الشيخ ضياء الدين حمزة رجب
الشيخ ضياء الدين حمزة رجب
مستدير الوجه واسع العينين عظيم الأنف، حنطي اللون معتدل القامة أقرب إلى الامتلاء خفيف اللحية حليق الشارب والعارضين، يتخذ زيَّ العلماء السلفيين فيرتدي العباءة والغترة ولا يضع على رأسه عقالا وقد تمسك بهذا الزي طيلة حياته رحمه الله، ولد بالمدينة المنورة سنة 1335هـ وتلقى العلم على أيدي علماء المسجد النبوي الشريف ومن أبرز أساتذته الشيخ الطيب الأنصاري العالم السلفي المشهور والشيخ أبو بكر التمبكتي والشيخ عبد الكريم كردي والشيخ العايش وهو من علماء الأزهر المجاورين بالمدينة المنورة، كما أنه تأثر بخاله الشيخ عبد الحفيظ كردي شاعر المدينة المنورة ومن قضاتها المشهورين في العهد الهاشمي، وبعد إتمام دراسته اشتغل بالتدريس في مدارس المدينة المنورة كما عمل في تحرير جريدة المدينة المنورة أول ظهورها، ولم تطل إقامته بالمدينة المنورة فعين 1357هـ قاضيا بمدينة العلا شمال المدينة المنورة وانتقل إليها لبضع سنين وما لبث أن عاد إلى المدينة المنورة بعد أن ترك العلا ليعمل في المحاماة وضاقت المدينة بنشاطه في المحاماة فانتقل إلى مكة المكرمة في أواخر الخمسينات وعمل بها في المحاماة فترة من الزمن، ثم عين رئيسا لكتاب مديرية الأوقاف العامة بمكة المكرمة ثم مستشارا قضائيا لأمانة العاصمة في عهد المرحوم الشيخ عبدالرؤوف الصبان ثم عضوا بمجلس الشورى في أوائل عهد الملك سعود وقد بقى يمارس عمله في مجلس الشورى إلى أن انتقل بأسرته إلى سوريا ثم إلى مصر وتكرر انقطاعه عن المجلس فترات طويلة فأحيل إلى التقاعد، وقد بقي في مصر عدة سنوات إلى أن حصل نجله حمزة رحمه الله على البكالوريوس من جامعة القاهرة فعاد بأسرته إلى جدة وافتتح مكتبا للمحاماة نجح فيه نجاحا كبيرا وقد بقى يمارس هذا العمل إلى أن توفي فجأة بالرياض بتاريخ 24 صفر 1396هـ رحمه الله رحمة واسعة، كان الشيخ ضياء الدين رجب نمطاً فريدا من الناس وقد استطاع بما وهبه الله من سماحة نفس وهدوء طبع أن يجمع القلوب حوله فأحبه الناس والتفوا حوله فكانت داره كما كان مكتبه يزدحمبالناس من كافة الطبقات وكانت له قدرة عجيبة على الاستماع إلى الناس ومشاركتهم فيما يهتمون به من شؤون أنفسهم وكانت هذه المشاركة تقتضي منه التوسط لدى المسؤولين في الإدارات المختلفة، أو لدى القادرين من الناس ولم يكن عمله في المحاماة قائما على المادة وحدها وإنما كانت معظم أعماله تتصف بالصبغة الإنسانية أكثر مما تتصف بالعمل المادي المنظم، وكان هذا الأمر يتجلى إذا كان أصحاب الحق من المستضعفين من الناس أو من النساء اللاتي فقدن الناصر والمعين، ولم يكن يلجأ في مثل هذه الحالات إلى المقاضاة وإنما كان يتخذ طريق الإصلاح وسيلة لفض هذه المنازعات وقد اكتشفنا بعد وفاته رحمه الله حوادث كان يمكنه أن يربح من ورائها الملايين ولكنه بدلا من أن يلجأ إلى التعاقد مع أصحاب - أو على الأصح - صاحبات القضايا دخل فيها بروح النجدة لامرأة استضعفها أهلها فحرموها حقوقا كثيرة فقام هو باستخلاصها لها بهذه الروح الطيبة التي تندفع بدافع المروءة والنجدة وتتناسى ما يجنيه أمثاله في هذه المواقف من أموال طائلة تعتبر بالنسبة لمن يمارسون هذا العمل من الفرص القليلة النادرة، وكان الشيخ ضياء الدين ذا صلة وثيقة بالمرحوم الشيخ محمد سرور الصبان وعُرفت هذه الصلة بينهما خاصة خلال الفترة التي ولي فيها المرحوم الشيخ محمد سرور وزارة المالية، وخلال إقامته في مصر بعد خروجه من الوزارة، فكان الشيخ ضياء الدين ينقل إليه حاجات الناس ومطالبهم وخاصة أولئك الذين يمنعهم الحياء من الطلب أو الذين يتحرجون في إيصال مطالبهم إليه وكان الشيخ محمد سرور رحمه الله يستجيب لهذه المطالب بروح من السماحة والبذل وبدافع من ثقته الشخصية بالشيخ ضياء الدين وسعيه في الخير وكان الرجلان يكتمان من أمور الناس ما يجب كتمانه ويستران من العورات ما يجب ستره، وكان الشيخ ضياء الدين رحمه الله كريما في جميع الحالات حتى في الأوقات التي كان يعاني فيها من ترك العمل أو خلو ذات اليد فإذا وصل إلى يده شيء سرعان ما أسعف به غيره من أصحاب الحاجات ولعل البعض من هؤلاء الناس كان أحسن منه حالا ولكنه يرحمه الله كان مفطورا على النجدة والعطاء على الإقلال والإعسار، وحينما حسنت أحواله كان له الكثير من الإحسان الخفي وكان ينفق على ذوي قرباه ويصلهم ويرعى شؤونهم.
وكان أصدقاء الشيخ ضياء الدين من كافة الطبقات بدءاً بالعامة من الناس وانتهاء بالوزراء كما كان معروفا لدى الكثيرين من العلية والحكام وكان الجميع يحبونه وكان الكثيرون يعتمدون عليه في قضاء حوائجهم، وما أكثر هذه الحوائج وكنت أعجب له رحمه الله كيف يستطيع احتمال كل هذه الأعباء إلى جانب عمله الشاق في المحاكم وفي مكتبه الذى يغص بأصحاب القضايا والحاجات حتى وقت متأخر من الليل، وكان هاتفه لا ينقطع من المكالمات التي تحمل في ثناياها هذه التكاليف العجيبة ولكنه كما ذكرت كان ذا قدرة عجيبة على إرضاء الناس وعلى الإصغاء إليهم، وتفهم حاجاتهم وكان ذا بصيرة بطباع أصدقائه والمتحدثين إليه فكانوا يتركونه وهم يشعرون بالراحة وحتى ولو لم تقض لهم حاجة أو يتحقق لهم مطلب فإن شعور المرء بأن هناك من يشاركه في همومه ومشاكله يخفف من أعبائه النفسية ويشعره بالراحة والاطمئنان، وهكذا فإن مشاركة الشيخ ضياء الدين رحمه الله للناس في اهتماماتهم أكسبه محبة الناس وتقديرهم، وقد تجلى هذا الحب في حياته حينما فقد ابنه الشاب المرحوم حمزة ضياء الدين رجب وهو في اكتمال فتوته وأوج شبابه فكانت مشاركة الناس للشيخ ضياء الدين في فجيعته بوحيده البكر، كان المرحوم حمزة رجب هو الولد الوحيد وبقية ذرية الشيخ ضياء الدين من الإناث - مشاركة عظيمة تجلت في إقبال الناس عليه بالتعزية والمواساة، وتجلت فيما كتبه الكثيرون من أصدقائه أو معارفه في رثاء ابنه ومواساته، كما تجلت هذه المشاركة بعد وفاة المرحوم الشيخ ضياء الدين رجب رحمه الله فقد لمسنا من مواساتهم مقدار ما كان يتمتع به في نفوس الناس من محبة وتقدير.
وللشيخ ضياء الدين رحمه الله إلى جانب أخلاقه الشخصية الكريمة نواح أخرى فهو شاعر من أكبر شعراء المملكة وكاتب من أقدر الكتاب وكان ينشر إنتاجه الأدبي بجريدة المدينة المنورة في أول ظهورها فقد كان أحد كتابها البارزين، كما كان ينشر بين الفينة والفينة في جريدة صوت الحجاز والمنهل ما تجود به قريحته من شعر ونثر وفي السنوات الأخيرة من حياته واصل الكتابة للإذاعة السعودية فكانت له أحاديث يومية مذاعة، كما واصل الكتابة في جريدة البلاد وكانت له كلمة يومية تنشر بعنوان (قطوف) كما كان له مقال أسبوعي في هذه الصحيفة، هذا عدا ما تنشره المجلات الأخرى مثل (قافلة الزيت) (والمنهل) وخلافهما من شعر ونثر، والكتابة اليومية في الصحف إذا كانت ناجحة ليست عملا سهلا كما يتصور البعض من الناس، لأنها تعتمد أولا علىذكاء الكاتب وسعة إطلاعه، وشمول إدراكه وحساسيته إزاء ما يصادفه في حياته اليومية مما يقرأ ويسمع ومما تضطرب به حياته وحياة من حوله من الناس، فإذا استطاع الكاتب أن يشدَّ القراء إلى عموده اليومي مهما كان قصيرا فهو كاتب أصيل ممتاز وأشهد أن قطوف الشيخ ضياء الدين رحمه الله كانت تجذبني إلى قراءتها صباح كل يوم ضمن القليل الذي أحرص على قراءته في مختلف الصحف مع ضيق وقتي عن القراءة بما يزدحم به يومي من أعمال، وإذا كان لي أن أقول كلمة صغيرة عن الشيخ ضياء الدين رحمه الله كأديب فهو في رأيي كاتب مجيد وشاعر عظيم يذكرني بالصفوة المختارة من الشعراء بأسلوبه العربي الأصيل وعاطفته الدافقة الثَّرَّةَ وهو يمثل نمطا فريدا من الشعراء فكأنك تستمع إلى الفحول من شعراء العصر العباسي كالشريف الرضي ومهيار الديلمي أو كأنك تستمع إلى شوقي في ديباجته الناصعة ولعلى لا أفشى سرا إذا ذكرت هنا أن الشيخ ضياء الدين رحمه الله كان يسره أن يستمع إلى من ينشد ما ينظمه من شعر فكان يحضر إلى مكتبي إذا نشرت له قصيدة ويطلب مني إنشادها وأشعر بنفسه تهتز رضا وهو يستمع إلى هذا الانشاد، ولعله كان يعجب بحرصي على فهم معاني القصيدة ومراميها، فقد كنت أناقشه دائما في كل ما ينشر له من شعر، وكثيرا ما كنا نعقد المقارنات بين القصائد التي تنشر لأعلام الشعراء في موضوع واحد وإني لأذكر هنا أننا تدارسنا القصائد التي نظمت في رثاء المرحوم رياض الصلح زعيم لبنان الكبير وفي أمثال هذه المناسبات كنا نتدارس القصائد الموسمية التي تلقى في موسم الحج والتي يشترك فيها شعراء كثيرون من داخل المملكة وخارجها وكان الشيخ ضياء الدين رحمه الله على صلة واسعة بشعراء عصره وأدبائهم فحين إقامته في الشام توثقت صلته بشعراء سوريا الكبار شفيق جبر وسليمان الأحمد وغيرهم كما أني اجتمعت في داره بدمشق بالأستاذ نصوحبابیل صاحب جريدة الأيام الشهيرة في سوريا إذ ذاك وكان على صلة وثيقة بالسيدين أبو الخير الميداني والسيد محمد مكي الكتاني رحمهما الله وكليهما من علماء سوريا وزعمائها الدينيين وفي مصر اجتمعنا في منزله بالأستاذ الشاعر أحمد رامي الذي كان ممن توثقت صلة الشيخ ضياء الدين بهم رحمه الله، كما علمت أنه كانت له صلات كثيرة برجالات العلم والأدب في كل من القطرين وفي مصر كنت أرى الشاعر المرحوم محمد مصطفي حمام والشاعر محمد جبر لدى الشيخ ضياء الدين في أوقات متقاربة وغير هؤلاء كثيرون ممن لا تحصيهم الذاكرة وحينما كان في مصر كان على صلة كبيرة بالأمير عبد الكريم الخطابي قائد ثورة المغرب الشهيرة ضد أسبانيا وفرنسا وحينما توفي رثاه بقصيدة عصماء نشرتها له مجلـة (قافلة الزيت) في تلك الأيام أما صلة الشيخ ضياء الدين رحمه الله بشعراء وأدباء عصره فهي صلة الصداقة الكريمة والحب الخالص، كان يحب الجميع وكان الجميع يحبونه ويقدرونه وكان بما وهبه الله من خلق سمح ولسان عف يبعد عن المنازعات التي تكدر علائق المودة بين الأدباء فلا يهاتر ولا يخاصم ووقف من هذه الخصومات الأدبية التي كانت تحدث بين أدباء عصره وشعرائهم موقف المحايد النائي بنفسه عن التورط فيما لا يليق بمقام العالم والأديب
نعم لقد كان الشيخ ضياء الدين قبل كل شيء وبعده لا ینسی أنه طالب علم، وأنه تقلد القضاء وهو عمل من أرفع الأعمال وتولى التدريس وهي مهنة شريفة كريمة، وقد كان مع من يحيط به من الشباب الذي يحبونه في مقام الأبوة الحانية يرشد ويعلم ويحنو ويكرم دون أن يشعر من حوله بشيء من الاعتزاز بعلمه أو الإدلال بمكانته، بل أنه يشعر من حوله بأنه منهم وإليهم وبهذه الصفات الكريمة السمحة تبوأ مكانه في النفوس ورسخت محبته في القلوب رحمه الله رحمة واسعة.
مُبالغته في تقدير سِنّه
ومن طرائف الشيخ ضياء الدين رحمه الله أنه كان يبالغ في تقدير عمره خلافا لما جرى عليه العرف بين الناس وقد رأيته مرة يذكر أنه في الثمانين من العمر وكانت المبالغة واضحة فقلت له ألم تذكر لي أنك توليت القضاء وأنت في العشرين من العمر قال نعم قلت فكيف بلغت الثمانين ولم يمض على هذا الأمر الأربعون عاما فضحك وقال إنني في الحقيقة لا أدري قلت ولكنك تتعمد المبالغة قال لقد رأيت الناس يحاولون إنقاص أعمارهم فأردت أن أخرج من النزاع في هذا الأمر بالزيادة بدل النقصان...
الشيخ ضياء الدين والنسيان
ومن طرائفه أيضا أنه كان كثير النسيان حتى عرف بذلك بين أصدقائه وأنا شخصيا أعرف أنه كان يبالغ في التظاهر بكثرة النسيان فقد كان كما ذكرت في صدر هذه الترجمة مقصودا من الناس في أمور كثيرة ومن المؤكد أن وقته كان يضيق بالقيام بهذه الأمور بل ببعضها فكان النسيان والسرحان هو العذر الذي يلجأ اليه والذي يقبله الناس عملا بالحديث الشريف (رفع عن أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)، ولقد رأيته رحمه الله يحفظ أرقام التليفونات ولا يكتبها في مذكرة وإنما يستمدها من ذاكرته العجيبة التي تحفظ ما تريد وتتناسى ما لا تريد، ولاشك أنه كان لا ينسى إطلاقا ما يهم من الأمر ولكن حادثة طريفة سمعتها منه تعتبر من أعاجيب السهو والنسيان.
قال: وفد عليه من الطائف المرحوم محمد بصرأوى - وكان يلقب بالبيك - وكان مديرا لأوقاف الطائف وخرجا من إدارة الأوقاف بالمالية بمكة بعد انتهاءساعات العمل وذهبا إلى منزل الشيخ ضياء الدين في جرول لتناول الغداء وترك الشيخ ضياء الدين ضيفه في الدور الأول من المنزل ونسي أن يذكر لأهل الدار أن ضيفا سيتناول الغداء معه قال الشيخ ضياء الدين؛ وكنت متعبا فاستلقيت على السرير ونمت ولم أقم إلا وقد غشينا العصر فتغديت ونسيت الضيف الذي ينتظرني في الدور الأول وقد أوشكت الشمس على المغيب وحينما هبطت إليه وجدته يكاد يبكي من الجوع وضاعت معه كل حيلي في الاعتذار بالسهـو والسرحان وظل يشكوني إلى كل من يراه إلى أن توفاه الله.
المحاماة في القرآن
ومن الطرائف التي ذكرها لي الشيخ ضياء الدين رحمه الله، أنه كان يعمل بالمحاماة بعد أن صرف عن قضاء العلا، ويبدو أن بعض القضاة شكوه إلى جلالة الملك عبدالعزيز رحمه الله واقتضى الأمر أن يقابل هو جلالة الملك عبد العزيز ويشرح له الموضوع قال، قال لي جلالة الملك ولكن المحاماة لا أصل لها في الشرع، قال فقلت لجلالته إن لها أصلا في القرآن قال هاته، قال: قلت: قال تعالى في سورة النساء (ولا تكن للخائنين خصيما) أي مدافعا عنهم والمحاماة هي الدفاع عمن لا يستطيع الإدلاء بحجته فقبل جلالته ذلك راضيا، ومما يذكر أن هذه الآية كانت مكتوبة بخط جميل في لوحة خشبية وكان الشيخ ضياء الدين يضعها في مكتبه الذى يمارس فيه عمل المحاماة بحيث يراها كل من يجلس إليه من أصحاب القضايا، وكأنه بهذا يوحي إليهم أنه لا يقبل من القضايا إلا ما كان أصحابها على حق وهو مبدأ لو تمسك به المتخاصمون لأراحوا واستراحوا.
ديوان الشيخ ضياء الدين
هذا وقد جمع المرحوم الشيخ ضياء الدين قصائده في مجموعات كبيرة مجلدة ومنسوخة بالآلة الكاتبة وكثير من هذه القصائد لم ينشر في حياته وقد اتفقت أسرته مع نادي جدة الأدبي على نشر هذه القصائد في مجموعات متفرقة ولابد أن المجموعة الأولى ستنشر قريبا بإذن الله وهي خدمة عظيمة للأدب السعودي يقدمها نادي جدة الأدبي مشكورا فإن الشيخ ضياء الدين يعتبر مفخرة من مفاخر الشعر العربي في هذا العصر لا في المملكة العربية السعودية وحدها وإنما في الوطن العربي كله وهو بأسلوبه الناصع ومعانيه الثرة وعاطفته المتوهجة يمثل النسق الشعرى الأصيل في صفائه وجودته ورقته.
بعد كتابة ما تقدم يسرني أن أذكر أن المجموعة الكاملة لشعر الشيخ ضياء الدين رجب قد تم إعدادها للطبع على نفقة صاحب السمو الملكي الأمير الشاعر عبدالله الفيصل وآمل أن تكون قد ظهرت قبل طبع هذا الكتاب.
تمسكه بالشعر العمودي
ولعل مما يحسن ذكره ونحن نتحدث عن شعر الشيخ ضياء الدين أنه كان من المتمسكين بالشعر العمودي المنظوم ولم يكن يمارس هذا الخلط الذي يسمونه الشعر المنثور بل ولا يستسيغه أو يعترف به كما هو شأن الكثرة من الشعراء المجيدين.
فتى سلع
كما أن الشيخ ضياء الدين كان ينشر شعره الغزلي بتوقيع مستعار هو ـ فتى سلع - ولقد كان يتبع هذه الطريقة منذ بداية نشره للقصائد الشعرية في الخمسينات وإلى أن توفاه الله وهو يهدف إلى الشيخوخة.
مؤلفاته الأخرى
هذا وقد كان الشيخ ضياء الدين رحمه الله أخبرني أن له مؤلفا صغيرا بعنوان - وقفة في ديار ثمود - وقد ألفه حينما كان قاضيا بالعلا ولكنى لم أجد مخطوط هذا الكتاب ضمن ما تركه من آثار أدبية، وإني لأرى أن أديبا كبيرا كالشيخ ضياء الدين يستحق أن تتكفل كلية الآداب بإحدى جامعاتنا بجمع آثاره المنشورة بالصحف والمذاعة بالمذياع لاختيار ما يصلح منها للنشر توطئة لطبعه ونشره لتكون هذه المنشورات وسيلة كافية للدراسة الكاملة لأدبه وإنتاجه
وفاته
هذا وقد أدركت الوفاة المرحوم الشيخ ضياء الدين رجب في الرياض في ليل الرابع عشر من شهر صفر 1396 هـ وكان بدار ابنته لميس فشعر بضيق في التنفس وألم في الصدر وحينما نقل إلى المستشفي لإسعافه أسلم الروح وهو في الطريق إلى المستشفي رحمه الله وكانت لوفاته رنة حزن عظيمة في جميع الأوساط وقد نقل بطائرة تابعة لوزارة الدفاع من الرياض في صباح يوم الخامس عشر من صفر 1396 هـ إلى جدة حيث جهز ونقل إلى مكة المكرمة وصلى على جثمانه في المسجد الحرام ودفن بمقبرة المعلاه رحمه الله رحمة واسعة فلقد كان رجلا خيرا وعالما نيرا وأديبا وشاعرا كبيرا
أعلام الحجاز، تأليف محمد علي مغربي الجزء الأول – ص 42 - 52.