علي بن محمد القناوي المصري الخلوتي

تاريخ الولادةغير معروف
تاريخ الوفاةغير معروف
الفترة الزمنيةبين 1200 و 1300 هـ
أماكن الإقامة
  • زبيد - اليمن
  • صنعاء - اليمن
  • قنا - مصر

نبذة

الشيخ علي بن محمد القناوي المصري الشافعي الخلوتي العالم الفاضل، والحبر البحر الكامل، صاحب الكشوفات والأحوال والثبات في طريق السادة الرجال، والسياحات الطويلة، والإرشادات الجليلة، نشأ في طلب العلوم، إلى أن صار يعتمد عليه في المنطوق والمفهوم، ثم أخذ الطريقة الخلوتية عن العارف بالله شيخ الشيوخ في مصر محمد بن سالم الحفناوي الآخذ لها عن إمام أهل الوجدان السيد مصطفى البكري الصديقي الآخذ لها عن كعبة ذوي العرفان السيد الشيخ عبد الغني النابلسي.

الترجمة

الشيخ علي بن محمد القناوي المصري الشافعي الخلوتي
العالم الفاضل، والحبر البحر الكامل، صاحب الكشوفات والأحوال والثبات في طريق السادة الرجال، والسياحات الطويلة، والإرشادات الجليلة، نشأ في طلب العلوم، إلى أن صار يعتمد عليه في المنطوق والمفهوم، ثم أخذ الطريقة الخلوتية عن العارف بالله شيخ الشيوخ في مصر محمد بن سالم الحفناوي الآخذ لها عن إمام أهل الوجدان السيد مصطفى البكري الصديقي الآخذ لها عن كعبة ذوي العرفان السيد الشيخ عبد الغني النابلسي.
وكان المترجم المذكور يكرر التردد إلى زبيد وصنعاء اليمن وفي كل مرة يتلقونه بالإجلال والتكريم والمهابة والتعظيم، ويجتمع عليه في كل ليلة من الخاص والعام، جمعية كبرى مع معاملتهم بالأدب التام، ويدخلون معه في حلقة الذكر، مع اعتقادهم لولايته وإخلاصه في السر والجهر، ولقد اتفق له أنه وصل في بعض وفاداته إلى زبيد وأقام الذكر المذكور على الصفة المذكورة من اجتماع الناس بغاية الخضوع والانقياد والتسليم، وكان عنده من يقف في الحلقة وينشد من كلام القوم بالنغمات الرائعة، والحركات في الصوت الفائقة، بحيث يغيب الإنسان عن شعوره، ولا يفرق بين آصاله وبكوره، بل تأخذه نشأة وجدانية، وغيبة عرفانية، وكان من جملة الحاضرين، رجل من أكابر العلماء المتصوفين، المشغولين بذكر الله، المعرضين عما سواه، فلما حدا الحادي وشدا ذلك الشادي، ولم يكن ذلك الرجل من قبل قد عرف في الذكر طريقة الإنشاد، فحينما سمع ذلك وقع في الأرض يرتعد أشد الارتعاد، ولم يزل يبكي بكاء غزيراً، حتى أحدث له ذلك رعافاً مسترسلاً كثيراً، فكان ذلك سبب انعدامه، وشربه كأس حمامه. قال صاحب التاج المكلل وقد اختلف العلماء في حكم النغم والغناء على أحد عشر قولاً، ومذهب الإمام العلامة ابن حزم الظاهري الحل مطلقاً، قال لأن التحريم لا يثبت إلا بنص صحيح صريح ولم أقف عليه، وخالفه الجمهور، والمسألة فيها رسائل مضبوطة مبسوطة من علماء المذاهب. انتهى كلامه ناقلاً عن النفس اليماني. ثم قال: والذي ترجح عند المحققين من أهل الحديث أن الذكر بالصفة المذكورة بدعة وأي بدعة، وفيها من إساءة الأدب مع الله سبحانه والتشبه بالفرق الذين يذكرون الله في معابدهم على نغمات العود والوتر ما لا يقدر قدره، فلم يثبت حديث واحد ولو ضعيفاً في جواز ذكر الله تعالى على هذه الصفة المشار إليها فلا خير فيه ولا أجر عليه، بل هو ضرر محض ووزر صرف، ومنكر واضح. نعم لا دليل على تحريم السماع من السنة فهو باق على أصله من الحل حتى يقول دليل صحيح يدل على حرمته ودونه خرط القتاد، ورحم الله القناوي أي المترجم المذكور فقد اجترأ جرأة عظيمة على فعل الذكر بهذه الصفة من الحادي وإنشاد الأشعار مع كونه من أهل العلم الممتازين، وهذا الصنيع منه دليل على أن الإنسان لا يخلو من عصيان، ولو بلغ من العلم والعمل نهاية الإمكان. هذا وقد نشر هذا المترجم هذه الطريقة على هذه الصفة بأمر شيخه الحفناوي في الآفاق، فدخل خراسان وأطراف الهند والعراقين وصنعاء اليمن وغير ذلك من المحلات، وهو في الجميع متلقى بالإعزاز والإكرام، والقبول والاحترام، وكلامه مقبول، على العيون والرؤوس محمول، وكان حلو العبارة، لطيف الإشارة، لا يفتر في وقت من الأوقات، عن الأخذ بنوع من أنواع العبادات، وكان إذا تكلم في تفسير حديث أو آية قرآنية، يتكلم من الفتح الإلهي والواردات العرفانية، ثم قال: وعندي أن الذكر الإلهي، والفكر القدسي لا يجتمعان مع شيء من البدعة، وإن اجتمعا كان ذلك من تلبيس إبليس، وتدليسه لأهل التدريس، ولهذا قال في النفس اليماني بعد المبالغة في الثناء عليه: وغير خاف أن الفقهاء لا سيما أهل مدينة ذمار ينكرون بعض ما يقع من طريقة السيد المذكور انتهى. قلت: ولكن الحق معهم في ذلك وإن قيل فيهم ما قيل انتهى كلام صاحب التاج المكلل.
أقول: لقد سقط التاج، وتجاوز معتدل المنهاج، إذا كان ما ثبت على قوله حديث واحد ولو ضعيفاً في جواز ذكر الله تعالى على هذه الصفة، فليت شعري أين الحديث المثبت حرمة ذلك ومنعه ألم يدر أن الأصل في الأشياء الإباحة فمن أين له هذا الإنكار، وعلى أي مذهب استند من مذاهب الأئمة الأخيار، والأغرب من ذلك دعواه أن السماع مباح ولكن وقوعه على الذكر ليس من الفلاح، مع أن الذكر من أفضل مطلوب فهل إذا اقترن به الإنشاد المباح خرج عن دائرة المندوب، وإن اجتماع ذلك من تلبيس إبليس وتدليسه لأهل التدريس، مع أن الحرمة لا تثبت إلا بدليل ذي رفعة وهو قد قال بأنه لا دليل على تحريم السماع من السنة فكيف يحكم بحرمته في الأذكار، وعلى كل حال فهو كلام لا يلتفت إليه، ولا يعول أهل الإنصاف عليه، وإن قاله كثير من الناس، الواقعين في غفلة الالتباس، ولو كان هذا المحل يحسن فيه إطالة الكلام، وذكر أدلة المجوزين وإبطال قول المعترضين لقمنا بواجب حق المقام، خصوصاً وقد ملأت هذه المسألة بطون الدفاتر، وقام ببيان حكمها كثير من السادات الأكابر، خصوصاً في كتب الصوفية الفضلاء، ذوي الكشف عن حقائق الأشياء، فالأولى التسليم لذوي الكمال، وعدم التعرض لهم بحال، وإلا فاللائم مطرود، وعن موائد الإكرام مبعود. توفي المترجم المرقوم سنة ألف ومائتين وزيادة لم أقف على تعيينها.

حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر - ابن إبراهيم البيطار الميداني الدمشقي.

 

 

 

السيدُ، العلامةُ، الوليُّ الكبيرُ، علي بن عمر القناويُّ، المصريُّ.
تكرر وفوده إلى مدينة زبيد، وإلى صنعاء اليمن مرارًا عديدة، وهو في كل وفادة يُتلقى بالإكرام والإجلال، ويجتمع إليه في كل يوم وليلة من الخاص والعام ما دام مقيمًا عالَمٌ كثير يقيمون معه الذكر الجهري على طريقةٍ أخذَها عن شيخ الشيوخ في إقليم مصر محمد بن سالم الحفناوي، الآخذ لها عن الإمام مصطفى البكري، الآخذ لها عن علي بن وفا، وهو - كما أفاد ذلك الشيخُ عبدُ الغني النابلسي في "بيان السر الغامض في شرح ديوان ابن الفارض" - أولُ من أحدث الحادي في حلقة الذكر، وينشد من الأشعار الرائقة المباني الفائقة المعاني الإلهية بالموسيقاوى، ما ينعش القلوب، ويهيجها إلى التوجه إلى علام الغيوب، ويؤثر فيها تأثيرًا عظيمًا، ولقد اتفق أن السيد المذكور وصل في بعض وفاداته إلى زبيد، وأقام الذكر المذكورَ على الصفة المذكورة، وحضر الخاصُّ والعام من أهل البلد، وكان من جملة الحاضرين رجلٌ من أكابر العلماء المشغولين بذكر الله آناء الليل والنهار، فلما حدى الحادي، ولم يكن قد طرق سمعَه ذلك، فلم يزل يبكي بكاء شديدًا، وتواجد تواجدًا عظيمًا، حتى أحدث له ذلك رعافًا مسترسلاً كان من أسباب موته.
وهذا غير مستبعَد، فقد ذكر شراح "السلم المنطقي" في بحث الخطابيات ما حاصله: أن الخطاب الشعري إذا وقع باللفظ الرائق، والمعنى الفائق، والصوت الحسن الخارق، وصادف قلبًا سليمًا صافيًا، فعلَ في القلب من التأثيرات البالغة ما لا تفعله البراهين القطعية، وتأثرُ القلبِ بالصوت الحسن مقتضى الفطرة الإنسانية، ومن لم يتأثر بذلك، فهو كما قال الإمام الشافعي: فاسدُ المزاج، يحتاج إلى العلاج. وقد أخرج الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال، قال رجل: يا رسول الله! إني رجل حُبِّبَ إليَّ الصوتُ الحسنُ، فهل في الجنة صوت حسنٌ؟ قال: "والذي نفسي بيده! إن الله يوحي إلى شجرة في الجنة، أن أَسْمِعي عبادي الذين اشتغلوا بعبادتي وذكري عن عزف البرابط والمزامير، فترفعُ بصوتٍ لم تسمع الخلائقُ بمثله من تسبيح الربِّ وتقديسِه".
وأخرج عبدُ بن حُميد، عن يحيى بن أبي كثير في قوله تعالى: {فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ} [الروم: 15]، قال، قيل: يا رسول الله! ما الحبرة؟ قال: "اللذة والسماع". وقد ساق الجلال السيوطي في "الدر المنثور" عدة آثار في هذا المعنى. وقد اختلف العلماء في حكم النغم والغناء على أحد عشر قولًا. ومذهب الإمام العلامة ابن حزم الظاهري: الحِلُّ مطلقًا. قال: لأن التحريم لا يثبت إلا بنص صريح صحيح، ولم أقف عليه. خالفه الجمهور، والمسألة فيها رسائل مضبوطة مبسوطة من علماء المذاهب، انتهى كلام "النفس اليماني".
والذي ترجَّح عند المحققين من أهل الحديث: أن الذكر بالصفة المذكورة بدعة وأي بدعة! وفيها من إساءة الأدب مع الله سبحانه، والتشبه بالفرق التي يذكرون الله في معابدهم على نغمات العود والوتر ما لا يقدر قدره، ولم يثبت حديث واحد - ولو ضعيفًا - في جواز ذكر الله تعالى على هذه الصفة المشار إليها، فلا خير فيه، ولا أجر عليه، بل هو ضرر محض، ووزر صرف، ومنكر واضح، نعم! لا دليلَ على تحريم السماع من السنن وأدلتها، فهو باق على أصله من الحل حتى يقوم دليل صحيح يدل على حرمته، ودونه خرط القَتاد، ورحم الله القناوي، فقد اجترأ جرأة عظيمة على فعل الذكر وقوله بهذه الصفة من الحادي وإنشاد الأشعار، مع كونه من أهل العلم الممتازين، وهذا الصنيع منه دليل على أن الإنسان لا يخلو من عصيان، ولو بلغ من العلم والعمل ما بلغ من الإمكان، ثم قال في "النفس اليماني": نشر السيد علي القناوي هذه الطريقة بأمر شيخه الحفناوي في الآفاق، فدخل خراسان، وأطراف الهند، والعراقين، وصنعاء اليمن، وغير ذلك من المحلات، وهو في الجميع متلقى بالإعزاز والإكرام والإجلال، وكلامه مقبول، على الرؤوس والعيون محمول، وكان حلوَ العبارة، لطيف الإشارة، شغلتُه درسُ القرآن والصلاة، يورد الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، ويتكلم فيها بالتحقيق الجلي، والسر الخفي، وأكثرُ شغله بذكر الله - عز وجل -، انتهى.
وعندي: الذكرُ الإلهي والعكر القدسي لا يجتمعان مع شيء من البدعة، وإن اجتمعا، كان ذلك من تلبيس إبليس، وتدليسه لأهل التدريس ولهذا قال في "النفس اليماني" بعد المبالغة في الثناء عليه: وغيرُ خافٍ: أن الفقهاء سيما أهل مدينة ذمار ينكرون بعض ما يقع من طريقة السيد المذكور، ولكن أهل ذمار شأنهم كما قال السيد إسحاق بن يوسف - رح -:
وإذا نظرتُ إلى ذمارَ وَجَدْتَها ... حسناءَ، لم تَلْبَسْ نفيسَ إزارِ
لا يَخْضَعون لفاتِكٍ أو باسلٍ ... كخضوعِهم للضيفِ أو للجار
انتهى.
قلت: ولكن الحق معهم في ذلك، وإن قيل فيهم ما قيل، قال: ووفد إلى مدينة صنعاء اليمن {الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ} [الفجر: 8] من حيث إنها كما في "القاموس": شبيهة بدمشق، ودمشق هي {إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ} [الفجر: 7] على أحد التفاسير، والمشبه له حكم التشبه به.

ولله در العلامة عبد الله بن عمر الخليل حيث يقول في قصيدته:
سلامٌ على صنعاءَ التي فاحَ نَشْرُها ... ولاحَ سناها في النُّجود وأَتْهَما
بلادٌ بناها قيل شيث بنُ آدم ... وقَوَّمَ معناها لها فَتَقَوَّما
التاج المكلل من جواهر مآثر الطراز الآخر والأول - أبو الِطيب محمد صديق خان البخاري القِنَّوجي.