نَسِيب أَرْسلان
(1284 - 1346 هـ = 1867 - 1927 م)
نسيب بن حمود بن حسن بن يونس أرسلان:
شاعر، من الكتاب المفكرين، من نوابغ الأمراء الأرسلانيين. ولد في بيروت، وتعلم بالشويفات، ثم بمدرسة الحكمة ببيروت. وأولع بشعر الجاهليين والمخضرمين، فحفظ كثيرا منه، وقال الشعر وهو في المدرسة، فنظم " واقعة سيف ابن ذي يزن مع الحبشة " في رواية ذات فصول، وأتم دروسه في المدرسة السلطانية ببيروت. وعين مديرا لناحية الشويفات (بلبنان) فأقام نحو عشر سنوات، محمود السيرة، واستعفى، وسكن بيروت. ولما أعلن الدستور العثماني انتخب رئيسا لنادي جمعية الاتحاد والترقي في بيروت. ثم نقم على الاتحاديين سوء سيرتهم مع العرب، فانفصل عنهم، وانضم إلى طلاب " اللامركزية " وأخذ ينشر آراءه في جريدة " المفيد " البيروتية، فكان لمقالاته فيها أثر كبير في الحركة العربية. ثم استمر مدة يلاحظ تحرير تلك الجريدة متطوعا. كان مجلسه في مكتبها مجمع الكتاب والأدباء وقادة الرأي. ولما نشبت الحرب العامة (سنة 1914 م) انقطع عن أكثر الناس ولزم بيته. ثم انتقل إلى الشويفات (سنة 1915) وانصرف إلى استثمار مزارعة ومزارع شقيقيه شكيب وعادل. ولم يزل في انزوائه إلى أن توفي.
وكان أديبا متمكنا، جزل الشعر، حلو المحاضرة، سريع الخاطر في نكتته وإنشائه، بعيدا عن حب الشهرة، يمضي مقالاته في المفيد باسم " عثماني حر "، له " ديوان شعر " نشره أخوه الأمير شكيب، بعد وفاته، وسماه " روض الشقيق في الجزل الرقيق - ط " .
-الاعلام للزركلي-
الأمير نسيب أرسلان
(1867 ـ 1927م)
مولده ونشأته: ولد المترجم سنة 1867م، وكان والده يسكن في بيروت في حي المصيطبة في بيت يقال له: برج الجمال، وبعد مولده بسنة رجع إلى قصبة الشويفات لأنه كان قد عين مديراً لناحية الشويفات، وهي الإقطاع الأرسلاني الخاص في قضاء الشوف.
ولد الأمير شكيب بعد أخيه نسيب بسنة ونصف في الشويفات، ونظراً لقرب السن بينهما نشأا معاً كأنهما توأمان.
تعلما القراءة والكتابة، وقرأا القرآن الكريم، فحفظا منه جانباً عن ظهر القلب، ثم أُدخلا مدرسة للأمريكيين بالشويفات، فتعلما فيها الجغرافيا والحساب ومبادئ اللغة الإنكليزية.
وفي سنة 1877م أدخلا مدرسة الحكمة في بيروت، وكانت هذه مدرسة مشهورة بإتقان اللغة العربية، وبقيا يطلبان العلم في مدرسة الحكمة من سنة 1877م إلى سنة 1886م، وقرأا اللغة العربية على الأستاذ الشيخ عبد الله البستاني.
وفي سنة 1887م دخل وأخوه الأمير شكيب المدرسة السلطانية وأقاما فيها سنة، وقرأا مجلة الأحكام العدلية على المرحوم الشيخ محمد عبده، وكانا يلازمانه في مجالسه الخاصة.
كان الأمير نسيب يطالع المعلقات السبع والدواوين الخمسة وغيرها، فما مضت مدة حتى تكونت له لغة عريقة في العروبة.
في خدمة الدولة: وفي سنة 1892م عين مديراً لناحية الشويفات، فأقام فيها نحو عشر سنوات، ثم استعفى منها وسكن بيروت، وبعد إعلان الدستور العثماني تأسس في بيروت ناد لجمعية الاتحاد والترقي، فانتخب المترجم رئيساً له.
شعره: كان الأمير من خيرة أمراء البيت الأرسلاني تهذيباً وعلماً وأدباً، وركناً من أركان النهضة العربية الجديدة، وشاعراً من أبلغ شعرائها، وخطيباً من مصاقع خطبائها، إلا أنه لم يشتهر في الأقطار العربية كشهرة شقيقيه الأميرين شكيب وعادل؛ لأنه لم يتح له من السياحة في الأرض ما أُتيح لهما، بل قضت عليه شؤون الأسرة أن يظل في وطنه، له ديوان شعري بعنوان (روض الشقيق في الجزل الرقيق)، ومن شعره قوله:
ولله يوم البين عينايّ فاضتا
بماءٍ معين الماء في جنبه ثمدُ
يشدون أكوار الرحيل وودّهم
نزيل فؤادي لا رحيلٌ ولا شدّ
وشاذية في السرب لم يرم طرفه
بها الحرُّ إلا وهو من نظرةٍ عبد
يهون لها في خدرها كل فاتك
يهون له في خدره الأسد الورد
لئن راعني منها الصدود فطالما
نعمتُ زماناً لا يروّعني الصد
ومن غزله البديع:
أعاذل قل للحب كم شف مغرما
وسل غادة الجرعاء كم سفكت دما
أنا منتحي الأجزاع قولوا لزينب
على البعد تهديني خيالاً مسلما
شكوت لها برح الفؤاد وإنما
يهون عليها أن أبيت متيما
نزيفة دل ما أغارت بقدها
على القلب إلا كان وهناً مقسما
صفاته: كان الأمير نسيب عصبيًّا قوي البنية، شديد العضلات، طويل القامة مهيباً، وقد استولت عليه بعض الأمراض ألزمته الفراش طويلاً.
وفاته: وفي 11 جمادى الثانية سنة 1346ﻫ وتشرين الثاني سنة 1927م توفي في الشويفات على إثر حمى فاشية في البلدة، ودفن في قبة العائلة في أعلى الشويفات.
أعلام الأدب والفن لأدهم الجندي ج 2 ص 363