أبي بكر بن يحيى بن عمر الأهدل

نبذة

السيد أبو بكر بن يحيى بنِ عمرَ الأهدل. العلمُ العلامة، والسند الفهامة، فريدُ عصره، ونادرةُ دهره، سراجُ الإسلام. يا ليتَ شِعريَ ما يُعَبِّرُ ناطِقٌ ... عن فَضْلِهِ العالي وعظمِ المَنْصِبِ أو ليسَ ذاكَ الماجدَ العَلَمَ الذي ... سَفَرَتْ محاسِنُه ولم تَتَجَلْبَبِ أخذ العلوم النقلية والعقلية عن مشايخ عصره، وحفاظ وقته، منهم: السيد العلامة أحمد بن محمد شريف - رحمه الله تعالى - حتى بلغ من الكمال غايته، ومن الفضل نهايته، ومنهم: الشيخ الفهامة عبد الخالق المزجاجي، قرأ عليه "الصحيحين"، و"شرح النخبة" للحافظ مؤلفها، وجميع "بهجة العامري"، ومنهم: مفتي زبيد الفقيه سعيد بن عبد الله الكبودي.

الترجمة

السيد أبو بكر بن يحيى بنِ عمرَ الأهدل.
العلمُ العلامة، والسند الفهامة، فريدُ عصره، ونادرةُ دهره، سراجُ الإسلام.
يا ليتَ شِعريَ ما يُعَبِّرُ ناطِقٌ ... عن فَضْلِهِ العالي وعظمِ المَنْصِبِ
أو ليسَ ذاكَ الماجدَ العَلَمَ الذي ... سَفَرَتْ محاسِنُه ولم تَتَجَلْبَبِ
أخذ العلوم النقلية والعقلية عن مشايخ عصره، وحفاظ وقته، منهم: السيد العلامة أحمد بن محمد شريف - رحمه الله تعالى - حتى بلغ من الكمال غايته، ومن الفضل نهايته، ومنهم: الشيخ الفهامة عبد الخالق المزجاجي، قرأ عليه "الصحيحين"، و"شرح النخبة" للحافظ مؤلفها، وجميع "بهجة العامري"، ومنهم: مفتي زبيد الفقيه سعيد بن عبد الله الكبودي. وأما مقروءاته من تفسير وحديث، وفقه وتصوف، وآلات ذلك، فشيء واسع جدًا.
قال السيد عبد الرحمن في "النفس اليماني": قرأت عليه عدة مقروءات، منها: "صحيح مسلم" مع شرح النووي، و"رسالة القشيري" مع شرح شيخ الإسلام زكريا الأنصاري، وتصدَّرَ لإملاء "صحيح البخاري" المعتاد، أملاه في الشهر الأصم الأصب شهرِ الله رَجَب، ويجتمع مع إملائه عدة من العلماء الأعيان، وتقع مذاكرات مفيدة، ومباحث عديدة.
وكان - رحمه الله - على جانب عظيم من لين الجانب، ورحب الصدر، واتباع السنة، وكمال التواضع، وبشاشة الوجه، وغير ذلك.
وما أكسبَ المحامدَ طالبوها ... بمثلِ البِشْرِ والوجهِ الطليقِ
وبالجملة: فمناقبه ومزاياه كثيرة، ومحاسنه وفضائله غزيرة:
سارتْ بأوصافِهِ الركبانُ فاتفقتْ ... على معاليه أسماعٌ وأبصارُ
أثنى على فضلِه حُسَّادُه، وكَفَى ... أن الحسودَ لهُ بالفضلِ إقرارُ
وكان في حفظ كتاب الله عن ظهر قلب آية باهرة، قلَّ أن يرتج في قراءته، مع ما منحه الله من الصوت الحسن، إذا سمعه المارُّ في طريقه، وقف.
قراءةٌ تطربُ الأسماعَ نغمتُها ... وتنقلُ النفس من حالٍ إلى حالِ
ولا غرو في حصول مثل ذلك، لا سيما إذا اقترن بالصوت الحسن، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول - كما في "صحيح البخاري" -: "ما أَذِنَ اللهُ لشيءٍ ما أَذِنَ لنبيٍّ يَتَغَنَّى بالقرآن"، أذن: أي: استمع، وعند أحمد وغيره: "اللهُ أشدُّ أَذَنًا إلى الرجلِ الحسنِ الصوتِ من صاحبِ القَيْنَةِ إلى قَيْنَتِه"، وروى ابن أبي شيبة من حديث عقبةَ بن عامر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تعلموا القرآن، وغنوا به"، قال الحافظ في "الفتح": كذا وقع، والمشهورُ عندَ غيره في هذا: "وتَغَنَّوا عنه"، والمعروفُ في كلام العرب: أن التغني: الترجيعُ بالصوت، وأطال الحافظ الكلام في ذلك إلى أن قال: والذي يتحصل من الأدلة: أن حسن الصوت بالقرآن مطلوب، فإن لم يكن حسنًا، فليحسِّنه ما استطاع، ومن جملة تحسينه: أن يراعي فيه قوانين النغم؛ فإن حسن الصوت يزداد بذلك حسنًا، فإن خرج عنها، أثر ذلك في حسنه، وغيَّر الحسن ربما إن خير بمراعاتها ما لم يخرج عن شرط الأداء المعتبر عند أهل القراءات، فإن خرج عنها، لم يعدل تحسين الصوت لقبح الأداء، فلعل هذا مستند من كره القراءة بالأنغام، لأن الغالب على من راعى الأنغام أَلاَّ يراعي الأداء، فإن وجد من يراعيها معًا، فلا شك أنه أرجحُ من غيره؛ لأنه يأتي بالمطلوب من تحسين الصوت، وتجنب الممنوع من تحريم الأداء، انتهى كلام الحافظ.
وأقول: قال تعالى {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} [المزمل: 4]، والترتيل: أن يقرأ القرآن مفصلًا مشرحًا، لا يلتبس بعض حروفه وكلماته ببعضها، المراد بالتغني: الجهر بقراءته دون رعاية قوانين الأنغام، وتمزيق الحلوق، وتعويج أعضاء الوجوه بمخاريج الأداء، وما أحدثه القراء من التكلف في ذلك، والمبالغة في التجويد، وقرروا من القواعد، وجعلوها علمًا مستقلًا، فليس في نظر الإنصاف في شيء، ولم يكن عليه هدي النبي، ولا سيرةُ السلف الصالح؛ كما يعرف ذلك من يعرف أحوال الصدر الأول، والله أعلم.
التاج المكلل من جواهر مآثر الطراز الآخر والأول - أبو الِطيب محمد صديق خان البخاري القِنَّوجي.