الشيخ محمد المصري المجذوب
كان مقيماً في مدرسة الشميصانية شمالي جامع بني أمية في الأودة الحجرة التي عند المطاهر ويصعد إليها بدرج، كان ملازماً لهذه الحجرة لا يخرج منها في ليل ولا نهار، وكان لا يقبل من أحد شيئاً سوى الطعام في بعض الأوقات، مع أنه كان محبوباً عند الناس، وله هيبة وجلالة، إذا كان طوره متغيراً لا يجسر عليه أحد إجلالاً له وخوفاً منه. وكان له إخبارات غيبية وكشوفات علية، وظهر له كرامات تثبت أنه عند الله من ذوي الرتب والعنايات، وعلى كل حال فإن أطواره كانت غريبة وأحواله كانت عجيبة، واستقامته لا يقدر عليها أحد إلا من لاحظته عين المدد. توفي رحمه الله ثاني عشر رجب سنة إحدى وسبعين ومائتين وألف، وحضر غسله وجنازته والصلاة عليه الأعيان والكبار والأصناف والتجار، فكانت جنازته من أعجب العجائب وأغرب الغرائب، وما ترى من أحد إلا ودموعه تتساقط من عيونه تساقط البرد، كأنه له والد أو ولد، ودفن في باب الصغير عند قبر سيدنا بلال رضي الله عنه.
حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر - ابن إبراهيم البيطار الميداني الدمشقي.