(الشيخ الغازى محمّد الأوتاميشىّ) يقال انه من نسل أمراء ناحية (قيطاق) كان أخوه الكبير فى خدمة الامارة فى قيطاق ورحل هو الى قرية (أوتاميش) زاهدًا عن الدنيا ورياستها فواظب على العبادة والذكر، كان يختلي ويعزل فى أواسط الشتاء أربعين يومًا مشغولاً بالعبادة والمراقبة فإذا انقضى تلك المدّة يخرج الى الناس ويجلس معهم، كانوا يزورونه من جميع النواحى ويقيمون عنده نحو عشرة أيام وجرى ذلك العمل بعد وفاته الى الآن كانوا يجتمعون فى مزار الشيخ فى أواسط الشتاء للذكر والعبادة الى هذا العصر.
ويقال انه يتصل سند إجازته الى الشيخ العارف جنيد البغدادى وأنه من نسل قريش والله أعلم بصحّـته وبقى بعده خلفائه ومات كلهم ودفنوا لدي الشيخ غازى محمد المذكور رضى الله عنهم. ولكن هذه الزيارة وغيرها من المزارات فى بلادنا وفى غيرها فى هذه العصور المتأخرة كانت شبكة لإقتناص أموال الناس وافساد عباداتهم وديانتهم كثُرتْ فيها المنكرات والبدع والفواحش مالا ينبغى أن يذكرها وكانت العلماء وأهل الغيرة منا يشدّدون النكير ويزجرونهم عن تلك البدع والأهواء ويهدونهم الى طريق الصواب والصراط المستقيم ولكن لما كانت السلطة المشيخية الصوفيّة فى أيدى العوام الذين هم كالأنعام لم يكن فيهم من يصفوا ذلك ويرتدع عن الباطل ففعلوا ما فعلوا ولعبوا فى دين الله على ما تهوى أنفسهم لم يراقبوا فى دين الله إلاّ ولا ذمّةً.
وها نحن ننقل هنا من كلام الشيخ الفقيه محمد على الجوخى لكونه جوهرًا غالى القيمة وعالى القدر ورفعة المتانة ينبغى أن يكتبها بالذهب بل يجب فى هذا الزمان الكاسل ونصّه هكذا:
(بسم الله الرحمن الرحيم ولا حول و لا قوة الا بالله العلىّ العظيم الحمد لله ربّ العالمين، ولا عدوان الا على الظالمين، والصلاتان على سيّد المرسلين، محمّد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: فاعلموا يا اخوان الدين بعلم اليقين، انى على ما رزقنى الله تعالى من المطالعة الى كتب الأئة المجتهدين، لا أرى السعى الى الخلوات على ما عليه العوام فى الحال، من جمع الطعام اليها والحطب وسائر الأموال، بلا طيب قلوبهم ولا رضاء من صميم الجَنان، بل بالاستحياء من الناس فى الرّدّ عن ذلك بالإعلان، مع ما يترتب على ذلك من اختلاط الذكور والنساء، وسائر الخبائث والشحناء، الاّ معصية أية معصية، بئس السنّة السيئة، بل الذي أرى وينبغى هدم بنائها من أصلها لكونها وسيلة للمعاصي والمفاسد، وقد صرّحوا ان الوسائل حكم المقاصد. والله أعلم) انتهى كلامه رحمه الله تعالى.
نزهة الاذهان فى تراجم علماء داغستان - نذير بن محمد حاج الدركيلى الداغستانى.