القاضي شيخ الاسلام الكجراتي
الشيخ العالم الكبير العلامة شيخ الاسلام بن قاضي القضاة عبد الوهاب الحنفي الأحمد آبادي الكجراتي، أحد مشاهير الفقهاء الحنفية، انتهت إليه الإمامة في العلم والعمل والزهد والورع والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع الصدق والأمانة والعفة والصيانة وحسن القصد والإخلاص والابتهال إلى الله تعالى وشدة الخوف منه.
قال خافي خان في منتخب اللباب: إنه ما أخذ شيئاً من متروكات والده بل قسم بعضها على الفقراء والمساكين ليخفف أثقاله وقسم سائرها على غيره من أرباب الفرض والعصوبة وكان والده ترك مائتي ألف أشرفي وخمسمائة ألف ربية فضلاً عن الجواهر الثمينة والأثاث الوافر، فلم يأخذ منها شيئاً كما فعل الشيخ صدر الدين محمد بن زكريا الملتاني غير أن صدر الدين أخذ نصيبه وقسمه على الفقراء وشيخ الاسلام ما أخذ شيئاً ووجه ذلك أن والده الشيخ صدر الدين كان صاحب الورع والعزيمة لم يجمع المال من غير حقه ووالد شيخ الاسلام كان غير مشكور السيرة في الجمع ولذلك ما أخذ شيئاً من متروكاته، قال: ولما توفي والده ولاه عالمكير بن شاهجهان قضاء المعسكر مكان والده سنة أربع وثمانين وألف فأبى قبوله فلما لم يقبل منه عالمكير إلا القبول قبل كارهاً وبذل جهده في الصدق والتحري للحق وتزكية الشهود والتفتيش ورفع النقاب عن وجه المعاملة وتطهير الذيل عن أدناس الغرض فضلاً عن الارتشاء وقول الحق عند السلطان ولو كان يخالفه، انتهى
وقال شاه نواز خان في مآثر الأمراء: إن عالمكير لما قصد ملوك الدكن استفتاه في ذلك فأجاب بما يخالفه، قال: وإنه ترك المنصب والخدمة بعد مدة مع حرص السلطان على استخدامه وسافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار ورجع إلى الهند فسكن بأحمد آباد، ولما سمع عالمكير أنه رجع بذل ما لا مزيد عليه من العناية وعرض عليه القضاء ثم الصدارة فلم يقبلها ولما أصر السلطان وبالغ في إصراره ارتحل من بلدته كرهاً لقبول تلك الخدمة وتوفي إلى رحمة الله سبحانه في أثناء الطريق فتأسف السلطان بموته تأسفاً شديداً، انتهى.
وقال مستهد خان في مآثر عالمكيري: إنه كان من العلماء الربانيين، ولاه عالمكير القضاء بمدينة دهلي فاستقل به مدة من الزمان ولما توفي والده عبد الوهاب ولاه قضاء المعسكر مكانه فصار قاضي قضاة الهند سنة ست وثمانين وألف واعتزل عنه سنة أربع وتسعين وألف مع أن السلطان كان لا يتركه ولا يرخصه لترك الخدمة فسافر إلى الحجاز سنة خمس وتسعين وألف فحج وزار ورجع إلى أحمدآباد واعتزل في بيته فاستقدمه عالمكير ليوليه القضاء مرة ثانية فامتنع من قبوله، انتهى. مات سنة تسع ومائة وألف، كما في مآثر الأمراء.
الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام المسمى بـ (نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر)