عبد الرحمن أبو محمد بن الفقيه محمد بن يوسف بن عمر العلوي، نسباً، الحنفي مذهباً، الشهير بقاضي وجيه الدين ملقباً. وكان فقيهاً لبيباً نبيهاً، أديباً، جواداً، سخياً، هماماً، أبياً، وحيد دهره، فريد عصره، وخاتم زمانه، وفائق أقرانه، له بأس شديد، ورأي سديد، وجد سعيد، وعزم حميد. وله نظر في كثير من العلوم، ومشاركة في المنثور، والمنظوم، ومن محاسن شعره القصيدة البديعية التي أودعها سائر فنون البديع من التجنيس، والترصيع، والتوشيح، والتوسيع، والتصدير، والتسهيم، والتفسير، والتعميم، وشرحها شرحاً شاملاً، كافياً، كاملاً، وافياً، وله عدة قصائد، كثير الفوائد. ومدح سيد الأنبياء، ومدحه عدة من الشعراء.
ومن مآثره الزينية، المدرسة المبنية التي أنشأها بزبيد المرضية، فإنه لما عزم على بناءها اشترى أرضاً، وأحدث بالأرض المذكورة بئراً للماء، ثم استعمل من تراب الأرض المذكورة آجراً للبناء، ونقل الطين من ترابها إلى المدرسة المذكورة؛ احترازاً منه أن يدخل في عمارته شيء من ملك الغير ؛ مع أنه كان وزيراً، وأميراً كبيراً، وهذا لا ينتبه له أحد؛ فإن أكثر آجرّ البلاد، وطينها لا يجوز الانتفاع به؛ لكونه غصباً_ إما وقفاً، أو ملكاً للغير.
ورتب في المدرسة المذكورة إماماً، ومؤذناً، وقيماً، ومدرساً، وطلبة على مذهب الإمام أبي حنيفة، ومدرساً وطلبة على مذهب الإمام الشافعي، وأوقف على الجميع وقفاً جيداً يقوم بكفايتهم، وكانت عمارته تلك السنة سنة خمس وتسعين وسبع مئة. والله أعلم.
الأثمار الجنية في أسماء الحنفية-لمؤلفه: علي بن سلطان محمد القاري-الجزء الثاني ص795.