القاضي نصير الدين البرهانبوري
الشيخ العالم المحدث الفقيه القاضي نصير الدين بن القاضي سراج محمد الحنفي البرهانبوري، أحد العلماء المبرزين في الفقه والحديث والعربية، لم يكن في زمانه أعلم منه بالرجال والحديث، وأطوع منه للكتاب والسنة، وأصدق منه في لهجة، قرأ العلم على والده وعلى الشيخ عثمان بن عيسى السندي، ولازم شيخه عثمان ملازمة طويلة حتى فاق أقرانه في العلم، وأفحم العلامة شكر الله الشيرازي في البحث وله ثمان عشرة سنة.
وكان القاضي نصير الدين ممن يرجح الحديث أياماً كان على قياس المجتهد، وكان ينكر القياس ويقول إن حديث علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل موضوع، فلذلك كفره صهره الشيخ علم الله البيجابوري وأفتى بقتله وإحراقه في النار، ورتب المحضر لذلك فأثبت العلماء توقيعاتهم على ذلك، وأبى الشيخ محمد بن فضل الله البرهانبوري والشيخ عيسى بن قاسم السندي عن تصويبه وتصديقه، فانتصر له عبد الرحيم بن بيرم خان، فرفعوا تلك القضية إلى سلطان الهند، فأمر باحضارهما في معسكره، فذهب الشيخ علم الله المذكور إلى بيجابور والتجأ إلى إبراهيم عادل شاه البيجابوري، وسافر القاضي نصير الدين إلى الحجاز، وجهز له عبد الرحيم المذكور وأعانه في رحلته، فأقام بالحرمين الشريفين خمس سنوات، ثم رجع إلى الهند ووقع في أيدي الأفرنج ولبث فيهم برهة من الزمان، ثم أطلقوه فدخل في بندر دائل سنة أربع وعشرين وألف وكانت في سلطة عادل شاه، فاستقبله العادل إلى ثلاثة أميال وجاء به إلى دار الامارة، ولما سمع جهانكير بن أكبر شاه الدهلوي سلطان الهند بمجيئه من الحجاز استقدمه إلى معسكره وأكد عليه، فجاء إلى برهانبور واعتزل في بيته وعزم أن لا يخرج من البيت، فلما جاء خرم بن جهانكير إلى برهانبور بعثه إلى آكره، فأكرمه واحتفى به جهانكير ورخصه بعد مدة طويلة، فرجع إلى برهانبور واعتزل في بيته، وكانت وفاته سنة إحدى وثلاثين وألف، كما في مآثر رحيمي.
الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام المسمى بـ (نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر)