عبود البحري
(1745 ـ 1819م)
هـو ابـن الشاعـر ميخائيـل بـن عبـود البحـري الحمصـي، ولد في حمص 1745م، ونشأ في بيئة علم وفضل، وكان عبود من الكتبة العظام، ذا فطنة وفهم تام، وقد خدم الوزراء في أيامه وارتقى إلى أعلى رتبة من مقامه، وكان ذا خط مليح حتى ضرب المثل بخطه، فقيل: (خط عبودي)، وكان ذا بيان فصيح حتى فاق من تقدمه من كتاب الدواوين في الحساب والإنشاء، وكان يكتب في لغات كثيرة بأحسن نص وأقرب عبارة، وقد فاق أباه بجميع الصفات، إلا أن أباه أجود قريحة في فن الشعر والنظم.
عمله في دمشق: وفي سنة 1808م صارت إيالة الشام إلى يوسف باشا الكنج الكردي الذي احتفظ لعبود البحري في رتبته وأحبه وعرض عليه الإسلام، فأبى عبود، ثم خاف ففر هارباً من وجه الباشا والتجأ إلى جبل الدروز مع إخوته، ثم أقام في زحلة واستقام هناك، وحرر عرضاً إلى الأمير بشير، وعرفهسبب هربه، والتمس منه استجلاب عائلته وإخوته، وختم طلبه بقوله:
وكنت أطالب الدنيا بوقت
فكان الوقت وقتك والسلام
فأجابه الأمير إلى سؤاله، ولما تضعضع ديوان يوسف باشا الكنج بسبب غيابه بعث إليه وفداً وتعهد إليه بالأمان التام، فرجع إلى الشام ورحب به، ورده إلى مقامه الأول هو وإخوته.
نزوحه إلى مصر: لم يدم في خدمة يوسف باشا الكنج زمناً طويلاً، فإنه بعد هزيمته بوقعة (قطنا) في عام 1810م فر إلى مصر والتجأ إلى حماية محمد علي باشا، فلحقه عبود إلى هناك، ولم يظهر لمحمد علي باشا مواهب عبود ومزاياه إلا بعد الحملات التي شنت ضد الوهابين، ومنذ ذلك الحين صار عبود هو وأخواه من أقرب خلصاء محمد علي، وكان عبود أول مسيحي يحصل على براءة من السلطان تعفيه من دفع الجزية.
وقد حظي عبود عند أمرائها وصار كاتباً في ديوان الوزراء سنة 1809م، واستمر في منصبه هذا زمناً طويلاً يخدم محمد علي باشا، وقد صحب إبراهيم باشا في فتوحاته، وبقي معه إلى أن رجع إلى حلب.
وفاته: لقد شاد عبود البحري لأسرته ذكراً مخلداً حتى أضحى بيت البحري مورد اللهيف ومقصداًَ لكل عان وضعيف، وقد وافاه الأجل سنة 1819م دون خلف، ودفن في القاهرة.
ومن آثراهم المشهورة بدمشق الدار الأثرية التي صارت في حوزة (آل عبد النور) بحي باب توما بطريق الشراء من ذريته، والدار التي اتصلت بآل قيومجي بدمشق، وغيرهما من العقارات التي تدل على مكانة آل البحري، وفي دمشق فرع كبير، منه الأخوان السيدان أنطوان وجوزيف ولدي إبراهيم البحري، وعسى أن يسعد الحظ أحد أحفاده فيكتشف ديوان الشاعر المفلق ميخائيل عبود البحري المفقود.
له ترجمة في الكتاب المرفق: أعلام الأدب والفن – لأدهم الجندي – الجزء 2 ص ٦٤.