أحمد بن المتقي بن الهادي بن عماد الدهلوي

سيف أحمد خان

تاريخ الولادة1232 هـ
تاريخ الوفاة1315 هـ
العمر83 سنة
مكان الولادةدهلي - الهند
أماكن الإقامة
  • غازيبور - أفغانستان
  • مراد آباد - إيران
  • بجنور - الهند
  • دهلي - الهند
  • فاتحبور سيكري - الهند

نبذة

السيد أحمد بن المتقي الدهلوي المعروف بسيف أحمد خان الرجل الكبير الشهير أحمد بن المتقي بن الهادي بن عماد بن برهان الحسيني التقوي الدهلوي.

الترجمة

السيد أحمد بن المتقي الدهلوي المعروف بسيف أحمد خان
الرجل الكبير الشهير أحمد بن المتقي بن الهادي بن عماد بن برهان الحسيني التقوي الدهلوي.
كان من مشاهير الشرق، لم يكن مثله في زمانه في الدهاء ورزانة العقل، وجودة القريحة، وقوة النفس والشهامة والفطنة بدقائق الأمور، وجودة التدبير، وإلقاء الخطبة على الناس، والمعرفة بمواقع الخطبة على حسب الحوادث، والتفرس من الوجوه، وقد وقع له مع أهل عصره قلاقل وزلازل، وصار أمره في حياته أحدوثة، وجرت فتن عديدة، والناس قسمان في شأنه: فبعض منهم مقصر به عن المقدار الذي يستحقه، بل يريعه بالعظائم، وبعض آخر يبالغ في وصفه ويجاوز به الحد، ويلقبه بالمجدد الأعظم والمجتهد الأكبر، ويتعصب له كما يتعصب القسم الأول عليه، وهذه قاعدة مطردة في كل من يفوق أهل عصره في أمر، وهو ما بلغ رتبة العلماء، بل قصارى أمره ادلاجه في الفضلاء،
وهو ما أتقن فناً، وتصانيفه شاهدة بما قلته، فإن رأيت مصنفاته علمت أنه كان كبير العقل، قليل العلم، ومع ذلك كان سامحه الله تعالى قليل العمل، لا يصلي ولا يصوم غالباً.  وشأنه عجيب كل العجب، فإنه كان في بداية أمره على مذهب المشايخ النقشبندية، لأنه نشأ فيهم، وكان والده محمد المتقي من أصحاب الشيخ غلام علي الدهلوي، وأمه عزيز النساء بنت فريد الدين الكشميري الوزير كانت بايعت السيد الإمام المجاهد السيد أحمد الشهيد السعيد البريلوي، فصنف الرسائل في إثبات الرابطة وتصور الشيخ، وفي إثبات عمل المولد، وكان الناس يبدعونه في ذلك الحال، ثم رغب إلى طائفة السيد الإمام ومختاراته، وصنف الرسائل في الانتصار له، فنسبه الناس إلى الوهابية، ثم ارتقى إلى ذروة التحقيق والاجتهاد في المذهب، وصدرت منه الأقاويل في تفسير القرآن الكريم، وفي تهذيب الأخلاق، فكفره الناس، وبعضهم بدعوه، ونسبوه إلى نيجر، وهي كلمة انكليزية، معناه الفطرة، لقوله: الإسلام هو الفطرة، والفطرة هي الإسلام.
وكان مولده في خامس ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين ومائتين بعد الألف بدهلي، وتربى في حجر أمه وجده لأمه خواجه فريد الدين، وقرأ النحو والصرف وبعض رسائل المنطق إلى شرح التهذيب لليزدي وقرأ شرح هداية الحكمة للميبذي ومختصر المعاني والمطول على علماء بلدته، ثم صرف همته إلى الهيئة والهندسة وقرأ تحرير الأقليدس وشرح الجغميني وبعض الرسائل في الآلات الرصدية للبرجندي وأعمال الكرة وأعمال الاصطرلاب وصنعة الاصطرلاب والربع المجيب والربع المقنطر والهلزون وجريب الساعة وفرجاء التقسيم والفرجاء المتناسب كلها على خاله زين العابدين، ثم قرأ القانونجه والموجز ومعالجات السديدي، وكليات النفيسي وشرح الأسباب والعلامات إلى أمراض العين على الحكيم غلام حيدر خان الدهلوي وتطبب عليه برهة من الزمان، ثم تقرب إلى بعض متوسلي الحكومة الإنكليزية، وولي التحرير في ديوان الحاكم لأقطاع آكره، وبعد مدة ولي القضاء لفتحبور سيكري، فصار صدر امين واستقل بالقضاء أربع سنوات، ولقبه في هذه السنين بهادر شاه بن أكبر شاه بن شاه عالم التيموري جواد الدولة عارف جنك ثم نقل من فتحبور إلى دهلي، وسنحت له فرصة للأخذ والقراءة، فقرأ القدوري وشرح الوقاية وأصول الشاشي ونور الأنوار وبعض كتب أخرى على مولانا نوازش على الدهلوي، وقرأ بعض المقامات من مقامات الحريري وبعض القصائد من السبع المعلقات على مولانا فيض الحسن السهارنبوري، وقرأ مشكاة المصابيح وقدراً صالحاً من جامع الترمذي وبعضاً من صحيح مسلم على مولانا مخصوص الله بن رفيع الدين العمري الدهلوي وأسند عنه القرآن الكريم، وصنف آثار الصناديد كتاباً في تاريخ دهلي، وتجشم الصعوبة في تصنيفه سنة 1264 هـ، فتلقاه الناس بالقبول، ونقل من دهلي إلى بجنور سنة 1272 هـ، وصنف بها تاريخ بجنور، وجد في تصحيح آئين أكبري لأبي الفضل بن المبارك الناكوري، فصححه بمقابلة النسخ العديدة، وكتب عليه الحواشي المفيدة.

وكان في بجنور إذ ثارت الفتنة العظيمة ببلاد الهند وثارت العساكر الإنكليزية على الحكومة سنة 1273 هـ، فقام على ساق لنصرة الحكومة الإنكليزية، فلما تسلطت الحكومة مرة ثانية رتبت له مائتي ربية شهرية له إلى حياته، وبعده لولده الكبير حامد بن أحمد الدهلوي إلى حياته، وجعلته صدر الصدور ببلدة مراد آباد، وهو عبارة عن نيابة القاضي في إحدى المتصرفيات، فسار إلى مراد آباد سنة 1275 هـ، وصنف الرسائل في أسباب الثورة والخروج، واشتهر أمره في الهند، وظهر فضله بين أهلها عند الحكومة الإنكليزية، ثم صنف تفسير الإنجيل وسماه تبيين الكلام، ولكنه لم يتم، واجتهد فيه في تقريب دين الإسلام إلى دين النصارى، ثم نقل إلى غازيبور سنة 1279 هـ وأنشأ بها مجمعاً علمياً لنقل الكتب العلمية والتاريخية من اللغة الإفرنجية إلى لغلة أهل الند يسمونها أردو، وحرض أهل تلك البلدة من المسلمين والهنادك لإنشاء مدرسة إنكليزية، فأنشأوها وسموها وكلوريه اسكول على اسم ملكة إنكلترا، ثم نقل من غازيبور إلى عليكزه سنة 1281 هـ، فنقل معه ما كان للمجمع العلمي من الآلات والأدوات إلى عليكزه، وجمع الناس عليه، وجمع الإعانات له، وبنى بناء شامخاً لإدارته، فنقل أكثر الكتب المفيدة إلى أردو من العربية والإنكليزية، وأنشأ من تلك الرابطة العلمية صحيفة أسبوعية لإصلاح أهل الهند، ونقل من عليكزه إلى بلدة بنارس سنة 1284 هـ، وصنف كتاباً في حلة طعام أهل الكتاب والمؤاكلة معهم سنة 1285 هـ، وسافر مع ولديه حامد ومحمود إلى جزائر بريطانيا سنة 1286 هـ وأقام في العاصمة سنة وخمسة أشهر، زار في خلالها المراكز الثقافية والمجامع العلمية وبعض الجامعات الشهيرة والمصانع والمعامل الكبيرة، واطلع على المشاريع التعليمية والفنية، ولقي الأساتذة الكبار وأعيان الدولة، وقابل الملكة فكتوريا واحتفت به الدوائر الرسمية وصنف بها الخطبات الأحمدية في السيرة النبوية وشرح لعقيدة الإسلامية، ورد ما أورده السر وليم ميور على السيرة ومهاجمته للاسلام وصاحب رسالته، في كتابه الشهير حياة محمد ورجع إلى الهند سنة 1292 هـ، وأنشأ مجلة تهذيب الأخلاق.
وفشا أمره في الناس، فكفره قوم من العلماء لأقاويل صدرت منه في المجلة وتبعه الآخرون، وشرع في تصنيف تفسير القرآن، واحتضن المدرسة التي أسسها المولوي سميع الله خان باتفاقه وتوجيهه  للمسلمين بعلي كزه، أصبحت بعده بمدة الجامعة الإسلامية سنة 1292 هـ وسكن بتلك البلدة، وطلب من الحكومة أن يحال إلى المعاش، وأجيب إلى ذلك، فانتقل إلى عليكزه، ووهب لهذه المدرسة التي توسعت بعد حياته واشتهرت باسم جامعة عليكزه الإسلامية ذكاءه ونفوذه ومواهبه كلها، وانصرف إليها انصرافاً كلياً يرغب فيها جميع طبقات المسلمين، ويجمع لها التبرعات والإعانات بكل وسيلة وحيلة، ويحتار لها الأساتذة الماهرين من الإنجليز وغيرهم، ويبني لها البنايات العظيمة، ويقوم لتعريفها والدعوة إليها بالجولات في أنحاء الهند، ويقوم بالدعوة إلى التعليم العصري واقتباس الحضارة الغربية وعادات الغربيين، ويكتب ويؤلف ويشير على الحكومة بما يراه صالحاً لها وللمسلمين، ويشارك في تشريع بعض القوانين وتهذيبها، ويخطب في المجلس التشريعي.
وأسس في سنة 1304 هـ المؤتمر التعليمي الإسلامي لمساعدة المسلمين في الاستفادة بالتعليم الحديث وتوجيههم، وعارض المؤتمر الوطني العام، ودعا المسلمين إلى التنحي عنه والعمل لوحدهم متمسكاً بقلة عددهم، وتخلفهم في مجال السياسة والثقافة، وقرب العهد بالثورة التي أثارت حولهم الشبهات، ومنحته الحكومة سنة 1306 هـ وساماً ممتازاً يسمى نجم الهند ولقبته ب كي. سي. ايس. آئي. ومنحته جامعة ايدمبرا الدكتوراه الفخرية في سنة 1307 هـ، ونشأ بينه وبين أعضاء المجلس التأسيسي للمدرسة خلاف في بعض القضايا الإدارية، وعارضه صديقه القديم، وعضده الأيمن في تأسيس المدرسة المولوي سميع الله خان في اختياره نجله القاضي سيد محمود سكرتيراً مساعداً لللجنة، فانفصل سميع الله وزملاؤه عن المجلس، واستقالوا عن العضوية، وكان لذلك الأثر العميق في نفس السيد أحمد خان وأعصابه، وتأثرت صحته، وحدث أن الكاتب الهندكي الذي كان يثق به السيد أحمد خان وجعله أمين الصندوق في الكلية تحققت عليه خيانة في مائة ألف وخمسة آلاف ربية بالتزوير، فكانت ضربة قاضية لم تحتملها أعصاب السيد أحمد خان وصحته، وتكدرت أيامه الأخيرة، ومات ابنه السيد حامد في سنة 1315 هـ، فانهارت صحته ولزم الصمت، واعتراه في غرة ذي القعدة 1315 هـ احتباس البول، وفي الرابع من ذي القعدة 1315 هـ أصابه الصداع الشديد والحمى، وفارق الحياة في الليل، ودفن بجوار مسجده الذي بناه في وسط الجامعة.
كان السيد أحمد خان - رغماً عن المآخذ ومواضع النقد التي أشار إليها المؤلف - من الرجال العصاميين، الذين أثروا في عصرهم وجيلهم تأثيراً لم يعرف لغيره من معاصريه، وقد أثر في عقلية أبناء عصره ومن جاء بعدهم وفي السياسة والأدب والإنشاء وحركة التأليف، وتخرج في مدرسته الفكرية - على ما فيها من ضعف وانحراف - رجال قادوا الحركة الفكرية والسياسية في شبة القارة الهندية، كان قوي الشخصية، قوي النفوذ على أصحابه وجلسائه، عاملاً دؤباً، لا يتعب ولا يمل، وكان نشاطه كثير الجوانب، متنوع الأغراض، واسع النطاق، وكان على رقة في الدين وشذوذ في العقيدة شديد الحب للمسلمين، شديد التألم بما أصيبوا به، تواقاً إلى تقدمهم وسبقهم في مضمار العلم والمدنية والرفاهية، يستخدم لذلك كل وسيلة وحيلة، وكان رجلاً مرهف الحس، حاد الذهن، عصبياً، سريع الانفعال والقبول، كثير الاعتداد برأيه، كثير الاعتماد على غيره، إذا أعجب به ووثق، شديد الإجلال للحضارة الغربي كان أبيض اللون تغلب عليه الحمرة، واسع الجبين، كبير الهامة في غير عيب، وكان في أنفه قصر عن وجهه الكبير، كبير الأذنين، وكان في نحره غدة تغطيها لحيته الكبيرة، وكان جسيماً بديناً، وكان في قامته طول قد عدله سمن جسمه وضخامة بدنه، وكان قوي الأعضاء ضخم الكراديس، وكان يلبس لباس أهل وطنه قبل أن يسافر إلى انكلترا، وبقي بعد ذلك يلبس اللباس التركي، ويلبس الطربوش، وكان يعيش كالغربيين في بيت منعزل، ويأكل على طريقتهم.
وأما مختاراته في المسائل الكلامية والعقائد الدينية، فمنها:
إن الله سبحانه علة العلل لجميع الكائنات إنه عالم بجميع ما كان وما يكون، وعلمه هذا هو التقدير صفاته تعالى عين ذاته العقل يكفي في معرفة الله وفي التمييز بين الكفر والإسلام لا يقبل العدم ما كان يبقى من الموجودات بعد انعدام العوارض نوعية كانت أو شخصية لا ينتقض قانون الفطرة لأن أفعاله تعالى قانونه حسن الأشياء وقبحها عقلي الإنسان مجبور في فطرته وجبلته ومختار في قدرته إجماع الأمة ليس بحجة شريعة لا يجب على أحد تقليد أحد غير النبي المعصوم صلى الله عليه وآله وسلم الإيمان تصديق بالقلب، فإن أذعن أحد بالشهادتين في القلب فهو مؤمن ولو تشابه بقوم في خصوصيات الدين وشعار الكفر كالزنار والصليب والأعياد أحكام الشريعة كلها مطابقة للفطرة النبوة ملكة راسخة فطرية من بابن تهذيب الأخلاق ملكة النبوة هي الناموس الأكبر، ويقال لها بلسان الشرع جبريل معجزات الأنبياء ليس من دلائل النبوة المعجزة ليست غير مطابقة للفطرة، ولكن خفيت على الناس أسبابها فظنوا أنها خارقة للعادة، الملائكة والشياطين ليست بأشخاص متحيزة بالذات المراد بالملائكة القوى الملكية، والمراد بالشياطين القوى البهيمية، فإنها موجودة في وجود الإنسان ليست خارجة عنهم القرآن ليس بمعجز في الفصاحة والبلاغة، لأنه ليس مما ألقى في قلب النبي صلى الله عليه وآله وسلم بلفظه، بل بمضمونه ومعناه، والمراد من قوله تعالى: " فاتوا بسورة من مثله" وقوله: " فاتوا بعشر سور مثله" التحدي في الهداية والتعليمات رؤية الله سبحانه لأحد منا لإنسان محال، لا يقبله العقل الجنة والنار غير موجودتين في الخارج، بل المراد تخييل الراحة والعذاب بقدر فهم الإنسان السماء هو بعد غير متناه يتصل بعضه ببعض، ولذلك أطلق عليه سبع سماوات، فهو ليس بأجرام فلكية، كما يزعمه الحكماء ليست في القرآن آية منسوخة، لا منسوخة التلاوة ولا منسوخة الحكم لا رق في الإسلام الطوفان في زمن نوح عليه السلام ما كان عاماً لسائر الأرض معراج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ما كان جسمانياً، وكذلك شق الصدر، فإنهما كان على طريق الرؤيا نحن مجبورون في اتباع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ في الأمور الدينية، مختارون في الأمور الدنيوية ما وقع التحريف اللفظي في الكتب السماوية الخلافة بعد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ما كانت خلافة النبوة يحل أكل الطيور التي خنقها النصارى وطبخوها للأكل، وله مختارات في المذهب غير ذلك، ذكرها ألطاف حسين في كتابه حياة جاويد.
الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام المسمى بـ (نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر)