ابن الخوجة (1286 - 1363 هـ) (1870 - 1943 م)
محمد ابن الشيخ محمد البشير ابن شيخ الإسلام محمد بن الخوجة، المؤرخ الموسوعي المعارف.
ولد بمدينة تونس، ينحدر من أسرة ارستقراطية ذات علم ونبل من أشهر بيوت الحنفية بتونس، وكان والده له عناية بتاريخ تونس الحديث فشب الابن مقتديا بوالده. بعد أن تعلم القرآن في الكتاب دخل المدرسة الصادقية ضمن الرعيل الثاني من طلابها، ولما وصل إلى أقسامها النهائية انتصبت الحماية الفرنسية، فكان في عداد من نقل من المدرسة الصادقية إلى المدرسة العلوية لتكوين معلمين يعلمون مبادئ اللغة الفرنسية في المدارس العربية الفرنسية، ولكنه آثر الحياة الادارية ائتساء بالفوج الأول من خريجي المدرسة الصادقية، ودخل الادارة سنة 1304 - 1887 بصفة مترجم بالكتابة العامة، وكلف من أول الأمر بخدمة المحاسبات الادارية تحت رئاسة صديقه خريج الفوج الأول من المدرسة الصادقية وزعيم شبابها الأستاذ البشير صفر، وكان هذا القسم مندمجا في قسم الترجمة قبل أن يصبح قسما مستقلا، ولما نقل رئيسه البشير صفر إلى رئاسة جمعية الأوقاف سنة 1309/ 1891 خلفه هو في رئاسة قسم المحاسبات، وفي هذا الطور صار على رأس الكتابة العامة المستشرق برنار روا الذي كان صاحب ثقافة تاريخية مثل المترجم، وهذا الاتجاه الفكري المشترك جعلهما صديقين، وفي اثناء هذا الطور سمي ناظرا للمطبعة الرسمية من سنة 1319 إلى سنة 1332/ 1901 - 1914، واستغل هذه الخطة لنشر كتب تاريخية تونسية قديمة كمعالم الإيمان، وذيل بشائر أهل الإيمان، والحلل السندسية في الأخبار التونسية، وهذه المنشورات ينقصها التحقيق العلمي من وضع فهارس تحليلية متعددة، ومقابلة نسخ الخ.
ولما نقل صديقه برنار روا للكتابة العامة للأمور العدلية، وخلفه في الكتابة العامة للأمور الادارية الوزير بلان سعى في تسميته مدير التشريفات بقصر الباي، وهذا السعي صادف ارتياحا من محمد الناصر باي الذي سبقت له صداقة بالمترجم منذ عهد شبابه قبل توليه الملك، وكانت التسمية في شهر رمضان سنة 1332/ 1914، ولقب بأمير لواء في السنة الموالية، ثم رقي إلى رتبة امير أمراء (جنرال) وبانتهاء الحرب العالمية الأولى تخلى عن هذه الخطة في سنة 1338/ 1920، وسمي عاملا (واليا) على قابس وجربة، ثم نقل إلى الكاف سنة 1339/ 1921، ثم نقل إلى بنزرت سنة 1343/ 1925، وفي مدة مباشرته لهذه الأعمال بقي على اتصال بالقصر الملكي والادارة المركزية العليا فكان يستشار في الأمور المهمة، ويدعى للمشاركة في اللجان، فسمي مندوبا في الوفد التونسي الذي سافر إلى باريس للمشاركة في لجنة الاصلاحات التونسية التي عقدها الوزير ادوار هيريو سنة 1343/ 1925، وعضوا في الوفد الرسمي الممثل للحكومة التونسية في افتتاح جامع باريس سنة 1345/ 1927، وأحيل على التقاعد سنة 1353/ 1934، لكن دولة الحماية رأت عدم الاستغناء عن خدماته والحاجة إليه في الاستشارات فسمته مستشار الدولة التونسية، وبقي في هذا المنصب إلى وفاته، ومن هذا يتبين أنه كان محرزا على رضا وثقة الدولة الحامية، وهي لا تضعهما إلا في من كان ضالعا معها موافقا لها على سياستها مع الأهالي.
كلف بتدريس الترجمة والتاريخ بالمدرسة العليا للغة والآداب العربية سنة 1329/ 1911، وشارك في بعض المؤتمرات العلمية كمؤتمر شمال افريقيا المنعقد بباريس سنة 1326/ 1909، وشارك في مجمع قرطاجنة منذ تأسيسه، وكان من المشاركين في تكوين الجمعية الخلدونية سنة 1314/ 1896، والغاية من تأسيسها هو فتح المجال أمام طلبة جامع الزيتونة لتلقي العلوم الصحيحة والثقافة الحديثة في التاريخ والجغرافيا، في وقت كانت فيه هذه المعارف تدرس بالفرنسية، وهو الذي حرر القانون الداخلي للجمعية الخلدونية، واستمر عاملا في مجلسها الاداري إلى أن فارقها صديقه البشير صفر سنة 1326/ 1909.وشارك بالكتابة في جريدة «الحاضرة» ونشر فصولا تاريخية هامة في «المجلة الزيتونية» وعاون هو والشيخ محمد الحشائشي برنار روا على تصنيف فهرس المخطوطات والمطبوعات الموجودة في مكتبة الجامع الأعظم بتونس (جامع الزيتونة) المطبوع سنة 1900 كما وقع الاعتراف بذلك في عنوان الفهرس.
وقام بعدة رحلات إلى الخارج فسافر في صائفة سنة 1331/ 1916 إلى المغرب الأقصى سفيرا عن محمد الناصر باي تونس إلى جلالة مولاي يوسف سلطان المغرب لعقد أواصر المودة بين الملكين، وتمتين الصلات بين القطرين، وتعددت رحلاته إلى المغرب والجزائر كما سافر إلى فرنسا مرات، وسافر إلى بلجيكا، وسويسرا، وهولندا.
مؤلفاته:
تاريخ معالم التوحيد في القديم والجديد، وهو في تاريخ المدارس والمساجد بمدينة تونس، وهو آخر تأليفه صدورا ط. تونس سنة 1358/ 1939.
الرحلة الناصرية، في رحلة الملك محمد الناصر باشا باي إلى فرنسا، ط بالمط الرسمية بتونس سنة 1913.
الروزنامة التونسية، في عدة أجزاء، ط تونس يصدر منها كل سنة جزءا، وكل جزء يحتوي على أقسام منها الاداري والتاريخي والفلكي.
الشيخ عمر والحاج فتوح، وهي محاورة بين هذين الشخصين حول آداب رمضان وأسلوب هذا الكتاب بسيط في لغته ومعانيه وأغراضه، وهو أول تأليف له صدر سنة 1315/ 1898
كتاب تراجم المؤلفين التونسيين - الجزء الثاني - صفحة 259 - للكاتب محمد محفوظ