الحاج محمد بن الحروبي القلعي المغربي المالكي أحد وزراء الأمير عبد القادر
العالم العامل والصدر الجهبذ الكامل، والتقي العابد والنقي المجاهد. كان كاتب الأمير السيد عبد القادر في بلاد الجزائر حينما كان الأمير بها خليفة، ثم جعله والياً في إيالة صطيف، ووقع في أسر الفرنسيس، ثم أطلقوه وهاجر إلى الشام، وتوطن دمشق، إلى أن انتقل إلى بروسا لزيارة الأمير السيد عبد القادر حينما أطلقته فرنسا من أسرها، وهاجر إلى بروسه المعروفة الآن ببرصه، ولم يزل هناك مع الأمير إلى أن رحل الأمير من برسوه لكثرة الزلازل بها، وجاء إلى دمشق الشام فحضر المترجم معه إلى دمشق، واشتغل بالعلم والإفادة والتقوى والعبادة، وقد انتفع به كثير من الناس. وكان لطيفاً جميلاً حسن المعاشرة طلق اللسان، عالي المروءة واسع الهمة، حفاظاً كثير المحاضرة، حسوراً لا يهاب من شيء. وكنت أذهب إليه مع والدي للزيارة فأرى له من الهيبة والجلالة حظاً وافراً. وكان يزور والدي كثيراً، ولم يكن بينهما سوى المحاضرة والمذاكرة، والتأسف والاتعاظ، وذكر سير السلف وما كانوا عليه من العبادة. توفي رحمه الله سنة تسع وسبعين ومائتين وألف ودفن في تربة الدحداح.
حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر - ابن إبراهيم البيطار الميداني الدمشقي.