محمد بن يحيى الأنصارى.
من أهل المريّة أبو عبد الله ويعرف بالقانون المتامن بتونس.
قرأ على الأستاذ أبى الحسن بن أبى العبّاس وتأدّب به.
وكان أديبا لبيبا مشاركا. وكانت أمه أسماء من سبايا عرب إفريقية من بنى رباح-اشتراها أبوه [وتسرّاها]، وكانت من خيّرات النساء، وعقائلهن، ولما حملت به كانت ترى فيما يرى النائم كأنّ القمر خرج من تحتها، فصعد حتى دار على منزلها، ثم عاد فدخل تحتها، فقضت رؤياها على الخطيب الصالح: أبى الحسن بن شعيب وغيره، فعبرت لها بأن حملها ذلك سيكون له شأن، فلما وضع وعقل أعلمته برؤياها وما عبرت به، فكان يحدّث نفسه بالرئاسة، وينشد أصحابه وأترابه فى المكتب دائما، ويكتب عند عرض كلّ قلم ومداد:
ولا بدّ يوما أن أسود على الورى … ولو عاد للأيام عمرو وعامر
ثمّ إن الحاجب ببجاية: الفقيه أبا عبد الرحمن: محمد بن عبد الرحمن ابن أبى القمر السّلمى قدم على المريّة رسولا من إفريقية إلى المقام السّلطانى بحضرة غرناطة فتعرّف به، واتصل بما لديه، وسأله عن أخبار تلك الجهات والأقطار؛ فجاشت نفسه لقضاء مالها على الأيام من المآرب، فركب البحر إلى إفريقية تاجرا، ولحق بأخواله: بنى رباح من عربها، ووطّن نفسه على المقام هناك، واتصل بخدمة جانب السلطان فولّى لأوّل أمره الزكاة والمواريث ببجاية، ثمّ ولّى قيادة الأسطول بها، ولم يزل يستحثّ نفسه فى طلب الرياسة، ونيل الإمارة حتى ولّى الحجابة بحضرة تونس للأمير: أبى يحيى بن أبى بكر بن الامير: أبى زكرياء بن الأمير: أبى إسحاق بن الأمير: أبى زكرياء بن أبى محمد بن أبى حفص، واستوسق له الأمر بها مدّة.
ويقال إنه ولى الإمارة بها مستقلا نحو أربعين يوما ووصلت هداياه وتحفه منها إلى أصحابه بالمريّة.
ولم يزل والى الحجابة بتونس إلى أن توفى قتيلا بها سنة 721 أو 722.
ذيل وفيات الأعيان المسمى «درّة الحجال في أسماء الرّجال» المؤلف: أبو العبّاس أحمد بن محمّد المكناسى الشّهير بابن القاضى (960 - 1025 هـ)