مولانا عبد المنعم الجانكامي
الشيخ الفاضل عبد المنعم الحنفي الجانكامي أحد العلماء المبرزين في الفنون الأدبية، قرأ العلم على أساتذة المدرسة العالية بكلكته، وولي التدريس في مدرسة ذهاكه، ثم جانكام، ثم جعل ناظور المدرسة المحسنية بذهاكه.
وكان فاضلاً كبيراً، بارعاً في النحو واللغة، والمعاني والبيان، والعروض والشعر، له تصويب البيان في شرح الديوان، وهو شرح ديوان المتنبي، وله ديوان الشعر العربي وبعض رسائل في الأخلاق بالفارسية.
فمن شعره قوله من قصيدة يمدح بها عبيد الله:
جرى دمعي المهراق شجواً بمنزل رأينا به داراً ترأت كعوكل
وروضا بهوج الريح صارت غصونه أيادي ندب فوق رأس لعيطل
ذكرت بها سلمى أؤمل وصلها وكيف الرجا يا قلب لي في عقنقل
فقلت لعيني سامحيني بعبرة فلبت فجاءتني بدمع مسلسل
رأينا بها عيناً تولت فلم تعد كدابك مذ هاجرتني لم تحول
فهل بعد صد زورة منك خفية تداوي بها قلب الكئيب المذلل
أعيني بسجع يا حمامة ضارعاً معنى وقد أعياه نوح التعزل
تراكمت الأحزان والقلب واحد تزاحمت الأثقال في كور محمل
وما عيش من قد بات يبكي تقطعاً بناب جديد انشبت أم رنقل
وكيف التلذاذ الراح ممن تصادمت عليه مراز لم يطق صدر أعبل
صعود العلى همي وما كنت خائباً تنفس صعدائي ترى غير أسفل
تقلبني الأيام تقليب قلب تحولني الأحوال تحويل حول
أيا دهر هل منك لطف تداركا لبلبال بال المستهام المقتل
فاما تدارك أو أشد مراجعاً زمامي إلى باب النبيل المبجل
وقوله من قصيدة يمدح بها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
إليك رسول الله أهدي ثنائيا وأبغي به قرباً وإن كنت نائيا
أقرب نفسي من جنابك سيدي عسى أن أرى روحاً على البعد دانيا
عسى تكشف البلوى وكم بك فرجت غوائل إذ نوديت أدرك غياثيا
أؤمل منك العطف عطف عواطف وإن كنت عما يجلب العطف قاصيا
فإنك شمس يستضاء بنورها وما كل شيء يقبس الضوء صافيا
أتيتك أرجو من نوالك رشحة وما خاب مستسق أتى البحر صاديا
ومن قصيدة أخرى
يا ليت لي بمراتع الآرام من نزلة تطفي اضطرام غرامي
كانوا الضياء وفارقوا فبقاعهم بعد الضياء تبرقعت بظلام
رحلوا وقد رحل الحبيب لظعنهم وخلف الأكباد بالآلام
رحلوا وقد سلبوا العقول وأضرموا نار الجوى بجوانحي وعظام
لهفي على دار ترى بقطابهم قطبت بعيد تهلل بسام
لا خير في عيش الفتى وحبيبه مستنكر لمودة الأحلام
لاموا المشوق واشفقوا من حبيبه لضني به وكآبة وسقام
أوكل من عشق استحق ملامة لا والذي بيديه كل زمام
ما لي ألام على الهوى ووددت لو أفحمت فيه عواذلي وندامي
أألام فيه على الحمام وإنني أحببت لو لاقيت فيه حمامي
لو يعلمون من الذي أحببته ما لامني على الهوى لوامي
مات في سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة وألف.
الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام المسمى بـ (نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر)