الدكتور محمد خالد خاشقجي
معتدل القامة، معتدل الجسم، أبيض الوجه تشوب بياضه حمرة خفيفة، واسع العينين يطلق لحيته ويعفي عارضيه، أنيس المحضر، ذكي لماح، يجمع بين دقة العالم وانطلاقة الفنان.
نشأته وتعليمه
ولد الدكتور محمد خالد خاشقجي بالمدينة المنورة عام 1309 هجرية وتلقى تعليمه الابتدائي بالمدينة المنورة وتوفي أبوه وهو طفل فكفله أخوة الأكبر عبد الله الخاشقجي ابن محتسب المدينة المنورة وفي أوائل الثلاثينات قام حزب الاتحاد التركي العثماني بنفي أربعين رجلا من أعيان المدينة المنورة إلى الأناضول وكان من بين هؤلاء الرجال عبد الله الخاشقجي الذي كان أبوه من أبرز رجال العهد السلطاني في المدينة المنورة والذي قامت على أنقاضه حكومة حزب الاتحاد والترقي، وأبى محمد خاشقجي أن يترك أخاه الأكبر الذي يحبه الحب كله والذي أحل محمدا محل الابن فكان له الوالد والأخ الأكبر أبي محمد خاشقجي أن يترك هذا الأخ يذهب وحيدا إلى منفاه البعيد في الأناضول فأصر على مرافقته للقيام على خدمة أخيه وإيناسه في منفاه القصي، وكان هذا المنفى الاختياري مصدر خير وبركة للصبي الصغير إذ أتاح له فرصة التزود من العلم الذي كان يفتقر إليه والتي كانت مدارس الحجاز محرومة منه في ذلك العهد، إذ كان التعليم في مدارس الحجاز لا يتعدى المرحلة الابتدائية، فالتحق هناك بمدرسة السلطنة ليتم دراسته الثانوية وبعد إتمام دراسته الثانوية رغب في مزيد من العلم فاتجه بذهنه وقلبه إلى الطب فسافر من ازمير إلى دمشق والتحق بمعهد الطب هناك وفي هذا المعهد تعرف إلى كثير من زملائه الشباب العرب من العراق والشام ومصر وكانت حياته في المعهد حياة جادة وكانت إمكانياته قليلة محدودة وكان يعمل ليلا لدى أحد تجار دمشق ليستعين على دراسته نهارا بالكلية هناك، حدث عن نفسه فقال كانت لدي بدلتان إحداهما ثقيلة للشتاء والأخرى خفيفة للصيف وكنت أسكن مع زملائي من طلاب الكلية في مسكن مشترك وكان طعامنا متواضعا كما كانت معيشتنا متواضعة، ولم يكن لنا من هدف سوى العلم والعلم وحده وكان يعرف أن بلاده مفتقرة إلى الطب قبل كل شيء فكان أول طبيب من المدينة المنورة تخرج من معهد الطب في دمشق وأصبح جراحا مناوبا في المستشفى العام هناك وتخرج منه بامتياز، وبعد التخرج عاد إلى البلاد.
ماضي الطب في الحجاز
وأود أن أذكر هنا شيئا عن ماضي الطب في الحجاز في هذا العهد الذي سبق ظهور أول طبيب سعودي وعودته إلى بلاده، كانت مدينة جدة ليس فيها إلا المستشفى العام وفيه طبيب أو اثنان، وكان هناك مستشفى الكورنتينة – المحجر الصحي - وهو خاص بالبواخر التي تصل إلى ميناء جدة للتأكد من عدم وجود أمراض وبائية في السفن القادمة إلى جدة ولست في حاجة لأن أقول أن إمكانيات المستشفى الحكومي الوحيد بتجهيزاته البسيطة كانت أقل كثيرا من حاجة المدينة وكانت سفارات الدول الأجنبية تقوم بفتح مستوصفات أو عيادات لاستقبال مرضى رعاياهم الموجودين في البلاد، فكان هناك مستوصف السفارة الإنجليزية الذي يقوم على حساب حكومة الهند - التي كانت إذ ذاك مستعمرة بريطانية - وكان يديره طبيب هندي يرافقه صيدلي، وكانت هناك عيادة السفارة الهولندية التي تقوم على حساب حكومة جاوة التي كانت مستعمرة هولندية ويديرها طبيب جاوى وصيدلي، ثم قامت حكومة إيطاليا بفتح عيادة لها في جدة بعد احتلال ليبيا وكان يدير هذه العيادة طبيب إيطالي، كما كانت هناك عيادة روسية حينما كانت روسيا ممثلة دبلوماسيا في جدة ويدير هذه العيادة طبيب وصيدلي روسي، وآخر هؤلاء الأطباء الدكتور عبد الرحمن الطبيب الروسي الذي أسلم فيما بعد، وكان الناس يترددون بكثرة على هذه العيادات طلبا للعلاج، وفي مكة والمدينة كانت هناك المستشفيات الحكومية على النمط الذي وصفناه سابقا كما كانت هناك مستوصفات التكية المصرية وكانت تقوم بنفس الغرض، أما العمليات وما إليها فلم تكن محل تفكير المرضى في ذلك الوقت فإذا كان المريض يحتاج إلى عملية جراحية سافر إلى مصر أو السودان أو أسمرة ليجريها في المستشفيات الموجودة هناك، هكذا كان الحال في الأربعينات من هذا القرن الهجري وكان الموسرون من الناس يستقدمون هؤلاء الأطباء إلى دورهم ويجزلون لهم الأجر، لأن الفحص والدواء في هذه العيادات مجاني، وكان الأحرار من المواطنين يشعرون بهذا النقص ويأسون له اشد الأسى ولكن هذه هي إمكانيات البلاد في أوائل العهد السعودي في الأربعينات وقد تطور الأمر فيما بعد إلى الأحسن حينما قام الدكتور خالد إدريس بفتح عيادته في جدة وكان قد قدم طبيبا في عيادة أمريكية تابعة للسفارة الأمريكية، كما قدم بعض الأطباء اللبنانيين إلى جدة وقاموا بفتح المستشفى اللبناني في جدة وقامت المستشفيات الحكومية في نفس الوقت بإدخال كثير من التحسينات على الخدمات الطبية.
الطبيب الجراح
في هذا العهد الذي وصفناه كان قدوم الدكتور محمد خاشقجي بعد تخرجه طبيبا جراحا فكانت فرحة الناس به فرحة عامة خاصة بعدما رأوا من نجاحه الباهر في إجراء العمليات الجراحية، لقد أذن الله للبلاد أخيرا بأن يكون فيها طبيب من أبنائها يعرفه الناس ويعرف هو الناس فيتفانى في خدمتهم ليل نهار، ولقد رأيت الدكتور الخاشقجي في أوائل الخمسينات وهو يعمل جراحا بالمستشفى العام بمكة المكرمة مستفيض الشهرة، يحسن استقبال الناس ويعاملهم معاملة كريمة طيبة فيجد منهم الحب كل الحب والثناء كل الثناء، ولقد عمل الدكتور خاشقجي مديرا للصحة في جدة وطبيبا أول جراحا في مستشفاها كما عمل في المستشفى العام بمكة المكرمة جراحا وكان يجري عملياته حيثما يكون في مدن المملكة في المدينة المنورة أو الرياض أو الطائف وما هو إلا أن عينه جلالة الملك عبد العزيز طبيبا جراحا له يرافقه حيثما حل أو ارتحل بين مدن المملكة.
الدكتور يوسف عز الدين حسنين
وأود للتاريخ أن أذكر أن هناك طبيبا مكيا آخر ظهر في هذا العهد ونال من الشهرة والنجاح بمقدار ما نال الدكتور الخاشقجي الا أنه لم يبق في البلاد فرحل عنها بعد فترة قصيرة.
هذا الطبيب هو الدكتور يوسف عز الدين حسنين وهو من أبناء مكة الكرمة وأبوه كان الصيدلي الوحيد في مكة واسم صيدليته، صيدلية حسنين على اسم الأسرة وقد أدركت هذه الصيدلية يديرها شفيق الدكتور يوسف عز الدين وكانت داخل المشعر الحرام قرب المروة وكان المشعر كله من الصفا إلى المروة سوقا من أهم أسواق مكة الكرمة وكانت به أشهر المباني وأكبرها ثم هدمت جميعها وأدخلت في التوسعة السعودية الأولى للمسجد الحرام وأصبح المشعر الآن جزا من الحرم، ليس بداخله إلا الساعون بين الصفا والمروة، ونعود بعد هذا الاستطراد إلى الدكتور يوسف عز الدين فنقول إنه كان كذلك في أوائل الخمسينات يعمل طبيبا جراحا في مكة الكرمة والطائف ولكن لم تطل إقامته بالمملكة فهاجر إلى الأردن وإلى سوريا أو غيرها من بلاد الله وهنا يظهر فضل الدكتور الخاشقجي الذى لم يبال بما صادفه من عقبات أو مضايقات لم يألفها فاستمر يعمل في مستشفيات المملكة كالجندي في المعركة لأنه وجد أن بلاده مفتقرة إلى علمه وعمله فتفانى في أداء واجبه واهبا وقته كله لتطبيب المرضى وإسعافهم حيثما كانوا.
التخصص في الأشعة
وفى الخمسينات حضر إلى الحجاز زعيم مصر الاقتصادي محمد طلعت حرب للحج مفتتحا خطا جويا لشركة مصر للطيران بين القاهرة وجدة لخدمة الحجاج المصريين وكذلك خطا آخر بحريا للبواخر الكبيرة التي تنقل الحجاج فأهدى إلى الدولة أول جهاز للأشعة، وكان هذا الجهاز يحتاج إلى أخصائيين للاستفادة منه وهنا ظهر طموح الدكتور الخاشقجي فطلب من جلالة الملك عبد العزيز انتدابه إلى باريس للتخصص في العلاج بالأشعة ولقد وافق جلالة الملك عبد العزيز فتم ابتعاث الدكتور الخاشقجى إلى باريس لهذه الغاية وبقي هناك حتى أتم دراسته الجديدة ولم يعد إلى بلاده إلا وقد تعاقد على شراء جهاز كبير للأشعة يستعمله في عيادته الخاصة.
كهرباء الخاشقجي
ولم يكتف الخاشقجى بهذا فالجهاز يحتاج إلى القوة الكهربائية لتشغيله والبلاد لم تدخلها الإضاءة الكهربائية إلا في بعض البيوت الخاصة فاشترى مولدات ضخمة لتوفير القوة الكهربائية لا لجهاز الأشعة وحده وإنما لتوفير الإضاءة للمنطقة التي يوضع بها جهاز الأشعة وهكذا ظهرت موهبة الدكتور الخاشقجى التجارية بوضوح فهو يعرف كيف يستفيد من الفرص المتاحة له بذكاء وإقدام، لقد تخطى العقبات التي وقفت في سبيل تعليمه فتعلم وتخطى العقبات حتى أصبح طبيبا شهيرا وتخطى الصعاب حينما آثر البقاء في البلاد على العيش الخفيض في بلد آخر، وأخيرا تخطى الصعاب حينما طمح إلى تخصص جديد يعد الأول من نوعه في البلاد ولم يكتف به بل أدخل الإضاءة الكهربائية إلى منطقة ولو كانت محدودة من مكة الكرمة، نعم لقد استأجر الدكتور الخاشقجى عمارة جديدة أقامها الأشراف في القشاشية بالقرب من المسجد الحرام فجعلها عيادة لأشعته التي تخدم البلد في هذا المجال من الطب وكان لديه الفائض الكثير من القوة الكهربائية فتقدم إليه الناس بطلب الإضاءة، فأضاء شارع القشاشية كله ولعله ربح من هذه الإضاءة أكثر مما ربح من عمل الأشعة، وأكرر هنا أن الربح الحلال لا يغض من قيمة العمل النافع بل هو مدعاة لاستمراره وتحسينه، إن عملية إضاءة حوانيت شارع هام من شوارع مكة المكرمة بالقرب من المسجد الحرام يعتبر في ذاك الوقت عملا حضاريا مهما كان محدودا، فإذا كان الرجل الذي أقدم على هذا المشروع ليس تاجرا وإنما هو طبيب جراح أو دكتور أشعة كانت نظرة التقدير إلى عمله أكبر وإذا كان هو قد استفاد فإن الحي الذى أدخلت إليه الكهرباء قد استفاد كذلك فالنفعة متبادلة والفضل للرجل المبدع الذي استطاع أن يوفر المنفعة حين الحاجة إليها.
علاج الطحال بالأشعة
هل قنع الدكتور الخاشقجى بما أحرز من نجاح كطبيب جراح وكطبيب أشعة وبما تدره عليه عيادة الأشعة وبيع الكهرباء؟ كلا إن الرجل لم ينس قط أنه طبيب والطبيب الحاذق يستزيد من المعرفة كل يوم فهو يتابع أحدث ما توصل إليه الطب أولا بأول، وإن لم يفعل هذا فإنه يتجمد عندما وصل إليه علمه ويتخطاه الآخرون، يقول الدكتور الخاشقجى من خلال الممارسة الكثيفة للتثسخيص بالأشعة جمعت خبرة ومعلومات دونتها في رسالة بعنوان معالجة الطحال المتضخم نتيجة الملاريا المزمنة بأشعة إكس، والملاريا كما هو معلوم منتشرة في كثير من البلاد الحارة من العالم وكان يعمد في حالتها القصوى إلى إجراء عمليات جراحية لاستئصال الطحال وكان الهدف من الرسالة هو الدعوة إلى علاجها بالأشعة.
عضو الجمعية الوطنية الفرنسية للعلاج
ووجدت الرسالة ما تستحقه من تقدير فعينت الجمعية الفرنسية الوطنية للعلاج صاحبها عضوا من أعضائها وهو نصر علمي يضاف إلى أمجاد الدكتور الخاشقجى ويستحقه كل الاستحقاق.
تكريم الوطن
وما أن ترامى هذا التقدير الفرنسي لطبيبنا الكبير إلى أسماع المواطنين حتى قامت حفلات التكريم له بعد وصوله إلى أرض الوطن فأقام له أعيان مكة الكرمة من آل الشيبي وشطا والقزاز وسواهم من المواطنين حفل تكريم بمدينة الطائف تقديرا لجهوده العلمية واعتزازا بالطبيب السعودي الناجح كما أقام له أهل المدينة المنورة حفل تكريم حافل حين وصوله إليها في شعبان عام 1357 هـ للعمل في مستشفاها.
سكرتير وزارة الصحة
وحين تم إحداث أول وزارة للصحة في المملكة كان وزيرها الأول هو صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله الفيصل وفي عهد سموه بدأت النهضة الصحية في البلاد إذا جاز هذا التعبير فتوسعت الحكومة في فتح المستشفيات في المدن وكان إن ابتعث سموه الدكتور الخاشقجى أول سكرتير لوزارة الصحة إلى مصر للتعاقد مع الأطباء ولم يعد من هناك إلا وقد تعاقد على استقدام خمسين طبيبا للعمل في مستشفيات الملكة مع ما يتبعهم من ممرضات وتجهيزات طبية وهكذا ساهم الدكتور الخاشقجى بخبرته في تأسيس الكيان الطبي وترسيخه في البلاد حينما أصبحت الظروف مواتية لتحقيق ذلك.
مصنع الجبس
وحينما رأى الدكتور خاشقجى أنه قد آن الأوان لإنشاء صناعات وطنية في البلاد بادر مع قيام النهضة العمرانية في المملكة إلى السعي للحصول على إنشاء مصنع للجبس واستثماره في مدينة الرياض لمدة خمسين عاما وأسس لهذا الغرض شركة الجبس الأهلية وتولى إدارتها وقد نجحت صناعة الجبس في المملكة وأخذت تسد نقصا كبيرا فقد كانت البلاد تستورد احتياجاتها من هذه المادة من الخارج فقام هذا المصنع بسد جزء كبير من استهلاك البلاد المحلي، ولم يقتصر عمل المصنع على صناعة الجبس وإنما عمد إلى تصنيع الجبس في أشكال زخرفية تزين بهما المباني وقد نجحت هذه الصناعة كذلك وأصبح الكثير من القصور والدارات تزين بها كما أن صناعة الجبس شقت طريقها إلى أسواق دول الخليج العربي جميعا وإلى بعض الدول العربية المجاورة كالسودان وهكذا لم يقف نشاط الدكتور الخاشقجى عند مهنة الطب التي أتقنها ونجح فيها وإنما تجاوزها بطموحه وتطلعاته إلى مجالات أخرى تفتقر إليها البلاد وقد ظل الدكتور الخاشقجي يدير شركة الجبس الأهلية ويشرف على أعمالها إلى أن اشتد ساعدها فتركها مكتفيا بالاشتراك في مجلس إدارتها وظل كذلك إلى أن توفاه الله.
تقاعد الدكتور الخاشقجي
هذا وقد هاجر الدكتور الخاشقجى بأسرته الخاصة بعد أن تقاعد عن العمل لعلو سنه وبعد أن رأى الدكتور من أبنائه من يمارسون نشاطهم الكبير فيها فهاجر إلى لبنان ولكنه ظل دائما متصلا بوطنه الأم وبعد أن نشبت الحرب الأهلية في لبنان انتقل إلى بريطانيا فكان يفد إلى مكة الكرمة والمدينة المنورة في شهر رمضان من كل عام للاعتمار وقضاء بعض الأيام في المدينة المنورة كما كان يحضر ببعض أفراد أسرته للحج في كل عام وكان منزله في لندن وبيروت غاصا بالضيوف من الأهل والأصدقاء كل يوم فلقد كان رحمه الله مطبوعا على الكرم وحسن الخلق وكان أنيس المحضر متدينا حتى وهو في أوج شبابه حينما كان يدرس الطب في فرنسا، حدثني معالى الشيخ محمد رضا كيف قرأ لهم الدكتور الخاشقجى السيرة النبوية في باريس، قالوا حضر الحاج محمد علي زينل رضا رحمه الله إلى باريس يوم كان يباشر أعماله العظيمة في تجارة اللؤلؤ هناك وجاء الدكتور الخاشقجي للسلام عليه فأراد أن يضيفه فقال أنه صائم وأعجب الرجل العظيم بالشاب المدني الذى يصوم في باريس. وربما كان هذا الصيام تطوعا فأحبه وما هي إلا أيام حتى حل الموعد السنوي لذكرى ولادة النبي - ﷺ - فأقام الحاج محمد علي رحمه الله حفلا بهذه المناسبة دعى فيه الدكتور الخاشقجى إلى تلاوة السيرة النبوية بمناسبة المولد فاستجاب لذلك مسرورا رحمهما الله جميعا.
وفاة الدكتور الخاشقجي
هذا وقد حضر الدكتور الخاشقجى بأسرته إلى مكة الكرمة في حج عام 1398 هـ ولكنه شعر بأعراض المرض وبحكم خبرته كطبيب أدرك أنه محتاج إلى عملية جراحية ولكنه طلب حضور جميع أبنائه وبناته واجتمع شمل الأسرة كلها في الرياض والتفوا من حوله قالوا: وكان يشعر أنها النهاية وبالفعل فقد أسلم الروح بعد إجراء تلك العملية الخطيرة له يوم 19 ذي الحجة 1398 هـ ونقل جثمانه إلى مسقط رأسه بالمدينة المنورة فصلى عييه في المسجد النبوي الشريف ودفن في مقبرة البقيع مأسوفا عليه من أهله ومن محبيه وعارفي فضله وما أكثرهم.
رحمه الله رحمة واسعة فلقد كان رجلا عظيما أحب بلاده وأمته فسعى في سبيلهما ما وسعه السعي فكان طبيبا عظيما وإداريا حازما واقتصاديا كبيرا.
تغمده الله برحمته الواسعة وأحسن جزاءه في عليين.
أعلام الحجاز، تأليف محمد علي مغربي الجزء الأول – ص 196 - 206.