عبيد الله السندي

تاريخ الولادة1289 هـ
تاريخ الوفاة1363 هـ
العمر74 سنة
مكان الولادةسيالكوت - الهند
مكان الوفاةغير معروف
أماكن الإقامة
  • كابل - أفغانستان
  • بخارى - أوزبكستان
  • مكة المكرمة - الحجاز
  • السند - الهند
  • دهلي - الهند
  • ديوبند - الهند
  • سيالكوت - الهند
  • كانبور - الهند
  • كراتشي - باكستان
  • ملتان - باكستان
  • أنقرة - تركيا
  • استانبول - تركيا

نبذة

عبيد الله السندي الشيخ العالم الصالح عبيد الله الحنفي السندي أحد العلماء المشهورين، ولد في بيت من بيوت الوثنيين في تاسع محرم سنة تسع وثمانين ومائتين وألف في بلدة سيالكوث وتوفي والده قبل ولادته فتربى في حجر خاله الوثني، وتعلم الخط والحساب والتاريخ وغيرها في المدرسة إنكليزية

الترجمة

مولانا عبيد الله السندي
الشيخ العالم الصالح عبيد الله الحنفي السندي أحد العلماء المشهورين، ولد في بيت من بيوت الوثنيين في تاسع محرم سنة تسع وثمانين ومائتين وألف في بلدة سيالكوث وتوفي والده قبل ولادته فتربى في حجر خاله الوثني، وتعلم الخط والحساب والتاريخ وغيرها في المدرسة إنكليزية، ورأى ذات يوم في اليقظة أن نقطة من النور حاذت بين عينيه ثم دخلت في قلبه، فوجد برداً وسكينة في قلبه، وألقى في روعه أنه سيدخل في دين الإسلام، فرغب إليه وحصل بعض الكتب الاسلامية كتحفة الهند للشيخ عبيد الله البائلي وتقوية الايمان للشيخ الشهيد إسماعيل بن عبد الغني الدهلوي، واشتغل بها مدة حتى رسخ في قلبه الايمان، فهاجر من بلدته إلى أرض السند سنة أربع وثلاثمائة وألف وأسلم على يد الشيخ الحاج محمد صديق السندي وبايعه في الطريقة القادرية، واشتغل بالعلم فقرأ رسائل النحو والصرف إلى كافية ابن الحاجب، ثم سافر إلى الملتان ومنها إلى ديوبند وقرأ على أساتذة المدرسة بعض رسائل المنطق، ثم سافر إلى كانبور وقرأ أكثر اكبت الدرسية لعله على مولانا أحمد حسن الكانبوري، ثم رجع إلى ديوبند وأخذ  الحديث عن العلامة محمود حسن الديوبندي وتفقه عليه، ثم ولي التدريس بمدرسة دار الرشاد في أرض سند فدرس بها زماناً، ثم رجع إلى ديوبند وأقام بها مدة من الزمان وأسس جمعية مؤتمر الأنصار، وخالفه أعضاء المدرسة العربية في بعض الأمور واتهموه بسوء الاعتقاد، فسار إلى دهلي وأسس نظارة المعارف بفناء المسجد الفتحبوري، وأعلن أنه يدرس القرآن الكريم وحجة الله البالغة وبعض كتب الحديث في سنتين لمن يريد الأخذ ممن نالوا درجة الفاضلية في الإنكليزية فدرس بها أعواماً.
ثم لما نشبت الحرب الكبرى سافر إلى حدود أفغانستان مختفياً متستراً بايعاز من شيخه العلامة محمود حسن الديوبندي، يحمل رسالة الجهاد والثورة على الإنجليز إلى خاصة تلاميذه، وليحمل أمير أفغانستان على محاربة الإنجليز والهجوم على الحكومة الإنجليزية في الهند، فورد في كابل في خامس ذي الحجة سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة وألف، وقابل الأمير حبيب الله خان والي أفغانستان ونائبه، واقترح عليهما زحف الجنود الأفغانية إلى الهند، ووعد الأمير، واتفقوا على أنه إذا نجحت هذه المهمة وتحقق الجلاء فإنه سيجلس على عرش دهلي ابن من أبناء الأمير كملك دستوري للبلاد، وقامت في كابل حكومة هندية موقتة كان رئيسها راجه مهندر برتاب أحد الثوار من الولاية الشمالية الهندية، وكان الشيخ عبيد الله وزير الداخلية في هذه الحكومة، وبدأ عبيد الله يشكل فرقة من المتطوعة لهذا الغرض سماها جنود الله، وأرسل في هذه المدة رسائل سرية إلى شيخه، اشتهرت فيما بعد بالرسائل الحريرية، لأنها كانت كتبت على منادل من الحرير، وأصبحت الشغل الشاغل للإنجليز، وجرت حولها مباحثات وتحقيقات.
وتنكرت الحكومة الأفغانية للشيخ عبيد الله لعل ذلك بايعاز من الإنجليز وفرضت عليه رقابة وألزمته داراً، كان يشتغل فيها بتعليم القرآن لزملائه المعتقلين الذين كان أكثرهم من تلاميذ الكليات والجامعات الذين هاجروا من الهند، وفي سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة وألف اغتيل الأمير حبيب الله خان وخلفه في الملك ابنه الأمير أمان الله خان، ونشط الشيخ عبيد الله واستطاع أن يسرب إلى الهند إعلانات سرية فيها تحريض للجهاد وقتل الإنجليز ونشبت الحرب بين أفغانستان والإنجليز، كانت فيها الشيخ ورفقته جولة وصولة، وتوجيه وإشراف، وحصلت الهدنة في الخامس والعشرين من شعبان سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة وألف، واستفادت أفغانستان من هذه الحرب ونالت الاستقلال، وبقي عبيد الله ينتهز الفرصة لتحقيق غايته وإثارة الحكومة الأفغانية على تأييد القضية الهندية، قابل لهذا الغرض القائد التركي المعروف بجمال باشا، الذي زار كابل في أوائل سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة وألف، وبدأ نفوذ الإنجليز يقوي في بلاط الأمير أمان الله خان، وبدأ مجال العمل يضيق ويقصر للشيخ عبيد الله وزملائه وتلاميذه، فغادر كابل لثمان بقين من صفر سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة وألف مع زملائه الشباب وتجشم المشاق في هذه الرحلة ومر ببخارا وتاشقند حتى وصل في التاسع عشر من ربيع الأول من هذه السنة في ماسكو عاصمة البلاد السوفيتية ومكث هناك نحو تسعة أشهر، درس في خلالها فلسفة الشيوعية ونظامها بمساعدة تلميذه وزميله ظفر حسن أيبك، وقابل بعض زعماء الحركة،
من بينهم وزير الخارجية في المملكة ووافق على مساعدة أهل الهند في إجلاء الإنجليز، وشاهد الضغط الموجود على الديانات، وإرهاق الأقليات، ووضع خطة للحكومة الحرة الهندية تقوم على الوفاق، وطبعها وأرسلها تهريباً إلى الهند، وصودرت هناك.
فلما يئس من الروس توجه في شهر ذي الحجة سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة وألف إلى تركيا لإكمال خطته التحريرية الجهادية، وقضى نحو خمسة أشهر في أنقره، ثم دخل استنبول في ربيع الأول سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة وألف، وقابل عصمت باشا رئيس وزراء تركيا، ولم يزل في حل وعقد، ومداولات ومخابرات، حتى يئس من الوصول إلى نتيجة، فعزم على التوجه إلى مكة ملجأ العاملين ومثابة المسلمين، وقد أعيت به الحيل، وضاقت عليه السبل، فسافر من أستنبول في الثالث والعشرين من ذي القعدة سنة أربع وأربعين وثلاثمائة وألف بالباخرة عن طريق إيطاليا، وكان العام الذي انعقد فيه المؤتمر الإسلامي بدعوة الملك عبد العزيز ابن سعود، ولم يدرك الحج والمؤتمر بتأخر الباخرة، وألقى رحله في جوار البيت، ومكث نحو خمس عشرة سنة يدرس التفسير للراغبين فيه من العلماء والقاصدين لبيت الله الحرام، ويقضي أوقاته في الدرس والمطالعة، والعبادة والإفادة، معتزلاً في بيته، زاهداً متوكلاً، متقشفاً في الحياة يتبلغ بلقمة من العيش وبما يقيم صلبه، لا يطمع في الدخول في الهند والاجتماع بالأحبة والتلاميذ، حتى جاء الله بالفرج، وسعى بعض أصدقائه من أصحاب النفود في منحه السماح للعودة إلى الهند، فسمح له بذلك، فعاد إلى وطنه ووصل إلى كراتشي في منتصف محرم سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة وألف بعد أربع وعشرين سنة، واستقبله تلاميذه وزملاؤه والمقدرون لفضله وجهاده باخلاص وحماس، وقد مات أكثر شيوخه، وانقرض جيل وجاء جيل جديد، وتطورت البلاد، وتغيرت الأحوال، فلقي جواً جديداً، وشعر بشيء من الغربة، وأبدى من الآراء الغريبة، والأفكار الشاذة في السياسة والاجتماع، والثقافة والإصلاح ما لم توافق أكثر أصدقائه، وقادة المسلمين وزعمائهم، واتسعت الفجوة بينه وبين العلماء والزعماء، وكان يرى اقتباس الخط اللاطيني، واتخاذ اللباس الإفرنجي تفادياً من فرض لباس وطني، يغلب فيه تابع اللباس البرهمي، والحروف السنسكيريتيا، وكان يرى أنه الحل الوحيد لوقاية المسلمين من الوقوع تحت عبودية الأكثرية الفكرية والثقافية، وانزعجت من ذلك الطبقات الدينية، وقضى أيامه الأخيرة في الهند في تناس وقلة إقبال يقضي مدة في دهلي ومدة في السند يدرس فيها حجة الله البالغة على طريقته الخاصة، ويشكل بعض اللجان السياسية، حتى وافاه الأجل في الثالث من رمضان سنة ثلاث وستين وثلاثمائة وألف، ودفن بجوار شيخه العارف الكبير الشيخ غلام محمد في قرية دين بور من توابع بهاولبور.

وكان الشيخ عبيد الله من نوادر الرجال في قوة الإرادة وشهامة النفس واقتحام المخاطر، والبعد في التخيل، والاعتماد على النفس، والعزوف عن الشهوات، وكان مفرط الذكاء قوي المناسبة في العلوم، جيد النظر في طبقات العلماء، وتاريخ العلوم وتدوين الحديث، وكان مفرط الحب والانتصار لشيخ الإسلام ولي الله بن عبد الرحيم الدهلوي، عظيم الشغف بكتبه وعلومه وتحقيقاته، لا يكاد يعدل به أحداً من حكماء الإسلام والعلماء الأعلام، جعل كتابه حجة الله البالغة وتحقيقاته في كتبه أساس فكره وجهده، يطبقها على العصر الجديد ونظمه، بذكاء يغلب عليه التخيل والتقعر، وكان له مذهب في تفسير القرآن، يستنبط منه دقائق السياسة العصرية، والمذاهب الاقتصادية، ويتوسع في الاعتبار والتأويل، وقد تخرج عليه في هذا الأسلوب من التفسير بعض كبار العلماء الذين نفع الله بهم خلقاً كثيراً، أشهرهم الشيخ أحمد علي اللاهوري، وقد انتقد على هذا الأسلوب الشيخ أشرف علي التهانوي، وألف رسالة سماها التقصير في التفسير.
وكان شديد الانتقاد لزعيم الهند المشهور غاندي وسياسته، ويراها خطراً على شخصية المسلمين، وكان شديد الانتقاد لكمال أتاترك، شديد المعارضة للشيوعين والملاحدة، وكانت تعتريه حدة في بعض الأحيان، فيثور وينفجر ولا يبالي بشيء، وكان لا يبالي بقالة الناس ونقدهم، وكانت له أذكار قلبية، وأوراد يديمها.
وكان مربوع القامة أسمر اللون، زاهداً في اللباس والطعام، ولم يكن له كبير اشتغال بالتأليف، ومن أحسن ما كتب التمهيد في أئمة التجديد بالعربية ألفه بمكة، ومقالة عن الشيخ ولي الله الدهلوي في العدد الخاص بذلك لمجلة الفرقان الشهرية، تدل على سعة نظره وعمق فكرته.
الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام المسمى بـ (نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر)