الشيخ عمر زيتوني
1363ه – 1424ه.
1944م – 2004م.
الشيخ عمر بن عبد القادر زيتوني : من مواليد حلب، أقيول، شارع ابن عبید، 1944، أقام في حلب، أقيول، قرب جامع أسامة بن زید، ثم بنى مزرعة في منطقة حندرات - طريق المسلمية . وأقام فيها إلى أن توفاه الله تعالی.
عرف بنفسه فقال - رحمه الله تعالى:
((من المنن التي تفضل الله بها على أن جعلني طالبا للعلم، ووفقني منذ أن درست العلم أن أخدم طلاب العلم، ووفقني الله تعالى / بدار الكتاب الإسلامي / منذ إتمامي الدراسة، وما أزال مخالطا لها، راجيا من الله تعالى أن يميتني وأنا أطلب العلم، وأخدم طلاب العلم، وأن يشفيني من كل بلاء نزل بي . وضعي جيد والحمد لله.
متزوج ولي عدد من الأولاد، وهم: عبد القادر، عبد الله، عبد الرحمن، أنس، عبد الباسط، إحسان، إيمان، خديجة، زینب، صفاء، أسماء ، وفاء.
ولي إخوة - والحمد الله - من أهل الصلاح، وهم: مصطفی، إسماعيل، أحمد، بسام، بكري، رشدي، عبد المنعم، الميا، رجاء، فاديا، زهراء.
ووظيفتي الدينية : أعمل مرشدا في السجن - أخطب الجمعة والعيدين - السجن المركزي - المسلمية.
وأحمل الإجازة الأزهرية منذ عام 1967)).
عرفت الشيخ عمر زيتوني - رحمه الله - منذ أوائل عام 1970 إلى أن توفاه الله تعالى؛ ما غير وما بدل، بل ازداد ورعأ وزهدا وذكرا لله تعالى، ونقاء وصفاء. وهو - والله - كما وصف نفسه ؛ كان خادما للعلم ولطلبة العلم.
كنا نأتيه ونشتري منه الكتب؛ وحينما نسأله عن السعر، يذكر لنا رقما أو مبلغا لا يساوي نصف قيمة الكتاب، لذلك كنا نجادله أن يأخذ أكثر خوفا من أن يخسر، إلا أنه يؤكد لنا أنه لم يخسر لأنه اشترى كمية كبيرة أو مكتبة كاملة بسعر دون السعر المعروف.
ولقد كانت بيننا محبة خالصة لوجه الله تعالى - أسأل الله أن يكرمنا بها. فلقد كنت أزوره بمفردي، ومع أصحابي، ومع شيخي الشيخ عبد الرحمن زین العابدين الذي كان يحبه ويكرمه ويقدره كثيرة؛ وحينما أغيب لفترة، كان يرسل أبناءه ليبلغوني سلام والدهم لأنه كان مريضا ويشكو من / الروماتيزم / في مفاصله.
أذكر مرة أن صديقا لي في مديرية الأوقاف - من طلاب العلم - أراد أن يبيع كتبه التي اشتراها واقتناها منذ أن كان طالبا، وحافظ عليها، لأنه اشتری دارا في الباب، وهو من أهالي الباب، واحتاج إلى مبلغ من المال، فآثر أن يبيع كتبه ليسدد الذمة المتبقية عليه، ورجاني أن أذهب إلى صاحبي الشيخ عمر زیتوني وادعوه لشراء الكتب،
ذهبت وأتيت بالشيخ عمر الذي ذهب معه إلى بيته، وقدر قيمة الكتب في ذاك الوقت - أوائل الثمانينات - بثلاثين ألف ليرة سورية، ففرح صديقي ووافق على بيع كتبه بهذا السعر الذي لم يتوقعه؛ إلا أن الشيخ عمر - رحمه الله - أخذني، وانفرد بي، وهمس في أذني قائلا: «یا شیخ تيسير، أنت أخي، وأريد أن تصارحني لماذا صاحبك يريد أن يبيع كتبه، لقد رأيته محبا لها ومتعلقا بها؟!!»، فأخبرته أنه اشترى بيت ونقصه مبلغ فآثر أن يبيع أحب شيء عنده ليسدد قيمة البيت، فقال لي: هذا ما وقع في نفسي، لذلك أريد أن أعطيه المبلغ دون أن آخذ الكتب»، فقلت له: «إنه عزيز النفس، لا يرضى بذلك»، فقال: «هذه مهمتك، أنت تقنعه بذلك»، ثم عقب قائلا: «إننا طلاب علم، وعلينا أن نساعد بعضنا»، واستطعت أن أقنع صاحبي بأخذ المبلغ، وسدد قيمة الدار، وبقيت الكتب عنده لم يفرط بها !!
مرض الشيخ عمر في أواخر حياته مرضا شديدة. وكان حينما يشتد به الألم، يبدأ بذكر الله تعالى، فلا يحس ولا يشعر بالألم. وقد أخبرني ابنه أنه - وهو في سكرات الموت - راح يذكر الله ذكرا متواصلا، وكلما اشتد الألم ازداد ذكره الله تعالى، ثم قال: «لا إله إلا الله سيدنا محمد رسول الله ، وابتسم ابتسامة، وودع الدنيا - رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.
مقتطفات من كتاب: موسوعة الدعاة والأئمة والخطباء في حلب العصر الحديث.