السيدُ أبو الخير نورُ الحسن (ابنه ظهور الحسن سنه حول 70 سنة، متقاعد، كان سكرتير وزارة المالية ببهوفال. وحفيد صاحب الترجمة رشيد الحسن بن نجم الحسن بن نور الحسن يتعاطى العلم في بهوفال.) الطيبُ.
ابنُ محرر هذه السطور - حماه الله تعالى -، عالم صالح، ومحدث سني، ومحمديٌّ خالص، وصوفيٌّ طاهر، وهو نور حدقة الزمان، ونورُ حديقة الحسنِ والإحسان، وإنسانُ طرفِ الظرف، وعارضُ وَجَناتِ اللطف.
ولد سنة 1278 يوم الأربعاء، لعله أحد وعشرون من شهر الله رجب، نشأ ببلدة بهوبال المحمية، وأخذ عن جماعة من علمائها؛ كالشيخ العلامة القاضي حسين بن محسن السبعي اليماني الحديدي نزيلها، والشيخ الفهامة محمد بن عبد العزيز القاضي بها حالًا، وآخرين، وقرأ مختصرات كثيرة في العلوم الآلية، واشتغل بالحديث، فسمع وقرأ عليّ وحَصَّل، واقتصر عليه، وعلى علوم القرآن، وليس له بغير هذه العلوم إلمام، إلا ما يذكر من ميله إلى علم السلوك والعرفان، ولا مضايقة في ذلك، فالإحسان أعلى مرتبة من تطورات الإسلام والإيمان، وهو خاشع متواضع، كثير الأذكار، سليم الصدر إلى غاية، وما زال مواظبًا على الخيرات الحسان.
وله عناية تامة بالعمل بما في الأمهات الحديثية، مع طرح التقليد، له شغل بالكتاب والمطالعة والكتابة من أوان الصبا إلى عنفوان الشباب، ويقطف من رياض العلم الشريف غضَّ زهره حتى عَبَقَتْ شمائله نسمات الند، وقطرت من سلسبيل أوصافه مياهُ المجد، ألفاظُه ريحانة الأدب، ومعانيه شمامة الطرب، صيته لركائب العرفان والعلم حادي، ونور غُرَّته في ظُلَم الآراء والأهواء هادي، يحفظ لسانه عن الفلتات، وجَنانه عن الخطرات، له ذهن وقال، وطبعٌ صياد، وسليقة كاملة في الشعر والإنشاد، ومؤلفات ممتعة، اشتهرت في البلدان، وسارت بها الركبان إلى أقصى المكان، منها كتاب "الجوائز والصلات من جمع الأسامي والصفات"، وهو كتاب كبير الشأن، جليل البرهان، أجمعُ ما يكون في هذا الباب، ومنها: "الطريقة المثلى في ترك التقليد واتباع ما هو الأولى"، وهما باللسان العربي المبين، ومنها: "النهج المقبول من شرائع الرسول"، وكتاب "العَرْف الجادي من جنان هَدْي الهادي"، وهما باللغة الفارسية، وتذكرة لشعراء الفرس، سماها: "نكارستان سخن"، وأخرى لشعراء الهند، سماها: "طور كليم" ويتخلص بالكليم، في القصائد والغزليات، إلى غير ذلك من المسائل والرسائل.
وعنده من كتب الأصول والزبر السلفية مقدار عظيم، له نظر فيها ممعن، ومؤلفاته دالة على علو علمه، وسعة دائرة فضله في العلوم، وهو حسن الفهم، فصيح العبارة، لطيف الإشارة، مع نجابة كاملة، وشرافة تامة، وسعادة شاملة، وحسنِ سمت، ولطفِ دَلّ، وقنوعٍ وعفاف، وكرمٍ وتقاوة زائدة، ومحاسنِ خصال، ومكارم شِيَم.
وبالجملة: فشخصه الطيب وعينه الطاهر، مفاخرُ أهل هذا البيت، علمًا وفهمًا، وجلالة وفخامة وتوددًا، مع دين متين، وورع شحيح، وحبًّ في القلوب، وفي كل حين يزداد جلالًا وعظمة في العيون، ورفعة في الناس، وخصاله الشريفة كلها محمودة، وأموره جميعُها منتَظمة حسنة، وقد زينه الله مع هذه الفضائل بما جُبل عليه من الوقار والإكبابِ على العلم والتقوى، وإيثارِ الحق على الخلق، والإعراضِ عن مناصب الدنيا، والانجماع عن الناس، وتقللٍ من زخارف هذه الدار، لا يبالي بما ظفر منها، وبما فاته عنها.
وقد أجزتُه وأخاه الصغير الآتي ذكرُه بما تجوزُ لي روايته عن مشايخي الكرام. أعلى الله مدارجَهم في دار السلام يوم القيامة، وأجازه مشايخه في الحديث وغيره أيضًا كما هو مذكور في "ثبته"، وهو الآن في الطلب - بارك الله فيه وله وعليه، ووجه ركائب الآمال والأماني إليه -.
التاج المكلل من جواهر مآثر الطراز الآخر والأول - أبو الِطيب محمد صديق خان البخاري القِنَّوجي.