عودة بنت أحمد المزركيتى.
أم أمير المؤمنين أبى العباس:
أحمد المنصور الشريف الحسنى.
الشيخة الصالحة العابدة والقانتة. كان لها-رحمة الله عليها-اعتناء ببناء القناطر، وإصلاح السّبل، والمساجد، وديار مبيت القوافل في الطريق، وغير ذلك، من الحسنات التى أجرى الله على يدها، وبنت مسجد جمعة بمراكش المحروسة بباب دكالة منها، وحبست عليه أحباسا طائلة فمن أراد إحصاءها فليقف عليها في المنتقى المقصور؛ فلقد ذكرت ثمة شيئا من ذلك وأصلحت جسرا عظيما على وادى أم الربيع، بطريق مراكش، وآخر على وادى بنى بسيل، وآخر على وادى فاس بطريق صواغة، وغير ذلك.
وأما ديار القوافل التى في الطريق فلا عدد لها.
وكنت كاتبتها-رحمة الله عليها-من مدينة «سلا» أستنجدها لإصلاح دار الشّرط إذ هو محلّ مخوف؛ فو الله الذى لا إله إلا هو ما مضى للكتاب مقدار وصوله إلا وأمرت-عاملها الله بلطفه وإحسانه-بإنشائها هنالك فجاءت بعاية الرفق بالمسلمين، رحمة الله تعالى عليها.
وكانت شفيقة رفيقة بالرعية: تحضّ ولدها-أيده الله-كلّ ساعة وحين-على الرفق بهم، والنظر إليهم نظر الوالد؛ فهى أم المؤمنين رحمة الله تعالى عليها.
توفيت في المحرم سنة 1000 من الهجرة النبوية.
ولما توفيت عظم أمرها على المسلمين كافّة لإحسانها ورفقتها بهم وكان ولدها بها بارا كاد أن يخرج عن الحصر بروره بها-أيده الله تعالى بمنه.
ولما نعيت إليه-أيده الله وأبقاه-التزم عليها من الحزن ما لم يلتزمه ولد لوالدته أصلا، رفقا بها وشفقة عليها وحقّ لها ذلك.
ذيل وفيات الأعيان المسمى «درّة الحجال في أسماء الرّجال» المؤلف: أبو العبّاس أحمد بن محمّد المكناسى الشّهير بابن القاضى (960 - 1025 هـ)