حسين بن أبى القاسم الملولى الدرعى.
الفقيه، الأديب، القاضى نيابة «بسلا» يستظهر مختصر خليل بن إسحاق. من نظمه مضمنا:
أعاذلتى فى حب «فاس» وأهلها … ذرينى فليس العذل يشفى من الوجد
بلاد بها قد هام قلبى وإن نأت … بجسمى عن أكنافها أينق البعد
وخاطبنى ببيتين:
بشعلة من شهابه … أحرق كلّ حسود
فهو الملاذ المنيع … أحصن لى من زرود
فأجبته وكتب النبيه حسام الدين على عادة المشارقة فى اسم حسين:
قلّدت للمجد سيفا … صلت به فى الأنام
ولا غريب لأنى … محصّن بالحسام
وطلب منى تضمين قول بعضهم: ألذّ الكرى عند الصباح يكون» فقلت مضمنا:
وأهيف قدّ بابلىّ لواحظ … جنونى به فى العاشقين فنون
تبدّى بصبح الجيد فاشتقت قربه … ألذّ الكرى عند الصباح يكون
وقلت مضمنا غيره:
وقائلة لما رأتنى مملّقا … أتنفق جودا بعد عسر وتبدل؟
فقلت لها: كفّى الملامة فى النّدى … هى النفس ما حمّلتها تتحمّل
وكتبت له من التورية فى اسم «داود» فى ليلة الأحد ثامن وعشرى رمضان الذى من شهور سنة 998:
ومعشوق كلفت به زمانا … بديع الشّكل ذى عقل ولبّ
فإن تخبر شمائله تجده … عزيز النّفس ذا ودّ وحبّ
وقلت من المعمى فى اسم عمر فى ثالث شوال من السنة المذكورة:
العين شاعت فى الورى … فى ذا الزمان الفاسد
[مرّ حبيبى مدنفا … من بعد عين الحاسد]
وأنشدنى لغيره:
هوت أمّه ما يبعث الصبح غاديا … وماذا يؤدّى اللّيل حين بئوب؟ !
هوت أمه ماذا تضمّن رحله … من الجود والمعروف حين ينوب؟ !
ولغيره أيضا:
يا قبّح الله دنيانا ولذّتها … ليست تفى عند ذى عقل بقيراط
دنيا تأبّت على الأحرار قاطبة … وطاوعت كلّ مجفان وضرّاط
وأنشدنا لغيره:
ماذا أقول لدنيا لو ظفرت بها … أو خفتها غضبا بالضّرب والأدب
تجلو الرياسة فى تاج البهاء على … من لا يفرّق بين الرأس والذّنب
حدّثنى بحكاية عن بعض طلبة الأندلس أنه ورد «المهدية» على «المازرى» ووجده فى درسه، فلما فرغ من إقرائه وافترق الناس عنه مدّ إحدى رجليه، فدخل عليه شعاع الشمس [من كوّة] فوقع على رجل الشيخ، فقال الشيخ: هذا شعاع منعكس. فنظر الطالب قوله، فإذا هو متزن، فذيّله بقوله:
هذا شعاع منعكس … لعلّة لا تلتبس
لمّا رآك عنصرا … من كلّ علم ينبجس
أتى يمدّ ساعدا … من نور علم يقتبس
وأنشدنى لغيره:
إنّا إذا طال المدى وتباعدت … أجسامنا بحوادث الأيّام
صرنا بأفواه المحابر نشتكى … ألم الفراق بألسن الأقلام
وأنشدنى لغيره فى مطالعة الكتب:
لنا جلساء ما يملّ حديثهم … ألبّاء مأمونون غيبا ومشهدا
يفيدوننا علما وأخبار من مضى … وعقلا وتأديبا ورأيا مسدّدا
فلا فتنة تخشى ولا سوء عشرة … ولا نتّقى منهم لسانا ولا يدا
فإن قلت أحياء فما أنت كاذب … وإن قلت: أموات فلست مفنّدا
واستحازنى مروياتى بقوله:
أراوية العلم الذى زانه العمل … وكعبة أفضال يطوف بها الأمل
ويا دوحة الفضل الذى طاب محتدا … وطاب نجارا وارتدى المجد واشتمل
عبيدك بالنّعمى حسين بن قاسم … وقاه إله العرش من وقفة الخجل
بباب الهدى يبغى إجازة سيّد … به يرتجى من ربه نيل ما سأل
ليشرب إذ يدعوك شيخا وينتمى … لجانبك الرحب السليم من الدّغل
وينظم فى سلك الذين تحمّلوا … تفاريع هذا العلم عنك بلا خلل
فأجزته بقولى:
أجزت لكم ما قد رويت إجازة … معمّمة فى كلّ ما العبد قد حمل
وما صحّ عنه من نظام وما له … من النّثر والتأليف مع كلّ ما نقل
وفى كلّ مقروء تثبّت عندكم … وفى كلّ مسموع بدا ما به خلل
وكلّ مجاز ثمّ كلّ مناول … فدونك فارو العلم واقرنه بالعمل
وكاتب هذا أحمد بن محمد … ويعرف بابن العافيه مكثر الزّلل
بتاريخ ألف بعد هجرة مرسل … عليه صلاة الله ما النّجم قد أفل
ولد بقرب 970.
ذيل وفيات الأعيان المسمى «درّة الحجال في أسماء الرّجال» المؤلف: أبو العبّاس أحمد بن محمّد المكناسى الشّهير بابن القاضى (960 - 1025 هـ)