الشيخ عبد الرحيم الزياري المعروف بملا زاده الشافعي الأشعري
العلم المفضال، والأوحد الذي لم يزل مشاراً إليه بكل كمال، والعلم الفرد في محاسن الأخلاق والخلال، والجهبذ الهمام الذي نال بغية الآمال، والحبر الذي لنحر العلوم نحر، والبحر الذي بالدرر المنثور تلاطم وزخر، والألمعي الذي أدلة ألمعيته شواهد على أعلميته. سطعت أنواره في الأكراد، وتفجرت ينابيع حكمه في كل واد، وأزهرت رياض تقريره في كل فؤاد، فهو الإمام الذي شكرت المعضلات فكره، وعجز معاصره أن يقدر قدره، لم يدع من الفنون فناً إلا ارتقاه، ولا نوعاً غريباً إلا اختباره وانتقاه، ولا خفيا من المشكلات إلا أبان محياه، ولا دنا من دنان المباحثات إلا ارتشف حمياه، ولا وادياً من التحقيق إلا سلكه، ولا ارتدى برد تحرير إلا وشاه وحبكه، مع دين يشهد أعداؤه بمتانته وزهد ظهارته كبطانته، وصبر على مضض الأيام يظهر له أنه في الكمال إمام أي إمام، وله من التحابير أحسن التحارير، وبدائع بيان هي البديع والبيان، وكان من أعظم المقاصد للمداح بالقصائد، ولذلك قال عثمان أفندي بن سند أمدنا الله وإياه بوافر المدد:
قصائد لم يطربن إلا لأنها ... لها من علا عبد الرحيم مساند
إمام زكا عرقاً فأضحى محله ... له سمرت فوق السماك مصاعد
تجسد من علم فقد قال إنه ... عباب ففيما قال لاحت شواهد
تقارير أما زهرها فسوائر ... ولو أنها كالخالدات خوالد
فوائده في الدرس هن فوائد ... ولو أنها للدارسين موائد
قواعد أبداهن غرا يزينها ... نوادر في الآفاق هن الشوارد
إذا جال في بحث رأيت به فتى ... له طاب من بحث العلوم الموارد
له غرر لماعة وبراعة ... لها من بديع النظم سارت أوابد
توفي المترجم عام ألف ومائتين واثني عشر.
حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر - ابن إبراهيم البيطار الميداني الدمشقي.