الدكتور خالد الهاشمي
(1908م)
هو الدكتور العبقري الأستاذ خالد بن السيد محمود الهاشمي، المولود بجانب الكرخ من بغداد في خريف سنة 1908م، ينتسب إلى قبيلة الحياليين الموصلية، تلقى علومه الأولية في القرآن الكريم والخط العربي في كتاتيب بغداد، ثم التحق بمدرسة الكرخ الابتدائية سنة 1918م، وأنهى دراسته فيها بتفوق، ونجح في فحص القبول للدخول في المدرسة الثانوية المركزية بامتياز، وفَّر بذلك سنة دراسية كاملة، وأنهى دراسته الثانوية وهو لم يتجاوز بعد السادسة عشر من عمره.
إيفاده: اختارته وزارة المعارف في البعثة العلمية لسنة 1924م، فأكمل سنة في الجامعة الأمريكية ببيروت متخصصاً في التربية وعلم النفس والعلوم الاجتماعية في سنة 1928م، وقد كان عضواً فعالاً في كثير من الجمعيات في الجامعة؛ كالعروة الوثقى، وتولى إخراج بعض أعداد مجلتها الخطية، كما انتخب رئيساً للجمعية العراقية فيها لسنتين متتاليتين.
مراحل حياته: وفي سنة 1928م عين مدرساً للتربية وعلم النفس في دار المعلمين الابتدائية، وفي صيف 1932م مثل العراق في مؤتمر التربية الحديثة الذي انعقد في نيس بفرنسا، وعلى إثر رجوعه منه عين مديراً لثانوية البصرة التي خدمها بحماس، وفي سنة 1933م عين مديراً لمعارف لواء العمارة، وتوفق بفتح مدارس ريفية كثيرة فيهما لأول مرة في تاريخ هذين اللوائين، ووجه التعليم توجيهاً نافعاً عن طريق التفتيش والإرشاد وعقد المؤتمرات للمعلمين، واهتم بمكافحة الأمية لدى البالغين، وطبع كراساً خاصًّا بذلك، وفي سنة 1934م اختارته وزارة المعارف مديراً لدار المعلمين الابتدائية في بغداد، ثم مديراً لثانوية البصرة للمرة الثانية سنة 1935م، حيث عمل فيها بنشاط رغم إصابته بالملاريا، وفي سنة 1936م نقل مديراً لدار المعلمين الريفية في الرستمية من ضواحي بغداد، فنهض بهذا المعهد ووجه نشاطه في نواحي الخدمة الطبية الصحية والاجتماعية عن طريق تنظيم السفرات القصيرة لطلبة القرى القريبة، وذلك بإشراف طبيب المعهد وأساتذة الاجتماع، ونشط التطبيقات الزراعية وتربية الطيور الداجنة في مزارع الرستمية الواسعة، وشجع التدريب العسكري والفعاليات المنهجية الإضافية بالإضافة إلى العناية برفع المستوى العلمي والمهني للطلبة. وفي سنة 1936م أعيد لإدارة المعلمين الابتدائية في بغداد.
هذا وإن الذين يعرفون تاريخ هذه المؤسسة العلمية في بغداد يذكرون الأثر الطيب الذي ساهم فيه بتوجيه هذا الصرح العلمي الوجهة المهنية الصحيحة، ورفع المستويات فيه، وخلق نشء مثقف صالح بمؤازرة طائفة من الأساتذة الأفاضل أمثال المربين الزملاء الدكتور عبد الحميد كاظم والدكتور محمد ناصر والدكتور بديع شريف وأترابهم.
إيفاده: وقدرت وزارة المعارف مواهب المترجم فأوفدته إلى الولايات المتحدة الأمريكية للتخصص، فالتحق بكلية المعلمين بجامعة كولومبيا ونال شهادة أستاذ علوم فيها، وبعد اشتعال الحرب الثانية تعذر رجوعه إلى الوطن، فاضطر لمواصلةالدرس سنة أخرى في جامعة كولومبيا قبل أن يدخل جامعة أوهايو الرسمية حيث تخصص في فلسفة التربية ونال الدكتوراه منها في سنة 1941م، وعاد إلى الوطن في شهر نيسان 1942م بطريق الجو عن طريق أمريكا الجنوبية فإفريقية الغربية فالقاهرة فلبنان فسورية فالعراق برًّا، ولاقى صعوبات جمة.
وقد انتدب أستاذاً مساعداً في دار المعلمين العالية لتدريس التربية في سنة 1944م، ثم مديراً للتعليم الثانوي في ديوان وزارة المعارف، وفي سنة 1945م عين وكيلاً لعمادة دار المعلمين العالية، وفي سنة 1946م أصبح عميداً لها، وفي سنة 1948م عين مديراً ثقافيًّا في السفارة العراقية في القاهرة.
رائد الملك: ونقل بنفس الوظيفة إلى السفارة العراقية في لندن فكان رائداً لجلالة الملك فيصل الثاني المعظم الذي كان يواصل تحصيله في إنكلترا آنذاك، وقد مكث في خدمة جلالته في هذه الوظيفة أكثر من ثلاث سنوات، وهذا أكبر دليل على ما يتمتع به المترجم من ثقافة عالية وسجايا أخلاقية بارزة وثقة عظمى فرضت مسؤولياتها عليه لتوجيه الملك الشاب إلى المثل العليا، وفي سنة 1953م انتخب من قبل مجلس الكلية عميداً للكلية للمرة الثانية.
آثاره الاجتماعية: هو من الأعضاء المؤسسين لنادي ابن حارثة الشيباني، ومن مؤسسي جمعية الجوال العربي في بغداد التي ضمت عدداً ممتازاً من القوميين، كان بينهم الفلسطيني والسوري والعراقي، وقد أسهم في تأسيس نادي الرواد الذي يضم نخبة صالحة من أساتذة المعاهد العالية وسواهم، وهو الآن معتمده.
وهو عضو في نادي القلم العالمي الذي مركزه لندن، وقد نشر أطروحته التي وضعها في إنكلترا ـ موضوعها تجديد إعداد المعلمين في العراق مع نظرة خاصة للثقافة العربية الإسلامية في العربية ـ بمساعدة زميله الدكتور عبد العزيز البسام، واشترك في وضع عدة كتب مدرسية منها القراءات الجغرافية مع الأساتذة عبد الله المشنوق وجورج شهلا، والقراءة الحديثة للبالغين بأربعة أجزاء مع طائفة من المؤلفين العراقيين، وكتاب التاريخ الإسلامي للصفوف الثانية الثانوية مع الأساتذة الدوري وجواد ومعروف.
وهو خطيب مفوه ألقى محاضرات كثيرة أبرزها (ذكرى الرسول الأعظم)، ووضع رسالة بعنوان (أهدافنا التربوية والاجتماعية)، وأفاض بمواضيع متشعبة تدل على مدى عبقريته في اختصاصه.
وزار مؤلف هذا السفر التاريخي خلال رحلته إلى العراق في عام 1965م دار المعلمين العالية ولقي منه كل حفاوة وتشجيع.
ومن أبرز مزايا المترجم العبقري تواضعه ورزانته الأصيلة ورجاحة عقله وفضله، وهي سمات كل رجل عظيم.
أعلام الأدب والفن لأدهم الجندي