محمد شمس الدين بن عبد الله بن فتح الفرغلي

تاريخ الوفاة1210 هـ
مكان الولادةالغربية - مصر
أماكن الإقامة
  • الغربية - مصر

نبذة

الشيخ محمد شمس الدين بن عبد الله بن فتح الفرغلي المحمدي الشافعي السبرباني المصري نسبة إلى سبرباي قرية بالغربية قرب طندتا وبها ولد، ونسبه يرجع إلى القطب سيدي الفرغلي المحمدي من ولد سيدنا محمد بن الحنفية

الترجمة

الشيخ محمد شمس الدين بن عبد الله بن فتح الفرغلي المحمدي الشافعي السبرباني المصري
نسبة إلى سبرباي قرية بالغربية قرب طندتا وبها ولد، ونسبه يرجع إلى القطب سيدي الفرغلي المحمدي من ولد سيدنا محمد بن الحنفية، قال الجبرتي في ترجمته: هو العمدة الفاضل والصفوة الكامل، العالم الفقيه والعامل النبيه، تفقه على علماء عصره وأنجب في المعارف والفهوم وعانى الفنون، فأدرك من كل فن الحظ الأوفر، ومال إلى فن الميقات والتقاويم فنال من ذلك ما يرومه، وألف في ذلك وصنف زيجاً مختصراً دل على سعة باعه ورسوخه في الفن، ومعرفة القواعد والأصول ودقائق الحساب، ونهج مسلك الأدب والتاريخ والشعر ففاق فيه الأقران، ومدح الأعيان، وله المزدوجة المسماة بنفحة الطيب في محاسن الحبيب، التي نظمها باسم الأمير حسن بك رضوان، فكان طوداً راسخاً وبحراً راسخاً، مع دماثة الأخلاق وطيب الأعراق، ولين العريكة، وحسن العشرة، ولطف الشمائل والطباع. وكان يلي نيابة القضاء ببلده، وبالجملة فكان عديم النظير في أقرانه لم أر من يدانيه في أوصافه الجميلة.
وله مصنفات كثيرة منها الضوابط الجليلة في الأسانيد العلية ألفه سنة ست وسبعين ومائة وألف، وذكر فيه سنده عن الشيخ نور الدين أبي الحسن سيدي علي بن الشيخ العلامة أبي عبد الله سيدي محمد العربي الفاسي المغربي الشهير بالسقاط. وسليقته في الشعر عذبة رائقة، وكلامه بديع مقبول في سائر أنواعه، من المدح والرثاء والتشبيب والغزل والحماسة والجد والهزل. له ديوان جمع فيه أمداحه صلى الله عليه وسلم سماه عقود الفرائد وقد قرظ عليه الشيخ عبد الله الأدكاوي في سنة تسع وسبعين ومائة وألف بقوله:
هكذا من أراد نظم الفرائد ... أو نحا نحو حوك برد القصائد
هكذا هكذا عقود المعاني ... لا عقود المخدرات الخرائد
تلك صواغها البنان وهذي ... صاغها فكر شمس فضل الأماجد
فرغلي الأروم نامي ذرى المج ... د بديع الفهوم سامي المشاهد
الأريب الذي أتاح له الل ... هـ المعاني لذي العقود مصايد
واللبيب الذي لقد قيد الل ... هـ له في قريضه كل شارد
من معان لو حاز منها أبي الطي ... ب معنى لقال حزت المحامد

أو نحا نحوها الوليد لقلنا ... والداً صرت يا سني الموارد
أو شذا مثلها حبيب لحاز الحس ... ن طراً وقد سما للفراقد
أين منها بدائع ابن سناء المل ... ك حسنا مرونقاً ومقاصد
أين منها ما زخرفوه من القو ... ل وقالوا هنا محط الفوائد
ذاك والله ضاع وصفاً وهذا ... ضاء إذ ضاع منه أسنى الفوائد
بمديح الذي قد اختاره الل ... هـ رئيساً على جميع الأعابد
أحمد المصطفى الظهور فأمّ ... خير أمّ ووالد خير والد
صلوات مطيبات توالى ... تربه ما صلى وسلم عابد
وتعم الآل الكرام والأص ... حاب جميعاً ما خر لله ساجد
وله في رثاء شيخه القطب الحفني قصائد طنانة، وله جملة أراجيز، منها أرجوزة في تاريخ وقائع علي بيك ومحمد بيك. وله قصيدة من بحر الطويل ضمنها ما وقع للأمير مصطفى بك مولى محمد بك في سنة أربع وتسعين في طريق الحجاز حين ولي أميراً على الحج، وهي بديعة سلسلة النظم، حاوية وقائعه التي جرت له مع العربان، ولحلاوتها أوردت منها جملة، وسماها تغريد حمام الأيك، فيما وقع لأمير اللوا مصطفى بك وهي هذه:

إمارة حج البيت في سالف العصر ... هي المنصب الأعلا وحقك في مصر
وخدمة وفد الله جل جلاله ... هي النعمة العظمى لمغتنم الأجر
تنافس فيها الأولون وعظموا ... إمارتها في الخافقين مدى الدهر
وقام بها الأهلون وافتخرت بها ... ملوك بني عثمان في البر والبحر
وهان على الحجاج من فقد مالهم ... وما عندهم إنفاقه أنفس العمر
وطاب لهم نوم العقتقل بعد ما اس ... تراحوا على تلك الأرائك القصر
ولذ لهم بعد الفرات ودجلة ... ونيل الهنا شرب الأجاج مع المر
وصاموا وهاموا في جمال حبيبهم ... وظلوا سكارى لا بكأس ولا خمر
وأفلتهم صوت المنادي فأعلنوا ... إجابته في عالم الغيب والذر
وفي عالم الملك المشاهد طلقوا ... منامهم شوقاً إلى البيت والحجر
وشدوا على العيس الرحال وأخلصوا ... سرائرهم لله في السر والجهر
وساروا وزند الشوق بين ضلوعهم ... له شرر أذكى لهيباً من الجمر
وخلوا ديار الأنس بعد مسيرهم ... يغرد فيها بليل الدوح والقمري
وفيها من الغادات كل خريدة ... إذا ابتسمت تغنيك عن طلعة الفجر
وحجوا وطافوا البيت سبعاً وعرفوا ... وزاروا رسول الله ثم أبا بكر
وعادوا إلى الأوطان ليس عليهم ... ذنوب ولا إثم كما جاء في الذكر
وفي عام ألف تم، ثم ومائة ... وأربعة من بعد تسعين في الحصر
تولى أمير الحج مفرد عصره ... كريم السجايا ذو المهابة والفخر
أمير اللوا كنز الصفا مصطفى الوفا ... مبيد العدى بالمرهفات وبالسمر
بديع الحلى مولى الأمير محمد ... أبى الذهب المحفوف بالعز والنصر
أمير اللوا من كان سلطان عصره ... فريداً وحيداً بالتكلم في مصر
وكان كبدر التم في أفق العلا ... وكان هلال السعد في غرة الدهر
فسار على نهج العلا مصطفى الوفا ... وشيد أركان الإمارة بالفخر

وشد جواد العزم والحزم والقوى ... وعظم شأن الحج في ذلك العصر
وأنفق أموالاً عليه كثيرة ... وفاز بتحصيل الثواب مع الأجر
وقضى شؤوناً بالحجاز تعلقت ... وأحكمها بالعقل والنقل والفكر
وقد وضع الأشياء طراً محلها ... ودبرها تدبير مجتهد حبر
وجهز ما يحتاجه من ذخائر ... ووجهها نحو السويس على الظهر
وسير منها جانباً نحو جدة ... وأرسل باقيها إلى ينبع البر
وقرر حقاً في الوظائف أهلها ... وقلد أجياد المناصب بالدر
وأمسى خلي البال بعد اشتغاله ... وأصبح بعد الكل في راحة السر
وقد عملت أرباب دولة عزه ... على كل أمر مقتضاه بلا كبر
وفي شهر شوال المبارك زينت ... لموكبه أطلال مصر من الفجر
وسرت به الآفاق وابتهجت به ... جميع القرى والسعد وافى من البشر
وأضحت بقاع الأرض مخضرة الربا ... وأضحت رياض الزهر مبهجة الثغر
وسلمه شيخ الكنانة محملا ... قد افتخرت مصر به غاية الفخر
ونالت بنو عثمان حظاً به على ... جميع ملوك الأرض في البر والبحر
وسار به كالبدر عند تمامه ... وأتباعه الأمجاد كالأنجم الزهر
وماس به يهتز في حلة البها ... على صافن مثل النسيم إذا يسري
وبين يديه الدفتدار وحوله ... صناجق مصر في ازدهاء وفي فخر
ومن خلفه الفرسان من كل جانب ... أحاطت به مثل الكواكب بالبدر
بأسلحة كالبرق تخطف عمر من ... دنا نحوه بالسوء والغدر والشر
وما زال يسعى مع سلامة ربه ... بمحمل طه ذي الفتوحات والنصر
إلى أن دنا من حصوة طاب ريحها ... ونسمتها تشفي العليل من الضر
وأنزله فيها وبات بها وقد ... دعته إلى مصر دواعي الهوى العذرى

وأصبح فيها قائماً هائماً له ... حنين إلى الجوزا وشوق إلى بدر
وبات بها والقلب خيم باللوا ... وأم القرة ذات القضائل والفخر
وأصبح منها سائراً متوكلاً ... على الله رب البيت والركن والحجر
وفي بركة الحج الشريف أتى بها ... محط رجال الوفد من سائر القطر
أقام بها حتى انقضت يا أولي النهى ... مهماته طراً وأعلن بالشكر
وغلق واستوفى جميع الذي له ... وللعرب العربا من الذهب التبر
وغلق أيضاً بعد ذا مال صرة ... أعدت لأشراف الحجاز مدى الدهر
وأقبلت الحجاج من كل جانب ... عليه وأضحى ملجأ العبد والحر
وفي سابع العشرين دقت طبوله ... وسار كبدر التم في رابع العشر
وصحبته الحجاج طراً بأسرهم ... وزوار طه ملجأ الناس في الحشر
وودعه شيخ الكنانة قائلاً ... تعود إلينا بالسلامة والجبر
وتنظر مصراً في السرور وفي الهنا ... ونحن بخير سالمين من الضر
وبالحج فافعل كل ما أنت أهله ... من الخير والإحسان والحلم والبر
ولا تنسنا في البيت من صالح الدعا ... وفي حجر إسماعيل يا طيب النشر
وفي عرفات والمحصب من منى ... وفي الروضة الغرا تجاه أبي بكر
وفي ينبع مع بدر والقاع فاحترص ... من العرب العرباء في الورد والصدر
ولا تأمن الصغرا ونقب عليهما ... فإنهما يا ذا العلا بقعة الشر
وكل قليل يا أمير اللوى لنا ... فوجه بشيراً عاقلاً كاتم السر
ومن بعد ذا كل الصناجق أقبلت ... تميس دلالاً في ثياب الهوى العذري
وعانقهم مذ عانقوه وودعوا ... وأدمعهم فوق المحاجر كالقطر
وأحبابه طرا تقول له مع الس ... لامة يا ذا العز والمجد والقدر
وهي طويلة. توفي المترجم في شهر ربيع الأول سنة عشر ومائتين وألف من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم.

حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر - ابن إبراهيم البيطار الميداني الدمشقي.