الشيخ عبد العزيز بن أحمد ولي الله الدهلوي رحمه الله تعالى.
سلطان إقليم المعاني، ومالك أزمة البيان وبديع الزمان الثاني، ومؤيد مذهب النعمان، ومسدد أقوال ذوي المعرفة والشان، مصنفاته لا تحصى، ومؤلفاته تجل عن أن تستقصى، فمن نظمه ما كتبه إلى السيد العلامة حسين اللندني الهندي وهو هذا:
هنيئاً قد أقر الله عيني ... بأخبار أتتني من حسين
فتى إن عدت الأعيان قالت ... له الأعيان إنك أنت عيني
فدام بقاؤه ما لاح برق ... واطرب صوت قمري وعين
ثم أتبعه بهذا النثر: روض ممطور، ودر منظوم في رق منشور، وقراضات ذهب ساقطها اليراع من الأحرف النورانية فهي نور على نور، وشمس من الكلام، أطلعها أفقها في بروج من القراطيس، وكواكب من حسن الانتظام تبلجت في سماء البلاغة وتدبجت فما هي إلا أجنحة الطواريس. وردت من تلقاء قطب فلك الكرم، ينبوع مكارم الأخلاق والشيم، ربيع الوفاد، وثمال المرتاد، ومقصد الحاضر والباد، ربوة الفخر العليا وبهجة الحياة الدنيا، دوحة المجد التي سقاها ماء النبوة ريا، من كرم جده وسما في سماه المعالي جده، وتغلغل في الشرف صيته وشرف مجده، لا زال للصريح نصرة، وللعصر البهيم غرة، ما جن غاسق وجن عاشق وطلع نجم ولاح في برجه، ونجم طلع وفاح في مرجه، على محب حل حبه منه محل الروح وملك ما يغدو منه وما يروح، بل حب مازج القلب فما تشابها وتشاكل الأمر، بل اتحدا فلم يقل: " رق الزجاج ورقت الخمر " إلى غير ذلك، والسلام.
ألا وإن هذا الهمام له من النظم أعلاه، ومن النثر أجمله وأجله وأحلاه، لقد سرى في الناس حسن معناه، وسلم له الكل بأنه نال من الكمال مناه، فظهر ظهور القمر، ومهر في المعارف حتى بهر. توفي رحمه الله تعالى سنة ألف ومائتين ونيف.
حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر - ابن إبراهيم البيطار الميداني الدمشقي.