(أيّوبُ العيمكىّ الاوارىّ ثم الجنكوتىّ الصغرى) هو العالم الفاضل المحقق الأديب الفقيه النحوىّ الأريب أخذ عن العالم الشيخ سعيد الهركانى وغيره وكان فى الأخير يقيم فى قرية (جنكوت الصغرى) كان جيّد الخط والكتابة.
ومن كلامه الحكمىّ: "فما أسعد من هدى الى العلم ونزل رباعه، وارى الحق حقا ورزق اتباعه، وأنّ الناس أجناس وبعضهم أنجاس، وأنّ بعض الناس عن التحقيق رقود والنظر الصحيح فيما بينهم مفقود، كلّ أخذ بالإحتياط غير ناكب عن الصراط، والعلم صعب والجهل منه أصعب، فكم طيّب يطيب ولا كمسك وكم طير يطير ولا كباز".
و يوجد له مؤلفات وآثار ومن مؤلفاته (كتاب الزاجر عن قوم يتبعون الشيطان الفاجر الذين ركبوا طريقة شيطانية وتركوا سنة أحمدية) فى بيان البدع التى يفعلها متصوّفة زمانه من الامور المنكرة التى لا توافقها الشريعة الاسلامية وهو عجالة صغيرة غزيرة الفائدة كثيرة العائدة.
(وهذه) قصيدته الهمزية التى يهجو فيها الملحد الجاحد المعاند لعنه الله:
هل لألطاف ربّنا انتهآء ـ يا بليدًا أو للقديم ابتدآء
بالحرف يقصّر اللّطف من ـ ألطافِ ربٍّ أو هل له الا قضآء
لو جحدنا جحودكم لاستوينا ـ أو للغىّ بالصّواب استوآء
ان نطقـنا بنطقكم لالتـبسنا ـ أوَ للجهل للعلوم اهتدآء
يجعل اللطف القديمة مخصوصة ـ الملحدون والأغبيآء
انما تظهر الوجوه اذا ما ـ كشفت عن مرآتها الأصدآء
ربّ معنى يبدى الفهيم غبيّا ـ زال عن كلّ من رآه الغطآء
وخفى مستوحش عن بليد ـ أبان عن مقصوده الأذكيآء
فاهتدينا لما هدانا بلطفٍ ـ من علومٍ يكلّ عنها الزّكآء
وانتظارى فى كلّ يوم كتابًا ـ لاح عنه الفرائد العليآء
أنا عبدٌ جرثومه جونكوتىّ ـ عاش فيها وبعضهم أعدآء
وكان الشيخ أيّوب الجنكوتى كتب بيده كتاب (المنح المكية فى شرح الهمزية) لابن حجر وفرغ من كتابه سنة 1261 ونقل ما قاله الحاج أبوبكر العيمكى من هذه القصيدة الهمزية الآتية يقرظ ذلك الكتاب لما فرغ هو من نسخة بعد محنة عسكر قزِلباش ورأيت ذلك فى أوقاف جامع (هيلى):
قد فرغنا بحمدنا من كتابٍ ـ أعجبتْ من تأليفه الفصحآء
أعجزَ الدّرّ نظمه فأقرّتْ ـ بقصورٍ عن مثـله الشعرآء
قد عزونا منظومه للدّلاصيرى ـ الذى لم يدانه البلغآء
شارح النّظم هيتمىٌّ فقيه ـ اقتداه فى حكمه الفقهآء
غين قاف تاريخه ثم فآء ـ ذاك تذكير عالم ثم طآء
فحمدنا بما أطقـنا لرَبٍّ ـ اذ أتَـتْـنا من ربّنا النعمآء
وقضينا حَقّ الصّلاة على ـ سيّدنا اذ يهدى به الأشقيآء
وعلى آله نجوم الهدى عن ـ زيغهم عن تحريفهم أمنآء
وعلى صحبه الذين هم فينا ـ الهداة الحماة هم سعدآء
يا غفورًا اغـفر لنا أنت ربّى ـ أنا عاصٍ فى عفوه لى رجآء
فذنوبى عظيمة وعيوبى ـ ما لهنّ فى علمنا استقصآء
ولعمرى آلاؤه مُسْبغاتٌ ـ ما لهنّ عدّ ولا احصآء
يا شكورًا ابسط يدًا لفقيرٍ ـ نحن ناسٌ فى بسطها فقرآء
هو عبدٌ جرثومه عيمكىّ ـ وقضاة آباؤه علمآء
أشعرىّ عقيدة شافعىّ ـ مقـتداه من قاده الحنفآء
وحقير مسؤله من عظيم ـ غفر ذنب بفضله ورضآء
وبطئ عن طاعةٍ اذ أحاطت ـ عائقات عوارض وابآء
ولئن شاء ربّنا لأتينا ـ من لديْه بواعث ما يشآء
ولئن أخلصنا عباداتنا عن ـ قادحاتٍ فالفرض شكر ثنآء
يا رحيمًا ألطف بعبد ضعيفٍ ـ ما له نهية ولا اعتنآء
قد حداه لنسخه اشتياق ـ فى سماع الأمداح والاشتهآء
بعد ما ضاع نسخة فى زمان ـ اعترانا فى أرضنا الأعدآء
واشتعال المفارق ببياضٍ ـ وله فى أعضائه استرخاء
فجدير لمثـلنا اعتراف ـ بعطآء من فضله ورضآء
انتهت.
وهذا ما قاله فى الزمانيات:
لما نظرتُ الى الأجساد فارقَةً ـ ممّا عليها من الآثار فى دَغَلِ
أولادهم تركوا الأسواق باكيةً ـ والوالدات الى الأغيار فى أمل
أزواجهم فى بُيوتٍ لا قفار لها ـ يدنو اليها من الأرزال والبُسُلِ
هاجرتُ من هَجَرٍ لله معتمدًا ـ قد كنت فى أول الأزمان فى حِيَـلٍ
عشقٌ اليها وشحم القلب محترق ـ وان أكن فى هواها صِرت فى خجل
لكن وُقِيتُ من الأفحاش والاثم ـ قد كنت آتى اليها اللّيلَ فى هطل
فى شدّة الحبّ فى الأسحار والبكر ـ فالآن جئت الى الرّحمن فى عجل
وأسئل العفو عن ذنب الفقير الذى ـ قد ابتـلى ببلآء وهو فى شُغلِ
يا ربّ صلّ على المختار من مضر ـ محمّدٍ خير خلق الله فى المِلَلِ
نزهة الاذهان فى تراجم علماء داغستان - نذير بن محمد حاج الدركيلى الداغستانى