لغة الضاد. وقد تحيل على المنع القانوني فأصدر نشرة شهرية سماها «العرب» على غرار مجلة «البدر» منعت الحكومة رواجها ابتداء من العدد الرابع. وقد نشر في هذه المطبعة كثيرا من المؤلفات والرسائل لمؤلفين تونسيين مغمورين وحتى لبعض أدباء المغرب الاقصى، وبواسطة هذه المطبعة استطاع أن يطبع وينشر مجلة «العالم الادبي» التي كتب فيها الكتاب والشعراء المشهورون إذ ذاك.
وبالجملة فإن هذه المطبعة لعبت دورا هاما في الحياة الادبية بتونس فيما بين الحربين العالميتين، وقد بذل نشاطا خارقا لخدمة الادب ونشره وضحى في سبيله بالمال والراحة والتحيل على القوانين الجائرة لحكومة الحماية.
بعد تجربته في مطبعة العرب عزم على جمع منتخبات تونسية لادباء عصره تكون تكملة لمجمع الدواوين من تآليف والده وسماها «الادب التونسي في القرن الرابع عشر»، وقام برحلة واسعة في بلدان الجمهورية صحبة الشاعر الشاذلي خزنة دار للبحث عن مادة تأليفه، وجعل من هذه المادة تغذية للصفحة الادبية بجريدة «النهضة» من سنة 1927 قبل أن يصبح المسئول عن هذه الصفحة الادبية، وعند ما لطفت الحكومة من شدة قوانين الصحافة في 1929 تحصل على رخصة مجلة عنوانها «الواردات والصادرات» التي غير اسمها إلى «العالم» وأصدر منها عددين، وبعد سحب الرخصة بادر بنشر مجلة «العالم الادبي» قبل أن يتحصل على ترخيص الحكومة الذي لم يمنح له إلا في السنة الوالية (مارس 1931)، واغتنم فرصة وصول الواجهة الشعبية للحكم بفرنسا والتسهيلات التي تحصل عليها مدير والصحف أصدر جريدة تونس وهي سياسية عام 1355/ 1936 التي حملت مشعل النضال لفترة حالكة مدلهمة إلى أن صدر قرار بتعطيلها بعد أحداث 9 أفريل 1938 الدامية في 21 أوت 1939 للهجتها الثورية، ثم عادت إلى الظهور في جوان 1948 ولم تحد عن سالف عهدها إلى أن عطلتها السلطة نهائيا في 13 فيفريه 51 إبان المعركة الوطنية الحاسمة الأخيرة.
والمترجم كاتب صحفي جم النشاط، متنوع الانتاج، يجيد الكتابة في المقال السياسي، والتاريخ، والدراسة الادبية وقد كتب في مجلة «البدر» وجريدة «الزهرة» «والنهضة»، و «الحرية»، ومجلات «المباحث» و «العالم الادبي» و «الندوة» و «الفكر» وجريدتي «الصباح» و «العمل».
وفي أثناء الحرب العالمية الثانية عند احتلال جيوش المحور للبلاد التونسية ترك كل نشاط لكن الأحداث بدلت مجرى حياته إذ التمس منه الألمان الاشراف على تحرير صحيفة عربية يريدون نشرها للدعاية وكان الالمان قد استولوا على مطبعة جريدة «البتي ماتان» التي كان مالكها يهوديا (جاك شمّامة) فشرط عليهم إعلان استقلال تونس بعد الحرب، ولم يكن الالمان متعودين بقبول الشروط بل تعودوا على أن يأمروا فيطاعوا، وحملوه في طيارة منفيا إلى رومة في سنة 1943، وحكم عليه الطليان بالإقامة قريبا من معسكر حرره الحلفاء لكن عند ارسائه بمدينة بنزرت في 7 جويلية 1945 أوقفته السلطة الفرنسية بتهمة التعاون مع العدو واعتقلته ولبث بالسجن أكثر من عام وتعالت أصوات الكتاب بإطلاق سراحه، فأطلق سراحه ووضع تحت الرقابة إلى سنة 1947.
وفي مدة إقامته بإيطاليا أتقن اللغة الايطالية، وتعرف ببعض المستشرقين فيها مثل أتورى روسي، وكان يكن له تقديرا كبيرا ويثني على أخلاقه وعلمه، وقام ببحوث في الوثائق، ومن جملة ما ظفر به هناك ديوان ابن حمديس في طبعته الايطالية.
وبعد الاستقلال قل نشاطه لكنه لم ينقطع عن الكتابة في الصحف والمجلات، والعكوف على المطالعة والبحث بمكتبته الثرية، وانتج مؤلفات حدث عنها أصدقاؤه.
وهذا الكاتب المناضل المنتج دوامة من النشاط والعمل إلى أن فارق الحياة في 27 ماي 1965 لانسداد في العروق.
مؤلفاته:
أبو القاسم الشابي حياته أدبه (تونس 1956) ص 69.
بنت قصر الجم، قصة طويلة وضعها عام 1944 أيام نفيه بإيطاليا، وهي تصور آخر مقاومة مسيحية للفتح الإسلامي قضي عليها بافريقية.
الدستور التونسي (تونس 1955) 208 ص. يبتدئ بفترة عهد الأمان
وينتهي بإحراز تونس على استقلالها الداخلي عام 1955، وهو يحتوي على مجموعة من الوثائق التاريخية كنص قانون عهد الأمان ومعاهدة باردو، واتفاقية المرسى، والمذكرة التونسية المرفوعة إلى الحكومة الفرنسية (10/ 1951/31)، ومذكرة غرة سبتمبر 1951، ولائحة مؤتمر جانفي 1952.
الشاذلي خزنة دار أمير شعراء تونس.
شعراء القيروان (جمع وتعليق) جمعه من «الوافي بالوفيات» للصفدي وما ذكره من نقول عن «أنموذج الزمان» لابن رشيق، طالع الوافي بالوفيات بالمكتبة العبدلية الزيتونية، وعلق عليه وطبعت بمطبعة العرب، لكن الظروف لم تساعده على خروج هذا العمل إلى عالم النشر، ونشره بعد وفاته الأستاذ أبو القاسم كرو في سنة 1971 جمع جزءا هاما من هذا الكتاب، وقد احتوى على 27 ترجمة من شعراء القيروان من ص 9 إلى ص 44 وقدم للكتاب الأستاد كرو وفهرسه وأصدره ضمن سلسلة منشوراته «تراثنا».
محمد بيرم الخامس (تونس 1952) 48 ص.
محمود قابادو (تونس 1952) 48 ص.
فتح افريقية أو عبد الله بن الزبير وابنة جرجير، قصة تاريخية في ثلاثة فصول في 83 ص (تونس بلا تاريخ).
الوطنية في شعر ابن حمديس (تونس 1952) 64 ص ألفها حينما كان منفيا بإيطاليا سنتي 43 - 44.
الأدب التونسي في القرن الرابع عشر 2 جزءان (تونس الأول عام 1927 والثاني عام 1928) وأعيد طبعه في تونس 1977
التقويم الاجتماعي التونسي (تونس 1925).
في حضارة الأندلس (تونس 1930) ترجمه إلى الفرنسية جان تارو وكلود فرار.
محرز بن خلف، تقديم وتعليق أحمد الطويلي (تونس 1401/ 1981) مشى في هذا الكتاب على أن محرز بن خلف تزعم الثورة ضد المشارقة بالمعنى الاصطلاحي لا اللغوي (في الاصطلاح الافريقي المشارقة في عصر العبيديين والعصر الزيري الصنهاجي هم الشيعة الاسماعيلية سواء كانوا من أصل مشرقي أو مغربي) انتصارا للقومية المغربية، وهو يتغنى بالأمجاد الافريقية القديمة كالحضارة القرطاجنية التي وقف يندب أطلالها. وفي تفسير هذه المواقف تجن على الحقيقة والتاريخ مما يطول بيانه، ومحاولة جعل محرز بن خلف كأنه من رجال العصر الحديث لا توافق الواقع ولا مسار التاريخ لأن فكرة القومية فكرة جديدة لا يعرفها الشيخ محرز بن خلف، والشيخ محرز لم يكن زعيما وطنيا، وإنما كان رجلا صالحا عالما عاملا تزعم الثورة على المشارقة في مدينة تونس، وكان الجو العام مهيأ للتخلص من هذه الطائفة وإزالة نفوذها من الدولة والحياة العامة، وقد أعد الوسائل، ونبه الأذهان لتقبل هذه الخطوة المعز بن باديس الزيري الصنهاجي، وتخلص في النهاية من التبعية للدولة الفاطمية، فالصراع في حقيقته صراع مذهبي لا قومي، وأي مشارقة يعني في ذلك التاريخ السحيق؟ من المعلوم أن الدولة الزيرية الصنهاجية بربرية الأصل اعتمدت في تسيير شئونها بالدرجة الأولى على أبناء البلاد فلا وجود للمشارقة إلا في إطار الاصطلاح المذهبي. ولا يكون تفسير أحداث التاريخ حسب الهوى والغرض وإن خالف الواقع، ولا بإصباغ نظرة عصرية عليها لم يكن أهل ذلك العصر يتصورونها ولا تجول بخاطرهم.
ولعل هذا الكتاب أضعف كتبه وأبعدها عن المنهج العلمي الرزين.
ومن مؤلفاته التي لم تطبع تاريخ الأدب التونسي في نحو 20 جزءا وقد استغرق منه سنوات عديدة في الجمع والتنسيق
كتاب تراجم المؤلفين التونسيين - الجزء الثالث - صفحة 65 - للكاتب محمد محفوظ