محمد الرحبي
شاب تردى ببرود الفضائل، وتوشح بوشاح الأدب وحسن الخصائل، مشمول الأوصاف بالكمال. وهلال الألطاف بالليال.
فهو الفريد المعروف بقوة إدراكه وفهمه، والوحيد الموصوف بجودة ذكائه وعلمه.
إن أجرى قلمه في حلبة الأدب فله الحجة القاطعة، وإن أجرى خيول كماله في ذلك الميدان فله الرتبة الشاسعة. فعلمه يغني عن سح القطر وهطل الغمام، ووجهه يحكي في إشراقه ضياء النجوم وبدر التمام.
فهو من العلم في المكان النجد، كأنه قد خلق من محض المكارم والمجد. مقصد في الأدب واللطف، يسعى إليه الحافر والخف. فهو أمير الكلام، الذي استخدم المحابر والأقلام.
أخذ علم القراءة مع حفظ القرآن عن الشيخ ابراهيم الموصلي
فكان في هذا العلم صاحب البرهان القاطع، والنور الساطع الجلي.
ثم قرأ على العلامة صبغة الله بن حيدر، وحاز من فضائل كمالاته كل مكرمة ومفخر. وأجازه بالتدريس، ذلك الفاضل الرئيس.
وكانت لي معه اخوة، قد صادقته أيام الشباب والفتوة.
وعاشرته برهة من الزمان، إلى أن دخل في خبر كان.
لبس الفخر فالمكارم في أطواقه... والعفاف في أذياله
شيم لم تكن لغير أبيه ... وأخيه واقرباه وآله
مات وماء الشباب من وجنته يقطر، وشآبيب الرحمة على مرقده تمطر
كتاب الروض النضر في ترجمة ادباء العصر-الجزء الثالث-عصام الدين عثمان بن علي بن مراد العمري-82-83