أحمد بن محمد بن القاضى محمد بن الغرديس الثعلبى.
الأديب البليغ، الكاتب، المشارك المتفنن، كاتب ولى العهد: مولانا أبى العباس المنصور، وهو مولانا أبو عبد الله المأمون، أسعدهم الله تعالى بمنه.
كاتب مجيد، ناظم ناثر، قدوة أهل زمانه، وواحد وقته وأوانه، وهو صاحب المظالم لديه [وهو] متولى الشكايات، وبيتهم بيت علم وثروة، علم فى الفضيلة، ومكارم الأخلاق، وكرم النفس، والسراوة.
من نظمه ما أنشدنيه بمدح مخدومه المخدوم. أعنى المأمون.
أهدى النسيم تحيّة المشتاق … وأذاع ذكر الشوق فى الآفاق
فى طىّ مسراه ولين هبوبه … سرّ يشبّ لواعج الأشواق
لما سرت للرّوح منه رويحة … حيّت فأحيت مبتلّى بفراق
ومنها تخلّصا:
هم أتبعوا بالسيف كلّ معاند … ضربا على الأذقان والأعناق
هم ألحموا الكفار كلّ وقيعة … فسقوهم بالطعن كأس دهاق
فعلا على الأديان دين محمد … من بعد شرك ثابت ونفاق
شهد الأنام بليلة سطعت بها … شمس النبوّة تامة الإشراق
وافترّ ثغر الصّبح عن ميلاد خير … العالمين الطيب الأعراق
أكرم به وبيومنا من ليلة … منها انتشار الحقّ فى الآفاق
وفىّ الإمام المرتضى المأمون من … مقدارها بالبذل والإنفاق
وأفاض إجلالا وتعظيما لها … أصناف نعمى جوده الدّفّاق
ومنها ختاما:
فالدّين يعلو كعبه لمقامه … والكفر فى ذلّ وفى إهراق
لا زلت فى عزّ ونصر ضافيا … حلل البها مرقومة الأطواق
أخذ عن ابن راشد كتاب «الحوفى» وفهمه من أوّل مرّة، وعن جماعة.
وله فهم جيّد، وحذق. واسع الإيثار، منير الرحمة علىّ الهمة، حسن الخط، فصيح القلم، ذكىّ الشّيم، نفقت بوجوده للاّفضائل أسواق، وأشرقت بأجداده للفضائل آفاق، وهو مولع باقتناء الكتب، وخزانة كتبهم بفاس مشهورة. كاد أن لا يفقد فيها كتاب أصلا.
ولد الكاتب المذكور سنة 947.
ذيل وفيات الأعيان المسمى «درّة الحجال في أسماء الرّجال» المؤلف: أبو العبّاس أحمد بن محمّد المكناسى الشّهير بابن القاضى (960 - 1025 هـ)