مصطفى بن أحمد الأزهري

الصاوي مصطفى

تاريخ الولادةغير معروف
تاريخ الوفاة1216 هـ
مكان الولادةغير معروف
مكان الوفاةغير معروف
أماكن الإقامة
  • القاهرة - مصر

نبذة

الشيخ مصطفى بن أحمد المعروف بالصاوي الشافعي الأزهري العمدة الإمام، خاتمة العلماء الأعلام، ومسك ختام الجهابذة ذوي الأفهام، ومن افتخر به عصره على الأعصار، وصاح بلبل فصاحته في الأمصار، يتيمة الدهر وشامة وجه أهل العصر، العالم المحقق والنحرير المدقق، بديع الزمان والتاج المرصع على رؤوس الأقران، الناظم الناثر والفصيح الباهر. كان والده من أعيان التجار بمصر، وأصل مرباهم بالسويس بساحل القلزم، وصاوي نسبة إلى بلدة بشرقية بلبيس تسمى الصوة على غير القياس، وهي بلدة والده، ثم انتقل منها إلى السويس، وكان يبيع بها الماء.

الترجمة

الشيخ مصطفى بن أحمد المعروف بالصاوي الشافعي الأزهري
العمدة الإمام، خاتمة العلماء الأعلام، ومسك ختام الجهابذة ذوي الأفهام، ومن افتخر به عصره على الأعصار، وصاح بلبل فصاحته في الأمصار، يتيمة الدهر وشامة وجه أهل العصر، العالم المحقق والنحرير المدقق، بديع الزمان والتاج المرصع على رؤوس الأقران، الناظم الناثر والفصيح الباهر. كان والده من أعيان التجار بمصر، وأصل مرباهم بالسويس بساحل القلزم، وصاوي نسبة إلى بلدة بشرقية بلبيس تسمى الصوة على غير القياس، وهي بلدة والده، ثم انتقل منها إلى السويس، وكان يبيع بها الماء.
وولد بها المترجم فارتحل به إلى مصر وسكن بحارة الحسينية مدة، وأتى بولده المترجم إلى الجامع الأزهر، واشتغل بالقراءة فحفظ القرآن والمتون، واشتغل بالعلم، وحضر دروس الأشياخ، ولازم الشيخ عيسى البراوي، وتخرج به ومهر، وأنجب وأقرأ الدروس، وشهد له الفضلاء. وكان لطيف الذات مليح الصفات، رقيق حواشي الطبع، مشاراً غليه في الإفراد والجمع، مهذب الأخلاق جميل الأعراق، اللطف حشو إهابه والفضل لا يلبس غير جلبابه،
لو مثل اللطيف جسما ... لكان للطف روحا

إذا نزل بناد ارتحلت الهموم، وارتضع من أخلاف أخلاقه نبت الكروم، تقاريره عذبة رائقة وتحاريره فائقة، ذهنه وقاد ونظمه مستجاد، فمن نظمه قوله:
أقبل الأنس يجتلي بسرور ... وتولى الحزن الذي نحن فيه
وتناءت همومنا بعد قرب ... وتناهت لذات ما نرتجيه
واجتمعنا بليلة هي تزري ... بالضحى إذ صحا وما قد يليه
ودت الشمس أن يكون لها مث ... ل ضيا حسنها فما نرتضيه
واجتلونا المدام أشهى مدام ... مع نديم يا حسن ما نجتليه
حيث كانت أكوابنا كنجوم ... كلما قد شربتها قلت إيه
واحتسينا كاساتها فطربنا ... بشذاها وراق ما نحتسيه
واجتنينا من نظم در حبيب ... نثره رائق كخمرة فيه
فرعى الله ليلة قد تقضت ... بالهنا والمنى وعز وتيه
وسقى الله عهدنا قطر سحب ... رائقات تجلو المرابع تيه
مذ صفا ودنا برغم حسود ... مع كيد العذول ذي التشويه
يا لها ليلة حكت جنة الخل ... د وفيها ما نفسنا تشتهيه
ليلة الأنس هل تعودي لصب ... صبة الوجد دائماً تعتريه
تجمعي شمله بأحمد من قد ... حمد الله فعل ما يصطفيه
هاك تجلى إليك خدود عروس ... ثوبها العز والبها ترتديه
وهي تتلو عليك يا خير مولى ... ليس مهري سوى الرضا فاعطنيه
وله أيضاً:
نزلنا بهذا القصر والنيل تحته ... فلله قصر قد تعاظم بالمد
مع العالم النحرير أكرم ماجد ... إمام همام جامع علم فرد
فأين ابن هاني من فصاحة نطقه ... وأين أويس لا يضاهيه في الزهد

تأمل فما أثر كعين مشاهد ... وأبصر فما قرب لديه كما البعد
وما هو إلا البحر لكنه حلا ... وما هو إلا البر بالدين والعهد
وأعني به شيخي البراوي من به ... تحلى زمان العز في الجيد بالعقد
ومنها:
أقول لمن رام الوصول لقدره ... تمنيت أمراً مستحيلاً بلا حد
فهذا مقام ليس يعطى لغيره ... وحاشاه أن يحصى بسرد ولا عد
فيا أيها الملتاذ إن رمت علمه ... تحدث عن البحر المحيط عن الجهد
ومن لي وقد قصرت في مدح سيدي ... ومعظم إسنادي وذي الحل والعقد
كذلك مولانا الشريف محمد ... هو العلوي الأصل قد فاز بالسعد
وينسب للمختار أشرف مرسل ... عليه صلاة الله طابت كما الند
وله:
لحاظك تزري بالحسام المهند ... وريقك لا يرويه غير المبرد
وطرفك ذا السفاك قد سفك الدما ... وقدك ذا السفاح في الصب معتدي
فيا وجهه كم قد هديت لحسنه ... ويا شعره كم قد أضليت مهتدي
ومالي لا أصبو بضوء جبينه ... وثغر شهي باللآلي منضد
ولام عذاريه تدور بخده ... كنمام آس مع بنفسجه الندي
وخضرة ريحان بعارضه الذي ... يعارض قلبي في هواه وأكبدي
يريك ربيعاً بالبهاء بنانه ... على ورد خديه الزهي المورد
أروم حياة وهو يطلب قتلني ... بسيف معد للقتال ومرصد
فيا حسن لولاك ما كان محسن ... فأحسن لمضنى ساهر الجفن مسهد
يبيت يعاني أعظم السقم دائما ... سلوا ليلة واستشهدوا الشهب تشهد
ويسند إرسال السحاب لدمعه ... مسلسل أحزان بوجد مجدد
يقول العذول ارجع فإني ناصح ... ورأيي لا يروى سوى عن مسدد
فقلت له دعني فرأيك فاسد ... وقولك بهتان بزور مفند

وله:
من لمضنى أحشاؤه تتلاهب ... ما الفضا مثلها ولا يتقارب
جفنه ساهر وحزن جفاه ... مستمر ودمعه يتساكب
يا خليليه من حوادث دهر ... حاربته فصار يدعى المحارب
لو رآه المتيمون لصاحوا ... ما لهذا بالصد أضحى يعاقب
فرعاه الإله من مستهام ... ما أراد الوصال إلا يراقب
وحبيب ممنع ذو جمال ... وطبيب لمهجة الصب ماطب
حسن محسن بذات وفعل ... كل حسن لذاته يتناسب
حيثما وجهه له حسنات ... إن جنى الذنب فهو ليس يحاسب
يا غزالاً رفقاً بصب كئيب ... قد نآه الزمان ممن يحابب
وخف الله من محبيك وارحم ... من تلظى وغير شكلك ماحب
ولما عمر الشيخ عبد الرحمن الجبرتي داره التي بالصنادقية بالقرب من الأزهر، سنة إحدى وتسعين ومائة وألف، عمل المترجم أبياتاً وتاريخاً رقمت بطراز مجلس العقد الداخل وهي:
خليلي هذا الروض فاحت زهوره ... ولاح على الأكوان حقاً ظهوره
وزاد ثناءً عبّق الجو طيبه ... فمنك عبير المسك طاب عبوره
سما في سماء الكون فابتهج العلا ... برفعته وازداد سراً سروره
ألم تر أجسام الوجود تراقصت ... وجاء التهاني باسمات ثغوره
مكان على التقوى تأسس مجده ... ومن سور التوفيق والهدي سوره
وفردوس عدن فاح فوح نسميه ... وحفته ولدان النعيم وحوره
ومجلس أنس كل ما فيه مشرق ... ومقعد صدق قد تسامى حبوره
بناء يروق العين حسن جماله ... ورونقه يشفي الصدور صدوره
ومن مجد بانيه تزايد بهجة ... وقلد من در المعاني نحوره

عزيز بنى بيت المكارم فانثنت ... تغني به حمداً ومدحاً طيوره
وأحيا رسوم المجد والفخر والتقى ... وزانت بأعلام الكمال سطوره
فلا زال فيه الفضل تسمو شموسه ... وتنمو على كل البدور بدوره
ودام به سعد السعود مؤرخاً ... حمى العز بالمولى الجبرتي نوره
وله في صيوان:
وصيوان حوى غراً وفخرا ... عليه من البها حسن متمم
كروض الأنس فيه الورق غنت ... وبلبال السرور لها ترنم
على الإيوان يزهو بارتفاع ... ويهزو بالخيام وبالمخيم
فتحسبه وذا الإشراق فيه ... سماء الجود قد ظلت مكرم
يقول السعد في تاريخه بي ... على مجد الوزير العز خيم
ومن نثره ما كتبه تقريظاً على المؤلف الذي ألفه العلامة الشيخ محمد عبد اللطيف الطحلاوي، الذي ضاهى به عنوان الشرف للعلامة السيوطي، قوله: حمداً لمولى يضيق نطاق المنطق عن شكره، ويعجز لسان اللسن عن الإفصاح بذكره، يدني لب الموحد إلى فهم مقامات التوحيد، ويعرفه سبل التهجد والتحميد، ويسعده بنهاية الوصول، إلى مقاصد فهم الأصول. وصلاة وسلاماً على المحمود بأكمل ثناء، الممدوح بأجمل ضياء وسناء، وعلى آله وأصحابه وأتباعه وأحبابه، ما ألف كتاب، وكللت تيجان الربا بلآلئ السحاب، أما بعد فقد سرحت طرفي في رياض هذا التأليف الرائق، وفرحت بصري بالمشاهدة لمحاسن هذا التصنيف الفائق، واقتطفت بيدي ثمرات أوراقه، واستضأت بأنوار إشراقه، وحليت سمعي بدرر فوائده، وفكري بغرر عوائده، وعرضت على فهمي لآلئ جواهره، فلاحت لعيني بدور زواهره، فإذا هو عقد نظم من درر العلوم، وتحلت به غواني الفهوم، رشيق الألفاظ والمعاني، رقيق التراكيب والمباني، لم ينسج ناسج على منواله، ولم يأت بليغ بمثاله، قد أفحم فصحاء الرجال، وألقت له البلغاء العصي والحبال، وأعجز الفصحاء كبيراً وصغيرا، فلا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا، يفوق بحسنه كل مؤلف، ويروق برونقه على كل مصنف، جمع فيه من العلوم أشرفها وأشرقها، ومن المعارف أرقها وأروقها، فهو مجموع جامع مانع، وروض يافع يانع، فلا شك أنه صنعة قادر، وصبغة لبيب ماهر، وكيف لا وهو العلامة الإمام الفهامة الهمام، المحقق الفاضل المدقق الكامل، جامع شمل المعارف حائز أنواع اللطائف، وحيد الكمالات اللدنية، وفريد المحاسن الخلقية والخلقية، مولانا الشيخ محمد عبد اللطيف الطحلاوي، قابل الله صنيعه بحسن القبول، وبلغه من خير الدارين كل مأمول، وأدام الكريم النفع بوجوده وأقام لديه جزيل إحسانه وجوده، الكامل كرت الليالي ومرت الأيام، وقطر غيث الغمام، والحمد لله وحده، وصلى الله على من لا نبي بعده، ومن نثره أيضاً هذه المراسلة: بسم الله الرحمن الرحيم نحمدك يا من أجريت المقادير على وفق الإرادة، وجعلت المطالب سبباً للإفادة والاستفادة، ونشكرك على ما أوليتنا من سوابغ الإحسان، ومنحتنا من سوابق الفضل والامتنان، ونصلي ونسلم على نبيك سيد ولد عدنان، إلى آخره.
وأيضاً:
إن أحلى ما تحلت به تيجان الرسائل، وأعلى ما تجلت به مظاهر المقاصد والوسائل، وأبهى ما رقمه البنان، من بديع المعاني والبيان، وأشهر ما فاهت به الأقلام، وفاحت به نوافح مسك الختام، إهداء تسليم تفوح فوائح المسك من طيب نشره، وتلوح لوائح الإقبال من وجوه بشره، وتبتسم ثغور الأماني من شمائل شموله، وتتنسم نسمات التهاني من إقباله وقبوله. وإسداء تحيات يعبق شذاها، ويشرف نورها وضياها، تفوق الشموس نوراً، وتروق الخواطر منها سرورا، نقدم ذلك ونهديه ونظهره ونبديه، لحضرة ذوي المهابة والفخار والعلو والاقتدار، الجامعين بين المتاجر والمفاخر، الحائزين لجمال الأول والآخر، القاطنين بخير البلاد، القائمين بمصالح العباد، مصابيح الدنيا وبهجتها، وكواكب البلاد وتحفتها، حماة حرم يجبى إليه الثمرات، وزينة محل تقضى به الحاجات، عين أعيان المكاسب والتجارة، وزين أبناء المطالب والإشارة، نعني بذلك فلاناً وفلانا، أسبغ الله عليهم سوابغ الإنعام، وأسبل عليهم حلل الجود والإكرام، وأصلح لهم الأحوال، وبلغهم الأماني والآمال، وبسط لهم الأرزاق، وحباهم بلطفه الخلاق. أما بعد بسط كف الرجاء، ومد سواعد القصد والالتجاء، بدعوات مقرونة بالإنابة، ليس لها حاجب عن أبياب الإجابة، فمما يعرض عليكم وينهى بعد السلام إليكم، أنه قد وصل إلينا رقيمكم المكنون المحتوي على الدر المصون، فشممنا منه نفحات مكية حرمية، ونسيمات سحرية بهية، فتعطرنا بطيب مسكها الأذفر، وتطيبنا بعبير عنبرها الأزهر. وذكرتم أنه بذلتم المجهود في طلب المقصود، إلى آخره.
وله غير ذلك كثير، وحاله وفضله شهير، ولم يزل يملي ويفيد ويقرر ويعيد، حتى قطفت يد الأجل نواره، وأطفأت رياح المنية أنواره. وذلك يوم الاثنين الرابع والعشرين من شهر ذي القعدة الحرام سنة ست عشرة ومائتين وألف، ورثاه الشيخ إسماعيل الزرقاني بقوله:
تداولت الأيام بالعسر واليسر ... وتلك شؤون الحق في مطلق الدهر
فكيف أرى قلبي على فقد ألفه ... حزيناً ودمع العين من فيضه يجري
فقال لنا في سيد الخلق أسوة ... فقد دمعت عيناه حزناً كما تدري
وهذا الذي أمسى حليف ضريحه ... إلى فضله تصبو الأنام مدى العمر

إمام له فضل الرواية والحجا ... فمن نقله يملي ومن عقله يقري
قوى فهمه صارت بنور معيدها ... ترى من مبادي الحال عاقبة الأمر
عتبت على الأيام في نثر عقدها ... وقد غاب من أثنائه معدن الدر
فقالت ومالي ذاك حبر موفق ... أحب لقاء الله أسرع للأجر
تلقته أملاك النعيم تحفه ... وتنقله من ورد نهر إلى قصر
إلى أن يرى وجه العزيز مكانه ... ويبقى حميداً في الترقي مع البشر
بمقعد صدق صار عند مليكه ... فيا مصطفاه فزت مرتفع القدر
حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر - ابن إبراهيم البيطار الميداني الدمشقي.