السيد عبد المحسن بن حمزة بن السيد علي الدمشقي الحنفي الشهير بابن عجلان الشريف الحسني
نقيب الأشراف بدمشق الشام. ونخبة أعيانها وأشرافها الكرام، المتحلي بحلى الأدب والكمال، والمستوي على عرش اللطافة والجمال، أحد فضلاء الأفاضل المعروفين، وأوحد السادات الأوائل المشهورين، المشار إليهم بعلو الذكر، وسمو القدر، فلا ريب أنه ممن علا قدره وفاق، وعم ذكر النواحي والآفاق.
ولما توفي والده السيد حمزة ولي نقابة الأشراف مكانه ومشى على نسق والده من التقوى والديانة والصيانة.
فائدة
النقابة معناها الرئاسة قال في القاموس: النقيب ضمين القوم وعريفهم وقال في مادة عرف: والعريف كأمير من يعرف أصحابه، والعريف رئيس القوم. وقيل إن النقيب دون الرئيس، وعلى كل حال فنقيب الأشراف رئيسهم. نقل صاحب الشرف المؤبد أن هذه النقابة على الأشراف وضعت في الأصل لصيانتهم عن أن يتولى عليهم من لا يكافئهم في النسب ولا يساويهم في الشرف، ويختار لها أجلهم بيتاً وأكثرهم فضلاً وأجزلهم رأياً، لتجتمع فيه شروط الرياسة والسياسة، فيسرعوا إلى طاعته برياسته، وتستقيم أمورهم بسياسته، ويلزمه لهم بتقلدها اثنا عشر حقاً " أحدها " حفظ أنسابهم من داخل فيها وليس منها أو خارج عنها وهو منها. " والثاني " معرفة أنسابهم وتمييز بطونهم ويثبتهم في ديوانه على التمييز. " والثالث " معرفة من ولد منهم من ذكر أو أنثى فيثبته ومعرفة من مات فيذكره. " والرابع " أن يحملهم على الآداب التي تضاهي شرف أنسابهم وكرم محتدهم لتكون حشمتهم في النفوس موفورة، وحرمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم محفوظة. " والخامس " أن ينزههم عن المكاسب الدنيئة ويمنعهم عن المطالب الخبيثة حتى لا يستقل ولا يستضام منهم أحد. " والسادس " أن يكفهم عن ارتكاب المآثم ويمنعهم من انتهاك المحارم ليكونوا على الدين الذي نصروه أغير، وللمنكر الذي أزالوه أنكر، فلا ينطلق بذمهم لسان ولا يشنؤهم إنسان. " والسابع " أن يمنعهم من التسلط على العامة لشرفهم والتشطط عليهم لنسبهم فيدعوهم ذلك إلى المقت والبغض ويبعثهم على المناكرة والبعد وأن يندبه إلى استعطاف القلوب وتألف النفوس ليكون الميل إليهم أوفى والقلوب لهم أصفى. " والثامن " أن يكون عوناً لهم في استيفاء حقوقهم حتى لا يضعفوا عنها وعوناً عليهم في أخذ الحقوق منهم حتى لا يمنعوا أهلها منها، ليصيروا بالمعونة لهم منتصفين وبالمعونة عليهم منصفين، فإن من عدل السيرة فيهم إنصافهم وانتصافهم. " والتاسع " أن ينوب عنهم في حقوقهم في بيت مال المسلمين. " والعاشر " أن يمنعهم نساءهم أن يتزوجن إلا من الأكفاء لشرفهن على سائر النساء صيانة لأنسابهن وتعظيماً لحرمتهن. " والحادي عشر " أن يقوم ذوي الهفوات منه ويقيل ذا الهيئة منهم عثرته ويغفر بعد الوعظ زلته. " والثاني عشر " أن يراعي وقوفه بحفظ أصولها وتنمية فوعها ويراعي قسمتها عليهم بحسب الشروط والأوصاف ويزداد على ذلك في النقابة العامة خمسة أشياء أخرى: " أحدها " الحكم بينهم فيما تنازعوا فيه. " والثاني " الولاية على أيتامهم فيما ملكوه. " والثالث " إقامة الحدود عليهم فيما ارتكبوه. " والرابع " تزويج الأيامى اللاتي لا يتعين أولياؤهن أو قد تعينوا فعضلوهن. " والخامس " إيقاع الحجر على من عته منهم أو سفه وفكه إذا أفاق ورشد انتهى ملخصاً من الأحكام السلطانية للإمام الماوردي.
ثم أن المترجم كان مستقيماً، وكان لأهل النسب والشرف قدر عظيم في أيامه لملاحظته لهم بعين الإجلال والتعظيم. مات عقيماً في شعبان سنة ثلاث وستين ومائتين وألف ودفن في مدفنهم المعروف بمدفن بني عجلان.
حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر - ابن إبراهيم البيطار الميداني الدمشقي.